اعتقلت قوات الأمن السويسرية المخرج الكبير رومان بولونسكى فى يوم تكريمه بمهرجان زيوريخ وأثناء وصوله إلى سويسرا لحضور فعاليات تكريمه عن مجمل أعماله، بسبب مذكرة اعتقال كانت قد صدرت بحقه فى أمريكا منذ مارس 1977 أى ما يزيد على 32 عاما لم تفلح أيامها فى إسقاط الحكم... ففى يوم 11 مارس 77 تم اعتقال بولونسكى فى بهو فندق بيفرلى ويلشاير بعدة تهم تدور معظمها حول ممارسته للجنس مع فتاة قاصر تبلغ من العمر 13 عاما، وكما يقول الكاتب دافيد تومسون بجريدة الجارديان البريطانية أن حادثة الاغتصاب وقعت بمنزل جاك نيكلسون ولم ينف بولونسكى تلك الواقعة. وأمر وقتها القاضى بوضع بولونسكى تحت الفحص النفسى وبالفعل خضع وقتها ل 42 يوما من السجن بسجن تشينو خلال الفترة من 1977 إلى 78، واعتقد المخرج حسب كلام دايفيد أن الحكم لن يزيد على تلك الأربعين يوما التى قضاها وربما يصل إلى غرامة مالية. ولكنه عرف أن القاضى يعتزم معاقبته بحكم صارم حتى لا يقال إنه تساهل مع بولونسكى، فكسر رومان خروجه المؤقت بكفالة واستقل طائرة تابعة للخطوط الجوية البريطانية إلى لندن فى فبراير عام 78 ولم يعد مرة أخرى إلى الولاياتالمتحدة. واستقر بعد ذلك فى فرنسا وقدم أفلاما عديدة رائعة أهلته ليكون أحد أهم مخرجى النصف الثانى من القرن العشرين، ومنها «عازف البيانو» والذى حاز على 3 جوائز أوسكار أحسن ممثل ومخرج وأحسن نص مقتبس، ولكنه لم يسافر لأمريكا لتسلم الجائزة خوفا من الحكم الصادر بحقه. وقد أكد جيف بيرج مدير أعمال المخرج رومان بولونسكى فى حديث ل(b.b.c) أن حالته النفسية مستقرة تماما ومتماسك ويعمل الآن على حل القضية للعودة إلى بلاده مرة أخرى. وتعجب جيف من أن القوات السويسرية اعتقلته هذه الأيام، رغم أنه يمتلك منزلا فى سويسرا منذ أكثر من 10 سنوات ودائم السفر من وإلى سويسرا طوال 15 عاما كاملة! وأكد أن اعتقاله كان مفاجأة كبيرة جدا للجميع، خصوصا أنها أتت فى يوم تكريمه. وأكد محاميه الفرنسى جورج كيجمان أنه من المبكر الحديث عن تسليم بولونسكى لأمريكا، وأنهم الآن يحاولون رفع مذكرة التوقيف الخاصة به. ولكن ليس محاميه فقط من يعمل على إيقاف الحكم، ولكن هناك جهودا دولية حثيثة من عدة دول وخصوصا فرنسا وبولندا واللتين طلبتا من أمريكا وسويسرا تخفيف الحكم الصادر بحقه طبقا لما قاله وزير خارجية بولندا راديك سيكورسكى لوكالة الأنباء البولندية، وأكد أنه هو ونظيره الفرنسى برنار كوشنير ينويان أن يطلبا من هيلارى كلينتون وزيرة خارجية أمريكا الرأفة برومان. كما أعلن وزير الثقافة الفرنسى فريديريك ميتران أنه صدم لما حدث، وأكد أنه ورئيس بلاده يرغبان فى رؤيته قريبا مع أسرته وجمهوره يذكر أن على هامش تلك القضية يحظى بولونسكى على نسبة كبيرة من التعاطف بسبب الجريمة التى حدثت منذ سنوات عديدة وبالتحديد عام 69 وراح ضحيتها زوجته وطفله التى كانت تحمله بعدما تم ذبحها ومثلت بجثتها هى والطفل وأشخاص آخرين على يد عصابة تدعى «عصابة مانسون». ومن المفارقات أيضا أن سيدة تدعى سوزان واتكينز كانت إحدى أفراد عصابة مانسون وكانت قد شاركت فى تنفيذ تلك الجرائم، توفيت فى السجن الأسبوع الماضى بعد أن حكم عليها عدة أحكام وصل مجموعها إلى 300 سنة!! رومان بولونسكى من مواليد 18 أغسطس 1933، ممثل ومخرج بولندى يهودى. هربت عائلته من مطاردى اليهود آنذاك إلى بولندا، وبعد احتلال النازيين لبولندا تم اعتقال أمه وماتت فى المعتقل، وتمكن والده من النجاة بصعوبة بالغة، وسلمه إلى عائلة بولونية وكان ينام مختبئا فى حظيرة الأبقار خشية الاعتقال النازى. وبعد الحرب عمل كممثل فى الخمسينيات، وكانت هذه بدايته مع عالم التمثيل. وبعد ذلك أخرج الكثير من الأفلام باللغة الإنجليزية. ويعتبر من أهم المخرجين السينمائيين فى القرن العشرين.