"في مساحة لا تتجاوز 360 كم مربعا يحاصرها البحر والأسلاك والفقر تجد تحالفا غريبا بين الحصار والطبيعة والسياسة تدفع بسكان قطاع غزة الى حافة الانهيار، رغم محاولات الجهات الانسانية الدولية توفير الحد الادني من متطلبات المعيشة، بالاضافة إلي محاولات الدول والجهات المانحة إعادة اعمار غزة بعد تدمير اسرائيل ما تبقي من الحياة في الهجوم الاخير 17 ديسيمبر – 22 يناير الماضي". يشير تقرير صدر أمس عن مكتب الشؤون الانسانية – الاراضي الفلسطينية المحتلة ( اوتشا) التابع للامم المتحدة عن الاوضاع في غزة ، إلى أن المستشفيات تعاني نقصا حادا في الأدوية ، بالاضافة إلي عدم توافر الاشعة والاجهزة الطبية الضرورية. وأضاف الصليب الاحمر إلي ماسبق تفاقم مشكلات الكهرباء في المستشفيات والمولدات الاحتياطية الأمر الذي يهدد الوضع الصحي في القطاع. و عكس التقرير قلق اليونسيف المتزايد تجاه أوضاع التغذية والصحة العامة للاطفال. واضاف اليونسيف " لا تزال البنية التحتية للمياه والصرف الصحي تعاني من وضع خطر حيث يمنع ادخال المواد الاساسية إلي غزة، والى جانب عدم توفر مياه صالحة للشرب، هناك الاف المواطنين يعتمدون علي مياه الشاحنات التي تأتي إلي المنازل" وبحسب مصلحة المياه في غزة، فإن 50 ألف مواطن في غزة لا يحصلون علي المياه من أنابيب الشبكة الرئيسية في القطاع، وما يقرب من 100 الف يحصلون علي المياه مرة واحدة كل 7 أو 10 ايام في بيت حانون وجباليا ومدينة غزة ورفح. من جهة أخرى، كشفت دراسة جديدة نشرت في بريطانيا أن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يعانون من "اعتلال" الخدمات الصحية". و قالت الدراسة التي نشرت في مجلة "لانسيت" الطبية إن 10% من الأطفال الفلسطينيين يعانون من إعاقة النمو أي تباطؤ معدل نمو الجسم بسبب سوء التغذية المزمن. وتصف الدراسة النظام الصحي في المناطق الفلسطينية بأنه "مفكك وغير متماسك". وأفاد خبراء من جامعة بيرزيت شاركوا في الدراسة " أن هناك تزايد في حالات إعاقة النمو لدى الاطفال. بسبب سوء التغذية المزمن"، لافتين إلي " أن نسبة اعاقة النمو في شمال غزة وصلت إلي 30% ". واتهمت الدراسة السلطة الفلسطينية بالمشاركة فى هذا الوضع السىء ، ووصفتها بأنها مكبلة بعدم الكفاءة والمحاباة والفساد. وألقى التقرير باللوم على الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وكذلك على عدم الاستقرار السياسي للسلطة الفلسطينية والتي شغل منصب وزير الصحة فيها ستة أشخاص على مدى ثلاثة أعوام. وقال د.عوض مطرية من جامعة بيرزيت أن الفوضى السياسية أحد أسباب فشل النظام الصحي ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية تلقت في الأعوام الأخيرة 10 مليارات دولار، معظمها هبة من الاتحاد الأوروبي. لكن البرامج الصحية ركزت على الغوث والطوارئ، بدلا من التنمية طويلة المدى . ومن جهة أخرى، أفاد الخبراء أن انعدام الوسائل التقنية لنقل ومعالجة النفايات الصلبة في غزة يشكل تهديداً خطيراً لصحة سكان القطاع، حيث يعاني العديد منهم وخصوصاً الأطفال من مشاكل تنفسية نتيجة الروائح الكريهة التي تنبعث من المكبات والحرق غير الانتقائي للنفايات. وفي هذا السياق أكد د.يوسف أبو صفية "الخبير في شؤون البيئة ل " الشروق "أن الأوضاع في قطاع غزة لم تكن أسوا مما عليه الآن فهناك القليل من الماء والكهرباء ، كما تتدفق مجاري الصرف الصحي إلى البحر دون معالجة، مماينذر بكوارث حقيقية . و أكد تقرير وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أنه توجد ثلاث جهات مختلفة تدير مسألة النفايات في القطاع ، منها البلديات في المدن الرئيسية والمجالس المحلية في المدن الصغيرة والقرى ووكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) . واعتبر خليل أبو شمالة مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان بغزة في تصريحات ل"الشروق" أن الأضرار الناتجة عن استمرار تدهور الأوضاع البيئية ستجعل من الحياة في قطاع غزة أمرا صعبا للغاية. يذكر أن سكان مدينة غزة البالغ عددهم 550 ألف نسمة ينتجون ما يتراوح بين 600 طن من النفايات الصلبة يومياً, وبحسب سجلات بلدية غزة هناك 55 مركبة لإدارة النفايات لا يعمل منها سوى 35 ، أما الباقي فقد تقادم ويحتاج لإصلاح , و يستقبل المكتب الرئيسي في غزة ألف متر مكعب من النفايات الصلبة يومياً، منها 600 متر مكعب من مدينة غزة و400 متر من مناطق أخرى بما فيها الشاطئ ومخيمات اللاجئين.