رئيس الحكومة الجديد يعلن سحب مشروع قانون ضريبة الدخل بعد حلف اليمين الدستورية قال مسئولون إن الأردن سيطلب من صندوق النقد الدولى المزيد من الوقت لتنفيذ إصلاحات، بعدما أثارت بعضا من أكبر الاحتجاجات فى سنوات مخاطر بعدم استقرار على نطاق واسع فى البلد المثقل بأعباء الديون. أسقطت احتجاجات نادرة استمرت أسبوعا الحكومة، ودفعت الملك عبدالله لتجميد زيادات فى الضرائب، وهى جزء رئيسى فى خطط ضبط المالية العامة التى يدعمها صندوق النقد الدولى لتقليص الدين العام الكبير للأردن. ومن غير المرجح أن تتخلى الحكومة عن برنامج الصندوق، لكن مسئولين يعتقدون أن تسرعها فى التنفيذ أطلق شرارة الاحتجاجات. وقال مسئول على صلة ببرنامج صندوق النقد «لا يستطيع الأردن تحمل تبعة التخلى عن برنامج الصندوق، لكنه سيطلب تمديد أجله لعام أو عامين. إذا أظهرت التزاما بالتنفيذ، فأعتقد أن هذا ممكن». وقال مسئول اقتصادى كبير ثان طلب عدم الكشف عن هويته «دفع الدول إلى مدى مبالغ فيه بصرف النظر عن البيئة السياسية ليس الشىء الصحيح. يجب على صندوق النقد الدولى أن يأخذ الآن فى الاعتبار طاقة الأردن فيما يستطيع أن يفعله». ومن المتوقع أن يتصدى رئيس الوزراء الجديد المكلف عمر الرزاز، وهو خريج جامعة هافارد وخبير اقتصادى سابق بالبنك الدولى، لمعالجة عوامل اجتماعية وسياسية أكثر عمقا أطلقت الاحتجاجات. ويعارض الرزاز منذ وقت طويل إصلاحات تحرير السوق التى تنتهجها المملكة منذ حوالى ثلاثة عقود. وقال مسئولون على دراية بأفكاره إن من المتوقع أن يبتعد الرزاز عن الاعتناق الحماسى للإجراءات التى يوصى بها صندوق النقد الدولى ولا تحظى بقبول شعبى. وقال عضو سابق فى مجلس الوزراء عمل مع الرزاز، طالبا عدم الكشف عن هويته، «إنه يتبنى نهجا يتسم بالمزيد من التدرج... وهو أكثر اهتماما بتخفيف تأثير الإصلاحات على الفقراء». ولم يتسن الحصول على تعقيب من مسئولى صندوق النقد فى الشرق الأوسط. * خيارات قليلة فى العامين الماضيين، مضت الحكومة قدما فى سلسلة زيادات حادة فى الضرائب جمعت من خلالها إيرادات إضافية بلغت نحو 1.4 مليار دولار. وأغضب ذلك طبقة وسطى محبطة بالفعل من أصحاب المهن، وأيضا الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، الذين يشكلون العمود الفقرى لقطاع خاص نابض بالنشاط، ويشعرون بوطأة زيادة الضرائب فى بلد يتفشى فيه الفساد. وأطلق الاحتجاجات إضراب عام نظمته نقاباتهم. واتجهت معظم الزيادة فى الإيرادات إلى الحفاظ على بيروقراطية متضخمة، فى بلد يشهد واحدا من أعلى المستويات فى العالم للإنفاق الحكومى قياسا إلى حجم اقتصاده. ويقول خبراء اقتصاديون إن الإنفاق يشكل أكثر من 40 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى للبلاد البالغ حوالى 40 مليار دولار. وبعد ترتيبات من صندوق النقد الدولى جلبت بعض الاستقرار إلى المالية العامة، اتفق الأردن فى 2016 على برنامج طموح مدته ثلاث سنوات لتنفيذ إصلاحات هيكلية طال تأجيلها، بهدف خفض الدين العام إلى 77 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى بحلول 2021 من 95 بالمائة حاليا. وسيؤدى خفض الوظائف الحكومية، إما من خلال تقليص الإنفاق الدفاعى أو تنظيم وترشيد أجهزة الخدمة المدنية، إلى خفض كبير فى الإنفاق، لكن الاثنين كليهما من الخطوط السياسية الحمراء فى الأردن. ولا يوجد أمام صندوق النقد الدولى خيارات تذكر سوى الحث على زيادة الضرائب بهدف خفض الدين العام المتنامى. ويرجع الدين لأسباب من بينها سياسات توسعية للمالية العامة انتهجتها حكومات متعاقبة، كانت تريد خلق وظائف وزيادة الرواتب فى القطاع العام لضمان الاستقرار، بعد انتفاضات «الربيع العربى» التى شهدتها المنطقة فى 2011. وبالإضافة إلى الدين العام المتزايد، تفاقمت الصعوبات الاقتصادية بفعل انخفاض الإيرادات المحلية والمساعدات الأجنبية، وهو ما دفع الأردن إلى الاقتراض بكثافة سواء من الخارج أو من البنوك المحلية. * تقديرات خاطئة للمخاطر يعتقد كثيرون فى الدوائر الرسمية أن صندوق النقد الدولى والحكومة المنصرفة فشلا بشكل ذريع فى تقدير المخاطر المحتملة من تسريع الإصلاحات الاقتصادية. وقال وزير سابق طلب عدم نشر اسمه «لا تستطيع الحكومة أن تحسب بدقة مدى تأثير مثل تلك الخطوات على المواطنين. إنهم هونوا من الضغط الاقتصادى الذى تعرضت له الطبقة الوسطى فى المدن الكبيرة فى العامين الماضيين. «هم اعتقدوا أن هناك مجالا متاحا لفرض ضرائب لتوليد المزيد من الإيرادات». لكنه أضاف أن الاضطرابات ربما تدفع المانحين الغربيين ودولا خليجية لمنح الأردن قروضا ميسرة لتفادى المزيد من عدم الاستقرار. وتابع قائلا «هناك علامات جيدة... تتمثل فى أن المانحين الآخرين أصبحوا أكثر اهتماما بمساعدتنا». ويقول مسئولون إن صندوق النقد الدولى لمح بالفعل إلى أنه قد يقبل نهجا جديدا لتخفيف الأعباء عن البلد المثقل بالديون، بما فى ذلك تمديد البرنامج للسماح بمهلة أطول لتحقيق الإيرادات المستهدفة. وقد واصل مئات الأردنيين لليلة الثامنة على التوالى، احتجاجاتهم المطالبة بسحب قانون ضريبة الدخل المعدل الذى أقرته حكومة هانى الملقى المستقيلة أواخر الشهر الماضى، وحل البرلمان. وأثناء وقفة احتجاجية بالقرب من مقر رئاسة الحكومة، تعرض أحد رجال قوات الدرك الأردنى للطعن وهو بحالة سيئة. واعتقلت قوات الأمن عددا من المحتجين الذين كان بحوزتهم أدوات حادة، وفقا للمتحدث باسم مديرية الأمن العام، عامر السرطاوى. إلى ذلك، أعلن الرزاز، اليوم، أن الحكومة ستسحب مشروع قانون ضريبة الدخل بعد أداء اليمين الدستورية. وذلك بعد لقائه رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة. وقال الرزاز، لوكالة «عمون» الأردنية، إن الحكومة «قررت بدء إجراء المشاورات مع مجلسى النواب والاعيان وبالاتفاق معهما أن تسحب قانون مشروع الضريبة»، مشيرا إلى أن «سحب القانون سيأتى بعد أداء الحكومة القسم».