-الدين وحده القادر على تحقيق التوازن بين النوازع الفردية ومصالح المجتمع قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن النبوة وإرسال الله للأنبياء كان أمرًا ضروريا لضبط حياة الناس على أساس من الخير والحق، موضحًا أنه لا يمكن الاستغناء عن النبوة والاكتفاء بعقول الفلاسفة والأدباء والمثقفين لقيادة الإنسانية وتوجيه الحياة. وأضاف «الطيب»، خلال ببرنامج «الإمام الطيب»، المذاع عبر قناة «سي بي سي»، مساء الأربعاء، أنه لا مفر من الارتماء في دائرة النبوة والاستماع لقولهم إذا إراد الإنسان أن يعلم الحق ويفعل الخير، متابعًا: «هؤلاء الأنبياء لم يأتوا عبثًا ولم يعانوا الشدائد من أجل مطامع شخصية أو حروب، ولكن أرسلهم الله ليميز الخبيث من الطيب وليضع الإنسان المسؤول أمام مسؤوليته وهي باختصار أن يكون خليفة الله في الأرض». وأشار إلى تعريف الإنسان بكونه مدني أو اجتماعي بطبعه، أي لا يستطيع أن ينفرد بالحياة بل تدفعه طبيعته للعيش بين الناس لحاجته إليهم، موضحًا أن الإنسان زود بغرائز شخصية ومفطور على حب الحياة، وهو ما يتطلب من الإنسان أن يجمع لنفسه وتسيطر عليه الأنانية، إلا أن المجتمع ككل تكون له مصالح أخرى مشتركة تحد بالضرورة من المصالح الفردية والشخصية، وهو ما يجعل هناك تناقضًا لا يحله إلا الدين. وأوضح أن القانون والفلاسفة يضعون قواعد يمكنها التعامل مع هذا الأمر، إلا أن الدين يذهب إلى أكثر من ذلك، مستطردًا: «الدين يحول المصالح العامة إلى مصالح خاصة بصورة أكبر، فيقتنع الفرد ولا يتعامل على أنه تنازل». ولفت إلى وصول الحضارة الإنسانية إلى نظامين هما الرأسمالي والاشتراكي، أحدهما جار على المجتمع والآخر جار على الفرد، لأنهما لم يمتلكا صيغة حل هذا التناقض، بينما الدين هو وحده القادر على الحل في هدوء وسلام، مضيفًا أنه لا يمكن حل هذه الإشكالية خارج حدود الدين، بل سيظل الصراع قائمًا. وذكر أن الدين حل هذه المشكلة من خلال أن هذه الحياة ليست نهاية الإنسان، ولكنه سينتقل إلى حياة أطول يعيشها بعد الانتقال، وهي الرسالة التي حملتها النبوة والأنبياء جميعًا، مضيفًا أن القرآن به دين واحد وليس أديان، اسمه الدين الإلهي الذي بدأ مع آدم عليه السلام. وأوضح أن الكون بدأ برسالة إلهية، وليس كما تقول نظرية «دارون»، بأن البشر كانوا ذرات وحيوانات، مشيرًا إلى نص الرسالات السماوية كلها بأن آدم نزل إلى الأرض. ونوه بأن الحرية المطلقة مرفوضة لأنها لا توجد في أي مكان في العالم، مضيفًا أنه في بلاد أوروبا إذا تحدث الفرد عن طائفة محددة يدخل السجن في ذات اللحظة، وهو ما يعني أن هناك محرمات في كل المناطق. وتساءل: «هل استطاعات الإنجازات الإنسانية الهائلة أن تسعد الإنسان في القرن الواحد والعشرين؟ أو استطاعت أن تقدم له شيئًا من العدالة أو حقه في الحياة»، مشيرًا إلى خبر صحفي عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأنه عبر عن أسفه بتبديد 7 تريليون دولار في حرب الشرق الأوسط، متابعًا: «هذه أموال أنفقت من أجل سفك الدماء، فمع التقدم الحضاري والتقني ما زال هناك شقاء يحيط بالإنسان، ولو كانت هذه الأموال خضعت لتوجيه ديني ما كان ليحدث هذا أبدًا لأنه كان سيوفر الصحة والطعام وتمدين الناس». وأوضح أنه لذلك يجب إرسال نبي يخبر الناس بطرق السعادة والشقاء، بينما لو جلس فيلسوف مكانه ما كان ليحل المشكلة، لأن النبي لا يحلها من عقله ولكن بوحي من الله العليم بأحوال الناس.