أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف أن النبوة هي المصدر الوحيد الذي يبين للإنسانية معنى السعادة في حياتها قصيرة الأمد على هذا الكوكب، ومعنى السعادة في حياتها اللانهائية في الدار الآخرة.. مشيرا إلى أن الإنسان لايزال رغم تقدم معارفه وتطور علومه عاجزا عجزا تاما عن كشف لغز الحياة وسر الوجود، ولايزال الوحي أو النبوة المعين الأوحد الذي يتلقى منه الإنسان إجابات صحيحة عن هذه المسائل الكبرى. وقال شيخ الأزهر - في برنامجه الرمضاني (الإمام الطيب) - "إن إرسال الرسل والأنبياء أمر ضروري ولا مفر منه إذا أريد لحياة الناس أن تتجه نحو الحق والخير والسعادة، لافتا إلى أن النبوة باعتبارها هدايا إلهية، هي الصيغة الوحيدة القادرة على إيجاد التوازن بين الفرد بكل نوازعه وغرائزه وشهواته من ناحية، وبين المجتمع بكل مصالحه وضروراته من ناحية أخرى، وهي القادرة على سد هذه الثغرة التي كانت مبعث آلام الإنسانية وعذاباتها على مدى تاريخها الطويل". وأضاف أنه في إطار النبوة أو الهدي الإلهي تتحول المصالح الكبرى في الأمم والمجتمعات إلى مصالح فردية، تعود على الإنسان بالنفع والفائدة بعد أن يترسب في وجدانه الاعتقاد في الله وفي امتداد الحياة بعد الموت، والمرور بمحكمة عدل إلهية لا يظلم فيها الناس شيئا من حقوقهم، وإن كان مثقال ذرة من خير أو شر. وأوضح الطيب أن الإنسان كائن اجتماعي يسير بطبعه نحو "الاجتماع المدني"، أي الاختلاط بالغير والدخول معه في علاقات اجتماعية وليس للإنسان أن يستقل بنفسه ويستغني عن الآخرين، وإذا كان قدر الإنسان قد فرض عليه فرضا أن يعيش مع غيره ويحيا مع الآخرين؛ فإنه قد قدر عليه أيضا أن يعيش وسط هذا المجموع بنوازع فردية ورغبات شخصية، ودوافع تدفعه إلى تحقيق مصلحته أولا وقبل الآخرين، وهكذا كتب على الإنسان أن يعيش مزدوج الهموم. ولفت إلى أن هذا التناقض هو الذي جاءت النبوة لحله ولتقر الانسجام بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة.. فالإنسان بكل علومه وفنونه وثقافاته غير قادر على إيجاد هذا التوازن أو الحل الحاسم لهذه العلاقات المتناقضة؛ لأن أنانيته الفطرية ونوازعه الداخلية سوف تترك بصماتها على كل حلوله وأطروحاته، وبدلا من أن تساهم حلوله في تخفيف آلام الإنسانية تصبح هي الأخرى إضافة جديدة في قائمة العلل والمآسي التي لا تزال تئن منها الإنسانية حتى عصرنا الراهن من فساد وانحراف وحروب وعبث بالأرواح والأموال والأعراض. وبين الطيب أن النبوة مأخوذة من "النبأ"، الذي هو الخبر، ومعناها "تلقي النبي خبرا من الله تعالى عن طريق الوحي وتبليغه إلى الناس، أما الرسالة فتتعلق بمعنى "الإرسال والبعث".. ومن هذا التعريف يتبين أن النبوة تقوم على أركان ثلاثة هي: المرسل؛ وهو الله تعالى.. والرسالة؛ وهي الوحي.. والرسول؛ وهو الشخص المنزل عليه الوحي.