شهدت مسيرة الراحل خالد محيي الدين عضو مجلس قيادة ثورة 52 ومؤسس حزب التجمع الذي وافته المنية صباح اليوم الأحد، العديد من الأحداث الهامة والمثيرة، قد تكون أبرزها أزمة مارس 1954 التي أدت تبعاتها إلى خروجه من مجلس القيادة، ثم إبعاد أول رئيس للجمهورية اللواء محمد نجيب عن المشهد بعزله، واستحواذ الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على السلطة. «ياجمال أنا مع الثورة الديمقراطية، وكل أمنيتي أن تستمر الثورة ولكن فى إطار ديمقراطي» بهذة الكلمات عبر خالد محي الدين لجمال عبد الناصر عن رضاه عن قرارات 5 مارس 1954 والتي تم بمقتضاها اتخاذ إجراءات عقد جمعية تأسيسية منتخبة بطريق الإقتراع العام المباشر لمناقشة مشروع الدستور الجديد وإقراره، وإلغاء الأحكام العرفية قبل إجراء انتخابات الجمعية التأسيسية على اأن يكون لمجلس قيادة الثورة سلطة السيادة، وتنظيم عمل الأحزاب فى الدستور الجديد». وذلك وفقا لكتاب محيي الدين «الآن أتكلم». وشرح بغدادي لمحيي الدين تفاصيل القرارات التاريخية بأن الأحداث الأخيرة قبل قرارات مارس«أصابت الزملاء فى مجلس قيادة الثورة بالفزع؛ فمحمد نجيب عاد منتصراً و مظاهرات الجماهير الصاخبة المؤيدة له زادته تشبثا بالسلطة والرغبة فى الإستحواذ على كل السلطات بالإضافة إلى أن جزء كبير من الجيش ضدهم». ويضيف محيي الدين أن طلبات نجيب باتت تتزايد طلبا تلو الآخر، لدرجة جعلتني أحتد معه في اجتماع مجلس الثورة والوزراء، قائلا: «يا سيادة الرئيس أنا وقفت معك فى الماضي، أما اليوم فأنا أقف ضدك؛ فطلباتك كلها تحاول أن تحشد المزيد من السلطات لشخصك وقد يؤدي ذلك إلى إفساد كل شيء». فاندفع نجيب للغضب ورد: «أنا فقط عايز أعرف راسي من رجليا ولو عايزنا نتوحد فلترجع الأمور إلى ما كانت عليه قبل الخلاف فأرجع رئيس رئيس مجلس الثورة ورئيس مجلس الوزراء» ليقول عبد الناصر«أنا الآن أحس أن نجيب يحاول أن يستحوذ على أكبر قدر من السلطات في يديه» لينتهي الاجتماع بعودة نجيب رئيسا لمجلس الثورة والوزراء. وشعر محيي الدين بعد الاجتماع العاصف بما أسماه ب«القلق البالغ على قرارات 5 مارس الرائعة التي باتت مهددة لاسيما مع مطالب نجيب المحرجة؛ التي تظهره بمظهر الشخص الذي يحاول التسيد علينا» على حد وصفه. ويشير محيي الدين إلى أن قرارات مارس أتاحت حريات كبيرة خاصة فى الفترة ما بين يوم 5 إلى 25 مارس؛ ما جعل كثيريين يشنون هجوما ضارا على مجلس الثورة وعلى حركة الجيش وضباطه ما أثار مخاوف المجلس والضباط معا وحفز الجميع على التراجع عن قرارت 5 مارس وفي مقدمتهم جمال عبد الناصر، قائلا «بدأت أشعر أن عبد الناصر يخطط لشيء ما». وتابع عضو مجلس قيادة الثورة أن «عبد الناصر اعتقد هو وكثيرون من المجلس أن الثورة والديمقراطية لا سبيل للالتقاء بينهما، وأن خطة مارس لايمكن تنفيذها مع استمرار احتفاظه بالسلطة وبدأ في الالتفاف على هذة الخطة وترتيب الأمر للاتجاه في مسار مضاد تماما». على حد قوله. وأضاف: «عبد الناصر انهمك في ترتيب خطته؛ فحشد أكبر قدر من الضباط على أساس رفض الديمقراطية وأنها ستؤدى للقضاء على الثورة وبدأ في ترتيب اتصالات بقيادات عمال النقل العام لترتيب الإضراب الشهير» متابعا «لك أن تتخيل بأن هناك إضرابا تسانده الدولة وتحرًض عليه و تنظمه وتموله». وكشف محيي الدين عن تفاصيل لقاءه عند عودته من المنفى ولقائه بعبد الناصر ليحكي له تفاصيل أحداث مارس، فقال له -بما وصفه بالصراحة النادرة: «لما لقيت المسألة مش نافعة قررت أتحرك وقد كلفنى الأمر 4 آلاف جنيه فقط».