-التقرير يستعرض بالتفصيل نقاط الخلاف والثوابت المصرية والأضرار المنتظرة جراء الخطة الإثيوبية لملء خزان السد قالت مصادر رفيعة المستوى إن الوفد المصرى المفوض لحضور مباحثات سد النهضة التساعية، رفع تقريرا موسعا شاركت فيه وزراتا الخارجية والرى والأجهزة المختصة بإدارة التفاوض حول سد النهضة، حيث يتضمن جميع البنود التى أثارت الخلاف خلال جلسات التفاوض، التى وصفتها مصادر بالوفد المصرى بأنها كانت «شاقة ودقيقة». كانت جولة المفاوضات التساعية قد انعقدت فى الخرطوم الخميس الماضى، واستمرت لأكثر من 18 ساعة متواصلة من أجل التوصل لاتفاق يرضى جميع الأطراف ويقلل من أضرار التخزين واعتماد التقرير الاستهلالى لدراسات تأثيرات السد، بحضور رؤساء أجهزة الأمن والمخابرات للمرة الأولى، إلا أنها تعذرت فى التوصل لاتفاق حول البنود الخلافية والتى كانت قد أثيرت منذ اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية مع وزراء الرى فى اجتماعات سابقة كان آخرها اجتماع القاهرة فى نوفمبر من العام الماضى. وأكدت المصادر أن التقرير الذى أعده الوفد يستعرض بالتفصيل بنود الخلاف التى اعترض عليها الوفد الإثيوبى فى الثوابت المصرية الحاكمة فى الرؤية أو الطرح المصرى فى المفاوضات، والتى تتمثل فى نقاط أساسية وهى: ضروة أن تخرج الدراسات بنتائج واضحة عن تأثيرات السد السلبية على الأمن المائى المصرى، خصوصا معدلات تدفق المياه إلى بحيرة السد العالى بشكل يضمن حصول مصر على كميات ونسب المياه المستخدمة حاليا، كذلك تأثيره على نسب الملوحة فى الأراضى الزراعية المصرية فى الدلتا ومقارنة الوضع مع بداية التخزين بالميزان المائى الحالى من حيث كميات المياه فى الدلتا بالتوازى مع منسوب المياه فى البحر، وتأثيره على انخفاض نسب توليد الكهرباء فى السد العالى. وتتضمن التقرير محاولات واقتراحات الوفد المفاوض المصرى حول الضمانات التى من الممكن اتخاذها من أجل الزام الجانب الإثيوبى بمسار الدراسات الفنية وإنجازها فى توقيت سريع ومحدد يضمن تنفيذ بنودها بشكل يحقق المصالح المصرية ويقلل من نسب الضرر المتوقعه جراء عملية البدء فى التخزين فى بحيرة سد النهضة. ووفقا للبند الخامس فى اتفاق إعلان المبادئ الخاص بالتعاون فى الملء الأول وإدارة السد، فإن الدول الثلاث تستخدم بروح التعاون، المخرجات النهائية للدراسات المشتركة الموصى بها فى تقرير لجنة الخبراء الدولية والمتفق عليها من جانب اللجنة الثلاثية للخبراء، بغرض الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتى ستشمل جميع السيناريوهات المختلفة، بالتوازى مع عملية بناء السد، وكذلك الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوى لسد النهضة، والتى يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر. على الجانب الإثيوبى، كان الوفد المفاوض قد ركز على الخروج بمكتسبات من الاجتماع، فعلى الرغم من تركيز أجندة الاجتماع وفقا لمصادر مصرية على اعتماد التقرير الاستهلالى والدفع بالدراسات الفنية وتجاوز الخلافات الفنية، إلا أن الوفد الإثيوبى أبلغ الحاضرين فى الجلسة الأولى، بأن عملية بناء السد تتطلب ضرورة اعتماد المرحلة الأولى من عملية التخزين عند مستوى محدد فى بحيرة السد، محاولين التأكيد على أن هذه المرحلة لن يكون لها تأثير يذكر على استخدامات المياه فى كل من مصر والسودان. وقال مسئول إثيوبى فى تصريحات خاصة، إن بلاده أكدت رسميا أن التخزين فى السد عملية متكاملة مع معدلات البناء، وأن هناك تعهدات أمام الشعب الإثيوبى بعدم تعطيل البناء أو التخزين لأى أسباب خارجية فى إشارة إلى انتظار نتائج المفاوضات. وأوضح المسئول: «الخطة الإثيوبية المعلنة حتى الآن تتضمن عدة سيناريوهات للملء تتوافق مع معدلات الأمطار وإيرادات النهر فى مواسم الفيضان والجفاف»، إلا أن مصادر مصرية أكدت أن إرسال إثيوبيا للخطة لم يكن بطريقة رسمية فضلا عن أنها معلومات عامة ولا تتضمن جدولا زمنيا محددا بمستويات محددة لملء بحيرة التخزين، لذلك لم تعلق عليها مصر أو ترد عليها رسميا. إلا أن مصدرا دبلوماسيا مصريا أكد أن ما قدمه الجانب الإثيوبى معلومات عامة حول رؤيتهم للتخزين وغير موثقة فنيا أى أنه لا يمكن الاعتماد عليها فى تقييم أثر هذه العملية على الأمن المائى وتدفقات المياه لمصر، مؤكدا: «لا يمكن فتح المجال للحديث عن هذا الطرح» لكنه أكد أهمية التمسك بالمسار المتفق عليه والمحدد سلفا فى اتفاق إعلان المبادئ. كان الوفد المصرى قد قدم خلال المباحثات رؤية تحمل عددا من التفاصيل والنقاط الجديدة للخروج من دائرة الخلاف الحالية حول التقرير الاستهلالى لدراسات سد النهضة، لكنها تتضمن نفس البنود السابقة التى يتحدد عليها الموقف المصرى. وقال مسئول مصرى فى تصريح ل«الشروق»، إن «الموقف المصرى ملتزم تماما ببنود العقد الموقع مع المكاتب الاستشارية لاتمام الدراسات، وكذلك مراجع الإسناد والسيناريو الذى يبنى على أساسه الدراسات، حيث نص العقد صراحة على أن السيناريو المرجعى والذى سيتم تقييم الضرر وفقا له هو النظام المائى الحالى للنيل الشرقى دون سد النهضة، وقواعد التشغيل الحالية للسدود متضمنة السد العالى، وهو ما ارتضت به القاهرة فنيا، على الرغم من أنه لا يكفل جميع الحقوق المصرية كليا، لكن كانت الموافقة على أساس أن الدراسات المنطلقة من هذه الافتراضات كانت ستعطى نتائج واضحة عن مدى الضرر الذى يمكن أن تتعرض له مصر جراء إنشاء السد». وأوضح المسئول: «لا يوجد تصور حتى اللحظة الحالية عن آلية استمرار المباحثات، أو كيفية إيجاد طريقة لتقريب وجهات النظر بين مصر وإثيوبيا حول النقاط العالقة، ونحن فى انتظار توجيهات جديدة من الرئيس وصياغة موقف مصرى جديد بعد هذه الجولة من المفاوضات». كان وزير الخارجية، سامح شكرى، أوضح فى تصريحات صحفية فجر الجمعة عقب انتهاء المباحثات أن الاجتماعات ناقشت جميع الأطروحات المختلفة لمسار وخارطة طريق للتعامل مع النقاط العالقة لكن لم تسفر عن مسار محدد ولم تؤت بنتائج محددة يمكن الإعلان عنها، إلا أنه أكد السعى خلال 30 يوما، حتى 5 مايو المقبل للامتثال لتعليمات الزعماء لإيجاد وسيلة لكسر الجمود.