محافظ الإسماعيلية يهنئ الرئيس السيسي بحلول عيد الأضحى المبارك    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    محافظ أسيوط يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بساحة أرض الملاعب    مشاهد من صلاة العيد بساحات كفر الشيخ (صور)    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى بساحة مركز شباب الجملة بالجيزة    أوكرانيا تتعرض لهجوم بالصواريخ والمسيرات أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص    الرئيس السيسي يغادر مسجد مصر بالعاصمة بعد أداء صلاة عيد الأضحى المبارك    موظفون في البيت الأبيض سيجرون اتصالًا مع إيلون ماسك للتوسط في الخلاف مع ترامب    أجواء روحانية ومشاهد مبهجة لصلاة عيد الأضحى فى مختلف أنحاء مصر    إصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة أجرة بالبحر الأحمر    فى ساحات صلاة العيد بالفيوم.. آلاف القلوب اجتمعت على سجادة واحدة (صور)    عاجل - طقس أول أيام عيد الأضحى.. الأرصاد تكشف عن درجات الحرارة    عاجل - 1.6 مليون حاج يؤدون شعيرة رمي الجمرات بأول أيام عيد الأضحى    تصفيات كأس العالم.. البرازيل تتعادل والأرجنتين تتصدر بالفوز على تشيلى    هبة مجدي: العيد يذكرني بفستان الطفولة.. وبتربى من أول وجديد مع أولادي    تدخل عاجل بمجمع الإسماعيلية الطبي ينقذ شابة من الوفاة    مصرع 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة فى الإسماعيلية    متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في غزة    «علي صوتك بالغنا».. مها الصغير تغني على الهواء (فيديو)    موعد صلاة عيد الأضحى 2025 (بالدقيقة).. تعرف على أول محافظة تبدأ الصلاة    «محور المقاومة».. صحيفة أمريكية تكشف تحركات إيران لاستعادة قوتها بمعاونة الصين    خاص| الدبيكي: مصر تدعم بيئة العمل الآمنة وتعزز حماية العاملين من المخاطر    أول تعليق لأيمن الرمادي بعد الفوز بكأس مصر مع الزمالك    ناصر منسي: كنت على يقين بتسجيلي هدفاً في نهائي الكأس    محافظ القليوبية يتابع استعدادات وجاهزيه الساحات لاستقبال المصلين    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 6 يونيو بسوق العبور للجملة    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    الاحتفال باليوم العالمي للبيئة تحت شعار «معاً لمواجهة التلوث البلاستيكي»    اليوم.. وزارة الأوقاف تفتتح 8 مساجد جديدة بالمحافظات    عبارات تهنئة رومانسية لعيد الأضحى 2025.. قلها لحبيبك فى العيد    موعد ظهور نتائج سنوات النقل في الجيزة عبر بوابة التعليم الأساسي 2025 (تفاصيل)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    أبو الغيط: الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار بلبنان تهدد بتجدد العنف    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    وفاة الإعلامية والكاتبة هدى العجيمي عن عمر 89 عاماً    بيراميدز يهنئ الزمالك بالفوز بكأس مصر    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    عمر جابر: جمهور الزمالك يستحق بطولة    بعد التتويج بالكأس.. الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على أي انتقادات    طريقة صلاة عيد الأضحى المبارك 2025 وصيغة التكبيرات الصحيحة    الأوقاف: صلاة الرجال بجوار النساء في صف واحد مخالفة صريحة للضوابط الشرعية    عيار 21 يقفز أكثر من 100 جنيها.. مفاجأة في أسعار الذهب محليا وعالميا أول أيام عيد الأضحى    المايسترو تامر غنيم مديرًا للدورة 33 من مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية 2025    عاجل.. "الشهر العقاري" تواصل تقديم خدماتها خلال إجازة عيد الأضحى    رسميا بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الجمعة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    سعر طن الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    محافظ قنا يستقبل ممثلي الأحزاب ونواب البرلمان للتهنئة بعيد الأضحى    كيرلي وقصات شعر جديدة.. زحام شديدة داخل صالونات الحلاقة في ليلة العيد    بعد طرحها.. "سوء اختيار" ل مسلم تتصدر تريند " يوتيوب" في مصر والسعودية    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    بسبب إسرائيل.. الولايات المتحدة تفرض عقوبات على 4 قضاة بالجنائية الدولية    السيسي يؤدي صلاة عيد الأضحى اليوم في مسجد مصر بالعاصمة الجديدة    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي محافظ بورسعيد ويبحثان سبل تطوير الخدمات الصحية    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    جامعة كفر الشيخ ترفع درجة الاستعداد بمستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال العيد    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعديلات قانون العقوبات.. التوسع التجريمى.. وقرينة البراءة
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 03 - 2018

فى الأصل العام تقوم كل الفلسفات القانونية العقابية على أساس افتراض البراءة، وأن التجريم وحظر الأفعال هو الاستثناء، كما استقرت جميع التشريعات العقابية شرقا وغربا على أصل مهم يتضافر مع تلك الأصول التشريعية، وهو مبدأ عدم جواز معاقبة غير المتهم، وهو المبدأ الذى استقرت عليه معظم التشريعات الجنائية، وأقرته كذلك مجموعة من الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وقد سبقت الشريعة الإسلامية الأنظمة الوضعية بعدة قرون فى تأكيدها على مبدأ شخصية العقوبة، فقد جاء النص عليها فى القرآن الكريم، والذى يمثل أصل التشريع الإسلامى فى قول المولى سبحانه: «ولا تزر وازرة وزر أخرى»، وهو ما أُطلق عليه اصطلاحا مبدأ «شخصية العقوبة» وهو ما عبرت عنه العديد من الأحكام بقولها: الأصل فى الجريمة أن عقوبتها لا يتحمل بها إلا من أدين بها كمسئول عنها، وهى بعد عقوبة يجب أن تتوازن وطأتها مع طبيعة الجريمة موضوعها، مؤدى ذلك. شخصية العقوبة وشخصية المسئولية الجنائية، تلازمهما.
***
وقد فوجئ المهتمون بالشأن العام والشأن القانونى بوجه خاص بموافقة مجلس النواب المصرى على تعديلات طالت قانون العقوبات المصرى، أهمها فى هذا الصدد ما جاء فيها بأنه: و«يعاقب بالسجن كل من علم بارتكاب أى من الجرائم المشار إليها فى الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة ولم يبلغ السلطات قبل اكتشافها، وتقضى المحكمة فضلا عن العقوبة المنصوص عليها فى الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة بمصادرة محل الجريمة ووسائل النقل المستخدمة فى نقلها والأدوات والأشياء المستخدمة فى ارتكابها وذلك كله دون الإخلال بحقوق لغير حسن النية».
وهذا النص يؤكد على معاقبة غير المتهم بالفعل المجرم، تحت مظنة العلم بالجريمة، وأهم ما قيل نحو تبرير هذا التوسع التجريمى هو ما جاء على لسان رئيس مجلس النواب المصرى حسب موقع المصرى اليوم بأنه: «نحن أمام اعتبارات تفرضها الصياغة التشريعية التى سار عليها المشرع المصرى فى العقوبات وكان يحمى الفروع ولكن الواقع له واجهته ولا يمكن إغفاله من المشرع». وقال النائب محمد أبو حامد إن «فلسفة المادة هى القضاء على البيئة الحاضنة للعناصر الإرهابية حتى لو لأقرب الناس إليهم» مضيفا: «هذه الفقرة تقضى على العناصر الإرهابية، لأن الأب الذى يتستر على ابنه يفتح مجالا لسقوط عدد كبير من الضحايا». وكذلك وحسب نفس الموقع ما قاله رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب أن اللجنة رأت أن هذه التعديلات جاءت متفقة مع النصوص والمبادئ الدستورية التى تحمى أمن وسلامة الوطن واتساقا مع الظروف القائمة والتحديات التى تواجهها الدولة المصرية، بضرورة تشديد العقوبات حتى تتناسب مع حجم الجرم المنفذ.
وإذا كان التشريع الجنائى يقوم على مبدأ شخصية العقوبة امتدادا للأصل العام هو شخصية المسئولية الجنائية والجرائم لا يؤخذ بجريرتها غير جناتها، وأن العقوبات لا تنفذ إلا فى نفس من أوقعها القضاء عليه، وهذا النهج هو ما أكده الدستور المصرى الأخير، فقد جاء نص المادة الخامسة والتسعين فى صدارته على أن «العقوبة شخصية» وهو ما يعنى عدم جواز توقيعها لزوما على غير مرتكب الفعل المُجرم، ومن زاوية ثانية فإن ذلك المبدأ ينعكس على كيفية التجريم، إذ لا يجوز أن تتم حصر أفعال فى نطاق تجريمى بغير مبرر ولا ضرورة مجتمعية، وأن عقاب تلك الأفعال يجب ألا يتعدى نطاق أو حدود مرتكبيها.
وإذا ما انتقلنا إلى هذا التعديل التشريعى والذى يعاقب غير المتهمين على زعم علمهم بوقوع الجريمة وعدم الإبلاغ عنها، وهو المعنى الذى لا يتوافر معه أى ركن مادى يجوز تجريمه، لعدم وجود أى فعل، حتى ولو افترضنا فكرة العلم بوقوع الجريمة، وهى من الأفكار غير المنضبطة، والتى لن يستطيع أحد إثباتها بشكل قضائى مما يصعب الأمر على القاضى الجنائى فى كيفية إثبات وقوع هذه الجريمة، علاوة على الغلو فى التجريم بغير مبرر، وهو الأمر الذى رصدته المحكمة الدستورية العليا فى العديد من الأحكام، وألقت باللائمة على المشرع فى تجريمه لأمور بمثل هذا الاتساع، ومن أجمل ما قالته المحكمة الدستورية فى ذلك نصها فى القضية رقم 17 لسنة 21 دستورية من أنه لا يجوز لمثل هذه النصوص، أن تُحمل الناس ما لا يطيقون، ولا أن تؤاخذهم بما يجهلون، ولا أن تمد إليهم بأسها وقد كانوا غير منذرين، ولا أن تنهاهم عما ألبس عليهم، وإلا قام التجريم فيها على أساس من الظن والإبهام، ليكون خداعا أو ختالا. وهو ما تأباه النظم العقابية جميعها، وينحدر بآدمية الإنسان إلى أدنى مستوياتها، ليغدو بغير حقوق وعلى الأخص فى مواجهة السلطتين التشريعية والتنفيذية. يؤيد ذلك أمران: أولهما أن الأصل فى النصوص العقابية، أن تصاغ فى حدود ضيقة تعريفا بالأفعال التى جرمها المشرع، وتحديدا لمضمونها، فلا يكون التجهيل بها من خلال انفلات عباراتها وإرهاقها بتعدد تأويلاتها موطئا للإخلال بحقوق كفلها الدستور للمواطنين.
***
أما عن الحجج التى ساقها المؤيدون من البرلمانيين لهذه التعديلات، وأهم ما يمكننا التعرض له منها، ما جاء على لسان رئيس اللجنة التشريعية من أن التجريم هنا يرتبط بالخطورة المجتمعية، وليس بما عليه الحال كشأن عام فى أمور التجريم والذى يرتبط بالضرر، فإنه فى جميع الأحوال فلا يجوز التوسع التجريمى دونما ضوابط، وفى جميع الأحوال يجب على السلطة التشريعية أن تلتزم الحدود الدستورية فى هذا النطاق، وألا تتعدى نطاقها تحت أى مبرر كان عصفا فى ذلك بالحريات الشخصية التى تمثل الأصل العام فى الحياة، حتى ولو كانت المبررات فى هذا السياق تسير فى ركب محاربة الإرهاب، لأن الإرهاب لا يشكل مبررا أو منفذا لكل توسع تشريعى يناهض الحقوق والأسس الدستورية، كما أن هناك قواعد أصولية لكيفية التشريع والعقاب يجب على مجلس النواب المصرى أن يتخذها حدا له لا يتعداها أو يتجاوز نطاقها، وعليه ألا يقع فى مغبة الانحراف التشريعى، والذى يمثل عيبا يلحق بالتشريعات التى تتجاوز فيها السلطة التشريعية الأصول العامة فى كيفية صناعة القوانين، وأن تنحاز إلى موافقة السلطة التنفيذية فى كل ما تسوقه لها من مشاريع قوانين، وكأنها سلطة متفرعة من السلطة التنفيذية، وليست سلطة مستقلة، بل وتعلو على السلطة التنفيذية فى كونها تعد بمثابة السلطة الرقيبة على أعمال السلطة التنفيذية.
وفى المجمل فإنى أرى أن الاتجاه فى التشريعات منذ انعقاد مجلس النواب المصرى يسير فى ركاب السلطة التنفيذية روحة وإيابا، وأنه فى أغلب ما صدر عنه من قوانين تجاوزت الحدود العلمية والقواعد الدستورية فى كيفية التجريم والعقاب، وكأن سلطتنا التشريعية قد وُلدت من رحم السلطة التنفيذية، وليست ممثلة لإرادة جموع المواطنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.