الاثنين 8 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    8 ديسمبر 2025.. الدولار يواصل التراجع أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم    تعزيز الاستثمارات ودعم مصر تتصدر مباحثات النائب الأول للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالقاهرة    تايلاند تشن غارات جوية على طول الحدود مع كمبوديا    جوتيريش يجدد دعوته للأطراف السودانية للوقف الفوري للأعمال العدائية ضد المدنيين    ناجي حكمًا لمباراة الزمالك و كهرباء الإسماعيلية في كأس عاصمة مصر    كلوب يدعم صلاح: سفير ممتاز لمصر والمهاجم الأفضل في ليفربول    الوزراء: أعمال تطوير حديقتي الحيوان والأورمان تتضمن تغييرا جذريا في طرق العرض    اليوم عقد التقييم المبدئي للصفين الأول والثاني الابتدائي في 13 محافظة    وزير الصحة يتابع مشروع النيل: أول مركز محاكاة طبي للتميز والتعلم في مصر    مشروبات وأدوات بسيطة تضمن الدفء.. كيف تنام بعمق في الشتاء؟    تقرير المعمل الكيماوي: إيجايبة عينات عاطل متهم بالتحرش بمعلمة في السلام    بالملايين، مفوضية الأمم المتحدة تكشف عدد العائدين لسوريا بعد سقوط نظام الأسد    إيران: رحلة ثانية تقل 55 إيرانيا من المرحّلين تغادر أمريكا    مزاعم إسرائيلية: هجوم إقليمي محتمل يهدد الأمن القومي لإسرائيل    الكنيست الإسرائيلي: 124 جندي إسرائيلي أنهوا حياتهم بسبب ح..رب غزة    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    سعر كرتونه البيض اليوم الإثنين2025فى اسواق المنيا    مواعيد مباريات الإثنين 8 ديسمبر - المغرب ضد السعودية.. ومانشستر يونايتد يواجه ولفرهامبتون    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    محمد الخراشي: منتخبا مصر والسعودية قادران على بلوغ الدور الثاني في كأس العالم    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ الفيوم آخر مستجدات لجنة إعادة التوازن البيئي ببحيرة قارون    التعليم العالي تعلن عن القبول المبدئي ل"الجامعة الريادية" ضمن مبادرة تحالف وتنمية    برودة وصقيع تضرب محافظة الأقصر اليوم    بعد حكم الإعدام، استئناف جنايات المنصورة تنظر قضية مقتل طفلة على يد زوجة عمها    تحريات أمن الجيزة تكشف لغز العثور على جثة سمسار بحدائق أكتوبر    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى المريوطية    تجهيزات خاصة لتكريم الموسيقار عمر خيرت في افتتاح مهرجان الأوبرا العربية    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    محمد فراج يعلق على الانتقادات التي طالت دوره في فيلم الست: مش مطالب أبقى شبيه بنسبة 100%    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ أسيوط يفتتح مشغل خياطة في منفلوط ويعلن التوسع في مبادرات التمكين الاقتصادي بالقرى    قبل انطلاقها في الداخل.. كيفي تستعلم عن لجنتك الانتخابية بالرقم القومي؟    وزير العمل يعقد اجتماعًا مع ممثلي وزارة الصحة ونقابة التمريض    الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لليوم ال59.. قصف مدفعى وجوى فى غزة    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالأردن في 30 دائرة من المرحلة الأولى لانتخابات "النواب"    بعد فشل مفوضات السد الإثيوبي.. هل تلجأ مصر للحرب؟ وزير الخارجية يرد    اليوم.. محاكمة 7 متهمين بقضية خلية مدينة نصر الثانية    التريلر الرسمي للموسم الأخير من مسلسل "The Boys"    جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل    الرئيس التشيكي: قد يضطر الناتو لإسقاط الطائرات والمسيرات الروسية    ماسك يشبّه الاتحاد الأوروبي بألمانيا النازية    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    حبس عاطل لقيامه بسرقة وحدة تكييف خارجية لأحد الأشخاص بالبساتين    لميس الحديدي: قصة اللاعب يوسف لا يجب أن تنتهي بعقاب الصغار فقط.. هناك مسئولية إدارية كبرى    «القومية للتوزيع» الشاحن الحصري لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    حسام أسامة: بيزيرا "بتاع لقطة".. وشيكو بانزا لم يُضِف للزمالك    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    غرفة عقل العويط    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    الموسيقار حسن شرارة: ثروت عكاشة ووالدي وراء تكويني الموسيقي    حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية لخدمة أهالى قرية السيد خليل بكفر الشيخ    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بلاش تبوسنى».. حكاية من زمن اللخبطة!
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 03 - 2018

ليستْ مجرد قبلة رفضتها ممثلة ثم اعتزلت، ولكنها كوميديا ساخرة عن تصرفات مضطربة متناقضة، بطلتنا تبدو ممثلة موهوبة، ولكن تنعكس عليها كل «اللخبطة» التى نتجت عن تغيرات اجتماعية واضحة، ليست «القبلة» إلا أحد معايير اختبار هذه التحولات، لو أخذ الفيلم رحلته إلى مستويات أعمق، لكانت النتيجة أفضل، ولكنى أراه، فى صورته الساخرة الجسورة هذه، عملا مهما يشهد على زمنه، وأعتبره أحد أفضل أفلام 2018.
أحمد عامر مخرجا ومؤلفا لفيلم «بلاش تبوسنى» اختار أن ينطلق من حكاية رفض القبلة إلى استتابة الممثلات، واعتزالهن، نظرته الساخرة لم تتجاهل أيضا نماذج من صناع الأفلام والمنتجين، وعبر سرد متماسك إلى حد كبير، نضحك ونتأمل فيلمين فى وقت واحد: فيلم بعنوان «السراب» من إخراج شاب يقدم عمله الأول، يُدعى تيمور تيمور، وفيلم تسجيلى يخرجه شاب اسمه إبراهيم، موضوعه «انحسار القبلة فى الفيلم السينمائى المصرى»، وكانت منتشرة فى أفلام الأبيض والأسود، كما تدل على ذلك تلك القبلات المتتالية، التى يعرضها الفيلم من أفلامنا القديمة، بما يذكرنا بطوفان القبلات المتتالية القديمة، التى انتهى بها فيلم «سينما باراديزو الجديدة».
يظن إبراهيم أنه قد عثر أخيرا على فيلم جديد فيه «قبلة»، يفترض أن تؤديها الممثلة فجر أمام بطل الفيلم، ولكنه يجد نفسه أمام مشكلة حقيقية، فبعد إعادات متكررة، وتدخلات ورجاءات، تمتنع فجر عن تصوير القبلة لأنها حرام، وكانت قد وافقت على الفيلم والقبلة، بل إن تاريخها حافل بأفلام مليئة بالقبلات والرقصات، لم يعرف أحد أنها رأت حلما فسره أحد المشايخ فى اتجاه رفض التمثيل، وضرورة الاعتزال.
من هذه الذروة البارعة، وبلمسات السيناريو اللامعة، سواء فى رسم مواقف متكررة ضاحكة لفشل تصوير القبلة، أو فى ربط ما نراه حاضرا بماضى الشخصيات، وأسباب تحولاتها، أو ربط ما يبدو روائيا من السرد، بما يفترض أنها أجزاء تسجيلية من فيلم المخرج إبراهيم، وبما يتيح للشخصيات أن تتحدث مباشرة إلى الكاميرا، نكتشف أخيرا أن رفض القبلة جزء من تغير ما فى اتجاه المحافظة، وأن الجيل الأقدم، الذى تمثله فى الفيلم والدة فجر، ووالدة المخرج تيمور، ويمثله أيضا المخرجان خيرى بشارة ومحمد خان، واللذان يظهران باسميهما وصفتهما، كان أكثر تفتحا وتحررا، وإن تغيرت وتحولت ممثلات من جيل أكبر من فجر، مثل الحاجة سوسو، هى لم تعتزل، ولكنها تؤدى الأدوار بشروطها؛ حتى لو اقتضى الأمر أن ترفض أن تحتضن، كممثلة فى دور الأم، ابنها القادم من السفر.
فطن الفيلم إلى تناقضات هذه الحالة السينمائية: من ادعاء وسذاجة الممثل الذى يبحث عن «شبشب الشخصية»، إلى رغبة فجر أن تصل إلى الشخصية من خلال قميص النوم، وصولا إلى المنتج الذى يريد استكمال الفيلم بأية وسيلة، ويمتلك ماضيا تتراكم فيه أفلام الهلس، ولديه قصة حب قديمة مع الفنانة/ الحاجة سوسو، وهناك أيضا تفاصيل العمل فى الاستديو، وحضور بشارة وخان، وتصوير فيلم تسجيلى بالتوازى مع فيلم «السراب»، وتقديم شخصيات مثل مساعد المخرج والمونتير واللبيسة ومسجل الصوت بلمسات كوميدية، كل ذلك منح الفيلم حيوية متدفقة.
ولكن هذا الاستغراق فى الحالة السينمائية، منع الفيلم من فرصة ذهبية للخروج إلى الدائرة الأوسع، لاكتشاف أسباب هذا التغير فى المجتمع، من الانفتاح إلى المحافظة، اكتفى الفيلم برصد انعكاس ذلك على السينما، ولكن الوصول إلى استتابة الممثلات، والسينما النظيفة، لا يمكن فهمه إلا ارتباطا بتحول عام.
يلامس الفيلم من بعيد هذا المعنى دون أن يعمقه، مفسر الأحلام المتدين مثلا، والذى سيفسر أحلام فجر، لا نعرف عنه شيئا، ولا يبدو كجزء من تيار منتشر، ومصممة الأزياء التى تحولت إلى أزياء المحجبات، مع أنها هى نفسها سافرة، شخصية ثرية جدا، كان يمكن بسهولة ربطها ببيزنس من نوع جديد.
والفيلم التسجيلى الذى يصوره إبراهيم، كان يمكن أن يستوعب تحليلا تاريخيا واجتماعيا بل فنيا، ومن خلال شخصيات حقيقية، تضع رفض القبلة فى سياق اجتماعى واقتصادى، بدلا من أن تبدو مجرد لعبة فكاهية، ليس مطلوبا بالطبع أن يتحول الفيلم إلى دراسة علمية، ولكن اقتصار اللعبة على السينما وصناعها وممثلاتها، دون إشارات أوسع للمجتمع، حرم الفيلم من الخروج من الخاص إلى العام، وجعل الأمر يبدو وكأن لخبطة «فجر» ترجع إليها وحدها، وليست جزءا من لخبطة مجتمع، وقد كان لدى الفيلم ومعالجته كل الأدوات الذكية، التى تتيح له الانتقال السلس من الخاص للعام.
على كثرة مشاهد الفيلم البارعة فى ظُرفها ومغزاها، فإن أفضل مشاهد الفيلم فى رأيى هو مشهد تبادل الجميع للشتائم فى الكافيه، يبدأ الأمر بسباب مساعد المخرج لفجر بصوتٍ عال، يلومه المخرج، فيؤكد مدير التصوير السباب، يصل الصوت إلى الزبائن، يلومون الثلاثة على قلة الأدب، يفقد الثلاثة أعصابهم، فيسبون الزبائن، يتخلى الزبائن عن الأدب، فيردون السباب، كأن الجميع يرتدون أقنعة، ما إن تسقط حتى تظهر تناقضاتهم، والسباب فى المشهد صامت بالطبع، فى لفتة ساخرة، للمحافظة على أخلاق الجمهور.
يحسب لهذه التجربة جرأتها ومعالجتها الكوميدية الجيدة، ويحسب لها كذلك أداء الممثلين المميز، وخصوصا ياسمين رئيس فى دور فجر، ستنافس بالتأكيد بهذا الدور وتحولاته على لقب أفضل ممثلات العام، وهناك أيضا محمد مهران فى دور مخرج فيلم «السراب»، كأنه بأدائه يعبر عن أزمة جيل بأكمله، ولا تفوتنى الإشادة كذلك بعناصر فنية مميزة كالملابس والموسيقى التصويرية.
«بلاش تبوسنى» فيلم مهم وممتع وجريء، أكبر دليل على صدق رؤيته لتناقضات الناس فى بلادى، أنه أجيز عرضه، ولكن للكبار فقط فوق الثامنة عشرة، خافت الرقابة أن يدخل جيل الإنترنت الخجول الذى لا يعرف شيئا عن الجنس، فيلما جريئا، يفتح عينيه على القبلات العياذ بالله!.. عجبى!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.