الإنتاج الحربي تعلن وظائف جديدة للمهندسين والمحامين 2025.. تعرف على الشروط وطريقة التقديم    بعد ساعات.. فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين للعودة إلى غزة    رئيس شعبة الدواجن: تحريك الوقود لن يؤثر على أسعار الفراخ    ارتفاع سعر اليورو اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    معلومات الوزراء: التجربة المصرية فى دعم ريادة الأعمال نموذج واعد    وزير التموين: لا مساس بسعر رغيف الخبز البلدي المدعم رغم تحريك أسعار السولار    عن وجود مشروعات بديلة لقناة السويس: أشعر بالاطمئنان في هذه الحالة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 20 فلسطينيا على الأقل من الضفة الغربية    الرئيس السيسى بمنتدى أسوان: أفريقيا تزخر بمقومات وموارد وثروة بشرية هائلة    مكتب نتنياهو يعلن تسلم رفات أسيرين إسرائيليين ليرتفع العدد إلى 13    إطلاق قافلة زاد العزة ال53 إلى غزة بحمولة 8500 طن مساعدات    الكرملين: قمة بين بوتين وترامب قد تعقد في غضون أسبوعين أو بعد ذلك بقليل    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 45 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    بعثة الأهلي تصل القاهرة بعد الفوز على إيجل نوار في دوري أبطال أفريقيا    اليوم.. ليفربول يواجه مانشستر يونايتد في كلاسيكو إنجلترا    عمرو الحديدي: الشيبي وماييلي لن يرفضا عرضًا من الأهلي    الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة.. أجواء خريفية وسحب منخفضة    عرض سائقين تسببا فى مصرع شخصين على الطب الشرعي لإجراء تحليل مخدرات    خروج 10 مصابين بعقر كلب مسعور من مستشفى الفيوم بعد تلقيهم المصل    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    وزير الصحة: تحليل شامل للاحتياجات الصحية فى مصر    تحذير من حسام موافي: ظهور بقع زرقاء تحت الجلد قد ينذر بمرض خطير.. إليك الأسباب والتفسير الطبي    مصرع شابين في حادث تصادم مأساوي بطريق قليوب قرب مزلقان العادلي    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    أطول تلاتة في الجونة.. احمد مجدي يمازح أحمد السعدني وخالد سليم    إزالة حالة تعدٍ على الأرض الزراعية بقرية الأخصاص بمنشأة القناطر    نقيب الصحفيين: بلاغ لوزير الداخلية ووقائع التحقيق مع الزميل محمد طاهر «انتهاك صريح لقانون النقابة»    مي عمر تغسل ماضيها في عملها الجديد غسيل ومكوى المقرر عرضه في رمضان 2026    أحمد سعد يغادر إلى ألمانيا بطائرته الخاصة استعدادًا لحفله المنتظر    فتح فصل ثانوي مزدوج جديد لتخصص استخلاص وتصنيع الزيوت النباتية في مطروح    «العمل العربية» تشارك في الدورة ال72 للجنة الإقليمية بالصحة العالمية    موعد مباراة منتخب المغرب ضد الأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب والقنوات الناقلة    التعليم توضح الفئات المستفيدة من أجهزة التابلت 2025-2026.. من هم؟ (إجراءات وضوابط التسليم)    شبانة: أداء اليمين أمام مجلس الشيوخ مسئولية لخدمة الوطن والمواطن    رئيس مصلحة الجمارك يتفقد قرية البضائع بمطار القاهرة    وزارة السياحة والآثار تنفي التقدّم ببلاغ ضد أحد الصحفيين    عملوها الرجالة.. منتخب مصر تتوج بكأس العالم للكرة الطائرة جلوس    نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية بما يشمل نزع سلاح حماس    التحقيق في واقعة مشاجرة أفراد أمن نادى الزمالك وإحدى العضوات    أتلتيكو مدريد ينتصر على أوساسونا بالدوري    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    مكافأة على سجله الأسود بخدمة الانقلاب .. قاضى الإعدامات المجرم "عصام فريد" رئيسًا ل"مجلس شيوخ العسكر" ؟!    الاحتلال يشن حملة مداهمات واعتقالات في الضفة الغربية    ذات يوم مع زويل    وائل جسار: فخور بوجودي في مصر الحبيبة وتحية كبيرة للجيش المصري    لا تتردد في استخدام حدسك.. حظ برج الدلو اليوم 19 أكتوبر    منة شلبي: أنا هاوية بأجر محترف وورثت التسامح عن أمي    ياسر جلال: أقسم بالله السيسي ومعاونوه ناس بتحب البلد بجد وهذا موقف الرئيس من تقديم شخصيته في الاختيار    غضب ومشادات بسبب رفع «الأجرة» أعلى من النسب المقررة    زيكو: بطولتي الاولى جاءت أمام فريق صعب ودائم الوصول للنهائيات    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    رابط المكتبة الإلكترونية لوزارة التعليم 2025-2026.. فيديوهات وتقييمات وكتب دراسية في مكان واحد    استعدوا لأشد نوات الشتاء 2026.. الإسكندرية على موعد مع نوة الصليب (أبرز 10 معلومات)    لا مزيد من الإحراج.. طرق فعالة للتخلص من رائحة القمامة في المطبخ    الطعام جزء واحد من المشكلة.. مهيجات القولون العصبي (انتبه لها)    هل يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه؟.. أمين الفتوى يوضح    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نتعلم من النكوص الأمريكى العولمى؟
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 03 - 2018

ها هو السحر قد انقلب على الساحر وسقطت الأقنعة. فالولايات المتحدة الأمريكية، عرابة الرأسمالية النيوليبرالية العولمية، قد قررت أن تمارس السياسات الحمائية وتزيد التعرفة الجمركية على ما تستورد من صلب وألومنيوم من مختلف دول العالم. وبررت اتخاذ ذلك القرار الانكماشى المتعارض مع مبدأ حرية السوق بأنه حماية لمصانع وتجارة وعمال تلك الصناعة فى أمريكا فى وجه المنافسة الأجنبية الخارجية.
إنه انقلاب على الفلسفة والمبادئ الرأسمالية الجديدة التى قدمتها أمريكا للعالم منذ نحو أربعين سنة. أهم مبادئها كان إيمانا شبه المطلق بقيام اقتصاد عالمى جديد تحكمه متطلبات حرية الأسواق: من تنافس، ومن حرية انتقال للبضائع والأموال عبر العالم كله بلا قيود ولا حواجز جمركية ولا عراقيل قانونية، ومن إبعاد لحكومات الدول عن التدخل فى شئون السوق أو محاولة تنظيمه، ومن خصخصة للخدمات الاجتماعية العامة من مثل الصحة والتعليم والإسكان والنقل العام، ومن حد لحريات وسلطات ونشاطات النقابات العمالية حتى لا تستطيع التأثير الفاعل على موضوعى مستوى أجور العمال ونسبة البطالة بينهم.
ومن أجل جعل الاقتصاد الجديد علما قائما بذاته ولا يخضع لموازين ومعايير حقول العلوم الإنسانية الأخرى أوجدت أمريكا مدرسة شيكاغو الاقتصادية الشهيرة ليدافع عرابوها عن مدرسة الرأسمالية المتوحشة الجديدة فى وجه المدارس الاقتصادية الأخرى، فكان أن وجد المتفلسفون والدعاة والمتحدثون والناشرون والمبررون. وكان أن وجدت مراكز البحوث والاستراتيجيات الاقتصادية المدفوعة الأجر من قبل الشركات الكبرى للدفاع عن مصالحها.
لكن أمريكا هى أمريكا، لا تحكمها إلا المصالح الوطنية الأنانية الآنية، حتى ولو أدى ذلك إلى لحس تواقيعها على الاتفاقيات ونكران تعهداتها، وكيل الكذب على منافسيها. إنها الانتهازية التى تقوم على القوة والفتوة والمصالح، وجعل المصالح الانتخابية الداخلية فوق كل قيمة أو معيار أو أخلاق.
نقول كل ذلك لأننا سبق وأن حذرنا، مع الكثيرين غيرنا، من عدم انجراف العرب الأعمى نحو أنوار الرأسمالية النيوليبرالية العولمية البالغة التوحش والمهتمة أولا وآخرا بمصالح الدول الرأسمالية، وعلى رأسها أمريكا، وبمصالح شركاتها الكبرى العابرة للقارات.
***
لقد كان الهدف منذ البداية واضحا:
قيام نظام اقتصادى عولمى جديد يفتح كل أسواق العالم وكل مجتمعاته أمام دخول الشركات الكبرى فى منافسات غير متكافئة وغير عادلة مع الشركات الوطنية المحلية فى حقلى الإنتاج والخدمات ووضعها أمام مصيرين لا ثالث لهما: إما إعلان الإفلاس والانسحاب من السوق وتسريح عمالها أو الاندماج فى الشركات العولمية الكبرى كتابع وظيفى أو كوكيل محلى زبونى مطيع.
لقد ذكرنا آنذاك بأن الدول الرأسمالية، فى الغرب والشرق، قد مارست كل الأنواع الحمائية لصناعاتها وشركاتها عند بداية قيامها، وأن تلك الخطوات الحمائية قد أزيلت فقط بعد أن شبت تلك الصناعات والشركات الوطنية عن الطوق وأصبحت قادرة على المنافسة فى الداخل والخارج.
لقد أكدنا أن الموضوع لم يكن الانتقال إلى اقتصاد عالمى عادل جديد، يأخذ بعين الاعتبار مصالح الأقوياء والضعفاء ويراعى الفروق بين الدول فى مستويات التطور التكنولوجى والعلمى والإنتاجى، وإنما كان موضوع استغلال لسقوط الاقتصاد الاشتراكى المنافس فى الاتحاد السوفيتى السابق وأتباع مدرسته، وصعود القطبية الأمريكية الاقتصادية والعسكرية القادرة على فرض نظام عولمى جديد يسمح بفتح كل أسواق العالم ونهب ثرواته وإيصاله إلى الحالة العاجزة التى وصل إليها. إنها حالة ازدياد فقر الفقراء وغنى الأغنياء، وتراجع الخدمات الاجتماعية، وضعف النقابات العمالية وتنامى ديون الدول النامية، وتمكن الشركات العابرة للقارات ومؤسسات المال الكبرى من رقبة الاقتصاد والمال فى العالم كله.
اليوم تقوم أمريكا التى خلقت هذا النظام الاقتصادى الجائر، وأرغمت كل المؤسسات المالية الدولية على فرضه على كل الدول المثقلة بالديون، اليوم تقوم بالخروج عليه، وذلك حماية لمصالحها الوطنية الضيقة. فهل سيقتنع المسئولون العرب، وعلى الأخص فى دول الغنى والوفرة، بأن النظام الاقتصادى العولمى ليس نظاما مقدسا لا يمس وأنه، مثل كل الأنظمة الأخرى، يمكن الأخذ منه وترك ما لا يصلح فيه؟
***
لا يسمح المجال هنا بإيراد مئات التفاصيل التى تبرهن على التأثيرات السلبية للنظام الرأسمالى النيوليبرالى العولمى على الصناعات العربية الناشئة وعلى شركات الخدمات العربية المكافحة فى سبيل تواجدها فى الأسواق المحلية، ولا إيراد تفاصيل جنون بعض الحكومات العربية فى اندفاعها الأعمى نحو خصخصة الخدمات الاجتماعية العامة، وتسريح الألوف من موظفيها تحت الادعاء بأن إسناد القيام بتلك الوظائف للشركات الخاصة هو أكثر كفاءة وأرخص. كل ذلك موجود فى مئات الكتب والتقارير.
ما يهمنا هو اقتناع الحكومات العربية بأن السباحة فى بحر العولمة الاقتصادية الهائج يتطلب أن تعود لبناء كتلة اقتصادية إقليمية عربية إذا كانت تريد أن تصون المصالح الاقتصادية العربية فى وجه التنافس الدولى غير المتكافئ وغير المتوازن.
من قبل، كانت حجة الحكومات العربية بأنها ملتزمة باتفاقيات التجارة الدولية المبنية على قواعد الرأسمالية النيوليبرالية. أما وأن أمريكا قد ضربت بكل ذلك عرض الحائط وأثبتت أن النظام العولمى الاقتصادى، بكل اتفاقياته وضوابطه، ليس بالنظام المقدس الذى لا يمس، فهل نستطيع أن نأمل بأن تراجع الحكومات العربية، مجتمعة، ما يصلح لها فتأخذه، وما يضرها فترفضه، وعلى الأخص حماية صناعاتها الناشئة وشركات خدماتها الوليدة؟
أخيرا، لنذكر أنفسنا بأن أكبر صناعات الصلب والألومنيوم موجودة فى بعض بلاد العرب. ألا يرمز ذلك إلى أن السكين العولمية قد اقتربت من وريد الرقبة العربية؟
مفكر عربى من البحرين
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.