«سنبحر ونحاول الصيد مهما كانت المخاطر فى البحر المتوسط، لأن الموت جوعا واحتياج الأطفال والأسرة وزواج الشباب أكثر صعوبة» شعار يرفعه كل صيادى محافظة كفر الشيخ خلال رحلات الموت التى يقومون بها من أجل «لقمة العيش»، آملين فى العودة إلى الديار بدون مفقود جديد. فى أواخر يناير الماضى أبحر مركب الحاج ناصر من برج مغيزل وعلى متنه 15 صيادا،غرق منهم عشرة، وعثر على ثمانية جثامين ومازال البحث جاريا عن جثامين الباقين ونجا خمسة، ليستمر مسلسل الموت فى عرض البحر، ويبقى السؤال المسكوت عنه والذى يطفو على السطح من جديد عقب كل حادثة: من يحمى الصياد المصرى؟ نقيب الصيادين أحمد نصار قال إن عدد المراكب التى غرقت من كفر الشيخ خلال الأعوام الستة الماضية بلغت 5 مراكب، غرق خلالها العشرات، حيث إن طاقم المركب الذى يصل ثمنه إلى مليون جنيه يتكون من 15 إلى 20 صيادا، مضيفا: «الصيادون المصريون يسافرون للعمل داخل المياه الإقليمية الدولية فى البحر المتوسط أو البحر الأحمر، على الرغم من المخاطر التى يواجهونها، من (غرق وحبس وقرصنة) نتيجة قلة عمليات الصيد بالمياه المصرية، نظرا لعدم وجود خلجان لتربية الأسماك بالشواطئ المصرية». وأوضح: «الصيادون اضطروا لذلك نتيجة السياسة الخاطئة التى يتبعها صيادو الأساطيل العملاقة داخل المياه المصرية، وهو ما دفع عددا كبيرا من الصيادين إلى التوجه إلى دول مختلفة سواء السعودية أو اليمن وليبيا قبل الحرب بهما، وهناك عدد كبير يبحر برحلة صيد داخل البحر المتوسط، ويواجهون مخاطر كبيرة خلال رحلتهم التى تستمر لشهر». و قال صبرى محفوظ صياد: «كل عائلة من عائلات الصيادين فقدت (ابنا أو شقيقا أو أبا)، فى رحلات الصيد المختلفة، ولكنها المهنة التى نعمل بها بدون أى مساعدة من الحكومة، بل يفرض على كل بوكسة أسماك من الشاطئ ضريبة، دون أى دعم للصياد سواء خلال فترة عمله أو مرضه أو تقاعده». وأضاف أن «الحكومة تهتم فقط بالمزارع السمكية، وتُهمش جميع البحيرات الموجودة بالدولة، وآلاف الكيلومترات من الشواطئ، على البحر المتوسط والأحمر ونهر النيل والتى تنتج الأسماك بطريقة طبيعية ولا تكلف الدولة شيئا، ولو تم الاهتمام بها، لكان لمهنة الصيد شأن آخر». وأكد: «سنبحر ونحاول الصيد مهما كانت المخاطر بالبحر المتوسط، لأن الموت جوعا واحتياج الأطفال والأسرة وزواج الشباب أكثر صعوبة، ومادامت الحكومة لا تهتم ولا ترعى الصيادين، فإننا لا ندرى ماذا نفعل.. هل نصمت؟». وذكر خالد على (صياد) أن حياة الصيادين صعبة للغاية، وأنهم لا يجدون من يرعاهم حيث إن «الصياد عندما يُصاب لا يجد قوت يومه، ولا يجد من يرعاه، فلا يوجد معاش للصيادين، حتى النقابة لا تدافع عنهم ولا تعطى معاشا للصيادين»، مكملا: «نذهب للصيد بالبحر المتوسط، وخارج حدود المياه الإقليمية المصرية للبحث عن الرزق، لأن بحيرة البرلس أصبحت سيئة، ولا تساعد على الصيد، بسبب هجرة أنواع كثيرة من الأسماك نتيجة الصيد الجائر، وصيد الزريعة». وأردف: «أصبحت المياه والشواطئ المصرية مستباحة من الأساطيل الكبرى العملاقة، التى تجمع جميع أنواع الأسماك سواء صغيرة وكبيرة، ونحن لا نجد عملا أو منافسة معهم، والحكومة المصرية لا تجرم الصيد على شواطئها». وأوضح أحمد بهلوان، صاحب مركب صيد: « نشترى المركب المستعمل ما بين مليون ومليونى جنيه، من أجل العمل خاصة أن قرية برج مغيزل والسكرى والجزيرة الخضراء، معظم أهلهم يعملون بمهنة الصيد، ولا يعرفون غيرها، ويبدءون الصيد منذ سن الطفولة». وأكمل: «المهنة أصبحت لا تأتى بشىء خاصة مع ارتفاع أسعار الوقود والمخاطر التى تواجهنا، والمخاطر التى نتعرض لها من حرس السواحل بمختلف الدول، حيث نتعرض لإطلاق نيران عند الاقتراب من أى مياه إقليمية لأى دولة، وهو ما يصعب علينا الصيد فنتجه إلى المياه الأبعد». وأردف: «تتعرض السفن والمراكب للعديد من المخاطر، نظرا لعدم قدرتها على تحمل الأمواج الشديدة والإبحار لمسافات كبيرة ولفترات طويلة، ما يؤدى إلى غرقها، ولكن لابد من المحاولات لعدم وجود أسماك كافية للصيد بالمياه المصرية، وعدم قدرتنا على منافسة المراكب العملاقة، التى تصطاد بأعماق كبيرة».