ذكرت فى مقال سابق، أن سوء الفهم والجدل غير الموضوعى الحاصل حول التدوين وغيره فى مجتمعنا سببه قلة معرفتنا بتلك التقنيات وتعريفها وأصولها وما الذى يمكن أن تضيفه بالفعل إلى حياتنا. وهو الشىء الذى نجد له أمثلة كثيرة فى حياتنا، فى العلوم والفنون والسياسة والدين وغيرها، فنطلق جميعا الأسماء والعناوين فى فضاء الكلام ونبدأ الفتوى وإعطاء وجهات النظر ، حيث تكون الغلبة للأعلى صوتا بكل أسف. وعلى الجانب الآخر توجد محاولات جادة بيننا لتقريب وجهات النظر، والتعريف بأصول الأمور وتبسيطها للجميع، فى محاولة لسد الفجوة التى تسبب فيها التعليم والإعلام والفتوى الجماعية فى كل شىء ، وأتحدث هنا عن مجموعة من المدونين المصريين بادروا بإطلاق مدونات توفر للقارئ العربى مراجع بسيطة تأخذه على أول الطريق لاستخدام الإنترنت وأحدث تطبيقاته بشكل سهل وبسيط. هذا مثلا ما فعله محمد الجوهرى (23 عاما ) وهو مدون مصرى نشط من المنصورة، أنشأ أخيرا مدونة اسمها «تكنو إعلام»، وهى كما يقول: «مدونة هدفها ربط التكنولوجيا وتطبيقات ويب 2.0 بالصحافة الشعبية»، رافعا شعار «كلما كنت مشاركا زاد تأثيرك».. محمد أطلق المدونة فى ديسمبر 2008، وهى تحمل مقالات ودروسا بسيطة مكتوبة أو مترجمة إلى العربية حول أحدث تطبيقات وخدمات (ويب 2.0) وهو المصطلح الذى تعرّفه الموسوعة الحرة ويكيبيديا ب« مجموعة من التقنيات والتطبيقات الشبكية الجديدة التى أدت إلى تغيير سلوك الإنترنت» ومن أشهر أمثلتها حاليا الشبكات الاجتماعية مثل فيس بوك ومقدمى خدمات التدوين مثل «بلوجر» و«وورد بريس» وبرامج الخرائط ومواقع مشاركة الصور والملفات وغيرها، وهى التطبيقات التى تقوم على نشاط مستخدمى الإنترنت بالأساس، والتى غيرت وجه العالم فى السنوات القليلة الماضية. يشرح محمد بالصور والخطوات كيفية استخدام خدمات التدوين المصغر مثل «تويتر» ومواقع مشاركة روابط الإنترنت Bookmarking مثل «ديليشيوس» وغيرها. وكل هذا مجهود ذاتى وتطوعى من محمد الجوهرى وغيره من مدونين مصريين يقومون بالشىء نفسه بطرق مختلفة، مثل عمرو غربية ومحمد بشير، وهم يحاولون خلال هذا تعريب المفرادت الإنجليزية الأكثر شيوعا فى عالم الإنترنت، لتقديم محتوى تقنى مبسط للقارئ العربى. فالتدوين وتطبيقات ويب 2,0 أدوات باتت تتيح للجميع الوصول للمعرفة والأخبار بسهولة ويسر، تعطينا رفاهية ومتعة التشارك فى الأفكار والإبداع بكل أشكاله، أتاحت طرقا غير مسبوقة للتعبير والتعلم وشرح وجهات النظر، فلماذا استفادت مجتمعات أخرى بهذا وحققت به الحراك اللازم للتغيير، ولم نستخدمه نحن، بل نجهضه ونعطله، ونحن لا نكلف أنفسنا حتى عناء معرفة ماهيته وأصوله. فهل يمكن لأمثلة مثل هذه المدونات تغيير الأفكار المعلبة حول التدوين والإنترنت فى مجتمعنا المصرى والعربى، وهل نعطى مثل هذه التجارب الشىء الذى تستحقه بالمتابعة والفهم ومساعدة آخرين على المضى فى المسار نفسه؟ هل نتمنى على معدى البرامج والصحفيين وكل من يتناول التدوين والإنترنت وغيره بمتابعة هذه المدونات الجادة وتعلم أصول وقواعد ومنطق هذه التكنولوجيا بل واستخدامها ، قبل إطلاق الفتاوى الملونة بأغراض سياسية ومادية؟ وهل نحلم بيوم نتحدث فيه سويا فى مجتمعنا على أرضية واحدة من المعرفة والفهم، ليس عن الإنترنت والتدوين وحدهما، ولكن عن كل شىء نحلم له بالتطور والتقدم، هل هذا صعب؟ زوروا مدونة محمد الجوهرى «تكنو إعلام»: technoemedia.blogspot.com