عماد كان يحضر قداسا جنائزيا على وفاة نجله قبل أن يلحق به.. وأمين الشرطة يلفظ أنفاسه الأخيرة بين أيدى مصلى الكنيسة خادم: عامل بالكنيسة قال الحقونا بنموت.. وعمال: أغلقنا الباب الرئيسى ووجهنا المتواجدين إلى الطابق الأعلى أحد الإرهابيين كان ملثما والآخر يرتدى خوذة.. وعماد: وجدنا قنابل بحوزة أحدهما بعد الإمساك به لا حديث داخل مدينة حلوان إلا عما جرى صباح أمس الأول، من هجوم إرهابى على كنيسة مارمينا والأنبا كيرلس، حيث امتلأت كنيسة السيدة العذراء التى شهدت قداس جنازة الشهداء، أمس الأول، عن آخرها بسكان المنطقة الذين حضروا لتوديع ذويهم وأصدقائهم، مسلمين ومسيحيين، محجبات، ومنتقبات، صغارا وكبارا. وأمام تنظيم الكشافة داخل الكنيسة قبل دقائق من بدء القداس الجنائزى، دخل مسن فى نوبة بكاء هستيرى، مطالبا الكشافة بالسماح له بدخول مقر القداس، حيث أتى بملابسه القروية من الصعيد لوداع قريبه الشهيد. وأمام كنيسة مارمينا حيث وقع الهجوم الإرهابى، تصدرت صورة للبابا المتنيح شنودة الثالث، المذيلة بجملة «مصر ليست وطنا نعيش فيه.. لكن وطن يعيش فينا»، بينما كانت دماء أحد الشهداء قد جفت بعد نحو 24 ساعة من الحادث. ولم يتخيل وديع وإيفلين صاحبا محل «العجايبى»، المواجه للباب الرئيسى لكنيسة مارمينا، أن تصعد روحهما داخل المحل الذى كان يأتيه أهالى حلوان لشراء صناديق الموتى الخاصة بالمسيحيين، إذ عاجلهما أحد الإرهابيين برصاصات قاتلة، حينما لم يتمكنا من دخول الكنيسة. وافتدت نيرمين صادق ابنتيها نسمة وكارول، حينما كانتا تسيران فى الشارع الغربى بمحاذاة الكنيسة، إذ قال شهود عيان ل«الشروق»، إن ابنة الشهيدة كانت مع والدتها لكنها نجت، حينما دفعتها الأم للجرى هربا من الرصاص، الذى تلقته بدلا منها. وقال خادم فى الكنيسة طلب عدم نشر اسمه إن والدته كانت تصلى فى الكنيسة صباح الحادث، لكن تدوينات شقيقته عبر «فيسبوك» بشأن تعرض الكنيسة لهجوم، ألقى الفزع فى قلبه، فاتصل بالهاتف الأرضى للكنيسة، لكن أحدا لم يرد إلا بعد 5 اتصالات متتالية، حيث رد أحد المسئولين نحو الساعة الحادية عشرة، قائلا: «الحقونا بنموت، سايبنا ليه، إحنا بنموت هنا، وفيه ضرب نار»، قبل أن ينقطع الاتصال. وقال كاهن كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل فى حلوان ووكيل المجلس الإكليريكى لإبراشية حلوان القمص ميخائيل جرجس، الذى تواجد فى موقع حادث كنيسة مارمينا، فى تصريحات ل«الشروق»، إن الهجوم الإرهابى أبدل أفراح المسيحيين بمناسبة احتفالات العام الجديد إلى حزن عارم. وتساءل: «لماذا يُقتل ناس عُزل مسالمين ذهبوا إلى الصلاة فى كنائسهم بسلام، ورجل شرطة يخدم فى موقعه حمل روحه على كتفه»، لافتا إلى أن عددا من المصلين فى الكنيسة حملوا أمين الشرطة إلى الداخل بعد إصابته، ليلفظ أنفاسه الأخيرة بين أيديهم». وأشار إلى أن الإرهابيين الآخرين لم يستطيعوا دخول كنيسة الأنبا أنطونيوس فى حى أطلس، فهاجموا محلا للأجهزة الكهربائية، ما أسفر عن استشهاد صاحبيه رومانى وعاطف شاكر، مؤكدا أن «الأقباط لن يخافوا أبدا مهما كثر الإرهاب». وقال رأفت نادر برسوم، من أقارب عماد وصفاء عبدالشهيد اللذين استشهدا فى الحادث: «كنت أصلى فى الكنيسة، وأغلقنا البوابة الحديدية حينما سمعنا طلقات الرصاص التى اخترقت البوابة الزجاجية، وأصابت البعض داخلها، لكن كل من استشهد كان فى الخارج، ومنهم صفاء وعماد، الذى كان يحضر قداسا جنائزيا لمرور عام على وفاة نجله، قبل أن يلحق به». وقال أحد أقارب رومانى وعاطف شاكر صاحبى محل العدوى للأجهزة الكهربائية فى حى أطلس، رفض ذكر اسمه ل«الشروق»: «اتصل بى قريب لى ليبلغنى بما جرى فى الساعة الحادية عشرة والنصف صباح الجمعة». وقال شهود عيان أمام المحل، إن الحادث وقع نحو العاشرة والربع صباحا، إذ قتل الأول أمام المحل، والثانى فى الشارع الموازى له، فيما غطت الثقوب حوائط المحل المقابل لمحل الشهيدين، من جراء الرصاصات التى اخترقته. وقال عادل يوسف، عامل فى كنيسة مارمينا: «سمعنا طلقات الرصاص فجرينا نحو الباب الرئيسى وأغلقناه، خشية خروج أحد من القداس الذى كان قد انتهى لتوه، وكان يترأسه الأبوان أغاثون وبولس». وأضاف ل«الشروق»: «حاولنا أن نفتدى أمين الشرطة بأى طريقة، لكن كان أطلق ذخيرته بالكامل الإرهابى حتى نفدت طلقاته»، موضحا أنه هذه هى المرة الأولى التى يشهد فيها هجوما على الكنيسة، التى يخدم فيها منذ أكثر من 10 سنوات». وقال نادر نبيل هو من سكان حلوان ويصلى فى كنيسة مارمينا: «شاهدت موتوسيكلا يستقله ثلاثة إرهابيين، نزل منه اثنان وقف الأول الذى كان ملثما فى الشارع بسلاحه أمام باب الكنيسة، ووقف الثانى الذى كان يرتدى خوذة على رأسه فى الشارع الجانبى». وأضاف ل«الشروق» من داخل الكنيسة أمس: «الملثم صوب سلاحه تجاه أمين الشرطة الذى كان يقف وحده، فيما كان أمين الشرطة الثانى داخل الكنيسة، وحين خرج تلقى رصاصة فى قدمه، ثم وجه الإرهابى رصاصاته تجاه محل العجايبى، وهو محل لتوابيت الموتى للمسيحيين، وكان المحل مفتوحا، واستشهد صاحباه وديع وإيفلين، وأصيبت ابنتهما كريستين». وواصل: «بعد ذلك وجه الإرهابى ذخيرته ناحية الباب الذى أغلقناه، لكنه كان يطلق رصاصه بشكل عشوائى، إلى أن جاءت قوة من القسم من الشارع الغربى، وهاجمه الأمن والأهالى ناحية شارع الدسوقى». وقال بيتر ناجى، وهو خادم فى مارمينا: «أنا أخدم فى الكنيسة منذ عام، القداس الصباحى انتهى فى العاشرة والنصف صباحا، وذهبت لشراء إفطار فسمعت أصوات إطلاق رصاص، وفوجئت بشخص يطلق النار تجاهنا، ثم قتل أمين الشرطة الذى كان متواجدا فى الخارج، لأن تسليحه كان ضعيفا، وأطلق الرصاص على الباب الرئيسى الحديدى واخترقت الرصاصات الباب الزجاجى الداخلى كما تعرضت البوابة الإلكترونية لعطل جراء إطلاق الرصاص. وأضاف ل«الشروق»: «الناس فى الشارع قذفوا الإرهابى بالحجارة والخشب، لكنه كان قد قتل نحو 4 أشخاص، وأثناء محاولتنا سحب جثامينهم تحرك الإرهابى الثانى وصوب طلقات نارية تجاهنا». وقال عماد، وهو أحد أقارب نيرمين صادق، إحدى شهداء الحادث، التى يقع منزلها فى عقار مواجه للكنيسة مباشرة، ل«الشروق»: «ما رأيناه بعيننا أن الإرهابى ظل يتحرك فى الشارع أكثر من 15 دقيقة، وفى طريقه صادف الشهيدة نيرمين ووجه صوب على رأسها طلقتين، بينما كانت ذاهبة بابنتيها نسمة وكارول إلى مدارس الأحد، وحين صورناه وجدنا بحوزته قنابل كان متأهبا لتفجيرها».