رفعت الحكومة السودانية حالة الاستنفار الأمنى إلى درجتها القصوى استعدادا ليوم الرابع من مارس المقبل، وهو الموعد الذى ستصدر فيه المحكمة الجنائية الدولية قرارها ردًا على طلب مدعيها العام لوريس مورينو أوكامبو بتوقيف الرئيس السودانى عمر البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى دارفور. من جانبه، طالب اتحاد المحاميين السودانيين بطرد البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية العاملة فى البلاد المؤيدة لقرار المحكمة الجنائية الدولية، معتبرا أن ذلك يعد مساسًا بالأمن القومى، وقال نقيب المحامين السودانيين فتحى خليل فى تصريحات خاصة ل«الشروق» إن كل القيادات الحزبية والنقابية تقف مع البشير ضد المحكمة، موضحًا أنه حتى فى حال صدور قرار بالتوقيف، فإن هذا لا يعنى الإدانة. وأضاف: «لا أوكامبو ولا مجلس الأمن يستطيعان فعل أى شىء سوى فرض عقوبات اقتصادية على السودان، ومناشدة الحكومة السودانية للتعامل مع المحكمة». وشدد خليل على عدم امتلاك مجلس الامن لأية آليات لتنفيذ قرار المحكمة، وأوضح أن كشيب قائد الجنجويد المطلوب لدى المحكمة الجنائية يتم الآن التحقيق معه بناء على تقارير لجان تقصى حقائق سودانية، مؤكدا أن السودان لن يتعامل مع المحكمة ولن يعترف بها ولن يسلم أى شخص سودانى لها. كما قال مندور المهدى، الأمين السياسى لحزب المؤتمر الوطنى الحاكم، فى تصريحات خاصة ل«الشروق» إن السودان بإمكاناتها وجيشها لن تسمح بأى تهاون يمس أمنها. وأضاف أن الخرطوم جاهزة لاستقبال القرار المتوقع وأن حكومته «تجهز ردا على هذه المذكرة». وحسب المهدى، فإن الخرطوم تحاول بناء «جبهة معارضة لقرار المحكمة الجنائية الدولية على الصعيد الخارجى» متمثلة فى الاتحاد الافريقى والجامعة العربية ودول عدم الانحياز ومجموعة ال77 والدول الباسيفيكية وروسيا والصين. وردا على تصريحات خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة بالإطاحة بالنظام فى حال صدور قرار بتوقيف البشير، قال الأمين السياسى للمؤتمر الوطنى: «إن حركة العدل والمساواة ليست لديها القدرة على أن تفعل أى شىء على الأرض». واتهم المهدى الحركة، التى وقعت أخيرا مع حكومة الخرطوم إعلان نوايا للسلام فى العاصمة القطرية الدوحة، بأنها «لا تريد السلام»، وأنها «زودت المحكمة الجنائية الدولية بمعلومات استخدمت ضد الرئيس البشير». كما نفى المهدى أى تأييد للحركة الشعبية (حكومة الجنوب) للمحكمة قائلا إن الحركة الشعبية كونت لجنة مختصة ضد إيقاف الرئيس، فهى جزء من حكومة الوحدة الوطنية، وأكد أن الحركة لن تعلن الانفصال من جانب واحد، وأن اتفاقية نيفاشا تعطى حق تقرير المصير للجنوبيين فى 2011 وليس الآن. ومن جانبه قال عبدالرحمن خليفة عضو الوفد الحكومى المفاوض فى الدوحة إن حكومته ستستمر فى التفاوض مع خليل إبراهيم رئيس حركة العدلة والمساواة على الرغم من تأييده للجنائية وعلى الرغم من تصريحاته حول الإطاحة بالنظام مؤكدًا أن ما يقوله خليل لن يثنى الحكومة السودانية عن الاستمرار فى ركب السلام. من ناحية أخرى، أرسلت الحكومة السودانية إلى القاهرة وفدا وزاريا من حكومة الوحدة الوطنية لإجراء مباحثات مع وزارة الخارجية المصرية حول تفاقم ظاهرة تسلل بعض السودانيين إلى إسرائيل عبر الحدود المصرية، وسيسعى الوفد إلى توفيق الأوضاع القانونية للاجئين السودانيين بالقاهرة، كجزء من مواجهة هذه الظاهرة. وأكدت مصادر أن المفوضية العليا لشئون اللاجئين، عبر مكتبها بالقاهرة، ستكون طرفا فى دعم جهود العودة الطوعية. ورجحت المصادر نفسها أن تتطرق المشاورات إلى وضع الترتيبات اللازمة للاتفاقية الثلاثية الخاصة باللاجئين بين الحكومتين السودانية والمصرية ومفوضية اللاجئين. وقال السفير محمد عبدالله عضو الوفد فى تصريحات خاصة ل«الشروق» إن الوفد بحث العودة الطوعية لحوالى 18 ألف لاجئ سودانى، 3 آلاف منهم من جبال النوبة، وألفان ونصف الألف من دارفور وعشرة آلاف من جنوب السودان وحوالى ألف ونصف الألف من سنار، مشيرًا إلى أنه سيتم ترحيلهم بعد انعقاد اللجنة الوزارية. ومن جانبه أعلن السفير على الصادق عن وجود تنسيق بين سفارة السودان بالقاهرة ووزارة الداخلية المصرية حول كيفية التعامل مع اللاجئين السودانيين فى مصر وتسهيل عودة من يرغب فى ذلك. وأضاف أن حكومته لن تدير ظهرها لجهود تحقيق السلام فى دارفور أو نشر قوات حفظ السلام وفقا لتعهداتها السابقة، حتى فى حال صدور قرار بتوقيف البشير. وحول تداعيات القرار أكد الصادق أن حكومته ستحسم أى إنفلات أمنى أو شغب يستهدف البعثات الدبلوماسية للدول المؤيدة للقرار.