الأهالى أغلقوا الطرق الفرعية بعد علمهم باستهداف «داعش».. و5 أضرحة وشيخ تسعينى ورموز صوفية أبرز ضحايا التنظيم فى 7 سنوات إصابة إمام المسجد بعد خطبته عن الرسول.. وأهالى: الإرهابيون دخلوا بكلاشينكوف وملابس عسكرية وطاردوا المصلين بطلقات فى الرءوس.. و3 مقابر جماعية لدفن الجثث أحد المسلحين: لن نترك فى المنطقة غير الموحدين.. والمستشفيات تتحول إلى ساحات تضامن شعبى لم يكن يتوقع أهالى مركز بئر العبد فى شمال سيناء أن يكون أشهر مساجدهم الروضة ساحة لأكبر حادث إرهابى تشهده مصر، وأولها ضد مدنيين فى دار عبادة. تتبع قرية الروضة مركز بئر العبد إداريا، وتضم المسجد الشهير بمئذنته المرتفعة وقبته البيضاوية التى تشبه عمم فرق المولوية الصوفية، فيما تبعد نحو 20 كيلومترا غرب مدينة العريش، وتحاذى الطريق الدولى الساحلى الرابط بين القنطرة شرق والعريش، حيث يقع المسجد بين اتجاهى الطريق، وتجاوره زاوية الطريقة الجريرية الأحمدية، التى يعقد فيها الأهالى ليالى الذكر الصوفية. القرية التى يقطن بها أكثر من 3 آلاف أسرة، غالبيتها من قبيلة السواركة، خاصة عشيرة الجريرات، انضم إليها المئات من النازحين من قرى جنوب الشيخ زويد هربا من المعارك هناك، وأقاموا عددا من العشش للسكن فيها، فيما يمتهن غالبية السكان الزراعة الموسمية للشعير والقمح والبطيخ، بينما يعمل آخرون فى إنتاج الملح مع شركات استثمارية. وتضم القرية التى تتميز غالبية منازلها بالتصميم البسيط، عددا من مقار الخدمات الحكومية، من مركز شباب، إلى وحدة إسعاف، ومكتب بريد، ووحدة صحية، ومدارس، كما تنتشر فيها مقاه لخدمة المسافرين المارين من على الطريق الدولى الساحلى. تقول الروايات المحلية إن سكان القرية كانوا يعلمون أنهم مستهدفون من تنظيم «داعش» الإرهابى، وهو ما دفعهم خلال الأشهر الماضية إلى إغلاق الطرق الفرعية لمنع تسلل العناصر الإرهابية، بعد رصدهم فى المناطق الصحراوية على بعد كليومترات جنوب القرية، خاصة أن عددا من أبناء القرية فقدوا حياتهم برصاص تكفيريين، بتهمة التعاون مع قوات الأمن، كما تم تفجير ضريحين للطرق الصوفية فى مقابر القرية عام 2013، كما شهدت قرية مزار المجاورة لها تفجير ضريحى «شميعة» و«صبيحة» فى 2016. الصوفيون والإرهاب فى سيناء بدأت عمليات استهداف الشواهد التى ترتبط بالمذاهب الصوفية فى شمال سيناء، فى عام 2011، عندما فجر مجهولون ضريح الشيخ زويد فى مقابر مدينة الشيخ زويد بالعبوات الناسفة 3 مرات حتى تمت تسويته بالأرض، ويعتقد الأهالى أن الشيخ زويد هو أحد جنود الجيش الإسلامى الذى فتح مصر وتوفى فى أثناء مرور الجيش بقيادة عمرو بن العاص فى المنطقة، وتم دفنه هناك حتى سميت المدينة باسمه. وفى 2013، فجر مجهولون آخرون ضريح الشيخ سليم أبو جرير فى مقابر قرية مزار، وضريح الشيخ حميد أبو جرير فى منطقة المغارة بمركز الحسنة، كما تم تفجير ضريحى الشيختين «شميعة» و«صبيحة» فى قرية مزار غرب العريش عام 2016، وفى العام نفسه اختطف تنظيم «داعش» الشيخ المسن سليمان أبو حراز البالغ من العمر 98 عاما، قبل ذبحه ونشر صور الحادث على مواقع الإنترنت. وخلال العام الحالى، اختطف إرهابيون 7 من رموز الطرق الصوفية فى قريتى شيبانة والظهير جنوب الشيخ زويد ورفح، قبل إجبارهم على منع إقامة حلقات الذكر وأى مظاهر صوفية، الأمر الذى استدعى إغلاق غالبية الزوايا الصوفية، عدا زاوية ومسجد قرية الجورة التابع للطريقة الأحمدية العلوية، حيث تحاط القرية بقوات أمن كثيرة. تفاصيل ال 30 دقيقة التى استغرقها الهجوم، بدأت بحديث إمام المسجد التابع للأوقاف محمد رزيق عن ميلاد النبى عليه السلام فى خطبة الجمعة، قبل أن تدوى أعيرة نارية فى المكان بشكل كثيف، تدافع على إثرها المصلون للاحتماء من الرصاص، فيما أصيب الإمام فى ساقه لاحقا. ويقول محمد سلمى أحد الناجين: «سمعت أصوات انفجارات خارج المسجد، لكن لا أستطيع الجزم كيف حدثت»، فيما يؤكد سلامة زايد، أن 10 مسلحين دخلوا المسجد بملابس شبه عسكرية، بعضهم كان مكشوف الوجه، والبعض الآخر كان ملثما، وكانوا يحملون علم «داعش»، وشرعوا فى قتل المصلين دون تمييز. الشهود خارج المسجد تحدثوا عن وصول المسلحين بسيارات نصف نقل ودراجات نارية، موضحين أن عددا منهم ألقى قنابل يدوية خارج المسجد لمنع الأهالى من الفرار، فيما دخل آخرون يلقون الرصاص ببنادق كلاشينكوف، وروى محمد أبو سلمان من سكان المنطقة ل«الشروق»، أن أحد المسلحين كان يقول «لن نترك فى المنطقة غير الموحدين»، كما قال آخر «هذا جزاء من يهين المجاهدين». حسب روايات الأهالى، تكررت عملية إطلاق الرصاص داخل المسجد أكثر من مرة، حيث كان الإرهابيون يطلقون النار ثم يخرجون ويعودون مرة أخرى للإجهاز على من كانت تصدر منه حركة، كما لاحقوا من نجح فى الفرار، وضربوهم فى رءوسهم مباشر. بدأ عدد من الأهالى والناجين نقل ضحايا المذبحة بالسيارات إلى مستشفى بئر العبد الذى يبعد نحو 40 كيلومترا عن غرب القرية، قبل وصول سيارات الإسعاف تباعا، فيما تم إبقاء الجثث وجمعها داخل المسجد، حيث توافد الرجال والسيدات بحثا عن جثامين الأبناء والأزواج، وسط تعالى البكاء والصرخات فى مشهد غير مسبوق. وتحول المسجد إلى مشرحة واسعة لجثث الضحايا، حيث تم الدفع بلجنة حكومية لاستخراج تصاريح الدفن وإجراء المعاينات لتسريع عمليات نقل الجثامين، وقال وكيل وزارة التضامن الاجتماعى فى شمال سيناء الذى تواجد فى المسجد منير أبو الخير، إنه تم استخراج 300 تصريح دفن، وتم حفر 3 مقابر جماعية لدفن الجثث بعد تعرف ذويها عليها وإثبات بياناتها، مؤكدا صرف المستحقات المالية للشهداء والمصابين وفقا لبرامج التضامن الاجتماعية المتعارف عليها. وحول المنطقة، عقد مدير أمن شمال سيناء اللواء رضا سويلم غرفة عمليات مع قيادات الأمن، تحت حراسات مشددة، للمتابعة واستقبال التعزيزات، وتوجيه القوات المكثفة التى وصلت إلى المكان. تدفق مئات المواطنين إلى مستشفى العريش بعد علمهم بالحادث الإرهابى، للتبرع بالدماء للمصابين، وقال أحد المتطوعين إبراهيم أبو غريب، إن طوابير المتبرعين استمرت حتى ساعات متأخرة من مساء أمس الأول، فور سماع النداءات، حيث تحول الجميع إلى عمال خدمات معاونة لمساعدة الأهالى والممرضين ورجال الإسعاف. وأضاف أبو غريب أن الأهالى من جميع المراكز وصلوا متطوعين، ومنهم من ذهب إلى قرية الروضة للمساهمة فى عمليات الدفن، واستطرد: «مأساوية المشهد أكثر من أن توصف بكلمات، هناك أطفال مصابون، بعضهم فى حالة سيئة للغاية». وقال محمد سليم أحد الأهالى: «كلما سألت عن أحد من معارفى فى قرية الروضة يقولون إنه استشهد فى المذبحة، فحضرت إلى المستشفى لأراهم حتى لو كانوا جثثا».