درجنا على الحديث عن قلب المرأة وعزم الرجل فكأنما كان من نصيبها العاطفة وكان له العقل. فهل يختلف قلب المرأة عن قلب الرجل؟ قد يسارع البعض بالنفى إذ إن المعروف أن القلب تشريحيا هو قلب الإنسان رجلا كان أو امرأة. لكن إذا ما تطرقنا لأمراض القلب وأوجاعه فإن الأمر حتما يختلف إذ إن قلب المرأة بالفعل مختلف. رغم الاعتقاد والشائع بأن أمراض القلب تصيب الرجال بنسبة أعلى كثيرا من النساء إذ إنهم عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم ونسب الكولستيرول والدهون فى الدم أيضا هم أكثر عرضة للضغوط العصبية إلى جانب أن عدد المدخنين فيهم أكبر. إلا أنه أحد الاعتقادات الشائعة الخاطئة. أمراض القلب والشرايين تصيب المرأة أيضا ربما بصورة أقل خلال فترة نشاط الهرمونات إلا أنها تنال منها بصورة أكثر قسوة إذا ما أصابتها فى أيام الخريف فيما يسمى بالإصابة القاتلة. إلى جانب أنها تتعرض للكثير من متاعب القلب والدورة الدموية أثناء الحمل مما يجعل لها نصيبا يتساوى مع الرجل أو قد يفوقه من أوجاع القلب ولكنها المرأة: تعانى المرأة من متاعب الحمل ويعانى قلبها من أعباء وليدها الذى تستضيفه مما قد يصيبها ببعض المشاكل كاضطراب نبضات القلب أو أنيميا الحمل وربما ارتفاع نسبة الجلوكوز فى الدم بما يعرف بسكر الحمل. وقد تتعرض أيضا لارتفاع ضغط الدم الذى يقترن ببعض الظواهر المرضية مثل تسرب البروتينات من الدم للبول وتورم القدمين الناشئ عن احتباس السوائل فى الجسم. الهبوط بمعدل الضغط أمر هام يجب مراعاته خشية تطور الأمور لمضاعفات أكثر خطورة. تناول أدوية منع الحمل التى تحتوى هورمونات الاستروجين والبر جيستيرون يتضاعف خطرها لدى المرأة المدخنة إذ إن النيكوتين يحفز الدم على التجلط فيعرضها لخطر الإصابة بجلطة الشريان التاجى أو جلطات الأوردة العميقة فى الساقين التى قد ترحل لتستقر فى الرئة محدثة بها جلطة رئوية. كما أن حبوب منع الحمل تتسبب لها فى ارتفاع قياس ضغط الدم. تعد عوامل الخطر المعروفة كارتفاع ضغط الدم ومرض السكر والسمنة والتدخين أفدح أثرا على المرأة. كما أنها أكثر إصابة بما يسمى متلازمة التمثيل الغذائى Mrtabolic Syndrom وهى المتلازمة التى تضم سمنة البطن خاصة، وارتفاع ضغط الدم والسكر. على عكس ما يعرف عن المرأة من عدم تحملها للألم فإن أعراض الذبحة الصدرية عند المرأة ربما كانت سببا فى الخطأ فى تشخيصها. فبينما يشكو الرجل من آلام حادة بالصدر وإحساس بالاختناق وعدم القدرة على التنفس والتعرق الزائد وربما غياب الوعى تشكو المرأة من بعض من عدم الارتياح فى منطقة الصدر أو العنق وبعض من الدوار أو الإجهاد غير المبرر. شكوى محدودة مبهمة قد لا تعبر عن معركة حقيقية بين عضلة القلب وشرايينه تنتهى إلى دمار جزء كبير من عضلة القلب يعلن عن نفسه فى الفحوصات التى يتم أجراؤها فيما بعد. قد تخضع المرأة لفحوص طبية كثيرة لكنها لا تعلن صراحة عن وجود مرض بالشرايين وأهمها فحوص القسطرة القلبية التى قد تشير إلى أن الشرايين التاجية الثلاثة الرئيسية سليمة بينما الواقع أن الإصابة منتشرة فى شرايين صغيرة متناهية الصغر قد تلحق بعضلة القلب ضررا بالغا لا يمكن تفاديه. لذا فإعادة تقييم الحالة بطرق أخرى غير مباشرة قد تفصح عن حاجة القلب لمزيد أن التروية مثل إجراء فحص المسح الذرى أو التصوير بالصدى الصوتى الذى يعطى صورة حقيقية لكفاءة القلب خاصة البطين الأيسر. حينما تنحسر الهورمونات بعد فترة الخصوبة تتعرض المرأة للعديدة من الأخطار التى قد تصيب قلبها بالعطب وتزيد من حدة خسارتها إذا ما تعرضت للإصابة بالجلطة القلبية. وما يزيد الأمر سوءا ارتباط إصابة القلب بالأعراض الاكتئابية التى تتعرض لها المرأة بصورة أكثر من الرجل وتستوجب بالطبع علاجا حاسما يساهم فى نجاحه وجود الدفء الأسرى ومساندة الأصدقاء. علاج المرأة قد يختلف عن الرجل مع الوقت الذى يصف الطبيب للرجل الاسبربين كوقاية من أمراض الشرايين يتناوله يوميا فإن الاسبرين لا يحقق ذات الهدف للمرأة. لا تتأثر المرأة كثيرا بالاسبرين فشرايينها تمارس نوعا من المقاومة لفعل الاسبرين Asprin resistance لذا فهو لا يندرج تحت قائمة الأدوية التى تستخدم للوقاية الأولية من أمراض الشرايين التاجية لدى المرأة. تظل الإصابة بالحمى الروماتيزمية وما يتبعها من تلف لصمامات القلب قد يتطلب تغييرها أو إصلاحها جراحيا أحد أمراض قلب المرأة أيضا خاصة فى بلاد مازالت تعانى منها مثل بلادنا. جراحة تغيير صمام القلب جراحة تحتاج مراكزة متخصصة. وتكلفة عالية. كما أنها تخضع المريضة لتناول الأدوية المسيلة للدم مدى الحياة وتبدو مشاكلها تنذر بعواقب وخيمة خاصة إذا ما فكرت المرأة فى الحمل فإن النزيف يتهددها عند الولادة وربما فقدت حياتها رغم الرعاية الطبية والمتابعة. نصيب المرأة من عيوب القلب الخلفية (Congenital Heart disiases) أيضا عادة أكبر من الرجل فالعديد منها تفوق نسبة إصابة الإناث إصابة الذكور كمضيق الصمام الرئوى وارتفاع الضغط الشريانى الرئوى وغيرها من العيوب الخلفية.