نشرت وكالة قدس نت مقالا ل«لبيب قمحاوى» المفكر والمحلل السياسى حول الأوضاع التى تمر بها الدولة الفلسطينية وما يحدد مسارها وعلاقة النظام العربى بذلك وموقفهم تجاه القضية. يستهل الكاتب المقال بما يحدث لفلسطين والتأكيد أنها ليست بخير وأن العرب كذلك سواء كأمة أو كشعوب أو كدول. القضية الفلسطينية والوضع العربى مرتبطان يؤثر أحدهما بالآخر ويتأثر به إن كان سلبا أو إيجابا. والعبث بالثوابت قد أدى إلى فقدان الفلسطينيين للضمانات التى حرصوا على وجودها وحمايتها منعا لانزلاق قضيتهم إلى مسارات ومتاهات لن تنتهى إلا بتآكل حقوقهم ومن ثم ضياعها كاملة. القضية الفلسطينية لم تعد «تراوح مكانها» بل أصبحت فى الواقع قيد التصفية بعد أن تم العبث بثوابتها وتم تعديل الميثاق القومى ومن ثم الوطنى الفلسطينى إثر اتفاقات أوسلو. إن ما يحدد مسار القضية الفلسطينية الآن هو السلطة الفلسطينية وهى فى واقعها الحالى جزء عضوى من مؤسسات الاحتلال العاملة فى الضفة الفلسطينيةوغزهالفلسطينية، وهى بحكم سيطرتها على منظمة التحرير الفلسطينية وابتلاعها لها قد أصبحت الناطق باسم الشعب الفلسطينى، كون المنظمة هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى بحكم كونها قائدة لمسار الكفاح والمقاومة، وهو المسار الذى استمدت منه المنظمة شرعيتها. والمؤلم هو أن القيادة الفلسطينية وليس إسرائيل هى التى قامت بإفراغ المؤسسات الفلسطينية المنبثقة عن منظمة التحرير من أى محتوى حقيقى أو فعالية وحولتها إلى عنوان ورمز أكثر منها محتوى وواقع وفعالية. إن فاقد الشىء لا يعطيه، والسلطة الفلسطينية التى لا تملك من أمرها شيئا بقيت متمسكة بالبقاء، معتبرة ذلك انجازا وطنيا ومكسبا للشعب الفلسطينى. وفى كل الأحوال فإن التطورات الجديدة على الساحة الفلسطينية وأهمها وأخطرها حالة الانقسام الفلسطينى الحاصل بين غزهالفلسطينية والضفة الفلسطينية سوف تَصْبُغُ حُكْما واقع ومستقبل تلك المناطق. من جهة أخرى يرى «قمحاوى» أن الحل الحقيقى يتمثل فى التحرير والنضال المستمر من أجل ذلك الهدف. وإلى أن يصبح ذلك ممكنا، يستطيع الفلسطينيون مرحليا رفع شعار الدولة الواحدة الديمقراطية على أرض فلسطين التاريخية عوضا عن مطلب الدولتين كما هو عليه الحال الآن، واستبدال عنوان الاحتلال بعنوان التمييز العنصرى ضد المواطنين الفلسطينيين تحت الاحتلال، واعتبار كل ذلك العمود الفقرى للمشروع الوطنى الفلسطينى فى الحقبة المقبلة بهدف منع التنازلات الاستسلامية الفلسطينية والعربية. فالابتعاد عن الجمود، والذكاء فى طرح البدائل دون المساس بالثوابت، هو المسار المنطقى للفلسطينيين فى ظل الظروف السائدة. *** المسار العربى أكثر كارثية من المسار الفلسطينى كونه قد جاء فى تنازلاته طوعا ودون أسباب ضاغطة. فقد انتقل العرب من كونهم ظهيرا لقضية فلسطين والفلسطينيين إلى موقع يمكنهم من استعمال قضية فلسطين كظهيرٍ لهم فى محاولاتهم المستميتة لكسب ود أمريكا عن طريق محاباة إسرائيل. وبالرغم من كل مؤامرات ومساعى الأنظمة العربية تبقى الحقيقة الأساسية ألا مستقبل لأى حل عربى إسرائيلى دون أن يكون الشعب الفلسطينى وحقوقه الوطنية محوره. إن الانطباع الخاطئ الذى تخلقه التنازلات السريعة والمجانية من السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية سوف يساهم بالتأكيد فى تعقيد الأمور بشكل متزايد وليس فى حلها كما يعتقد أولئك المسئولون الفلسطينيون والعرب، كونه يتجاهل ويستثنى موقف الشعب العربى الفلسطينى الرافض للاحتلال بالرغم عن أى تنازلات أو اتفاقات، والحال نفسه ينطبق، وإن بدرجات متفاوتة، على شعوب الأمة العربية. وهكذا فإن اعتبار إسرائيل للتنازلات القادمة من القيادات الفلسطينية والعربية حقا مكتسبا وواقعا حتميا سوف يؤدى إلى نتائج خاطئة كون صراع إسرائيل هو مع الشعوب العربية ومنها الفلسطينيون وليس مع الأنظمة. *** ختاما.. يقول الكاتب: إن الفلسطينيين والعرب غير قادرين حاليا على صنع النصر وغير قادرين على صنع السلام أيضا، وجل ما هم قادرون عليه هو صنع الاستسلام، وفى ذلك المسعى سوف يجدون فى إسرائيل شريكا نشطا وداعما يرعاهم ويرعى مسيرتهم الاستسلامية نظاما نظاما وحاكما حاكما إلى أن يقول الفلسطينيون والشعوب كلمتهم إنْ عاجلا أم آجلا. قدس نت فلسطين لبيب قمحاوى