إنشاء كليات وجامعات جديدة.. أبرز قرارات مجلس الجامعات الخاصة مايو 2025    فى ختام التعاملات.. أسعار الذهب فى مصر اليوم    الحوثيون: خسائر الغارات الإسرائيلية والأمريكية على موانئ الحديدة تناهز 1.4 مليار دولار    محافظ الغربية يهنئ نادي مالية كفر الزيات بتأهله إلى دوري المحترفين    مانشستر يونايتد يحسم صفقته الصيفية الأولى    محمد صلاح: أتمنى أن أتوج ببطولة مع منتخب مصر.. وكوبر الأذكى    حسم المقاعد الأوروبية والهابطين.. نتائج مباريات الجولة الأخيرة من الدوري الإيطالي    نماذج امتحانات البلاغة والصرف والنحو لالثانوية العامة الأزهرية 2025 بنظام البوكليت    مصرع 3 عمال في بيارة صرف صحي بالإسماعيلية    مصابان بحروق في حريق مصنع طوب بالبدرشين    ختام مثير للدورة الثامنة والسبعين لمهرجان كان السينمائى    تامر حسني: مسلسل آدم سبب غيابي عن الدراما | خاص    محمد صلاح: أستطيع اللعب حتى سن ال40 والريال وبرشلونة مش فى الصورة    تكريم نجوم وفريق عمل "لام شمسية" في حفل جوائز كأس إينرجي للدراما    وكيل صحة بالمنوفية يتفقد أعمال التدريب بالمركز الصحي بأشمون    الملك عبد الله الثاني يوجه كلمة للأردنيين بمناسبة ذكرى الاستقلال ويثير تفاعلا    بعد اعتباره فائزًا.. ماذا يحتاج النصر للتأهل لدوري أبطال آسيا للنخبة؟    كيف أطاحت نكتة بوزير ياباني من منصبه؟    قادة "آسيان" يعقدون قمتهم ال 46 في ماليزيا غدًا الاثنين    حفل كأس إنرجي للدراما يكرم نجوم موسم رمضان 2025    شهباز شريف وأردوغان يؤكدان تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين باكستان وتركيا    تنفيذ أضخم مشروع جينوم بالشرق الأوسط وتسليم عينات جينوم الرياضيين    ماذا قال "سفاح المعمورة" أمام جنايات إسكندرية؟    تامر حسني يصل العرض الخاص لفيلمه الجديد «ريستارت» | صور    4 أبراج «بتفتكر إنها محسودة».. يفقدون الثقة في أنفسهم ويعانون من تقلبات مزاجية    أحكام الحج (1).. علي جمعة يوضح ما هو الحج وحكمه وفضل أدائه    ما حكم سيلفي الكعبة المشرفة؟ عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى تجيب    «نقل البرلمان»: توافق على موازنة جهاز تنظيم النقل البري الداخلي والدولي    وزير المالية الألماني يبدي تفاؤلا حذرا حيال إمكانية حل النزاع الجمركي مع واشنطن    تطوير خدمات طب العيون بدمياط بإمداد مستشفى العيون بجهاز أشعة مقطعية متطور    قريبًا.. انطلاق برنامج "كلام في العلم" مع دكتور سامح سعد على شاشة القناة الأولى    رئيس نابولي يؤكد اهتمام ناديه بضم دي بروين    هل السجود على العمامة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح الأفضل شرعًا    قبل أيام من قدومه.. لماذا سمى عيد الأضحى ب "العيد الكبير"؟    أبوتريكة يحدد الأندية الأحق بالتأهل لدوري أبطال أوروبا عن إنجلترا    وزير الخارجية والهجرة يلتقى مع وزير الخارجية النرويجي    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    وزارة الداخلية تواصل تسهيل الإجراءات على الراغبين فى الحصول خدمات الإدارة العامة للجوازات والهجرة    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ بني سويف يلتقي وفد القومي لحقوق الإنسان    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    انتظام كنترول تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    لخفض البطالة.. كلية الاقتصاد جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    «ليلة التتويج».. موعد مباراة ليفربول وكريستال بالاس والتشكيل المتوقع    أول رد من «الداخلية» عن اقتحام الشرطة لمنزل بكفر الشيخ ومزاعم تلفيق قضية لأحد أفراد العائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميّل ل«الشروق»: الحكام العرب عاملوني بشراسة.. والقذافي دعاني للإسلام
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 01 - 2017

الثورات العربية تم اختراقها وتحييدها عن مسارها الطبيعى.. ولا حل ولا استقرار ولا سلام للعرب دون مصالحة بين مصر والسعودية
حكامنا مشروع سلطة لا مشروع وطن.. والمواطن ينقض على المستبدين حين يشعر بضعفهم
الديمقراطية ليست اختراعًا غربيًا.. وأدعو العرب إلى الحوكمة الصالحة
توقعت ما حدث فى «الربيع العربى» لأن الزوال مصير البناء على الرمال
كان هدفى من اتفاق 17 مايو (أيار) تحرير لبنان.. ومصر لم تتحرر إلا بعد كامب ديفيد
إسرائيل دولة عدو وليست جمعية خيرية.. والجهل أخطر ما يهدد العرب
إذا كنا نريد مصلحة الشعوب فلابد من الموازنة بين الأمن والحرية فى زمن الإرهاب
لبنان حافظ على توازنه بسبب قيمة «الحوار» التى سنحافظ عليها برموش العين.. وقبول الآخر شرط الاستقرار وشرط ممارسة الإنسانية
علاقتى بمبارك كانت ممتازة وكنا كلما طلبنا دعمًا من مصر وجدناه
لم يكد الرئيس اللبنانى الأسبق أمين الجميّل ينتهى من تلقى العزاء فى وفاة شقيقه الأصغر بشير، الذى اغتيل بعد ثلاثة أسابيع فقط من انتخابه عام 1982 رئيسا للبنان، حتى خلفه فى الرئاسة قبل نهاية العام نفسه.
وارتبط اسم الجميّل، المولود عام 1942 فى بلدة بكفيا بجبل لبنان لأسرة يمتد تاريخها لنحو خمسة قرون، باتفاق السابع عشر من مايو (أيار) عام 1983، ذلك الاتفاق الذى أبرمه مع الإسرائيليين برعاية أمريكية، وأثار غضبا واسعا، ولم يعش أكثر من تسعة أشهر وثمانية عشر يوما، حيث اضطر لإلغائه فى الخامس من مارس عام 1984 بعد استهداف القوات الفرنسية فى بلده.
وكان الاتفاق، الذى جاء بعد الاجتياح الإسرائيلى للبنان عام 1982، يرهن انسحاب إسرائيل من لبنان بخروج القوات السورية ومنظمة التحرير الفلسطينية وعدم نشر أسلحة ثقيلة جنوب البلاد.
ست سنوات قضاها الجميّل بين عامى 1982 و1988 فى حكم بلده المعروف بأنه «مرآة العرب»، وفى مرحلة بالغة الخطورة من الحرب الأهلية اللبنانية التى استمرت ما بين عامى 1975 و1990.
ثلاثون عاما إلا قليلا مرت على ترك الجميّل نجل الشيخ بيير الجميّل مؤسس حزب الكتائب ورئيسه لأربعة عقود مقعد الرئاسة، رأى فيها أخيرا، رئيس حكومته سابقا العماد ميشال عون، يعود مجددا، ومن أوسع الأبواب، لقصر بعبدا الجمهورى.
وعلى الرغم من انشغال الجميّل، خريج القانون والعلوم السياسية وعضو المجلس الوطنى سابقا، فى مؤسسة بحثية حاليا، إلا أنه يؤكد فى السطور القادمة من حواره مع «الشروق» والذى أجريناه بالقاهرة على هامش حضوره مؤتمر مكتبه الإسكندرية «الأمن الديمقراطى فى زمن التطرف والعنف»، على الصلة الوثيقة بين البحث والسياسة... وإلى نص الحوار:
أريد أن أبدأ معك من الانتساب المصرى فى شخصية أمين الجميّل.
علاقاتنا مع مصر علاقات مميزة، ونعتبرها الراعى الأول لكل الشئون العربية. على مدى التاريخ تولت مصر قيادة العمل العربى، ونأمل أن تعود لهذا الدور الطبيعى. أما إذا كنت تقصد علاقتى العائلية، فوالدتى مصرية ولدت فى مصر وعاشت فى بلدة المنصورة ولم تزل عائلتها موجودة فيها.
ولاشك أن هذا التنوع فى العائلة، موضوع غنى يعطى بعدا شديدا للإنسان وأنا فخور بالانتماء للبنان ولجذور مصرية.
توليت المسئولية فى فترة من أحرج الفترات (1982 1988).. كيف تنظر اليوم إلى ما يمر به العالم العربى؟
العالم العربى يتخبط فى مشكلات عديدة، فمنذ خرج من حقبة الانتداب والاستعمار وكأنه لم يتعلم حقيقة من تجارب الماضى فهو يكرر تلك الأخطاء، وبدلا من أن يتحرر من قيود الاستعمار والانتداب والاحتلال، خلق مشكلات جديدة ذاتية من الداخل، وهى عدم استيعاب ضرورة الحوكمة الصالحة فى البلدان.
وهناك مسئولية كبيرة على عاتق المسئول العربى والمجتمع المدنى العربى فى عدم مواكبة الحداثة بشكل جدى وبشكل عملى، وهو ما يعرض العالم العربى لمزيد من الانتكاسات.
بالإضافة إلى أن هناك بعض العناصر التى يجب أن نتوقف عندها، وهى: أولا الحوكمة الصالحة، ونعرف تماما أن مشروع الحكام إجمالا فى العالم العربى هو مشروع سلطة وليس مشروع إقامة وطن، وهذا له انعكاس على حسن سير المؤسسات من فقدان الحوكمة الصالحة والمسئولة.
اهتمامنا كعرب يتركز على السياسة والمصلحة الآنية الذاتية على حساب المصلحة الوطنية، هذا ما نعنيه بالحوكمة القائمة اليوم البعيدة كل البعد عن الحوكمة الصالحة.
أما موضوع التربية، فهناك تقصير كبير على صعيد التربية، لأن التربية هى تربية النشء على حس المسئولية والحرية وإدراك مصالح البلد.
العنصر الآخر هو الاقتصاد؛ هناك ثروات طائلة فى العالم العربى، ولم نحسن استثمار تلك الثروة، وهذا له تأثير على وضع البلاد ككل، فعندما تتعثر الخطة الاقتصادية أو يكون اقتصاد همجى أو فوضوى، فهذا يؤثر على التنمية وعلى كل القطاعات التى من شأنها أن تساعد فى تنمية البلاد.
كما لا توجد أى خطة جدية لوقف الفساد ولا أجهزة رقابة حقيقية، لأنه هذه الأجهزة ليست من مصلحة السلطات أو النظام لكى يهمل ثروات الوطن لأغراض سياسية سطحية أو لأغراض شخصية أنانية.
إلى أى مدى ترى أن كون حكامنا يمثلون مشروع سلطة لا مشروع وطن، يعزز شوكة الإرهاب؟
تابع لبعضه، فحين يشعر المواطن بأن الدولة لا ترعاه بما فيه الكفاية يلجأ إلى مراجع أخرى، لذلك أتت بعض الجماعات المتطرفة تقنع الشباب بأن الحل هو بهذه القراءة للدين وهذه الآلية الصالحة للإنقاذ من خلال التطرف والعنف السياسى والتعصب وإلى ما هنالك، وبالتالى أركز على الحوكمة الصالحة التى تقنع المواطن أنه مواطن درجة أولى وتعزز المواطنية عنده وتقنعه أن الدولة حريصه على مصالحه وعلى مستقبله.
وأركز على التربية لكون التربية العنصر الأساسى فى إبعاد الشباب عن التطرف والعنف، والاقتصاد لأنه يخلق نوع الحياة الكريمة للمواطن بما يحقق له حاجاته الأساسية، وبالتالى يقتنع بمنطق المؤسسات ومنطق الدولة ويبتعد عن منطق العنف والتطرف.
الحوكمة الصالحة، هل هى مرادف للديمقراطية على النظام الغربى أم أنها من الممكن أن تراعى ظروف بعض المجتمعات العربية التى لا تتوافر فيها شروط الديمقراطية الغربية؟
ليس الغرب الذى خلق الديمقراطية والحرية، نعرف تماما أن فى أوروبا خلال العصور الوسطى كانت العبودية موجودة والعنف والتسلط وكل أنواع الدكتاتوريات. ونحن فى العالم العربى كان لدينا نوع خاص من الديمقراطية.
الديمقراطية هى مفهوم الحرية وليست حكرا على أوروبا ولا على غير أوروبا، ونحن بإمكاننا كدول عربية أن يكون لدينا ديمقراطية ذاتية، المهم أن تحترم حقوق الإنسان وحريته، وتحقق التنمية الطبيعية، وتؤمن حياة كريمة للمواطن، وتشرك الإنسان العربى بإدارة شئون وطنه، هذه هى الديمقراطية الحقيقية، الديمقراطية ليست شعارا وإنما ممارسة، أن يتحمل المواطن مسئوليته ويشارك فى إدارة شئون الوطن، ويكون له دور فى رسم مستقبل البلد.
توجد تجربة فى مصر طويلة نحو ممارسة ديمقراطية صحيحة، وفى لبنان، وفى تونس أخيرا، وفى بعض الدول العربية. إذن موضوع الديمقراطية ليس ميئوسا منه إنما هناك لسوء الحظ بعض السلطات تمعن بفرض نوع من الدكتاتورية ونوع من حوكمة فاسدة ونوع من تربية غير صحيحة ومفسدة، وبالتالى تظهر هذه المشكلة.
أما فى الدول العربية، فهناك طاقات خيرة ومتقدمة، وكذلك الأمر هناك حوكمة طبيعية صالحة فى بعض الدول، ولدينا ثروة طبيعية طائلة، لماذا لا نستغل هذه الطاقات من أجل وضع العالم العربى على خط التنمية الكاملة ونحو التطور والحداثة.
حين كنت رئيسا للبنان عاصرت عددا من الحكام العرب الذين أطاحت بهم ثورات أو انتفاضات الربيع العربى.. هل كنت تتوقع أن ينتهى بهم الحال كذلك؟
نعم كنت أتوقع لأن كل شىء مبنى على الرمل يزول، وكل شىء غير طبيعى يزول، وهذه الدكتاتوريات وهذه الأنظمة لم تكن تعبر حقيقة عن مشاعر الناس، فمن الطبيعى أن يثور الناس عليها. وعندما يشعر المواطن بضعف المستبد ينقض عليه، ومن الطبيعى أن هذه الأنظمة المستبدة لم تحقق طموحات الشباب وبالتالى انتفض الشباب عليها، وإنما لسوء الحظ تم اختراق هذه الثورات وتحييدها عن مسارها الطبيعى.
إلى أى مدى حافظ لبنان على توازنه على الرغم من كل الخراب الذى ضرب العالم العربى فى السنوات القليلة الماضية؟
واقع الأمر يدل على أن لبنان على الرغم من كل الاضطرابات السائدة فى المنطقة حافظ على حد بعيد من الاستقرار، وسر هذا الاستقرار هو ثقافة الحوار التى يتمتع بها الشعب اللبنانى. بأحلك الظروف بقى الحوار قائما بين كل الأطراف وجنبوا لبنان الكوارث التى حلت بدول مجاورة.
هل ما زلت ترى صيغة النظام السياسى اللبنانى صالحة للاستمرار أطول أم أنها بحاجة لإعادة نظر؟
كل نظام بحاجة للتطوير، إنما مبدأ هذا الحوار الذى هو الحرية والانصهار بين كل مكونات المجتمع اللبنانى، كل هذه قائمة وسنحافظ عليها برموش العين، لأنها ميزت لبنان عن باقى الدول، وحفظت دور لبنان، وجعلت منه رسالة أممية حيث كل هذه المكونات من مذاهب وطوائف وملل تفاهمت على مصلحة مشتركة وقواسم مشتركة وأهداف وقيم مشتركة، وهى التى حفظت لبنان فى هذه المرحلة الصعبة بالمقارنة مع اقتتال مرير بين مكونات الشعوب المجاورة.
وقد حافظ لبنان على الاستقرار وعلى مبدأ الدولة والنظام، وإن كانت هناك مطالبات بتطوير هذا النظام.
قبل أن تترك الحكم فى لبنان بساعات أدخلت العماد ميشال عون قصر بعبدا الجمهورى رئيسا للحكومة، خرج بعد ذلك إلى المنفى مضطرا، ثم عاد أخيرا، وبعد سنوات طويلة، رئيسا للبنان.. كيف تنظر للرئيس عون ومشروعه فى الحكم اليوم؟
يقتضى ذلك أن ننتظر ونرى ممارسة الرئيس عون فى الحكم، وعلى ضوء ذلك يدلى الإنسان بوجهة نظره. علينا أن ننتظر بعض الوقت من أجل تقويم الواقع السياسى.
وماذا عن موقع حزب الكتائب فى اهتماماتكم حاليا؟
أنا الآن مسئول عن مؤسسة فكرية بحثية اسمها بيت المستقبل، أنشأتها منذ أربعين سنة، توقفت عن العمل بفترة معينة بسبب الغربة القصرية عن لبنان، واليوم نعيد إنشاء هذه المؤسسة الرائدة.
هل هذا يعنى أنه لا مجال ليعود أمين الجميّل للسياسة مرة أخرى؟
لا يمكن أن تفصل البحوث عن السياسة، فسياسة بلا بحوث تصبح عقيمة، وبحوث بلا سياسة تصبح بلا فائدة.
هل نتوقع إعادة ترشحك مرة أخرى لرئاسة لبنان؟
همى الآن هو الوضع الحالى، والمستقبل لله.
نعم.. لكن نتحدث عن احتمالات الترشح نفسها.
انتخبنا رئيسا لمدة ست سنوات.. وبعد الست سنوات يخلق الله ما لا تعلمون.
يتخوف كثيرون من تغير خريطة العالم العربى التى كرستها اتفاقية (سايكس بيكو).. هل تتوقع حدوث تغيرات لحدود بعض الدول فى تلك الخريطة؟
أعتقد أن المبادئ الأساسية لاتفاقية (سايكس بيكو) ستبقى كما هى، لكن قد نرى نوعا من إعادة رسم الخريطة السياسية الداخلية، ومزيدا من الحكم الذاتى، واللامركزية، وترتيبات جديدة على صعيدة الأنظمة، إنما على ما يبدو لا سوريا ستتغير جغرافيا ولا العراق ولا لبنان.
كيف يمكن مواجهة الدعوات الطائفية والمذهبية؟
بتشجيع الحوكمة الصالحة ومن خلال التربية لتنشئة الأجيال على أسس صحيحة، وتأمين رفاهية للشعوب، الشعب الذى يعيش فقيرا يلجأ دائما للتطرف، محاربة التطرف تكون بالحكم الصالح والاقتصاد والتنمية المتوازنة والتربية المنفتحة.
وكيف تنظر لوضع مسيحيى الشرق اليوم؟
ليسوا على أحسن حالاتهم، نعرف تماما أن الفئات المسيحية فى العراق تتعرض لهجمات مباشرة وكذلك الأمر فى سوريا ولبنان بقدر أقل ولكن الأمر كذلك وقد مرت مرحلة صعبة. أما فى مصر فنعرف أنه على الرغم من كل الجهود التى تبذلها السلطة لتعزيز الوحدة الوطنية فهناك صعوبات تعانى منها بعض الفئات.
عانيت الاغتيال مرتين.. من الشقيق الرئيس بشير الجميل عام 1982 إلى الابن الوزير بيار الجميل عام 2006.. كيف تنظر لفكرة الاغتيال الجسدى؟
عمل ليس موجها ضد المسيحيين، وإنما موجه ضد الإنسانية، نعرف تماما أن هناك العديد من المسلمين يضطهدون ويقتلون كل يوم، داعش لم تترك أحدا، وهو عمل ينطوى على أحادية فى المنطق غير مقبولة، قبول الآخر شرط الاستقرار وشرط ممارسة الإنسانية.
بم تفسير لجوء الإنسان إلى فعل القتل للتعبير عن موقف سياسى أو دينى؟
المسئولية عند طرفين؛ الطرف الأول هو: المبشرون بالدين، ونحن المسيحيين عشنا هذه المرحلة فى القرون الوسطى، حيث نظام المحاكم الدينية وكانت أعنف مما يحصل الآن، وكان يتم حرق الإنسان حيا، مررنا بهذه المرحلة وانتصرنا عليها، ونأمل أن يتمكن الإنسان العربى من الانتصار على هذه الحركات ويبنى المجتمع المتقدم، المنفتح، المجتمع الإنسانى. كلمة «إنسانية» مهمة. هناك مسئولية على رجال الدين وبعض المبشرين الذين يستعملون الدين لأغراض غير إنسانية.
أما الطرف الثانى فهو: بعض القادة أو بعض الدول التى تستفيد من هذه الشعارات وهذه الدعوات لتحقيق أغراض ذاتية ومصالح وطموحات.
حكمت لبنان على صفيح ساخن إن جاز التعبير.. هل لك أن تطلعنا كيف سارت الأمور وقتذاك مع الحكام العرب الذين أطيح بهم؟
كان همى مصلحة لبنان أولا وتنمية الوطن وتنمية قدراته وتحقيق الحياة الكريمة للشعب اللبنانى، وعلاقاتى مع الآخرين كانت على هذا الأساس، لم أكن أريد التدخل فى شئون الغير، أو ليس علىّ أنا شخصيا أن أقيّم مدى انسجام هذه السلطات مع رغبات الناس فى الدول الأخرى وطموحات الشباب. هذا شأن داخلى، وليس على أن أدخل بهذه التفاصيل.
كانت علاقاتى طبيعية مع الأنظمة القائمة والمسئولين دون تقييم لمدى تجاوبهم مع رغبات شعبهم.
ما أثير عن اتفاقية 17 مايو (أيار) ثم إلغائها.. هل كان لمصر دور من خلال حسنى مبارك أو غيره من رموز نظامه؟
كانت ظروف البلد صعبة جدا، حصل الاجتياح الإسرائيلى سنة 1982 وكانت إسرائيل محتلة كل لبنان وكان الهدف عندى أولا وآخرا تحرير لبنان بأقل ثمن ممكن.
نعرف تماما أن مصر لم تتحرر إلا بعد اتفاقية كامب ديفيد التى جرت بالتفاوض مع إسرائيل والتفاهم على قواسم مشتركة. نحن حاولنا التفاوض مع إسرائيل مع الحفاظ على مبدأ السيادة اللبنانية وعلى مصالح لبنان الحيوية.
هل تذكر مواقف محددة للحكام العرب وقتها مثل مبارك أو القذافى أو حافظ الأسد؟
تعاملوا بشراسة ضدى فى ذلك الوقت لمنع لبنان من أن ينفرد، كما حصل فى مصر وحصل فى الأردن، بالتفاوض مع إسرائيل وكان لأغراض ذاتية وليس حرصا على مصلحة لبنان.
حاربونى، والبعض هدد بصدور أمور فيما لو استمررنا فى التفاوض مع إسرائيل، إنما كانت مصلحة لبنان أن نتفاوض لأن إسرائيل محتلة ولا أعتقد أن إسرائيل جمعية خيرية على استعداد أن تحرر لبنان بدون تفاوض وبدون تسوية معينة، وهذا ما سعينا أن نقوم به مع الحفاظ بشكل أساسى على سيادة لبنان واستقلاله ومصالحه الحيوية.
بعد مرور كل تلك السنوات، كيف تنظر كمواطن عربى لبنانى إلى إسرائيل؟
إسرائيل دولة عدو، ولديها أطماع واضحة فى فلسطين وخارج فلسطين كما حاصل الآن فى الجولان فى سورية مثلا، وما دامت علاقتنا مع إسرائيل تحكمها اتفاقية هدنة 1949 حتى نصل إلى اتفاقية سلام معها، وإذا تحقق ذلك فإن الوضع بين لبنان وإسرائيل سيبقى بهذا الشكل.
هل تتوقع فى المدى المنظور أو البعيد أن تصبح إسرائيل جارة طبيعية للعرب؟
لا أعرف، حتى الآن على ما يبدو أن الاتفاق الإسرائيلى مع مصر اتفاق بارد، ومع الأردن اتفاق بارد، والأمور فى كل الأحوال مرهونة بأوقاتها.
كيف تنظر لفرص إقامة التوازن الممكن بين الأمن والحرية فى زمن الإرهاب وهو موضوع المؤتمر الذى حضرته أخيرا بالقاهرة ونظمته مكتبة الإسكندرية؟
إذا كنا نريد مصلحة الشعوب والديمقراطية والحرية، فلابد أن نصل لحل فى هذا الأمر.
ما أخطر ما يهدد العرب اليوم؟
هو هذه الأصولية، وأعتقد وراء الأصولية الجهل. الجهل أكثر شىء يهدد العالم العربى والإنسان العربى. ولا تعمل السلطات لمعالجة هذه العلة الأساسية والعاهة التى هى الجهل.
هل تذكر مواقف معينة جمعتك بالرئيس الأسبق حسنى مبارك؟
كانت العلاقة ودية جدا مع مصر فى حقبة الرئيس مبارك والعلاقات الإنسانية معه كانت دائما ممتازة، كان يتفهم تماما وضع لبنان، ولم يعمل يوما ضد مصلحة لبنان، وكان دائما يمد يد العون فى الظروف الصعبة.
هل من الممكن أن تذكر لنا موقفا محددا لهذه المساعدة؟
لا أذكر.. كنت على تواصل معه، ومصر كانت دائما تمد يد العون بصورة عامة، «ما كان فيه شىء محدد» كان ذلك سلوكا طبيعيا، وكنا كلما طلبنا دعما من مصر، كنا نجده دائما موجودا.
وفيما يخص الرئيس الليبى معمر القذافى..؟
(مقاطعا): الله يرحم كل هذه القيادات، دعنا ننظر إلى المستقبل ولا نعود إلى الوراء.
أود معرفة كيف جرت زيارتك للقذافى فى ليبيا حين كنت رئيسا للبنان؟
كان هناك صراع مرير بيننا وبين القذافى وكان موقفه سلبيا جدا من الحكم فى لبنان ومن سياسة لبنان، فتدخل ملك المغرب الحسن الثانى وأتم مصالحة مع ليبيا، ومنذ ذاك الوقت استقر الوضع نسبيا بين لبنان وليبيا.
وهل صحيح أن القذافى دعاك للإسلام فى لقائكما معا؟
(ضاحكا) صحيح.. قال لى فى إحدى الجلسات: «إنت راجل ممتاز وبدى تكون مسلم».
وماذا كان الرد من جانبكم؟
قلت له: بارك الله.. كلنا أبناء إبراهيم عليه السلام.
ما الذى تود أن تختم به هذا الحوار؟
مصر أم الدنيا، ومصر لابد أن ترجع تلعب دورها، والعالم العربى لن يستقر قبل أن تعود مصر تتعاون مع الأشقاء العرب، وتساهم فى معالجة المأساة التى يتخبط فيها العالم العربى.
فى ضوء ما تقول.. هناك من يرى أن العلاقة بين مصر والسعودية ليست على ما يرام؟
لابد من مصالحة بين مصر والسعودية، لا شىء يفرق بينهما، ومصيرهما مشترك، وعلى السعودية أن تتفهم واقع مصر وعلى مصر أن تتفهم واقع السعودية، ويكون هناك تفاهم بين الرئيس السيسى والملك سلمان بن عبدالعزيز، وذلك لخير مصر والسعودية والعرب أجمعين.
لا حل للعرب ولا استقرار ولا سلام فى العالم العربى مادام هناك هذا الخلاف، ومصر والمملكة بمقدورهما أن تلعبا دورا مهما جدا فى حل المشكلات العربية التى نتخبط فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.