علمت «الشروق» أن الإدارة الأمريكية طالبت موظفى البيت الأبيض ووزارة الخارجية بعدم الإدلاء بأى تصريحات حول «الأزمة السياسية» بين العراق وسوريا. فيما عاد السفير الأمريكى لبغداد كريستوفر هيل إلى واشنطن للإدلاء بشهادته أمام الكونجرس اليوم حول الأزمة التى اندلعت بين البلدين على خلفية تفجيرات «الأربعاء الأسود» (19 أغسطس) فى بغداد، التى أسفرت عن مقتل نحو 95 شخصا. وقد اتهمت بغداد دمشق بإيواء مطلوبين عراقيين، وتطورت الأزمة باستدعاء البلدين سفيريهما للتشاور. وقال مصدر سياسى رفيع ل«الشروق» فى واشنطن طلب عدم نشر اسمه «إن الرئيس الأمريكى باراك أوباما قرر عدم التدخل فى الأزمة؛ لسببين الأول هو التأكيد على أن (رئيس الوزراء العراقى) المالكى قادر على إدارة شئون العراق عقب الانسحاب الأمريكى دون أى تدخل من واشنطن حتى فى حالة اختلاف فريق أوباما معه، والثانى هو عدم وجود موقف موحد من العراقيين حول الأزمة؛ مما سيضع واشنطن فى حرج بين القوى السياسية فى بغداد فى حالة تبنى موقف المالكى أو معارضيه، وعلى رأسهم الرئيس العراقى جلال طالبانى». وأضاف المصدر أن الرسائل المتبادلة غير المباشرة بين واشنطن وبغداد الأسبوع الماضى، أكدت فيها الأولى «عدم وجود أدلة مؤكدة حتى الآن على تواطؤ سوريا فى التفجيرات». وحول سقف التصعيد، قال إنه «بالرغم من أن واشنطن قررت عدم التدخل، فإن الاتجاه داخل الخارجية ودائرة الشرق الأوسط فى مجلس الأمن القومى لن يدعم مطلب المالكى بتشكيل محكمة دولية». من جهته، قال المحلل السياسى العراقى فى واشنطن أحمد على إن «موقف القوى السياسية بالعراق سهل مهمة الإدارة الأمريكية، ووفر لها حجة قوية بعدم التدخل فى الأزمة». وأضاف على ل«الشروق»: إن «واشنطن تعول بشكل كامل على أنقرة، وهناك تنسيق كامل بينهما منذ تفجرت الأزمة»، مشددة على أن إدارة أوباما لا ترى أى مبرر حاليا لنسف الجهود التى بذلتها للتقارب مع سوريا بسبب لعبة سياسية داخل العراق. وتتسارع حاليا الجهود الرامية إلى احتواء الأزمة التى أخذت منحى مختلفا أمس الأول باعتراض مجلس الرئاسة العراقى على موقف المالكى، الذى اتهم سوريا بإيواء المسئولين عن تفجيرات «الأربعاء الدامى». ووصف الرئيس طالبانى موقف المالكى، الذى طالب بتشكيل محكمة دولية للنظر فى هذه التفجيرات والاتهامات التى وجهها لسوريا، بأنه «أمر غير قانونى». ودعا المجلس إلى تطويق الأزمة، وشددت على ضرورة مشاورته فى القضايا الرئيسة، وحث المجلس، الذى يضم الرئيس طالبانى ونائبيه عادل عبدالمهدى وطارق الهاشمى، كلا من بغداد ودمشق على التعاون لحل مشاكلهما بالحوار والقنوات الدبلوماسية لتفويت الفرصة على من وصفها ب«العناصر المعادية». واتهم المالكى قياديين بارزين من حزب البعث العراقى المنحل، يقيمون فى سوريا، بالوقوف وراء التفجيرات الأخيرة. وطالب دمشق بتسليمهم، لكنها رفضت؛ ما أدى إلى تصعيد الأزمة. معلقا على موقف مجلس الرئاسة قال نبيل محمد سليم أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد إنها «توضح غياب رؤية واحدة للسياسة الخارجية وأنها تدار حاليا من منظور حزبى». وأضاف أن «الدعوة إلى إنشاء محكمة دولية من حق رئاسة الوزراء، لكن يفترض وجود اتفاق داخلى عليها». وفى القاهرة أجرى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى مباحثات مطولة دامت أكثر من ساعتين مع وزير الخارجية العراقى هوشيار زيبارى مساء أمس الأول فور وصول الأخير إلى القاهرة للمشاركة فى أعمال مجلس وزراء الخارجية العرب أمس. ووصف زيبارى المباحثات مع موسى بالمهمة، مشيرا إلى أنه وضع الأمين العام فى صورة كاملة لكل تطورات ملف التوتر مع سوريا، التى وصفها أكثر من مرة خلال حديثه ب«الدولة الشقيقة». وأضاف أن «موقف الحكومة العراقية واضح وهو باتجاه العمل على تطويق الأزمة، ودعم ذلك من خلال بحث الخطوات التى يجب اتخاذها فى إطار عربى، ومن خلال الدور الذى تلعبه الجامعة العربية».