احتفى منتدى إذاعة البرنامج الثقافي مساء أمس، في قصر ثقافة الأنفوشي بالقاص السكندري محمد حافظ رجب (81 عام)، بحضور محمد إسماعيل مدير عام البرنامج الثقافي، حيث بدأ المنتدى بتقديم من الإذاعي ياسر زكي الذي ذكّر الحضور باهتمام دائرة المعارف البريطانية بالقاص والكاتب رجب، حيث أشارت إليه بحسبه مجدد القصة القصيرة في مصر. ثم تحدث القاص والكاتب سعيد الكفراوي، فأكد أن الحديث عن حافظ يدفعك إلى زمن وحركة الثقافة التي عاصرت ظهوره وإصداراته، فقد بدأ الكتابة قبل أن تبدأ جماعة الستينيات التجمع للكتابة على مقهى ريش حول نجيب محفوظ في ندوته الأسبوعية. كان حافظ رجب على حد قول الكفراوي محل إشادة من يحيى حقي وعمنا نجيب محفوظ، لقد اقتحم رجب كتابة القصة برؤى مختلفة وأوجد تيارًا جديدًا يوازي الوجودية والشيئية والواقعية الجديدة. وذكّر الكفراوى الحضور بمجموعاته القصصية: غرباء، الكرة ورأس الرجل، مخلوقات براد الشاى المغلي، حماصة وقهقهات الحمير الذكية، اشتعال رأس الميت، طارق ليل، رقصات مرحة لبغال البلدية، عشق كوب عصير الجوافة كما اشترك مع آخرين فى إصدار مجموعة باسم "العيش والملح". وأكد الكفراوي في نهاية كلمته؛ أن نصوص حافظ رجب أربكت الوسط الثقافي ومارست فعل الاحتجاج على الواقع وأوجه سلطاته المختلفة، فانقلب حلمه بالقاهرة العامرة إلى كابوس. أما د. مدحت الجيار أستاذ الأدب والنقد بآداب الزقازيق فقال إن الدافع إلى مقاومة التسلط السياسي والاجتماعي أو على الأقل إتقائه كان تلك الكتابة الغرائبية التي كان حافظ رجب أحد روادها. أعمال حافظ رجب تلخص الحياة المصرية في بعض القصص بل ربما تلخصها العناوين بل جملة أو اثنتين، ويكفي وجود رجب في القاهرة ليشتبك مع كل ما يرفضه بل ويكون مُغريًا للاشتباك معه ومهاجمته وكسب عداوة أقرانه. الناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا؛ ذكر بمقولة يحيى حقي إن محمد حافظ رجب "غيّر شكل القصة القصيرة ومضمونها كأنه يقفز بها إلى الأمام 30 سنة"، ويشرح عبد الرازق مقولة حافظ رجب "نحن جيل بلا أساتذة" أنها لا تعني رفضه الكامل للكُتاب والمبدعين الموجودين على ساحة الستينيات، بل معناها أنه متمرد على ما يبدعونه ويبلغهم أنه واحد من هذا السرب لكنه مختلف. كما أن الناقد الكبير عبد القادر القط تحدث عن حافظ وكتاباته قائلاً: "هذا الاتجاه إذا خلا من المبالغة وكان الكاتب متابعًا ومدركًا لتجربته فإنه جدير بالتشجيع وقد يُخلص القصة القصيرة عندنا من ما أصابها من الواقعية ونثرية مُسرفة باعدت بينها وبين الجمال فى التعبير والتصوير". ويحلل أبو العلا أن حافظ رجب لم يكن عبثيًا فى كتاباته بالمعنى المجرد بل إنه خلط بين الواقع وعبثية هذا الواقع ومزج بين الفنتازيا والواقع متجسدًا في شخصيات في الحياة، في لغة تتسم بالحس الشعري وثيق الصلة بالوجدان الداخلي. وجاء دور الكاتب والناقد منير عُتيبة منسق مختبر سرديات بمكتبة الإسكندرية الذي أكد علاقته بحافظ رجب في مقام علاقة الابن بأبيه، وأن تعرفه عليه صادف إجراء حوار معه ليُنشر فى الثقافة الجديدة عام 2011. واعتبر أن ملازمته لحافظ رجب لتسجيل حياته كشفت له الجانب الإنساني للمبدع الذي أثار جدلاً بحجم أهمية نتاجه الإبداعي. وكان حسن الختام مع الكاتب القاص والناقد جابر بسيوني الذي أطلع الحضور على حواراته مع حافظ رجب، وأكد أنه ليس في حاجة إلى رثاء من أحد بل الوقوف بالدرس والتمحيص في إنتاجه الذي كان في حينه سابقًا لعصره. ثم انتقل ضيوف المنتدى إلى منزل محمد حافظ رجب لتسليمه درع المنتدى الثقافي، نظرا لعدم تمكنه لأسباب صحية من الحضور إلى قصر ثقافة الأنفوشي.