مع اقتراب تحديد موعد المؤتمر الثاني للقصة القصيرة يدرس المجلس الأعلي للثقافة اسم الشخصية التي يجري تكريمها كرمز للقصة القصيرة الحديثة. وإذا كان المؤتمر الاول قد اختار القاص السوري زكريا تامر وأغفل القاص الكبير محمد حافظ رجب فإن المبدعين والمثقفين المصريين يعيدون التأكيد علي دور محمد حافظ رجب في حياتنا الابداعية وأنه لايقتصر علي الصيحة التي أطلقها في الستينيات نحن جيل بلا أساتذة كانت الصيحة تعبيراً عن موهبة حقيقية تتلمذت بالقراءة واكتساب الخبرات لكنها اهملت تلمذة التقليد والمحاكاة وحرصت ان يكون لها صوتها المتفرد محمد حافظ رجب قيمة ابداعية مهمة ولعله أهم الظواهر في مجال السرد القصصي منذ مطالع الستينيات حتي الان وإذا كان السادة مانحو جوائز الدولة يعرفون قيمة محمد حافظ رجب ويهملون منحة ارفع هذه الجوائز فتلك مصيبة اما إذا غابت قيمة الرجل عن إدراكهم فإن المصيبة تفرض السؤال: هل ندين هؤلاء الذين لايدرون. ام نتجه بالادانة إلي من أجلسهم حول الطاولة ليقرروا من يستحق التقدير ومن لا يستحق؟ يقول د. محمد علي سلامة: هذا مبدع أخلص نفسه لفن القصة القصيرة ونستطيع ان نقول إنه امتداد حداثي للكاتب الكبير يوسف إدريس من حيث التعبير البسيط والدقيق في آن واحد. استخدام لغة شفيفة تجذب القارئ وتحمل في رؤاها فضاءات ومدلولات واسعة شخوصة واقعية وإن جاءت بمسحه فانتازية مزيج رائع من الواقعي والمتخيل يمكننا القول إن محمد حافظ رجب كان له تأثير واضح في جيله جيل الستينيات وقاد التجريب في القصة القصيرة بفطرة ابتدعت عن الغموض المتكلف لذي أري انه يستحق التكريم بجدارة. فساد الجوائز ويشير الناقد شوقي بدر يوسف إلي انه عندما اعلنت النتائج الاخيرة لجوائز الدولة. وقرأ الاسماء التي فازت بها في المجالات الادبية تذكر بيت الشعر الذي قاله حافظ ابراهيم: فلا أنت يامصر دار الاديب.. ولا أنت بالبلد الطيب.. يضيف: تذكرت هذا البيت تعبيراً عن الفساد الذي شاب نتائج هذه الجوائز التي تجسد هذا الفساد وحضوره بكل قوة في الحركة الثقافية المصرية فقد كانت جوائز الدولة يشوبها الكثير من الشللية والتربيطات وغير ذلك من نزعات الفاسد القائمة في حركتنا الثقافية. كما تذكرت صورة وزير الثقافة في جلسات مجلس الوزراء ينظر في صمت إلي اليمين واليسار كالتائه. فبدلاً من أن نري انعكاس الثورة القائمة الان في كل مناحي الحياة خاصة في مجالات محاربة الفساد والارهاب والاهتمام بالامن والاقتصاد والتعليم نجد حركة سكون في وزارة الثقافة يتغلغل فيها الفساد داخل الوزارة بكل جنباتها وتظهر نتائجه واضحة أثناء منح جوائز الدولة هذا الحديث يتحدث به جميع المثقفين في مصر دون استثناء عندما نري أناساً يحصلون علي جوائز لا يستحقونها بالمرة. وهناك أدباء لهم بصمات قوية علي الثقافة والادب في مصر ويرون في الظل لا أحد يشعر بهم إلي الان وخير مثال علي ذلك الاديب السكندري محمد حافظ رجب: لماذا لا يحصل هذا الاديب الكبير الذي كانت له بصمة واضحة علي القصة المصرية في مصر والوطن العربي علي جائزة الدول التقديرية بينما نري أدباء سطحيين حصلوا علي هذه الجائزة وهم لا يستحقون حتي جائزة من هيئة قصور الثقافة التي تعتبر جوائزها ادني الجوائز في مصر. يصف الشاعر أحمد فضل شبلول الاديب المبدع محمد حافظ رجب بأنه صاحب العديد من الاعمال التجريبية الناجحة في القصة القصيرة العربية ومنها "عشق كوب عصير الجوافة" تلك المجموعة القصصية الفاتنة. هو لايستحق جائزة مؤتمر القصة القصيرة فحسب لكنه يستحق جائزة الدولة التقديرية ولا أقول التشجيعية ولا التفوق فقد تجاوزهما بكثير سنا وإبداعا لقد طور العبقري محمد حافظ رجب اشكال ومضامين القصة القصيرة العربية وكل أعماله تعد إضافة حقيقية وغير مفتعلة لهذا الفن الكتابي الجميل.. وإذا كان يوسف إدريس صاحب فضل علي تطور القصة العربية. فإن الفضل أيضا يعود إلي محمد حافظ رجب في تطور القصة العربية التجريبية. ويؤكد الروائي والقاص د. شريف عابدين ان اسم محمد حافظ رجب مازال يتردد في مشهد القصة القصيرة في الوطن العربي. وفي زيارتي الاخيرة للمغرب للمشاركة في مهرجان القصة القصيرة بحضور العديد من أبرز المبدعين والنقاد تصدر الحديث دور هذا المبدع الكبير الذي قال عنه يحيي حقي إنه غير شكل القصة القصيرة ومضمونها كأنه سبق زمانه بثلاثين سنة هو بحق- حالة نادرة من حالات الابداع السردي وهو من القلائل في تاريخ القصة القصيرة العربية الذي اضاف تجدداً عميقاً ومهماً لنوعية الابداع في هذا المجال. ويروي المبدع مصطفي نصر إنه تمني في المرة السابقة لمؤتمر القصة القصيرة عندما حصل عليها زكريا تامر ان يحصل عليها محمد حافظ رجب لكن زكريا تامر له من يدافع عنه بينما حافظ رجب يفتقد ذلك تماماً محمد حافظ رجب هو أفضل من كتب القصة القصيرة ليس في مصر فقط بل علي مستوي الوطن العربي لقد أدخل طريقة جديدة في القصة القصيرة وأشادت بذلك دائرة المعارف البريطانية فهو لم يخرج عن الواقعية بل طورها وبالغ في هذه الواقعية وكان لديه مفاتيحة الخاصة التي تجعل في قصصه هذه الضبابية الشفيفة . ونحن كمتلقين كنا مقتنعين بذلك. ويري محمد غنيم الوكيل السابق لوزارة الثقافة إن محمد حافظ رجب يستحق التكريم. لانه أول من غير في شكل القصة القصيرة منذ أوائل الستينيات وهو أول من أطلق صيحة: نحن جيل بلا أساتذة والعبارة في ذاتها تحمل الكثير كان موظفاً بسيطاً في المتحف الروماني اليوناني. لكنه كان الاشهر كأديب في ستينيات القرن الماضي. محمد حافظ رجب يستحق ان تهتم به الدولة ومؤسساتها الثقافية. وتعبر الشاعرة إيمان يوسف عن اعتزازها بالمبدع الكبير محمد حافظ رجب. فرؤيته الفلسفية عالية في النظر إلي الحياة وهو يغوص في نفوس البشر الذين تتناولهم قصصية وتتحدث عن أحوالهم ومواقفهم في الحياة إنه واحد من زمن العمالقة بل هو واحد من هؤلاء العمالقة له تاريخه الابداعي الذي يؤهله لان يحصل علي أكبر الجوائز. وقد أشادت الموسوعة البريطانية بإبداعه وانه غير في شكل القصة القصيرة العربية هذا الرجل الذي ظلم كثيراً يجب ان يحصل علي حقه الان!