• مجلة الاتحاد: كتب بالحبر والدم والعرق.. أمجد لحظات تاريخ النشر • حصل على «التوجيهية» بترتيب الثانى على القُطر المصرى.. وعيّنه أستاذه مصطفى مشرفة معيدًا فى كلية العلوم • عمل بالصحافة والإذاعة ثم أسس دار «القلم» عام 1959 التى جرى تأميمها عام 1966 • «صفر صحيح» هو الرقم الذى قدرت به الحكومة قيمة أصول دار «القلم» بعد فرض الحراسة عليها • أسس دار «الشروق» فى بيروت ثم فى القاهرة ومنها إلى لندن لتأسيس «شروق إنترناشيونال»
احتفت مجلة «الناشرون العرب» فى عددها الأول، الصادر الشهر الجارى، بالمؤسس الأول لمؤسسة دار «الشروق» محمد المعلم، وكذلك بالناشر اللبنانى مؤسس دار «العلم للملايين» بهيج عثمان، ووضعت المجلة صور الاثنين على غلافها، ملقبة المعلم ب«الناشر المثقف»، ووصفت عثمان بأنه كان «ناقدًا للكتاب أكثر مما كان متاجرًا به». وقالت المجلة، فى ترجمتها للمعلم، التى احتلت أربع صفحات: «حينما يُكتب تاريخ النشر فى مصر والعالم العربى، على وجهه الصحيح والكامل والموثق، لابد من أن يتوقف طويلًا أمام مسيرة واحد من صناعه الكبار، الأفذاذ، الذين كتبوا بالحبر والدم والعرق صفحات من أزهى وأنصع بل أمجد لحظات هذا التاريخ، منذ عرفت ثقافتنا العربية الحديثة الطباعة والنشر». وأضافت المجلة، التى وزعها اتحاد الناشرين العرب فى مؤتمره الأخير بالإسكندرية: «ما من كاتب لامع أو مفكر كبير أو مؤلف محترم إلا وسعى إليه محمد المعلم كى ينشر فى (دار الشروق) ويخرج كتبه ومؤلفاته كأحسن وأجمل ما يكون». ولفتت المجلة إلى إيمان المعلم بالفارق بين«الناشر» و«المطبعجى»: «فصاحب المطبعة يطبع ما يقدم إليه دون أن يسأل عن محتواه أو يقرأه أما الناشر فإنه ينتقى ما يقدمه ويدقق كثيرا فى اختياره». المعلم، المولود فى كفر الشيخ عام 1917، حصل على الثانوية العامة (التوجيهية)، القسم العالى، وكان ترتيبه الثانى على القُطر المصرى، التحق بكلية العلوم فى جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة) وتخرج فيها عام 1942، واختاره أستاذه العالم المصرى الكبير الدكتور على مصطفى مشرفة معيدًا بكلية العلوم، وقبل أن يتم تكليفه كمعيد فى الكلية، عمل مدرسا للعلوم فى المدارس الثانوية، ثم اشترك مع صديقه عبدالفتاح غنيم والمهندس محمد صقر فى مشروع صغير لإنتاج أحبار الطباعة. المعلم صحفيًا وخاض المعلم غمار العمل الصحفى، إذ عمل محررًا وسكرتير تحرير فى جريدة «البلاغ» وفى أواخر الأربعينيات عمل مع أسرة تحرير جريدة «الأساس»، كما عمل بالإذاعة المصرية رئيسا لقسم الشئون الخارجية، ثم اختير رئيسا لتحرير «مجلة الإذاعة المصرية»، كأصغر رئيس تحرير فى مصر، وقتها، فى أوائل الخمسينيات. وعمل المعلم فى الإذاعة المصرية، رئيسًا لقسم الاستماع السياسى، وظل يمارس عمله بالإذاعة حتى اتخذ قرارًا بتأسيس دار «القلم» عام 1959، التى لا يعرف كثيرون أن تلك الدار التى وصفتها المجلة ب«الصرح العملاق والكبير والضخم»، كانت النواة الأولى والبروفة الممتاز لدار «الشروق». كان أول كتاب نشره المعلم فى دار «القلم» عن «الانشطار النووى والنظرية النسبية» للعالم الكبير د.على مصطفى مشرفة، واشتركت الدار عام 1960 مع وزارة الثقافة والإرشاد القومى فى إصدار «أنجح وأشهر سلسلتين ثقافيتين ظهرتا فى مصر والعالم العربى حتى يومنا هذا: السلسلة الأولى (المكتبة الثقافية) وكانت تعرض للقراء بقرشين للعدد الواحد، وكان أول كتاب منها بقلم عباس العقاد بعنوان: الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبرانيين، والسلسلة الثانية (أعلام العرب) وكان الكتاب الأول منها للعقاد أيضا بعنوان: الأستاذ الإمام محمد عبده عبقرى الإصلاح والتعليم، وكان سعر الكتاب من السلسلة الثانية بخمسة قروش. وأشارت المجلة إلى استقطاب دار «القلم» لكبار الكتاب، منهم العقاد والإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت، ود.زكى نجيب محمود، وعبدالمنعم النمر، وثروت أباظة، وصلاح عبدالصبور، ومحمود السعدنى، وغيرهم كثير. و«انتهت تجربة دار القلم بالتأميم، ووضعها تحت الحراسة عام 1966، كما تم اعتقال صاحبها وسجنه زورا وبهتانا، وشكلت الحكومة لجنة لتقييم أصولها برقم (صفر صحيح)». وتضيف: «وقد حرص ابنه إبراهيم المعلم على إخفاء الخبر عن والده وهو فى المعتقل، وقضى المعلم الأب سبعة أشهر فى المعتقل حتى أفرج عنه فى أواخر عام 1967». دار «الشروق» التأسيس الثانى شهدت المرحلة التالية والكلام ما زال لمجلة الناشرين العرب من حياة الناشر محمد المعلم (1968 1983) وقائع التأسيس الثانى لدار نشر عملاقة، صارت بدورها صرحًا ضخمًا ومنارة ثقافية، فبعد أن خرج المعلم من المعتقل، توجه مباشرة إلى بيروت ليؤسس دار «الشروق» هناك، وثبتت أقدامها فأنشأ دار «الشروق» بالقاهرة، ثم ذهب إلى لندن ليؤسس «شروق انترناشيونال» عام 1983، منارة عربية إسلامية يؤمها المصريون والعرب والمسلمون، وبذلك صار المعلم أول ناشر عربى يبادر بالتواجد فى السوق الأوروبية. ورأت المجلة فى ختام ترجمتها للمعلم أنه كان «شخصية قيادية فى الحياة والنشر، قادرًا على تجميع التوجهات الثقافية المختلفة. فتح أبواب النشر أمام الجميع دون عُقدٍ تصده عن الأفكار الجديدة، ودون حساسية تبعده عن الرأى الآخر. كان يحب أن يجمع لا يفرق، جمّع حوله سيد قطب إلى جانب يوسف إدريس. نشر لموسى صبرى إلى جانب محمد حسنين هيكل، وجمع أنيس منصور إلى جانب العالم د. على مصطفى مشرفة. ووفق بين الشيخ محمد الغزالى والدكتور زكى نجيب محمود».