تعزيزات أمنية بمحيط مجمع محاكم المنصورة في اليوم الثاني لتلقي طلبات الترشح لانتخابات النواب    لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب    موعد حسم اعتراضات رئيس الجمهورية على مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية    وزيرة التنمية المحلية تشارك في المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة بأبو ظبي    المنافذ "حاجة" والأسواق "حاجة تاني خالص"، مفاجأة في أسعار الطماطم اليوم الخميس    نيابة عن السيسي، مدبولي يترأس وفد مصر اليوم في القمة 24 للكوميسا    صحيفة إسبانية تشيد بدور مصر فى استضافة مفاوضات حماس وإسرائيل لإنهاء حرب غزة    القناة 12 العبرية: حماس وافقت على الشروط وتوقيع الاتفاق اليوم والبيان الأول السبت أو الأحد    السيسي يوفد مندوبا للتعزية في وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم    الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يكشف عن الشكل الجديد لجوائز الأفضل    وزير الرياضة يكشف سر عدم عودة أرض الزمالك بأكتوبر (فيديو)    المصرية للاتصالات.. أسئلة حائرة على هامش الاستقالة!    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    كنت بحبه ودفنته بيدى بالمقابر.. اعترافات متهمة بقتل طفل فى قنا    رئيس المركز القومي للمسرح ناعيا عمرو دوارة: نموذج فريد ومخلص للفن المصري    طرق مختلفة ورمضان "مبتكر" كعادته، كيف احتفى نجوم الفن بتأهل مصر إلى كأس العالم (فيديو)    نائب وزير الصحة يوجه بتطوير مستشفى الحميات والماتيرنيتيه بالإسكندرية    طريقة عمل بطاطس بيوريه بالجبن والثوم، أكلة سريعة التحضير ومغذية    السيطرة على حريق شقة سكنية بالصف    النشرة المرورية اليوم الخميس بمحاور القاهرة والجيزة    خلص عليه بسبب الميراث.. القبض على قاتل شقيقه في الشرقية    6 لقاءات قوية في افتتاح الجولة الثامنة من دوري المحترفين    تعدي على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة.. إزالة 22 حالة تعدي فى أسيوط    "ثقافة جاردن سيتي" يشهد الملتقى الإعلامي الثقافي للطفل المصري    طب الأسنان بطنطا تتوج بكأس العباقرة في دوري المعلومات الأول    وزارة البترول تنفي شائعات زيادة أسعار البنزين والسولار    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستهل مشاركتها بالنسخة الثانية من منتدى «البوابة العالمية 2025» ببروكسل بلقاء مديرة الشئون المالية والاقتصادية بالمفوضية الأوروبية    سعر الأسمنت اليوم الخميس 9 اكتوبر 2025 فى الشرقية    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    موعد استئناف رئيس حي شرق الإسكندرية على حكم المؤبد فى قضية الرشوة    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول في بطولة الصعيد لمراكز الشباب    انطلاق منافسات بطولة العالم للسباحة بالزعانف في المياه المفتوحة بالعلمين    فيفا: منتخب مصر يمتلك مقومات تكرار إنجاز المغرب فى كأس العالم 2026    الخارجية التركية: نشيد بجهود مصر وقطر والولايات المتحدة للوساطة فى مفاوضات غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    في ثالث أيام «عيد العرش».. مستوطنون إسرائيليون يقتحمون المسجد الأقصى    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    وزيرة التنمية المحلية تتابع الأسبوع التدريبي التاسع للمحليات بمركز سقارة    بعد إنطلاق ألبومها الأول.. مي فاروق تتصدر تريند جوجل    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    يعرض قريبًا.. «لينك» ضغطة زر تقلب حياة موظف على المعاش    «مقنعة جدًا».. وليد صلاح الدين يكشف ردود سوروب على أسئلة «الأهلي»    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    ممنوع الضرب.. قرار حاسم حول حظر استخدام العصا أو الخرطوم في المدارس ومحاسبة المسؤولين    السد العالي يستقبل مياه الفيضان من سد مروى بالسودان.. خبير يكشف تفاصيل مهمة    8 شهداء في غزة خلال الساعات ال24 الماضية جراء الغارات الإسرائيلية    وكيل صحة الفيوم تُتابع أداء المستشفيات في اجتماع إشرافي موسع| صور    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    مصادر للقاهرة الإخبارية: الاتفاق يُوقف الحرب ويفرج عن المحتجزين الإسرائليين والأسري الفلسطينيين    كُتبت فيها ساعة الصفر.. حكاية «كراسة حنان» التي احتوت على خطة حرب أكتوبر    منها منتجات الألبان.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى جرثومة المعدة (تفاقم الألم)    أسهل طريقة لعمل البليلة في ساعة.. شرط النقع    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    مصرع عنصر إجرامي وإصابة رئيس مباحث شبين القناطر في تبادل إطلاق نار بالقليوبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجرات عكسية للاجئين أفغان من باكستان
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 08 - 2016

تسبب طلب باكستان الداعي إلى مغادرة ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني يعيشون على أراضيها في حدوث فوضى على نحو دفع الأسر إلى مواجهة مصير مجهول بعد أن عاش كثير منهم حياتهم في باكستان، إم إلياس خان، مراسل بي بي سي، يرصد الوضع من بيشاور في متن التقرير التالي.
قضى نور محمد ثلاثة أيام في طابور انتظار العودة إلى أفغانستان، على الرغم من تأكده من المصاعب التي ستواجهه في عودته.
فر نور إلى باكستان في شتاء عام 1979 بعد أيام من غزو الجيش السوفيتي أفغانستان حيث أخذت رشاشات الطائرات المروحية تمشط قريته في مدينة بغلان.
وكان في الثانية عشرة من عمره تقريبا وهو يتذكر رحلته الشاقة التي قطعها مع أسرته.
ويقول : "تسلقنا الجبال وبدأنا السير في اتجاه الجنوب. قطعنا الرحلة خلال أربعة أيام، كنا نسير أحيانا، أو نعتلي شاحنات أو نمتطي خيولا صغيرة".
ووجد نور نفسه بعد 37 عاما مضطرا إلى العودة من جديد إلى أفغانستان، لأن وطنه الثاني (باكستان) يقول إنه تجاوز فترة إقامته وأصبح غير مرغوب فيه.
وسوف تكون رحلة عودته أقل مجهودا مقارنة برحلته الأولى عندما كان مراهقا، غير أنها ليس أسهل على الإطلاق.
نور محمد (يمين) يقف إلى جوار شاحنة تحمل متعلقاته.
عندما قابلته الأسبوع الماضي، كان نور وأسرته قد قضوا ثلاثة أيام عالقين خلف صفوف شاحنات متراصة بطول ثلاثة كيلومترات في مسعى للوصول إلى مركز ترتيبات العودة إلى الوطن الذي تديره الأمم المتحدة في منطقة بيشاور. ويبدو أنهم سينتظرون أياما حتى يصلوا إلى المركز.
كان يساورهم الغضب والشعور بالإحباط، فيما قال آخرون من العالقين في الصفوف إنهم ينتظرون منذ نحو أسبوع.
أحصيت الشاحنات الواقفة وتجاوز عددها ال 200 شاحنة على الطريق بالقرب من مركز ترتيبات العودة إلى الوطن، وجميعها تحمل متعلقات منزلية وحطب يخص نحو 400 أسرة أو نحو ثلاثة الآف شخص.
واعترفت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والسلطات الباكستانية بأنهم غير مستعدين لمواجهة هذا التسابق في عودة اللاجئين، وليس بمقدورهم التعامل مع هذا التدفق الجماعي.
كان الكثيرون قد جعلوا من باكستان وطنا لهم، وهم حاليا يخشون من أن تكون أفغانستان مازالت تعاني من اضطرابات في قطاعات الصحة والتعليم والأعمال والمعيشة مقارنة بما كانوا يعيشون فيه في باكستان.
وصل عدد الشاحنات التي تنتظر على الطريق أكثر من 200 شاحنة.
فلماذا يعودون اذن؟
تكمن الإجابة عن السؤال في تطور سياسة التعامل مع اللاجئين في باكستان.
بالعودة إلى أواخر سبعينيات القرن الماضي، كانت البلاد رحبت باللاجئين الأفغان بمنتهى الود.
وعلى نقيض الوضع في إيران، التي وضعت اللاجئين في المخيمات ومنعتهم من الانخراط في الحياة السياسية، سمحت باكستان لهم بالاندماج مع السكان المحليين وشجعتهم على التواصل مع المعسكرات الإسلامية التي غذت المقاومة ضد الشيوعيين في كابول.
وينتمي اللاجئون في الغالب إلى عرق البشتون وقد اندمجوا جيدا مع السكان البشتون في باكستان. كما أمكن التأثير عليهم للموافقة على تأكيد باكستان على الهوية الإسلامية كأساس للمقاومة بدلا من الهوية الوطنية الأفغانية.
ونتيجة لذلك يعتقد الكثيرون أن باكستان رحبت باللاجئين بغية توسيع نطاق تأثيرها على أفغانستان، التي تميل تقليديا إلى الهند، وإلى تحييد موقف القوميين البشتون من مواطنيها الذين يدفعون بشدة نحو حكم ذاتي اكبر، وأحيانا لوضع حدود للانفصال، كما يعتقد البعض في المؤسسة الرسمية الباكستانية.
يحتمي الكثيرون من حرارة الشمس تحت الشاحنات.
وزادت شكوك باكستان في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة، عندما بدأت تبرز نسخة من حركة طالبان معادية لباكستان على علاقة بهذه المعاقل.
ومنذ ذلك الوقت تحولت نبرة حديث المؤسسة الباكستانية تدريجيا ضد اللاجئين.
وحتى الآن وعلى الرغم من تنامي حدة النزعة العدائية، الا أن باكستان ليست متعجلة لإعادة الأفغان إلى ديارهم.
وبدأ برنامج ترتيبات العودة إلى الوطن بتمويل من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة عام 2002، غير أن المسؤولين الباكستانين والأممين يقولون إن الاقبال كان بطيئة.
وحددت باكستان مواعيد نهائية مختلفة للاجئين لمغادرة البلاد، لكن جميعها طويلة الأجل وليست قسرية، لأن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أرادت أن تكون أي عودة إلى الوطن طواعيا.
وجاء القرار الحاسم في ديسمبر/كانون الأول عام 2015، عندما حددت باكستان فجأة مدة قوامها ستة أشهر لمغادرة اللاجئين.
ومددت المدة ستة أشهر أخرى في يونيو/حزيران، لكنها في الوقت ذاته أغلقت المعبر الحدودي الرئيسي بين أفغانستان وباكستان في تورخم، وفرضت حظرا على عبور الأفغان بدون وثائق سفر.
كثير من الأسر تبعثرت على طول الطريق انتظارا للعودة إلى الوطن.
وأظهر ذلك الحظر أن باكستان جادة هذه المرة، وهو ما أقنع نور محمد بمغادرة البلاد.
وقال نور: "بعض أفراد أسرتنا كانوا ذهبوا إلى كابول في الصيف وهم عالقون هناك حاليا".
وأضاف : "ليست لدينا الأموال لدفع رسوم استخراج جوازات سفر لجميع أفراد الأسرة، التي يصل عددها إلى أربعين فردا. لذا نعتقد أن الوقت حان كي نرحل".
كما ضاعفت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في يونيو/حزيران ميزانية برنامج العودة إلى الوطن من 200 دولار إلى 400 دولار للفرد الواحد، وتوفير حوافز إضافية للأسر الفقيرة التي ليست لديها أي جذور عميقة في باكستان.
كان الجيش السوفيتي قد غزا أفغانستان عام 1979.
"خوف مرضي من الأفغان"
ويواجه الكثير من اللاجئين الأفغان حاليا مستقبلا مجهولا.
عاش خالدي أميري، طالب يبلغ من العمر 21 عاما، في باكستان منذ أن كان عمره بضعة أشهر.
وهو حاليا يدرس لنيل درجة الماجستير في جامعة بيشاور حتى نهاية عام 2017.
ويواجه أميري ونحو تسعة الآف طالب أفغاني في خيبر باختونخوا مصيرا مجهولا في حالة عدم السماح لهم باستكمال دراستهم.
ويعتقد أن خطوات إجبار اللاجئين على الرحيل نابعة من "تنامي خوف مرضي من الأفغان في باكستان".
حددت باكستان مدة لمغادرة الأفغانستان البلاد.
ويقول إن هناك "مضايقات متزايدة للاجئين من جانب الشرطة الباكستانية"، فضلا عن "حملة كراهية تستهدف اللاجئين في وسائل الإعلام الباكستانية منذ (هجوم ديسمبر/كانون الأول في بيشاور) على مدرسة عسكرية حكومية".
ويضيف أن هذ الكراهية امتدت إلى وسائل التواصل الجتماعي تحت هاشتاغات متعددة.
كما يواجه رجال الأعمال الأفغان مستقبلا مظلما.
غادر والد محمد إسماعيل تاركا متجرا للتحف في غانزي وهاجر إلى بيشاور في عام 1983. وهنا بدأ من جديد وأسس نفسه كمصدر معتمد للتحف والسجاد إلى أوروبا والشرق الأقصى.
لكن في يونيو/حزيران علق أبناء محمد، الذين كانوا يقضون عطلة في كابول، عندما أغلقت السلطات الحدود في تورخم. وحصلوا من وقتها على جوازات سفر أفغانية وتأشيرات لدخول باكستان، وهو ما يعني أنهم فقدوا وضعية لاجئ في البلاد.
ويتعين عليه حاليا أن يبدأ من الصفر كما فعل والده قبل 33 عاما.
وأضاف : "مشكلتي الأكبر هي التخلص من مخزون بضاعتي. لن يعطيني أي شخص سعرا عادلا لأنهم يعرفون أننا في ضائقة. كما توجد أموال غير محصلة في شكل بضاعة، وسوف تستغرق وقتا لتحصيلها".
الآف التجار الأفغان نصبوا تجارتهم في سوق على الحدود.
وبالنسبة للذين ينتظرون عودة اللاجئين في أفغانستان لن يكونوا من الوطنيين الذي يحملون الورودفي ايديهم (لاستقبالهم)، بل هم رجال أعمال جشعون وأصحاب وسائل مواصلات وعقارات يطمحون إلى ابتزاز وتجريدهم مما يملكونه من أموال مهما كانت قليلة.
ويعرف نور محمد ذلك جيدا ويقول : "تضاعفت أسعار إيجارات المنازل في المدن الأفغانية من 300 دولار إلى 400 دولار في الشهر، وأصبحت منازلنا في القرى عبارة عن ركام".
ويضيف أن الخيار الوحيد الذي أمامه بمجرد عودته إلى أفغانستان سيكون بناء مسكن "في أسرع وقت" أخذا بنظر الاعتبار أن "الشتاء قادم".
وفيما يصفه البعض بانقلاب المصائر القاسي، يتعين على أسرة نور أن تبقى في خيمة حتى تبني مسكنا، وهو وضع أشبه بخيام الأمم المتحدة التي عاش فيها نور قبل 37 عاما، عندما وصل إلى باكستان أول مرة كلاجئ.
ويقول : "بالنسبة لنا، إنها عودة إلى الخيام".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.