أكاريا فى اليونان.. أوكيناوا فى اليابان.. سردينيا الإيطالية.. لومالنيدا فى كاليفورنيا.. ونيكويا بنسولا فى كوستاريكا.. خمسة أماكن فى العالم توصف بالمناطق الزرقاء. وإن تناثرت فى أنحاء الكرة الأرضية وتباعدت إلا أنها تجتمع فى صفات ومواصفات تتطابق وإن اختلفت فيها ملامح البشر. السهول الممتدة والطبيعة الجبلية وزرقة الماء بين مد وجزر إلى ما لا نهاية فالأرض كلها جزر منحتها الطبيعة بسخاء جمالا فريدا وجوا متميزا. يتمتع سكانها بالصحة وطول العمر وتنحسر بينهم نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة فلا ارتفاع لضغط الدم ولا سكر ولا ألزهايمر ولا سرطان. يتخطى كثير منهم المائة عام فى حيوية وصحة فما سرهم؟ تحدثنا الأسبوع الماضى عما يطلقون عليه القوة التاسعة واليوم نتحدث عن اختياراتهم الغذائية للصحة وطول العمر. سردينيا وسر طعام أهل المتوسط تعد سردينيا بالفعل جزيرة المعمرين، فإلى جانب طقس البحر المتوسط كانت طبيعة الجزيرة الجبلية التى حتى الآن يمتهن أغلب سكانها رعى الأغنام. من أهم ما يقال إن طول أعمار سكانها إنما يرجع لعوامل عدة أهمها تعودهم على تسلق الجبال واعتبارها رياضة وعادة فى ذات الوقت. طعام أهل سردينيا يماثل قائمة طعام سكان البحر المتوسط والذى تكرر أن يجىء على رأس قائمة أكثر أطعمة العالم صحة وفقا لتقارير منظمة الغذاء العالمية التابعة للأمم المتحدة فماذا يأكلون؟ لبن الماعز ومنتجات الألبان هو أسهل أنواع اللبن هضما مقارنة باللبن من الأبقار وغيرها من الحيوانات مذاقه الغنى يجعل من أنواع الجبن الذى يصنع منه طعاما بديعا، خصوصا أنواع جبن الماعز المختلفة وأخرى يطلق عليها «بيكورنيو». يضيف أهل سردينيا الجبن لأنواع المعجنات المختلفة والسلاطة وأنواع الحساء. الخبز المسطح: خبز محلى يصنعه أهل سردينيا من أحد أنواع القمح عالية البروتين به نسبة ضئيلة من الجلوتين ونسبة عالية من الألياف، كما أن تناوله لا يحدث ارتفاعا ملموسا سريعا فى نسبة جلوكوز الدم. الشعير: يطحنونه ويصنعون منه أيضا خبز الشعير الذى يتميز بكونه أفضل من القمح فى التأثير على منسوب الجلوكوز فى الدم وهو المفضل لدى معظم من قابلهم صحفيو المجلة الجغرافية ممن تجاوزوا المائة عام. الخبز الحامضى: نوع ثالث من الخبز يصنعونه بإضافة خميرة من نوع خاص تحول السكر والجلوتين لحامض اللاكتيك الأمر الذى له أيضا أكبر الأثر على منسوب السكر فى الدم. الشمر: فى صورته الكاملة الخضراء يتناوله أهل سردينيا كخضار غنى بالألياف والفيتامينات التى تذوب فى الماء مثل ABC إلى جانب كونه مدرا للبول الأمر الذى يقاوم ارتفاع ضغط الدم. الفول والحمص: يتناولهما أهل سردينيا فى صور متعددة منها السلاطة أو الأطباق الرئيسية وهى فى طورها الأخضر قبل تجفيفهما أيضا من أنواع الحساء المختلفة. الطماطم: من أفضل أنواع الطماطم فى العالم.. يستخدم فى أنواع الحساء المختلفة وإعداد الصلصات المختلفة للبيتزا والمعجنات بأنواعها. يتناولها الجميع على حالها فمن المعروف أن بها نسبة عالية من البوتاسيوم وفيتامين ج. اللوز: هو أكثر أنواع المكسرات شيوعا فى سردينيا يتناولونه على حاله أو يطحنونه ليصنعوا منه الحلوى ويضيفونه على أنواع السلاطة وكل ما يأكلونه. ماذا يأكل الأوڤنتست تلك الطائفة الدينية التى تعيش فى كاليفورنيا وينظر إليها المجتمع الأمريكى فى حسد فلا هامبورجر ولا بطاطس مقلية ونقانق أو مشروبات غازية أو آيس كريم ودونت! أهم ما يتناوله لوماليندا فى كاليفورنيا التى يمكنك أن تتبادل الحوارات مع شباب من أبنائها تجاوزوا الثمانين ونرى ابن التسعين يمارس هوايته المفضلة: السباحة كل صباح. الأفوكادو: تلك الثمرة الأنيقة الغنية بالبوتاسيوم قليلة الصوديوم والتى يشير العلم إلى أنها من الممكن أن تساهم بطريقة طبيعية فى خفض ضغط الدم والحماية من السكتة الدماغية. الغنية أيضا بالدهون الجيدة. سمك السلمون: حجر الزاوية فى طعام أهل الجزيرة. إلى جانب ما يحتويه من بروتين يحتوى نسبة لا تقارن من الأحماض الدهنية المفيدة لشرايين القلب والمخ أوميجا 3، 6، 9. المكسرات: خاصة اللوز يدخل فى إعداد الأصناف التقليدية الخاصة بهم ويعتقدون أن المكسرات تحميهم من أمراض القلب وارتفاع نسبة الكولستيرول وتلطف من التفاعلات الالتهابية فى المفاصل. الحبوب مثل الفاصوليا والفول والعدس والبسلة الجافة تعد مترادفات للحوم فمعظم الأوڤنتست يدينون بالنباتية لذا تحل البقوليات محل اللحوم كمصدر للبروتين. الشوفان: يطهوه الأوڤنتست على نار هادئة للغاية ولساعات طويلة حيث يوفر لهم قدرا متوازنا من البروتين والدهون والنشويات المعقدة إلى جانب احتوائه على نسبة جيدة من الحديد وفيتامين «ب» والألياف التى تشعر الإنسان بالامتلاء. الخبز المصنوع من القمح الكامل دون تبييض: شريحة من خبز القمح الكامل توازى 70 كالورى (وحدة طاقة) إلى جانب ما بها من معادن وفيتامينات. لبن الصويا: يحرص على تناوله الأوڤنتست. عالى البروتين قليل الدهون يحتوى على مواد مضادة للأكسدة قد تكون مفيدة فى مقاومة النشاط السرطانى. لذا يحرص الجميع على تناوله فى كل وأى الوجبات. الماء: مؤسس كنيسة الأوڤنتست هو صاحب نصيحة الماء ويرى أن على الإنسان أن يتناول ما لا يقل عن 6 8 أكواب من الماء يوميا لأنها تزيح السموم خارج الجسم وتروى خلاياه لذا فهم لا يعولون كثيرا على شرب العصائر أو المياه الغازية إنما الماء والماء وحده. الإخوة الثلاثة: معجزة كوستاريكا الزراعية منذ أكثر من خمسة آلاف سنة تتجلى عبقرية المزارع فى كوستاريكا فى زراعة ثلاثة محاصيل فى حقل واحد يستفيد كل منها من الآخر. القرع الذى يغطى الأرض محتفظا لها بالرطوبة والماء، والذرة الذى يعلو بسرعة فى نموه، ثم البقوليات التى تعمل كسماد طبيعى يمد التربة بالنيتروجين. فى نيكويا بكوستاريكا وإن بدا الأمر مختلفا إلا أنه فى النهاية تتحقق النتيجة ذاتها: الصحة والسعادة وطول العمر... كيف إذن يختار سكانها طعامهم؟ الذرة: هو نوع مختلف من أنواع الذرة يطحنونه ليصنعوا خبزهم المميز «التورتيا» يتنالونها مع الإفطار والغداء والعشاء. هم فى البداية ينقعون كيزان الذرة فى المياه والليمون ثم يجففونها ويطحنونها، بتلك الطريقة يجعلونها قادرة على تحفيز الجسم لامتصاص الكالسيوم والحديد والمعادن المختلفة. القرع: يزرعون القرع فى صور عديدة مختلفة قريبة من تلك التى نعرفها فى بلادنا بالقرع العسلى كلها مفيدة يعلو فيها قدر الكاروتينيورز مثل التى فى الجزر. وكلها مركبات غنية بالفيتامينات ومضادات الأكسدة والمواد المقاومة للنشاط السرطانى. البابايا: يأكلها الجميع ربما على مدى السنة وفى كل أيامها. من أغنى الفواكه على الإطلاق بالفيتامنيات خاصة E C A أيضا لها أثر مضاد للتفاعلات الالتهابية. الياما: أحد أنواع ما نعرف من بطاطا وإن كانت مختلفة عن تلك التى تعرفها أمريكا الشمالية. أكثر الثمار غنى خاصة بفيتامين ب6. الفاصوليا السوداء: لا يخلو منها منزل ولا تخلو منها إحدى وجبات اليوم ففيها أعلى قدر من مضادات الأكسدة فى كل ما عرف الإنسان فى العالم من حبوب وبقوليات. لذا فإن الفاصوليا السوداء مع القرع وخبز الذرة هى الغذاء المثالى لمعمرى كوستاريكا. أنواع الموز: لكأنما ينمو الموز فى نيكويا كالأعشاب البرية مختلف الأشكال والأصناف والأنواع والأحجام. هم يأكلونه فى كل أشكاله: بعد تقشيره أو مخللا أو مسلوقا أو مغليا أو حتى مجففا. فاكهة البيتش بالم: فاكهة صغيرة برتقالية اللون تشبه البلح إذ إنها أيضا تتدلى فى شكل سباطات من أنواع خاصة من النخيل. تحوى قدرا هائلا من فيتامين (A) وفيتامين (C)، عادة ما يغلونها فى الماء لعشر دقائق ثم تقدم باردة. إذن فالصحة والسعادة والعمر الطويل ليست من أصحاب الرخ والعنقاء والخل الوفى. هى واقع ملموس يعيشه بشر كان من أقدارهم أن عاشوا فى المناطق الزرقاء. ذهب إليهم من أرادوا اكتشاف أسرار تلك الحياة التى تكاد تطال المثالية. لم يخفوا سرا ولم يمتنعوا عن الحكى عن تجاربهم الحياتية والصحية والغذائية فهل هذا كان كافيا؟ علنيا أن نعاود القراءة وأن نستعيد التفاصيل فربما كانت لدينا عزيمة تحقيق الحلم والرغبة فى السفر إلى أى من المناطق الزرقاء.