فيلم يكشف الخطة السرية بين واشطن وتل أبيب ضد طهران أليكس جيبنى أول مخرج يتناول حربا يُستخدم فيها سلاح الإنترنت كشف فيلم وثائقى للمخرج الامريكى، الحائز على جائزة أوسكار أليكس جيبنى، بعنوان «الأيام صفر» الستارعن خطة عمليات سرية مشتركة بين واشنطن وتل ابيب ولندن لتدمير البنى التحتية فى المدن الايرانية بدون اطلاق قذائف عن طريق الهجمات الالكترونية. الفيلم الذى بدأ عرضه هذا الاسبوع، يعرض العمليات السرية التى تحمل اسم «نيترو زيوس»، للمرة الأولى واكدت صحيفة «نيويورك تايمز» هذا الامر خلال المقابلات التى اجرتها مع المسئولين الاستخباريين والعسكريين بواشنطن لتطرح عدة حقائق، منها ان مسئولا فى الامن القومى الاميركى يقول، دون ان يكشف هويته: «لقد انفقنا عليها (الخطة) مئات الملايين من الدولارات. كنا مستعدين لشل هذه الانظمة وتدميرها من خلال الهجمات الالكترونية». وذكرت الصحيفة الأمريكية ان خطة «نيترو زيوس» كانت مصممة لتعطيل شبكة الدفاع الجوى الإيرانية، ونظم الاتصالات، والأجزاء الحساسة من شبكة الطاقة. كانت هذه العمليات جزءا من محاولات الرئيس الاميركى، باراك اوباما، للتأكد من امتلاك الخيارات البديلة لمواجهة ايران فى حال فشل المفاوضات النووية. وقد قالت مصادر مطلعة لصحيفة «نيويورك تايمز» ان آلاف العناصر الاستخبارية والعسكرية عملت فى التخطيط لهذه العمليات. الا ان امر الهجمات الالكترونية ضد ايران لم يقتصر على ذلك. ففيلم «ايام الصفر» يركز على الهجوم بواسطة فايروس «ستوكس نت» على المنشآت النووية الايرانية عام 2010. فطبقا للخطة كان مقررا تدمير أنظمة الحاسوب الموجودة فى موقع «فوردو» فى ايران من خلال نشر برنامج حاسوبى مخرب، للقضاء على قدرات ايران لتخصيب اليورانيوم أو عرقلتها على اقل التقادير. وبحسب وكالة الانباء الإيرانية فإن هذا الفيلم يكشف النقاب للمرة الاولى عن التعاون بين أجهزة الاستخبارات فى بريطانيا وإسرائيل واميريكا للهجوم على المنشآت النووية الايرانية بواسطة فايروس «ستوكس نت». ويطرح فيلم «أيام الصفر» أن هذه العمليات انكشفت من خلال خطوة مستعجلة من قبل الإسرائيليين. فلقد قامت إسرائيل بتعديل «ستوكس نت» من اجل زيادة قدراته الهجومية ثم قامت باستخدام النسخة الجديدة منفردة. وهى نفس النسخة التى تمكن الخبراء من كشفها ورصدوا خيوطا تقود إلى اجهزة الاستخبارات فى واشنطن وتل أبيب. ويستقى الفيلم الوثائقى اسمه من مصطلح «هجوم ايام الصفر» فى علوم الحاسوب، والمقصود منه نوع من الهجوم أو التهديد الالكترونى الذى يستغل ثغرة فى البرمجيات لم تكن معروفة سابقا، بمعنى ان معدى البرمجيات المستهدفة بالهجوم، لم تكن أمامهم فرصة للكشف عن الثغرة وإزالتها. الفيلم الذى عرض فى مسابقة مهرجان برلين بدورته الاخيرة لأول مرة يشير إلى ان مخرجه جيبنى يصبح أول مخرج يتناول موضوع الحرب غير المادية أو التى يستخدم فيها لأول مرة سلاح الإنترنت لأغراض هجومية على دولة من الدول. وما مدى حدود الحرب الإلكترونية المقبلة؟ على امتداد ما يقترب من ساعتين تقريبا، يشرح لنا ألكس جيبنى كيف حدث مثل هذا الهجوم عن طريق جرثومة إلكترونية أطلق عليها «ستكسنت»، وهى دودة إلكترونية شديدة الإتقان والتعقيد ولم يسبق لها مثيل، ولم تستخدم من قبل فى أى هجمات إلكترونية على مستوى العالم. وقد استخدمت هذه الدودة الإلكترونية بالفعل، والتى تم تطويرها على مدى عقد كامل، فى مهاجمة المحطة النووية الإيرانية التى تحمل اسم «ناتانز»، وبالتحديد أجهزة الطرد المركزى الخاصة بها وأنابيب الغاز، وذلك فى يونيو عام 2010. وتلك الدودة الإلكترونية المصممة من جانب عدة أجهزة استخباراتية بأمريكا وإسرائيل تنسخ نفسها وتتكاثر بحيث تعمل على استهداف وتدمير أهدافها داخليا، وذلك من دون أن يستطيع أحد الشعور بوجودها أو يفلح فى تتبع خط سيرها أو المسارات التى سلكتها. وقد كانت تلك الدودة مجرد جزء من مشروع كبير يهدف لشل البنية التحتية لدولة إيران بالكامل. وقد نجحت تلك الدودة بالفعل فى مهمتها، وأخرجت الأجهزة عن نطاق السيطرة وأحدثت تفجيرات. وكان ذلك بالطبع من أجل إيقاف أو إعاقة البرنامج النووى الطموح لإيران آنذاك، والقضاء على تهديدات أحمدى نجاد بإبادة إسرائيل. فى ذلك الوقت، لم تعلن السلطات الإيرانية عن أى عمل تخريبى متعمد وراء الحادث، فى حين لم يصرح العلماء وغيرهم من الفنيين بأى رأى قاطع فيما يتعلق بأى حادث متعمد وراء ما وقع بالمفاعل. فى حين يشير الفيلم لإعدام عالمين من رواد البرنامج النووى الإيرانى، والمثير فى الأمر بالفعل، أن أحدا لم يدر بخلده مطلقا أنه استهداف أو عدوان خارجى أو أنه حادث مدبر، والمثير أكثر أنه لسبب تكنولوجى مجهول، يرجح الفيلم أن الإسرائيليين خلفه نتيجة عبثهم بشفرة تلك الدودة، انتشرت أو تفرعت من تلقاء ذاتها وشقت طريقها لعدد لا يحصى من أجهزة الكمبيوتر عبر العالم. وأنها موجودة كامنة بتلك الأجهزة، ولن تنشط إلا تحت ظروف بعينها، ووفقا لمتطلبات محددة، وأن لها تاريخا تنتهى فيه صلاحيتها وقدرتها على الإتلاف أو التدمير. الأكثر تشويقا فى الأمر أن تلك الدودة كان قد تم اكتشافها عن طريق المصادفة البحتة من جانب أحد المبرمجين العاملين فى مجال مكافحة الفيروسات بإحدى شركات الفيروسات فى روسيا البيضاء، وذلك على أحد أجهزة الكمبيوتر الإيرانية. وبعد هذا بوقت قليل انتشر الأمر وذاع بعدما وصل إلى الصحف التى راحت تنشر عنه، وكان أولها النيويورك تايمز. وفى تلك الأثناء، قامت إيران من جانبها، بواسطة فريق سرى من المخترقين، بمهاجمة «بنك أوف أمريكا» وغيره من البنوك والمؤسسات الأخرى الحيوية بأمريكا وخارجها مثل شركة آرامكو البترولية. لكن ما قام به ذلك الفريق، مقارنة بالضرر الذى تعرضت له إيران، لم يكن فى النهاية سوى مجرد اختراق أو نوع من القرصنة أو الشلل الممكن تدارك تبعاته.