تفاصيل اجتماع "حماة الوطن" بشأن انتخابات مجلس النواب    رئيس جامعة الأزهر يفتتح معرض الكتاب خدمة للطلاب والباحثين بتخفيضات كبيرة    توصية بوضع ضوابط موحدة لمجالس التأديب في جميع كليات جامعة عين شمس    استقرار الأسهم الأمريكية بالقرب من مستوياتها القياسية في التعاملات الصباحية    "القومي للأجور": غياب الرقابة وراء انفلات الأسعار وعدم تطبيق الحد الأدنى (فيديو)    برلمانى: القمة المصرية الأوروبية خطوة جديدة لتعزيز الحضور المصري الدولي    عاجل- مصر تتصدر الدول العربية في استقطاب مشروعات الطاقة المتجددة باستثمارات تتجاوز 161 مليار دولار    النائب محمد عبد الله زين: أين الحد الأدنى للأجور؟.. وعضو المجلس القومي: لا تحملوا القطاع الخاص فوق طاقته    مقربون من نتنياهو: مستشار الأمن القومي سرب معلومات ضد رئيس الوزراء    الضفة.. إصابة فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في الخليل    أردوغان يصل إلى الدوحة ثاني محطات جولته الخليجية    اكتشاف مقبرة جماعية لقتلى عراة فى منطقة تل الصوان شرقى دوما السورية    محامو الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي يبدأون إجراءات طلب الإفراج عنه    تعشق السيارات ومثلها الأعلى مارجريت تاتشر.. 31 معلومة عن ساناي تاكايتشي أول امرأة تتولي رئاسة الحكومة في اليابان    توروب يعلن قائمة الأهلي استعدادًا لمواجهة الاتحاد في الدوري الممتاز    محمد صبحي: مجلس الإسماعيلي خيب آمالنا ووزارة الرياضة أنقذت الموقف    قائمة يوفنتوس لمواجهة ريال مدريد في دوري الأبطال    ارتفاع عدد المصابين بالجدري المائي بين تلاميذ مدرسة ابتدائية في الباجور إلى 24 حالة    مصرع سيدة على يد طليقها امام مدرسة بالسادات وأمن المنوفية يكثف جهوده لضبط المتهم    ظهور مفاجئ لأحد أبطال فيلم "السادة الأفاضل" على ريد كاربت مهرجان الجونة السينمائي (فيديو)    كريم عبد العزيز خارج سباق رمضان 2026    زاهي حواس: المفروض نعمل لوحة لفاروق حسني في المتحف المصري الكبير تكريما له    بمرور 50 سنة على احترافها التمثيل.. يسرا من «الجونة»: الموهبة وحدها لا تكفى    انتصار تصطحب ابنها في عرض السادة الأفاضل وتلتقط صورا مع شخصية الفيلم الكرتونية    ريهام عبد الحكيم تقدم الليلة باقة من أغنياتها روائع الطرب الأصيل    أستاذ فقه: حب آل البيت جزء من الإيمان ومصر نالت بركتهم بدعاء السيدة زينب    هل يجوز للمرأة تهذيب حواجبها إذا سبب شكلها حرجا نفسيا؟ أمين الفتوى يجيب    صحة الشرقية: فحص 1062 طالبا بمدارس القنايات ضمن مبادرة سوء التغذية    تعليم وصحة الفيوم يتابعان التطعيمات اللازمة لطلاب المدارس للوقاية من الأمراض    فيديو.. نصائح للوقاية من حساسية البرد وطريقة التعامل معها    زوج يرمي زوجته من البلكونة في ببورسعيد بسبب صينية بطاطس    الصين: القيود الأمريكية على التأشيرات لن تعيق علاقاتنا مع دول أمريكا الوسطى    منافسة شرسة بين ريال مدريد وبرشلونة على ضم نجم منتخب المغرب    صبحى يهنئ يد الأهلى بعد التتويج بلقب إفريقيا    رئيس الوزراء يتابع عددا من ملفات عمل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة    بدء تنفيذ مبادرة مراكب النجاة لتوعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية في المنوفية    وفاة شابين صدمهما القطار في الشرقية    "أهمية الحفاظ على المرافق العامة".. ندوة بمجمع إعلام سوهاج    «موسم خناقة السلفيين».. دار الإفتاء تشتبك وتغلق باب الجدل: الاحتفال بموالد الأولياء يوافق الشرع    مثالية للدايت والطاقة، طريقة عمل سلطة الكينوا بالأفوكادو والطماطم المجففة    «شوف جدول مرحلتك».. جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل في محافظة الإسكندرية    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    «بيتشتتوا بسرعة».. 5 أبراج لا تجيد العمل تحت الضغط    بعد سرقتها من متحف اللوفر.. تعرف على قلادة الزمرد التاريخية| تفاصيل    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    رسالة شكر من حمزة العيلي بعد أدائه دور ضابط في ذكرى انتصارات حرب أكتوبر    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    الجالية المصرية ببروكسل تستقبل الرئيس السيسي بالأعلام والهتافات    انطلاق مؤتمر "ICaTAS 2025" بالقاهرة لتعزيز التعاون العلمي مع ماليزيا    المجلس الأعلى لشؤون الدراسات العليا والبحوث يعقد اجتماعه الدوري بجامعة الفيوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    شون دايش مدربا لنوتنجهام فورست    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    زيلينسكي: نسعى لعقد طويل الأمد مع أمريكا لشراء 25 منظومة باتريوت    شوربة الشوفان بالدجاج والخضار، وجبة مغذية ومناسبة للأيام الباردة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر ورهانات التعافى الاقتصادى الخاطئة
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 07 - 2016

ليس خافيا أن استراتيجية الحكومة المصرية منذ 2014 تحديدا ترتكز على محاولات جذب استثمارات أجنبية لمصر، وأنه فى هذا السبيل جرى عقد مؤتمر شرم الشيخ فى مارس 2015، وجرى تعديل عدد كبير من القوانين ذات الصلة من أجل تهيئة مناخ أفضل للمستثمرين العرب والأجانب المفترض أن يأتوا بأموالهم الدولارية ليضخوها فى الاقتصاد المصرى الذى يعانى من مختلف أنواع الاختلالات. وقد يكون جذب الاستثمارات الأجنبية هو الحل من الناحية النظرية لبلد يعانى منذ خمس سنوات من التباطؤ الاقتصادى وتراجع معدلات التشغيل من ناحية، مع تفاقم الوضع المالى للعجز فى الموازنة والدين العام (الذى تخطى 100٪ من الناتج المحلى الإجمالى طبقا لبيانات المركزى انطلاقا من 87٪ فى 2010، وهو معدل نمو شديد التسارع)، كما أن الاستثمارات الأجنبية ستكون أرخص وسيلة لإعادة بناء الاحتياطيات الدولارية وسد العجز فى ميزان المدفوعات مقارنة بالاقتراض، وفى ظل تراجع المساعدات والمنح من الخليج. ولكن النظر إلى تاريخ مصر الاقتصادى المعاصر يقلل كثيرا من جدوى الرهان على تدفقات استثمارية ضخمة فى المدى القصير.
***
لم يكن الاقتصاد المصرى يوما منذ بدء تجربة الانفتاح الاقتصادى فى منتصف سبعينيات القرن الماضى محط جذب لتدفقات ضخمة من الاستثمارات الأجنبية، فعلى الرغم من أن الانفتاح قد بدأ فعليا بإعداد قانون للاستثمار استهدف المستثمرين العرب والأجانب بغرض جذب رءوس الأموال الدولارية إلا أن مصر لم تنجح فى تحقيق زيادة كبيرة فى معدلات التدفق، وطبقا لبيانات البنك الدولى فإن نصيب صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة (وهى النوع المستهدف من قبل الحكومة باعتباره الأكبر عائدا من ناحيتى التشغيل والنمو) نصيبه كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى كانت أقل من 1٪ (واحد بالمائة) كمتوسط فى السنوات بين 1980 و2004، وقد ارتفع هذا النصيب فى السنوات بين 2005 و2009 ليقترب من 5٪ من الناتج المحلى لينهار مرة أخرى مع الأزمة المالية العالمية ثم أزمة الديون السيادية فى أوروبا ثم ثورة يناير وما تلاها من اضطرابات سياسية وأمنية وهروب لرءوس الأموال. فهل يمكن التعويل على معدلات تبدو هى الاستثناء الذى يثبت القاعدة دون النظر إلى المتوسط الذى غلب طيلة عقود؟، والذى يؤشر للقيود المؤسسية والتشريعية والهيكلية التى طالما واجهت قدرة الاقتصاد المصرى على جذب الاستثمار الأجنبى، وعلى رأسها ضعف قدرة الاقتصاد المصرى على المنافسة اللهم إلا فى قطاعات تقليدية وعلى رأسها البترول والغاز الطبيعى، والذى استحوذ تقليديا على ما يربو عن ثلثى إجمالى الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر منذ الثمانينيات وحتى يومنا هذا.
إن القيود الموضوعية هذه لا تزال فى محلها، ولا تبدو الحكومة اليوم أقدر من سابقاتها على علاجها بشكل جذرى خاصة فيما يتعلق بحجم ونطاق عمل البيروقراطية الحكومية، والتى تعتبر أحد أهم العوائق أمام جذب الاستثمار الأجنبى، وقد وجهت محاولات تمرير قانون الخدمة المدنية بمقاومة شديدة أثبتت فاعليتها، ويضاف إلى هذه العوائق التقليدية مشكلات جديدة تتعلق باستمرار الاضطراب المالى العالمى منذ ديسمبر 2008، وانكماش الاقتصاد العالمى على وقع التباطؤ فى الصين، وانخفاض أسعار النفط بما يقلل من قدرة بلدان الخليج على ضخ استثمارات وكذلك مساعدات لمصر فى المدى المباشر، فهذه جميعا عوامل مستجدة تضيف للعوائق التقليدية التى طالما جعلت نصيب مصر من الاستثمارات الأجنبية محدودا مقارنة ببلدان مثل الصين والبرازيل وتشيلى والمكسيك والتشيك.
إذن فأغلب المؤشرات تفيد بأن الرهان على استثمارات أجنبية كحل لمعضلات الاقتصاد المصرى الحالية ليس له ما يبرره، وأنه قد يكون الوقت قد حان للتفكير فى مصر خارج مستقرات النيوليبرالية للتنمية والتى وضعت فى التسعينيات ودارت حول جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتوسع فى التصدير، بالنظر لوضع الاقتصاد العالم، فما هى البدائل تحديدا؟
***
أعتقد أن الحكومة بحاجة للنظر لمناخ الاستثمار الكلى، وليس فحسب الاستثمار الأجنبى، إذ إن صورة رئيسية من صور التدفق الدولارى على مصر هى تحويلات العاملين بالخارج، والتى ضوعفت كقيمة مطلقة منذ 2011، وبلغت نحو 20 مليار دولار (أى أربعة أضعاف دخل قناة السويس سنويا) فى 2015، وهذه الأموال تعتبر مصدرا بالفعل شديد الأهمية للتقليل من العجز فى ميزان المدفوعات وربما التخفيف من أزمة العملة، إلا أن استخدامات هذه الأموال وفيم تنفق تعد أسئلة شديدة الأهمية، وبكل أسف لا نملك عنها أى إجابات لندرة الدراسات الاقتصادية أو السوسيولوجية، والراجح أن هذه الأموال الدولارية إما تستخدم لتمويل الاستهلاك العائلى أو لتمويل أشكال استثمارية معينة خاصة عقارية (مبانٍ وشقق أو أراضٍ)، ولعل النظر فى إمكانية تهيئة مناخ أكثر مناسبة لاستخدامها استثماريا فى مشروعات قد ترفع عائدات النمو والتشغيل يمكن أن يكون شاغلا مناسبا للحكومة لتعظيم الاستفادة الكلية من مثل هذه التدفقات بدلا من أن تذهب لتغذية مضاربات عقارية أو أن تظل قابعة فى حسابات خاصة بالبنوك التجارية دون استخدام، هذا علما بأن شبكات المقيمين بالخارج والمهاجرين كانت قد لعبت دورا جوهريا فى التحرير الاقتصادى فى الصين منذ نهاية السبعينيات، ولم يقتصر دورها على التمويل فحسب بل امتد لنقل التكنولوجيا والمعلومات والمهارات.
ويتصل بالنقطة السابقة أن ثمة حاجة لمقاربة الاستثمار الأجنبى والمحلى على حد سواء من زاوية أشمل تضم القطاعات ذات الأولوية تبعا لمخططات التنمية، والتى من شأنها أن تجيب عن قضايا مثل تنويع الاقتصاد المصرى، وتوجيه الاستثمار صوب قطاعات تصنيعية أو زراعية بعيدا عن الاستثمار العقارى واقتصاد المضاربات المرتبط به، والذى رسم صورة التنمية فى مصر فى العقدين الماضيين دون نجاح كبير فى ملفى التشغيل أو تنافسية الاقتصاد المصرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.