رئيس جامعة المنصورة يهنئ الأنبا أكسيوس لتجليسه أسقفًا على إيبارشية المنصورة    الغرف التجارية: استمرار انخفاض أسعار السلع الأساسية خلال الفترة القادمة    «الإحصاء»: زيادة عدد دور الكتب والمكتبات إلى 1409 دار خلال 2022    «الهندسية للانشاء والتعمير-مصر» توقع اتفاقية مع «أكسا مصر»    إعلام فلسطيني: الاحتلال ينسف منازل وعمارات بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة    مؤشر الأسهم السعودية يغلق منخفضا    بسبب كريستيانو رونالدو.. بنر جماهير الهلال بدوري الأبطال يسبب أزمة في النصر    سبورت: بيرناردو سيلفا يقاتل من أجل الانتقال إلى برشلونة    افتتاح المرحلة الأولى من تطوير القطاع السكني الفندقي بالمدينة الشبابية بالعريش    الدفع ب 4 سيارات إطفاء.. حريق يلتهم مخزن أدوية في جاردن سيتي    مدير مكتبة الإسكندرية: الخريطة لها دور إستراتيجي ومهم في العلوم الاجتماعية    أحمد زاهر يكشف سبب خسارة وزنه    مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة يحتفي بالسينما الفلسطينية    "كانت ناقصك يا تايسون".. أبطال فيلم "شقو" يحتفلون بالعرض الأول في الرياض    إبداعات فنية وحرفية في ورش ملتقى أهل مصر بمطروح    هل التوت الأسود يرفع السكر؟    وزير الدفاع الروسي: القوات الأوكرانية خسرت نصف مليون عسكري منذ بداية الحرب    ولادنا عايزين يذاكروا| الأهالي يطالبون بعدم قطع الكهرباء عن المنازل أسوة بالمدارس    النسب غير كافية.. مفاجأة في شهادة مدير إدارة فرع المنوفية برشوة الري    الإسماعيلية تتزين استعدادا للاحتفال بأعياد الربيع (صور)    حماة الوطن: التحالف الوطني نموذج فريد في تقديم الدعم الإنساني للأشقاء بفلسطين    ندوة تثقيفية بجامعة الأزهر عن مبادئ القانون الدولي الإنساني.. صور    بيان عاجل وزارة البيئة بشأن تأثير العوامل الجوية على جودة الهواء خلال الفترة المقبلة    أبو عبيدة: الاحتلال الإسرائيلي عالق في غزة    فانتازي يلا كورة.. سون رهان رابح.. وأفضل لاعبي توتنهام في آخر 6 جولات    جمال علام: أزمة «صلاح» و«العميد» «فرقعة» إعلامية.. و«مو» سيتواجد في معسكر المنتخب القادم| حوار    أحمد بلال البرلسي يطالب بضوابط واضحة لتغطية الجنازات والعزاءات (تفاصيل)    «الرعاية الصحية»: المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل تبدأ في دمياط ومطروح    إحالة بيان الحكومة بشأن الموازنة إلى لجنة "الخطة".. ورفع الجلسة العامة حتى 7 مايو    فيديو| فتح باب التصالح على مخالفات البناء.. أبلكيشن لملء البيانات وتفاصيل استعدادات المحافظات    موجة حارة وعاصفة ترابية- نصائح من هاني الناظر يجب اتباعها    وزير العدل: تشكيل لجنة رفيعة المستوى لوضع مشروع قانون ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي    التصريح بدفن جثة طفلة سقطت من أعلى بأكتوبر    محافظة الجيزة تزيل سوقا عشوائيا مقام بنهر الطريق بكفر طهرمس    فتح أبواب متحف السكة الحديد مجانا للجمهور احتفالا بذكرى تحرير سيناء    محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية    رئيس جامعة عين شمس يبحث مع السفير الفرنسي سبل تعزيز التعاون الأكاديمي    الجريدة الرسمية تنشر قراري مجلس الوزراء بشأن إجازة شم النسيم وعيد العمال    محافظ المنيا: تنظيم قافلة طبية مجانية في مركز أبو قرقاص غدا    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    رئيس الوزراء يحدد موعد إجازة شم النسيم    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    الغزاوي: الأهلي استفاد كثيرا من شركة الكرة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    مجلس النواب يحيل 23 تقريرًا برلمانيًّا للحكومة -تعرف عليها    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع إلى القاع.. بين ترامب وهيلارى
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 06 - 2016

صدق أو لا تصدق أنه على الرغم من حصول كل من ترامب وهيلارى كلينتون على ترشيح حزبيهما للانتخابات العامة، فإن الفائز الحقيقى حتى الآن فى الانتخابات الأمريكية هو ساندرز وناخبيه. فإن بيرنى ساندرز رغم أنه خسر الانتخابات فى كاليفورنيا التى كان يعول عليها أملا كبيرا، فإنه باق فى السباق مصمما مع حملته على عدم الخروج حتى يُدخل تعديلاته على برنامج الحزب الديمقراطى فى مؤتمره المزمع عقده فى فيلادلفيا، فى أواخر يوليو القادم. وتتمثل أهم هذه التعديلات فى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية فى المجتمع الأمريكى.
وما نجح فيه ساندرز لم ينجح أحد من قبله فى تحقيقه. لم يخشَ ساندرز فى أولى مراحل الانتخابات تلقيب نفسه بالاشتراكى، وهى كلمة يلفظها المجتمع الأمريكى شكلا ومضمونا. بل نجح ساندرز فى فرض مفهومه للاشتراكية وكسب الأصوات بقدر لم يكن متوقعا مما أدخل القلق على كلينتون وحملتها فى مرحلة ما وجعل كلينتون تعمل له ألف حساب. فقد قام ساندرز بفرض فكره الاشتراكى من حيث المطالبة بنظام تأمين صحى أكثر شمولا ومجانية التعليم الجامعى وزيادة الحد الأدنى للأجور، كما لم يخشَ المطالبة بتحقيق العدالة فى المجتمع الأمريكى من خلال فرض الضريبة التصاعدية على الأغنياء والشركات العملاقة. وما يأمل فيه ساندرز اليوم هو دفع حزبه إلى اعتناق هذه الأفكار وتضمينها فى برنامج الحزب، وهو ما يعنى جذب الحزب إلى اليسار بعد أن ظل سنوات طويلة يتباهى بمواقف الوسط. وسوف تجد هيلارى صعوبة ضخمة فى التصدى لتيار بيرنى ساندرز إذا ما أرادت استقطاب أصوات مؤيديه. بل إن خطابها فى الثامن من يونيو الحالى بعد نجاحها فى الحصول على عدد المندوبين اللازم لترشيح الحزب لها «2383» كان واضحا فى تأييده لمطالب ساندرز.
فعلى الرغم من أن ساندرز لم يحصل على ترشيح الحزب، فإن اعتناق الشباب الأمريكى والطبقة المتوسطة لأفكاره وتوجهاته، سوف تدفع كلا من المرشحين كلينتون وترامب إلى تبنى الكثير من أفكاره سعيا وراء الحصول على أصوات مؤيديه.
صدق أو لا تصدق أن الكثيرين يرون أن هذه الانتخابات بمثابة صراع إلى القاع وسيفوز من يكون أقلهما ضررا على الولايات المتحدة. ويرى الكثيرون أيضا أن المرشحين الاثنين سواء ترامب أو كلينتون هما أسوأ ما أفرزته الانتخابات الأمريكية منذ سنوات، فإن كلاهما يفتقد ثقة الشعب الأمريكى ويخشى الجميع أن تصل هذه الانتخابات إلى أدنى المستويات فى الخطاب الانتخابى.
***
قامت هيلارى بشن أول هجوم مباشر لها على ترامب وسياسته واصفة إياه بأنه رجل متقلب المزاج وخطر على الولايات المتحدة وعلى العالم ككل. فهو بمثابة قذيفة غير موجهة لا يمكن أن نأتمنه على حياتنا ومنحه التحكم فى زر السلاح النووى. وفى المقابل لا يتراجع ترامب عن تسمية كلينتون بهيلارى الملتوية حينا وهيلارى الكاذبة حينا آخر. ومن الطبيعى أنهما سوف يستمران فى تبادل النقد اللاذع وحذف بعضهما بقذائف من العيار الثقيل مع عدم الاكتراث كثيرا بالنقد الموضوعى لبرنامجهما. ويطالب ترامب بالسجن لكلينتون لتعريضها أسرار الولايات المتحدة للخطر نتيجة لاستخدامها بريدها الإلكترونى الشخصى أثناء شغلها منصب وزير الخارجية، كما يشكك ترامب فيما جنته مؤسسة زوجها بيل كلينتون من أموال طائلة أثناء توليها هذا المنصب مقابل خدمات خاصة لرؤساء الدول الأجنبية، إلى جانب قيام ترامب فى كل مناسبة ولا مناسبة بفضح أخلاقيات عائلة كلينتون سواء بيل كلينتون لكثرة صداقاته النسائية أو هيلارى كلينتون، التى بدلا من إلقاء اللوم على زوجها كانت تبالغ فى الإساءة لهذه الفتيات، وهى التى تحمل لواء المرأة فى الانتخابات وتترشح باسمها وتتغنى بأنها أول امرأة تحظى بترشيح أحد الحزبين الرئيسيين لها لخوض الانتخابات الرئاسية منذ تأسيس الولايات المتحدة منذ مائتى وخمسين عاما.
وتتساءل هيلارى كلينتون عن مفهوم ترامب حول استعادة الولايات المتحدة عظمتها من جديد، وإذا ما كان المقصود عظمتها فى الخمسينيات والستينيات عندما كانت معروفة بالعنصرية وسيادة العرق الأبيض، يسودها قانون جيم كرو الذى كان يتباهى بإعطاء الأقلية السوداء حقوقها من خلال مبدأ التساوى مع الفصل التام وعدم الاختلاط بين العرقين الأبيض والأسود، فلكل منهما مدارسه الخاصة به ومناطق سكنه ومستشفياته وجامعاته مع الفرق الشاسع بين مستوى الخدمات المقدمة لكل من هذه الأماكن. وكان النظام الأمريكى شبيها بالنظام العنصرى فى جنوب أفريقيا، وتحكمه منظمة إرهابية معروفة بال Ku Klux Klan أخذت القانون فى يدها، وأصبحت تنفذه ضد السود وفقا لهواها. وتصف كلينتون ترامب بالعنصرية وأنه شخص لا يمكن الوثوق به.
صدق أو لا تصدق أنه إن فاز ترامب أو فازت كلينتون، فإن العالم عامة ومنطقتنا خاصة هما الخاسران.
***
إننا بصدد مرشحين من الصعب ترقب تحركهما أو توقع سياساتهما، ولم يعد من الممكن أن نتنبأ بمواقفهما على أساس سلوكهما طريق الوسط الذى كان السمة الأساسية لتمرير سياسات الرؤساء الأمريكيين فى الكونجرس من خلال تعبئة تأييد ممثلى الحزبين. فإن ترامب لا يدين بالولاء للحزب الجمهورى بل إنه فخور بشعبيته ويمكن القول بأنه مرشح الشعب الأمريكى، ومن ثم فولائه للشعب أولا ولن يتبع سياسات الحزب الجمهورى المعهودة، وسيكون هناك الكثير من لى الأيدى لتمرير سياساته. أما كلينتون، فإنها على الرغم من أنها تقدم نفسها على أنها تمثل الاستمرارية والاستقرار للسياسة الأمريكية، فإن مثل هذه التصريحات يشوبها الكثير من الغموض وعدم الدقة، وذلك لأسباب عدة، من بينها الخلاف فى الرؤى بينها وبين الرئيس أوباما أثناء توليها وزارة الخارجية ودفع الإدارة إلى قصف ليبيا رغم ما كان يبدو حينئذ من تردد الرئيس على أن يُقدِم على مثل هذه الخطوة. كما أن كلينتون ستلتزم فى كثير من سياساتها بالبرنامج الجديد للحزب الذى لا شك سوف يترك ساندرز بصماته عليه. فعلى الرغم من أن كلينتون معروفة بميولها التدخلية، فسوف يتعين عليها الإحجام عن التدخل أو إرسال قوات فى ضوء التوجه العام للشعب الأمريكى برفض سياسة التدخل عامة ورفض ساندرز لها بصفة خاصة.
وفى نفس السياق سوف يعمل ترامب على الالتزام برغبة الناخب الأمريكى أكثر من الساسة فى واشنطن، بل إن الناخب سيمثل حجة ترامب الأساسية لانتهاج ما يرغبه من سياسات بعيدا عن توجهات رجال الحزب. وحيث إن الناخب الأمريكى أقل اهتماما فى هذه الانتخابات بالسياسة الخارجية، فإنه يميل أكثر إلى تراجع بلاده عن اقتداء سياسات تدخلية، والكف عن الإنفاق لدواعى السياسة الخارجية فى ضوء ازدياد الأوضاع الداخلية سوء وتدنى الحالة الاقتصادية. وعلى الرغم من تصريحات ترامب الرنانة بأنه سيقضى على داعش خلال يومين، فإنه سوف يعيد حساباته مرة أخرى فى ضوء المزاج الشعبى وتفضيلاته. ويرفض ترامب بصفة أساسية التدخل تحت ذرائع إنسانية، وهو التدخل الذى ابتدعه بيل كلينتون لخوض حرب البوسنة، والتى كانت هيلارى كلينتون قد لوحت بنفس الذرائع لدفع إدارة أوباما لقصف ليبيا.
ولا يكتفى ترامب بالمطالبة بفتح باب التفاوض من جديد بالنسبة لالتزامات الولايات المتحدة نحو اتفاقيات التجارة الحرة العملاقة أو إعادة النظر فى سياساتها الخارجية التى أسماها بكوارث أوباما وبوش من قبله، بل إن طموحات ترامب تتعدى ذلك بكثير. فهو يريد سحب القوات العسكرية للولايات المتحدة من آسيا، وهو ما قد يدفع فى الواقع إلى تحول اليابان لدولة نووية جديدة فى المنطقة دفاعا عن مصالحها أمام الصين وروسيا. كما يرغب فى إنهاء مهمة حلف شمال الأطلنطى، إذا ما لم تدفع الدول الحليفة تكلفة المظلة الأمريكية الأمنية. وهو لن يتوانى عن بدء حرب تجارية مع الصين بمثابة حرب باردة جديدة، ولا مانع لديه من معاداة المكسيك. ويبدو أن ترامب لا يعمل أى حساب لوقع مثل هذه المواقف على وضع الولايات المتحدة ومسئولياتها كدولة عظمى وما تجنيه الولايات المتحدة نفسها من منافع جمة من جراء هذا الدور. فضلا عن تشكيك ترامب فى جدوى العولمة وهو مفهوم ابتدعته أساسا الإدارة الأمريكية بغية فتح الأسواق أمام المؤسسات الأمريكية العملاقة.
***
وبناء على ما تقدم، فإن الانتخابات الأمريكية تجرى فى ظروف غير عادية لا تساعد أحدا على توقع سياسات الولايات المتحدة فى الفترة القادمة، وكل ما تأمل فيه الدول هو دراسة بدائل خارج الصندوق. لأنه سواء بالنسبة لترامب أو كلينتون، فإن جميع الاحتمالات مفتوحة. ويقع على عاتقنا فى ضوء ذلك كله إعادة حساباتنا ومحاولة جذب اهتمام الرئيس الأمريكى المقبل لأهمية مصر فى المنطقة وأهمية قضايانا وإعادة صياغة مطالبنا لإقناع الإدارة القادمة مجددا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.