- ميشال تامر يبدأ رئاسته المؤقتة للبلاد بالتعهد بالخصخصة والتقشف ومكافحة الفساد.. وروسيف تدعو للتعبئة ضد «الانقلاب» - الركود وأزمة الشرعية أبرز التحديات.. النظام السياسى فى مرمى الاتهامات.. ومحلل: أمريكا اللاتينية تتحول بعيدا عن اليسار وسط تعهدات ب«استعادة مصداقية» البرازيل، وتوحيد المواطنين وحماية تحقيقات الفساد فى شركة «بتروبراس» للنفط، بدأ ميشال تامر فترة رئاسته المؤقتة لأكبر بلدان أمريكا اللاتينية، بعد تعليق مجلس الشيوخ مهام الرئيسة ديلما روسيف، لمدة 6 أشهر، فى خطوة يراها مراقبون فى إطار تحول أوسع بالقارة بعيدا عن التيار اليسارى الشعبوى. إقالة روسيف التى فتحت باب الحديث عن شرعية الحكومة الجديدة وحفزت تعبئة فى صفوف اليسار لمواجهة ما يصفوه ب«الانقلاب الدستورى»، أسعدت أحزاب اليمين ورجال الأعمال، فى ظل مقترحات الرئيس الجديد بتبنى سياستى الخصخصة والتقشف. وفى أول خطاب له من قصر «بلانالتو» الرئاسى بالعاصمة برازيليا، قال ميشال تامر: «من الملح أن نستعيد مصداقية البرازيل وأيضا إرساء السلام وتوحيد البلاد»، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. ووعد تامر المنتمى إلى حزب الحركة البرازيلية الديموقراطية الكبير «وسط»، بالحفاظ على الإنفاق على الرعاية الاجتماعية للفقراء وكبح جماح عجز الميزانية المتضخم عن طريق خفض بعض الوظائف الحكومية، كما تعهد بحماية تحقيقات الفساد فى شركة بتروبراس للنفطة المملوكة للدولة من التدخل السياسى. وأعرب محللون عن «القلق» من تعرض عناصر الشرطة الاتحادية وأعضاء النيابة العامة والقضاة الذين يتولون التحقيق فى «فضيحة بتروبراس» لضغوط فى إدارة تامر، لاسيما مع ورود اسمه وشخصيات بارزة موالية له فى التحقيقات. وقبل يومين، استُبعدت روسيف تلقائيا عن السلطة وبات نائبها تامر رئيسا مؤقتا للبلاد، بموجب تصويت تاريخى فى مجلس الشيوخ، على خلفية اتهامها بالتلاعب فى أرقام الميزانية، فى انتظار صدور الحكم النهائى للمجلس الذى يفترض أن يصوت بغالبية الثلثين؛ أى 54 صوتا من أصل 81، من أجل إقالتها نهائيا. وقال جوليانو جريبلير، المحلل فى مجموعة «برال إم خورجى» للاستشارات إن «التصويت على إقالة روسيف، قد يكون هزيمة لحزب العمال، لكن الأحداث الهزلية على مدى الأشهر الأخيرة، بما فى ذلك الاشتباكات بالأيدى فى الكونجرس (مجلس النواب)، دمرت إيمان البرازيليين بالطبقة السياسية برمتها»، وفق ما نقلته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية. وشكل الرئيس تامر (75 عاما) حكومته التى ستركز على النهوض الاقتصادى، إذ قلص عدد الوزارات فى الحكومة من 32 إلى 23 وزارة فقط، وعين الحاكم السابق للمصرف المركزى إنريكى ميرييس، وزيرا للمالية، والمرشح الرئاسى الخاسر فى انتخابات 2010، باولو خوسيه سيرا، وزيرا للخارجية. وحول برنامج عمل الحكومة الجديدة، قالت صحيفة «جارديان» البريطانية إن مقترحات الرئيس المؤقت المتعلقة بالتقشف المالى والخصخصة، أسعدت رجال الأعمال واليمين. وقال كارلوس بيريرا، أستاذ العلوم السياسية فى كلية الإدارة بالبرازيل، إنه «يتوقع أن يكون هناك دعم واسع النطاق للحكومة الانتقالية بقيادة تامر»، مضيفا أنها ستكون «حكومة إنقاذ وطنى، فكل القوى السياسية تقريبا ستدعمها». بدوره، قال ماركوس بيستانا، عضو الحزب الديمقراطى الاجتماعى إن «حكومة تامر لا تملك شرعية عبر صناديق الاقتراع، وعليها الحصول على شرعية الأداء». وقالت إندريا موراتا، الباحثة فى المجلس الأطلسى بواشنطن إن «حكومة تامر تبدأ عملها فى خضم واحدة من أسوأ حالات الركود فى تاريخ البرازيل، كما أن أجزاء واسعة من البلاد ترى أنها حكومة غير شرعية»، إلا أنها رأت أن «هناك بارقة أمل؛ فأى تحرك إيجابى ولو صغير من الحكومة سيتردد صداه فى جميع أنحاء البلاد ويكسبها بعض التعاطف». وفى سياق متصل، دعت ديلما روسيف، رئيسة البلاد المبعدة عن منصبها، الشعب البرازيلى إلى «التعبئة ضد الانقلاب»، قائلة: «أدعو كل البرازيليين المعارضين للإنقلاب، من أى حزب كانوا إلى البقاء فى تعبئة وموحدين ومسالمين»، مضيفة أن «الخطر لا يحدق فقط بولايتى بل أيضا باحترام أصوات الناخبين وسيادة الشعب البرازيلى والدستور». وكررت روسيف القول أنها ضحية «انقلاب» و«مهزلة قضائية وسياسية»، موضحة أنها ضحية «انقلاب دستورى» أعده تامر الذى سرع سقوطها من خلال دفع حزبه فى أواخر مارس الماضى على الانسحاب من التحالف الحاكم. وفى افتتاحية بعنوان «النظام السياسى يجب أن يحاكم وليس امرأة واحدة»، رأت صحيفة «جارديان» أن النموذج السياسى البرازيلى الفاشل هو الذى ينبغى محاكمته». وقالت الصحيفة إن الدستور البرازيلى يفصل السلطة التنفيذية عن المجلس التشريعى، ولكن طريقة حصد الأصوات للكونجرس البرازيلى (مجلس النواب) تفضى إلى تواجد عدد كبير من الأحزاب السياسية فى تركيبته». وأوضحت أن «النتيجة هى أن الرئيس الذى حصد أغلبية أصوات الناخبين يواجه برلمانا، يكون حزبه محظوظا إذا حصد 20٪ من مقاعده». بدورها، رأت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن الإطاحة بروسيف وجهت صدمة لأمريكا اللاتينية، إذ كان ينظر إلى البرازيل كقوة اقتصادية صاعدة ونموذج لشكل جديد من أشكال الحكم اليسارى». ونقلت عن ماركوس ترويجو، أستاذ العلاقات الدولية البرازيلى فى جامعة كولومبياالأمريكية، إن «رحيل روسيف جزء من تحول سياسى أوسع نطاقا فى أمريكا اللاتينية، بعيدا عن النموذج الشعبوى الذى مثله يسار الوسط، عبر سيطرته على المنطقة خلال العقد الماضى».