أسعار الدولار في البنوك اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    المشاط: الشراكة بين مصر والأمم المتحدة تقوم على الملكية الوطنية لتحقيق أولويات التنمية    ضبط 40 مخالفة لسيارات السرفيس لتقسيم خطوط السير وتحصيل أجرة زائدة بالجيزة    التعداد الاقتصادي السادس.. الإحصاء: 3.858 مليون منشأة تعمل في مصر بزيادة 3.1% خلال عام 2022-2023    لولا دا سيلفا يعرب عن تفاؤله إزاء التوصل لاتفاق تجاري أمريكي برازيلي بعد الاجتماع مع ترامب في ماليزيا    جيش الاحتلال يرد على اتهامه باستهداف قوة اليونيفيل بلبنان ويقدم رواية مزعومة    تودور: أخطاؤنا الفردية وغياب الفاعلية حرمتنا من الفوز على لاتسيو    عضو الجبلاية السابق ينشر خطاب عقوبات السوبر المصري    رضا عبد العال: السوبر سيكون الاختبار الحقيقي لتوروب مع الأهلي    الجزيري يرفض التصعيد ضد الزمالك    «الصحة» تعلن نجاح عملية إنقاذ معقدة لسائحة إسبانية داخل هرم سنفرو بالجيزة    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    محافظ الإسكندرية يتابع تداعيات انهيار أجزاء من عقار بالعصافرة بحري    رحال المحروسة: المتحف المصري الكبير رمز عزة وفخر لكل مصري    لقاءات توعوية وورش ومسابقات للأطفال ضمن أنشطة قصور الثقافة في الفيوم    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    لافروف: بوتين مستعد لقبول المقترحات الأمريكية بشأن أوكرانيا لكن واشنطن لم تقدم ردا مباشرا حتى الآن    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" ب5 مدن    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    وزارة العمل تنشر نتائج حملات تفتيش على 721 منشآة    خروج 24 مصابا وتحويل حالتين لمستشفى الغردقة بحادث طريق الزعفرانة رأس غارب    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    "سأرحل عن الفريق".. الكشف عن كلمات فينيسيوس بعد استبداله في الكلاسيكو    في 26 دقيقة فقط .. يحيى النوساني يهزم لاعب إسرائيل 3-0 ببطولة كندا للإسكواش    محافظ القاهرة يوجه بتخصيص جزء من الإذاعة المدرسية للتعريف بالمتحف المصرى    تقرير: أهلي جدة بدون محرز وكيسي أمام الباطن في كأس الملك    التعليم العالي: جامعة المنيا تستهدف التحول إلى مركز جذب للطلاب الوافدين    وزير الخارجية يبحث مع نظرائه في فرنسا واليونان والسعودية والأردن تطورات الأوضاع    الرعاية الصحية: تكلفة تطوير مستشفى دار صحة المرأة والطفل بالسويس 870 مليون جنيه    العظمي 27..تعرف على حالة الطقس اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    نورا ناجي: رواية حامل مفتاح المدينة تمزج بين الواقعية السحرية والخيال    وفاة شخص إثر تصادم تريلا مع ملاكي في قنا    حملات مرورية لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في بورسعيد    بعد غد.. وزيرا دفاع اليابان والولايات المتحدة يجتمعان في طوكيو    اتحاد المبدعين العرب: المتحف الكبير يجسد عبقرية المصري القديم وريادة مصر الحديثة    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    استقرار نسبي في أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 27أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    بطولة محمد سلام.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» قبل عرضه الأربعاء    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    مصرع شخص سقط من الطابق الرابع بمنطقة التجمع    بسملة علوان ابنة القليوبية تحصد المركز الثاني ببطولة الجمهورية للكاراتيه    إسرائيل تنسحب من منطقة البحث عن جثث المحتجزين في غزة    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    الأمم المتحدة تطالب بممر آمن للمدنيين المرعوبين فى مدينة الفاشر السودانية    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس    من هو صاحب الذهب المشتراه من مصروف البيت ملك الزوجة ام الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الإمارات.. قانون للقراءة
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 05 - 2016

فى غمرة الأحداث التى ذهلتنا وأذهلتنا الأسبوع الماضى فى مصر، كان يحدث هناك على ضفاف الخليج العربى، فى دولة الإمارات العربية المتحدة، حدث فريد من نوعه، يشهده عالمنا العربى ربما للمرة الأولى فى تاريخنا الحديث، حيث قررت حكومة الإمارات إطلاق صندوق وطنى للقراءة بقيمة 100 مليون درهم، وأصدرت أيضا «قانونا للقراءة» يحدد الأدوار والمسئوليات الوطنية وكل الجهات الحكومية المعنية بالقراءة، وتستهدف جعل التعليم مدى الحياة لكل مواطنيها..
الحقيقة، لفتنى بشدة فكرة إصدار «قانون للقراءة»، وأن تحتشد الدولة بكاملها وبأعلى مستوياتها وقطاعاتها لبدء الإجراءات التشريعية لإعداد قانون للقراءة تحت مسمى «قانون القراءة» والذى يهدف، بحسب بيان الحكومة الإماراتية، لضمان استدامة جميع الجهود الحكومية لترسيخ القراءة فى دولة الإمارات، وضمن جميع الفئات والأعمار، وتحديد المسئوليات الرئيسية للجهات الحكومية فى هذا المجال، على أن يبدأ هذا القانون دورته التشريعية خلال الأسابيع القليلة القادمة.
كنت أتابع تفاصيل الموضوع بفضول كبير، وفوجئت بأن هذه القرارات العظيمة، جزء من كل، مجرد خطوة ضمن استراتيجية هائلة وضخمة للاستراتيجية الوطنية للقراءة فى العام 2016 والتى تتضمن 30 توجها «وطنيا» رئيسيا فى قطاعات التعليم والصحة والثقافة وتنمية المجتمع والإعلام والمحتوى.
واضح جدا أن الموضوع تجاوز فكرة الاحتفاء والتشجيع (كما نتعامل دائما مع القراءة والكتاب) ليكون عصبا لمشروع قومى، وأولوية كبرى، قررت الدولة الإماراتية أن تتعامل معها بالجدية اللازمة والتخطيط الدقيق والدعم الكامل، لقد قررت الإمارات اعتماد خطة طريق نحو المستقبل والانطلاق إلى آفاق غير مسبوقة، بالاستثمار الجدى فى المعرفة؛ خطة طريق قوامها الأساسى «القراءة» وتبتغى «جعل التعلم مدى الحياة لكل أفراد المجتمع، وتعزيز الأصول الذهنية والفكرية والثقافية لمواطنى الإمارات»، بحسب ما أكد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والذى قال أيضا بمناسبة إطلاق الاستراتيجية الوطنية للقراءة عبارة شديدة الأهمية وتحمل دلالات خطيرة؛ قال إن «دولة الإمارات انتقلت خلال العقود السابقة من دولة تسعى إلى محو الأمية لدولة تسعى للمنافسة العالمية فى المجالات التقنية والعلمية، والقراءة والمعرفة هى المفتاح للتفوق والمنافسة».
إذن، فقد تجاوزت الإمارات «محو الأمية» إلى «المنافسة فى المجالات التقنية والعلمية»، هكذا يكون طموح الدول والحكومات، وهكذا تعمل كى تصل بشعوبها إلى ما تستحقه من مكانة ورسوخ. ومن المدهش حقا أن يحمل خطاب أعلى مسئول فى البلد هذا الوعى وهذه الرؤية وأن يكون مشتملا على الهدف والغاية والآليات التى من خلالها يتم البدء فعليا فى هذا المشروع العملاق، ف«كل سياسات وإستراتيجيات القراءة هى سياسات لبناء أمة وترسيخ شعب مثقف واع متمكن متسامح؛ حيث نهدف لإعداد أجيال يحققون قفزات تنموية، ويضمنون تفوق دولتنا، وتعزيز تنافسيتنا، وتحقيق رؤيتنا المستقبلية لدولة الإمارات».
أما الهدف من إصدار تشريع أو قانون للقراءة، فهو «جعل التعلم مدى الحياة لكل أفراد المجتمع، وتعزيز الأصول الذهنية والفكرية والثقافية لمواطنينا، قانون القراءة سيعمل على مؤسسة الجهود واستدامتها وجعل القراءة جزءا أساسيا من عمل وصلاحيات وواجبات مجموعة من الجهات الحكومية».
له كامل الحق، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبى ونائب رئيس الإمارات، بأن يصف هذا القانون بأنه «قانون حضارى» على مستوى المنطقة لترسيخ القراءة. «ترسيخ القراءة» فى الأجيال الجديدة وصفه حاكم دبى بأنه عمل طويل المدى، ونتائجه عميقة الأثر، ولا يمكن للحكومة وحدها أن تصنع تغييرا بدون مساهمة الأسر ومساهمة جميع فعاليات المجتمع من مؤسسات حكومية وخاصة وجمعيات نفع عام وناشرين وأدباء ومثقفين ومتخصصين. فلا يوجد اقتصاد معرفة بدون مجتمعات المعرفة. ولا يمكن بناء استراتيجيات بدون بناء أجيال. لا يمكن تكوين مجتمع متسامح، وأسر متماسكة، ووعى مجتمعى حضارى، وهوية وطنية راسخة، بدون ثقافة وقراءة واطلاع ومعرفة.
بالمناسبة، فإن الكلمات السابقة هى بنصها وحرفها كلمات حاكم دبى التى تجاوزت فى وضوحها وحسمها فكرة الكلمات البراقة والعبارات الإنشائية والوعود التى لا تنفذ إلى أفكار ومشروعات عملاقة على الأرض، كلمات تجسد رؤى وتصورات خرجت للنور ضمن خطط واستراتيجيات، هو ليس مدركا فقط لما يقول بل إنه مؤمن إيمانا تاما وجازما بما يقول، هو على قناعة ويقين بأن المجتمع القارئ هو مجتمع متحضر، مواكب للمتغيرات، رائد فى التنمية ومتقبل لكل الثقافات.
إذا كان هذا هو وعى النخبة الحاكمة وسلوكها فمن الطبيعى أن تصيب عدوى هذه الحماسة المخلصة كل مسئولى الدولة وفى كل القطاعات والمؤسسات؛ وفى هذا الإطار، وخلال المؤتمر الصحفى الذى أداره خمسة وزراء من الحكومة الإماراتية للإعلان عن تفاصيل هذه الاستراتيجية الضخمة، تم الإفصاح عن تفاصيل مجموعة من المبادرات؛ منها: تخصيص مجلس الوزراء شهرا فى كل عام للقراءة، وتوزيع حقيبة معرفية لكل المواليد المواطنين فى دولة الإمارات، والتوجهات لإثراء المحتوى القرائى الوطنى ومراجعة سياسات النشر فى الدولة لتعزيز ودعم الناشرين المواطنين وتضمين القراءة الاختيارية ضمن المناهج التعليمية، وضمن تقييم المؤسسات التعليمية.. وغيرها من المبادرات.
ولمن لا يعلم، فإن الإمارات ومنذ بداية 2016 الذى جعلته «عاما للقراءة» قامت بإطلاق عشرات المبادرات، وعلى كل المستويات فى الدولة ومؤسساتها التابعة لها؛ مبادرات تعددت وتنوعت لترسيخ فعل القراءة بين مواطنيها وخاصة بين الأجيال الناشئة، وعبر عشرات المشروعات والفعاليات تحولت «الإمارات» إلى خلية نحل حقيقية، لا يمر يوم دون فعالية ضخمة وكبيرة، وبرعاية من شيوخ الإمارات أنفسهم. فى المدارس، فى النوادى، فى المستشفيات، فى المطارات، لن تسير فى مكان أو جهة فى الإمارات دون أن يقع تحت عينيك ما يشير إلى نشاط أو فعالية تتعلق بالكتاب أو تدور حوله؛ معارض، ندوات، عروض فنية، مهرجانات.. أنشطة وفعاليات يصعب حصرها وجمعها فى هذا الحيز، وإن كان ما يميزها على تعددها وكثرتها هو التنظيم الشديد والتنسيق بين الجهات المضطلعة بها.
ما يحدث فى الإمارات، كبير ومذهل، نشاط عارم وحقيقى وعلى كل المستويات لاعتماد المعرفة ولا شىء آخر طريقا للمستقبل وضمانا لحق الأجيال الجديدة ليس فقط فى الحياة ولا فى العيش ولا فى الأمن ولا فى العمل بل فى التعلم أيضا مدى الحياة. ببساطة الدولة الإماراتية أدركت أن الأساس القوى والراسخ والضامن للبقاء والوجود والاستمرار على سطح هذا الكوكب هو التعامل مع القراءة والثقافة والمعرفة كمشروع قومى حقيقى له الأولوية، من أجل المستقبل ومن أجل الأجيال القادمة؛ المعرفة وحدها ولا شىء آخر يضمن بقاء الأمم ومستقبلها.. إن ما حدث ويحدث فى هذه الدولة الشقيقة خطوة جبارة وغير مسبوقة فى أى مكان من عالمنا العربى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.