بعدما تحدثنا في الجزء الاول عن نظرية ال 1000 ساعة ، وخطأ وجهة النظر الكلاسيكية حول المهارة و التعلم ، و التي "تقوم على افتراض أن القدرات البيولوجية الفطرية تلعب دورا مهما في مستوى النجاح و الإنجازات التي يمكن أن يحققها أي شخص." نحو التأكيد أنه بقوة العزيمة ، و الايمان بالقدارت ، وبرمجة العقل على الهدف المنشود ، و ربط هذا بعدد ساعات مرتفع من الممارسة ، يمكن بسهولة الوصول إلى مرتبة العظماء في أي مجال ، بشرط الجدية و الالتزام والحفاظ على سقف عالي من الطموحات. "تقريبا كل قصة نجاح على مر التاريخ ، تنطوي على شخص أو مجموعة عملوا بجد أكثر من أقرانهم ، ويتمتعون بالإدمان ، والهوس ، و ساعات أكثر من الممارسة.." لمن فاته الجزء الأول (الجزء الأول دروس من دموع كريستيانو رونالدو) في هذا الجزء سوف نتطرق لنقطة آخرى مشتركة بين الناجحين وهي لحظات "الألم والمعاناة". سوف نبدأ بأفضل لاعب لكرة السلة على مر التاريخ "مايكل جوردان". هل تعلم أنه عندما كان في عمر (17 عاما) تم رفض انضمامه لفريق كرة السلة في الثانوية ، بدعوى أنه ليس جيد بما فيه الكفاية و لا يرقى للمستوى المطلوب. هذا الرفض كان نقطة التحول في حياته ، لم يقبل فكرة أنه ليس جيد بما فيه الكفاية ، وابتعد عن اللعبة ، بل قرر العمل على تطوير مهاراته. دقة التسديد والتمرير ، خفة الحركة ، المراوغة.. ، كل ذلك من خلال العمل الجاد والتصميم و رفع التحدي. يقول جوردان عن هذه الفترة:"أعتقد أن رفض انضمامي لفريق الثانوية لكرة السلة في عمر (17 عاما) كان نقطة التحول في حياتي ، الطريقة التي تقبلت بها القرار كانت إيجابية ، فكرت بمبدأ أنهم يقصدون "بأني لست جيد بما فيه الكفاية" أني قابل للتطور أحتاج للمزيد من العمل فقط ، لكن في الحقيقة هم كانوا يقصدون أني لا أصلح نهائيا للعبة ، هم كانوا مقتنعين بهذه الفكرة ، لكن أنا كنت مؤمن بفكرة آخرى. هذا دفعني للعمل ، وعلمني أيضا أنه إذا قمت برسم أهداف، والعمل باجتهاد لتحقيقها ، الأمر سوف يعطي ثماره دون شك.." دوافع إثبات جدارته ، جعلته نجم منتخب الناشئين في الثانوية. كان دافعه إثبات خطأ الناس ونجح في ذلك بالعمل الجاد و الالتزام و المثابرة. جوردان أصبح فيما بعد أعظم لاعب كرة السلة في التاريخ. عندما يتحدث عن حياته المهنية أكثر ما يتحدث عنه هي الإخفاقات والأخطاء التي ارتكبها ، وكيف كانت الأداة التحفيزية الأهم في نجاحه ، وكيف جعلته شخص على استعداده لفعل الاشياء دون الخوف من الفشل. قد نتعامل مع الرفض بشكل سلبي و ندخل في دوامة من الإحباط ، الكثير منا يستسلم و لا يقبل الرفض. حاول التعامل مع الرفض بشكل إيجابي. الرفض جعل من جوردان أعظم لاعب في تاريخ كرة السلة. بالعودة إلى طفولة كريستيانو رونالدو و رحلته نحو النجاح فهو لا يخرج عن القاعدة بل بالعكس تأكيد كبير لها. سنجد أنه عاش طفولة بائسة في أحياء "ماديرا" الفقيرة ، والده كان مدمنا على شرب الكحول ، ووالدته كانت تعمل لساعات طويلة يوميا لتأمين مصاريف تربيته وتربية أشقائه. طفولته كانت صعبة وبائسة جدا ، و كرة القدم لم تطلق سراحه فقط بل كانت أيضا مصدر إلهام له لمساعدته و عائلته للحصول على حياة أفضل ، وحافز قوي في سن مبكرة ليصبح لاعب عظيم. رونالدو مثل العديد من العظماء في عالم الرياضة جعل من لحظات "الألم والمعاناة" دافع ذاتي ليكون أفضل لاعب في العالم ، دموعه في حفل الفيفا العام الماضي كانت شاهدة على مقدار ، تضحياته ، وتفانيه ، وعمله الدؤوب ليقف حيث هو الآن شاهدة على إيمانه القوي بقدراته ورفضه فقدان التركيز ، والتفاني ، و المعتقد ، حين فقده الآخرون. الاستجابة للفشل و التعلم منه ، تحويل اللحظات الصعبة إلى دافع ذاتي لا ينضب ، رفض الواقع المفروض و البحث عن حياة أفضل ، كلها أسباب رئيسية صنعت عظمة كريستيانو رونالدو." فمثل هذه العقلية هي التي قد تدفعنا للأمام من خلال بعض من أكثر الفترات صعوبة في حياتنا.." "من أجل تحقيق النجاح يجب أن تذهب حتما من خلال فترات من الألم والمشقة. ومن النادر جدا العثور على أي قصة نجاح لا تنطوي على صعوبات ونضال." نماذج آخرى من لاعبين حققوا النجاح من رحم المعاناة كحالة "ليبرون جيمس" ، و "مايك تايسون" ، افتقدوا لدور الأب في حياتهم وتربوا من قبل أمهاتهم. كانت والدة "ليبرون جيمس" تبلغ من العمر (16 عاما) فقط حين أنجبته ، وتنقلوا باستمرار من مكان لآخر عندما كان طفلا صغيرا. في فيلمه "أكثر من مجرد لعبة" يتحدث "ليبرون جيمس" عن مدى حجم المعاناة التي مر منها في صغره ، وكيف ساعدته كرة السلة على تخطى المصاعب التي واجهته. وكيف ساهمت الرياضة في إطلاق سراحه والتقدم في حياته. [embedded content] ليونيل ميسي عاش بدوره نكسات مماثلة ، كآخر رياضي من الطراز العالمي يثبت ما يمكن تحقيقه من خلال التغلب على النكسات وخيبة الأمل. في عمر (11 سنة) رفض ميسي في أكثر من نادي لكرة القدم في الأرجنتين بسبب قصر قامته و بنيته الجسدية الضعيفة. برشلونة كان النادي الذي قبل المخاطرة و المقامرة عليه ، وكانوا على استعداد لدفع ثمن حقن هرمون النمو التي كان يحتاجها. ميسي الأن أحد أساطير اللعبة ومثال يحتدى به في قوة الدافع والرغبة في التغلب على الانتكاسات و الصعاب. تحقيق النجاح ليس دائما سهل و مباشر بل يتطلب المرور من نكسات وصعاب كثيرة. الناجحون تعاملوا مع الشدائد بشكل إيجابي ، قبلوا الفشل وتعلموا منه ، تحدوا واقعهم وجعلوه دافع ذاتي لاينضب ، رسموا أهداف وعملوا بجهد لتحقيقها بتفاني وانضباط و مثابرة هائلة. يتبع.. اقرأ ايضاً لهشام صبحي: أكاديمية مانشستر سيتي.. مشروع مستقبلي للسيطرة على الكرة الأوروبية نابولي و مارادونا.. عندما تتجاوز الموهبة حدود اللعبة ! نظرة عن كثب ‘نموذج أودينيزي' ، توجه اقتصادي و كروي ذكي قصة نجاح الرجل الاكثر نفوذا في عالم كرة القدم ما الذي يحاول يوهان كرويف صنعه في اياكس؟! بورتو.. افضل نموذج اقتصادي من ال "ماني بال" لقراءة مقالات أخرى للكاتب اضغط هنا تابع الكاتب على تويتر والفايس بوك Follow @hicham_sobhi