سنديانةٌ أصيلةٌ …. امتشقتْ السَّيفِ العربيِّ

عدوانٌ وحشيٌّ تقنَّعَ بثيابِ الحمائمِ ، زخرفَ أقاليمَهُ الدَّاكنةَ بقناديلِ السَّلامِ ، وكحَّلَ شعاراتِ الحبِّ بألوانِ قزحٍ شمسيَّةٍ ، انتشى طرباً لخريفِ بلادي الطَّويلِ ، دلفَ بجسدهِ الثَّقيلِ وفؤادهِ الثَّلجيِّ إلى مدائنِ النورِ التَّليدةِ ، يختبرُ قوةَ نسرٍ عربيٍّ يأبى الخضوعَ لغطرسةٍ عمياءَ، أفقدهُ البصيرةَ الطمعُ ، وغرائزهُ الحيوانيةُ أصابتهُ بالصَّممِ ، يمدُّ رأسهُ كنعامةٍ إلى علمِ بلادي متلصلصاً من نوافذِ الخيانةِ ، اليومَ جاهرَ بوحشيتهِ كذئبٍ جائعٍ لاتشبعُهُ إلاَّ أغصانُ طفولةٍ غضةٍ من ياسمين دمشقَ و صنوبرُ حمصَ
كانتْ سوريتي جريحةً بسهامِ الغدرِ العربيةِ حين افترشَ سهولَ القمحِ بحقده و روابي الزيتونِ واللوزِ بقنابلِ طائراتهِ، كأنهُ لم يرتوِ من دماءِ أهلي في بياراتِ فلسطين وتفاحِ الجولانِ ،
امتدتْ رحاهُ إلى قلبِ وطني تزفرُ أوارَ النارِ وتبتلعُ أسرابَ الفراشِ الجميلةِ ، تسحقُ بطواحينها أجنحةَ العصافير الطرِّيَةَ .
اختالَ كطاووسٍ بانتصاره الساحقِ على آخرِ وريقاتِ الحبقِ و إبادةِ خلايا النحلِ في حدائقِ الزهرِ و دنيا الأنغامِ .
وحدها شجرةُ سنديانٍ شمختْ كنخلةٍ على سفوحِ قاسيونَ امتشقتْ السَّيفَ العربي و صاغتْ لحنَ الكرامةِ ، عطفتْ مدارَ الشَّمسِ غيَّرَتْ اتجاهَ البوصلةِ معاندةً ذاكَ الَّليلَ المتعجرفِ .
في لحظةٍ عجائبيةٍ مجيدةٍ انطلقتْ بموكبها العتيدِ تشيِّعُ أحلامهُ الظَّلاميةَ الهشةَ ، صعقتْ جذورها عتوَ الرِّيحِ، وُلِدَتْ آلافَ النسورِ ، أورقتْ صموداً في خريفِ القهرِ مطرِّزَةً صدرَ الوطنِ بآياتِ النصرِ ، مؤطرةً خوابي الفرحِ في القلوبِ العاشقةِ
أروعْ بها ! ماأحيلاها توشَّحتْ بالنورِ ! تقلدتْ رايةَ الحريّةِ ، وأعادتْ للربيعِ الباكي الفرحَ والحياةِ .
__________
مرام عطية