سِتُّ سُداسِيَّات

على طريقة "المعرى" فى: (لزوم ما لا يلزم)، ومحاولة لمعارضة "المتنبى" فى كلمته:
[وماذا بمصر من المضحكات.. ولكنه ضحك كالبكا!].
(1)
أطِعْ أوْلياءَكَ مِن فضْلِكا ** وخذْ لِحياتِكَ مِن عقْلِكا
فهمْ قد أنارُوا لمصرَ السَّبيلَ ** وما كانَ زيْتٌ بِقِنديلِكا
فإنْ نَهبوها فمِن أجْلِها ** أوِ اضطهدُوكَ فمِن أجْلِكا
لهمْ فى العدالةِ نهْجٌ فريدٌ ** فليستْ تُقاسُ علَى عدْلِكا
أليسَ بقرآنِكَ الوحْىُ زكَّى ** وُلاةَ الأمورِ.. وإنْجيلِكا!
وماذا بمصرَ مِنَ المُضحكاتِ ** ولكنَّهُ ضحِكٌ كالبُكا!
(2)
هُنا أمَّةٌ مَن رآها بَكَى! ** فقد هجَعَ الناسُ من حَوْلِكا
تَهبُّ الشعوبُ إذا استُعبِدتْ ** فمَحصولُها غيْرُ مَحْصولِكا
وتَسألُ أهلَكَ عن هبَّةٍ ** فهلْ غيرُ يأسِكَ من أهْلِكا!
تُفتِّشُ فى مصرَ عن حُرَّةٍ ** وحُرٍّ.. فلا تلكَ أو ذلِكا!
ولكنْ بقيَّةُ شَعبٍ قَضَى ** بداءِ المَذلَّةِ.. واستُهْلِكا
وماذا بمصرَ من المُضحكاتِ ** وتُضحِكُ بعضَكَ مِن كُلِّكا!
(3)
تَنبَّأَ راوٍ.. وحاكٍ حكَى: ** ستزدادُ ذُلًّا على ذُلِّكا
ويأتيكَ يومٌ ففى قيْظِهِ ** ستَصْدَى فَتشربُ مِن بَوْلِكا
سَتَكْفِيكَ مِن سَغَبٍ بُلْغَةٌ ** ويُغنِيكَ شُربُكَ عن أكْلِكا
صبرْتَ إلى أنْ تَمادَى الطُّغاةُ ** فغاضُوا مياهَكَ عن نِيلِكا
بِمَعسولِ قولٍ أغثْتَ البلادَ ** فأنَّى استغاثَتْ بمعْسولِكا!
وماذا بمصْرَ مِن المُضحكات!** فخفِّفْ بِضحْكِكَ مِن حِمْلِكا!
(4)
إذا نفْسُكَ اسْتهونَتْ أمْرَكا ** فأصْبحْتَ جِدُّكَ فى هزْلِكا
وأسْلَسْتَ للمُستبِدِّ القِيادَ ** وأرْخيْتَ لِلوقْتِ مِن حَبْلِكا
فأيَّةَ حُرِّيةٍ تَبتغِى؟ ** وهاهىَ تخجَلُ مِن مِثْلِكا
تُريدُ لِتَملِكها قاعدًا؟ ** متى كنتَ أهلًا لأنْ تَملِكا!
أبِاسْتِكَ ترجو جَلاءَ العَروسِ * فماذا ادَّخرْتَ لإحْليلِكا!
وماذا بمصرَ مِن المُضحكاتِ ** فأضْحِكْ ضيوفَكَ فى حفْلِكا!
(5)
لَئِنْ كفرَ المرءُ أو أشْرَكا ** وكانَ جديرًا بأنْ يهْلِكا
لَأفْضلُ منكَ إذا ما مضَى ** لِينْهضَ عنكَ بمَفْعولِكا
وأنتَ تُردِّدُ ما قالَ عمْرٌو ** فينسُجُ زيْدٌ على نَوْلِكا
تَمُرُّ عليكَ فُصولُ الزَّمانِ ** ويَضحكُ عامُكَ مِن فصْلِكا
ويغْرَقُ فى اللّحيةِ الشَّاربانِ ** ويأكلُ عَرضُكَ مِن طُولِكا!
وماذا بمصْرَ مِن المضْحكاتِ! ** ويكْفِى التأمُّلُ فى شكْلِكا!
(6)
ستُبعَثُ مِن بينِ كوْمِ الرَّمادِ ** صَحيحُكَ أَزْرَى بمُعتَلِّكا
وتَسعَى لِتقبِيلِ مَعشوقةٍ ** هى الآنَ تَسعَى لِتَقبِيلِكا
فكمْ مُتَّ شوقًا إلى وصلِها ** وكمْ هى ماتتْ إلى وصْلِكا!
فأَجْمِلْ بيومٍ تَكونانِ فيهِ ** وفى شَمْلِها مُنتهَى شمْلِكا
وإنْ يَكُ حُلمًا فمِن وحْيِه ** سيبدَأُ تَحقيقُ مَأْمولِكا
وكمْ ذا بمِصرَ مِنَ المُعجِزاتِ ** إذا ما تَجلَّى سِرُّ مَجْهولِكا!
*** *** *** *** *** *** ***
من ديوان [متتالية مصرية 2006].