رقم غريب ظهر على شاشة هاتفي المحمول، يلح بإصرار عنيد، تزلزل قلقي وفضولي، كان صوت إمرأة، ناعما جميلا، لكن حاسما وجادا، أخبرني إن أحدهم سوف يقتلني بعد خمس دقائق بالضبط. أمس أخبرني الطبيب بينما كان يطالع من خلال زجاج نظارته الطبية السميك صورة الإشعة المغناطيسية الخاصة بي بنفس درجة الحسم والجدية إنني سوف أموت خلال خمسة اشهر على الأكثر من الآن، الأورام استولت على الرئتين وتوغلت الى الجدران المحيطة تعيث تخريبا وتدميرا. أمس الأمس أخبرتني إمرأة غريبة المظهر والأطوار جلبتها زوجتي من أحد الأماكن الصحراوية المدفونة خلف جبال الصعيد إن أمامي خمسون عاما على ظهر الأرض قبل أن اغادر سريري الذي أرقد عليه الآن وانتقل الى جوف قاعها المظلم. كأنني استأنس بنظرات متأرجحة تطالع فضائي الفارغ وغرفتي الباردة التي لايدخلها أحد سوى إمرأتي المسكينة. الدقائق الخمس توشك ملامحها على الإنتهاء، وملامحي تتحول بطريقة ساخرة الى شبح غريب الأطوار، يرتفع صدره ويهبط بسرعة كبيرة يلاحق حفنة من الهواء لكي يسكبها داخل رئتيه المتورمتين. الوقت يعدو بسرعة خلف الأنفاس الواهنة التي تتحشرج في طلوعها الى فضاء الغرفة الفقيرة، يلهب ظهرها ضربا بسياطه النارية غير المحتملة. وعيوني توشك على الإنطفاء، تتبدد أمامي ملامح صورة ذلك الشبح غريب الأطوار، وصوت المرأة الناعم، وذلك الطبيب الذي يطالع صورة الإشعة، والمرأة الغربية التي جلبتها إمرأتي أمس الأمس. كأن كل شيء صائر الى الهدوء، ومع ذلك ما تزال ماكينة التنفس تعمل ولم تسكت بعد. د. احمد الباسوسي