محاولة للنبش في المجموعة الشعرية عناق الجنون للشاعرة بهيجة البقالي القاسمي ((( الجزء الثاني ))) الشطر الأول من المجموعة الشعرية عناق تأطير المجموعة الأولى و مفتاحها : ( أعانق السعادة لأحتفظ ب … دفء اللقاء ) مبرر العناق . هذا هو مفتاحه ، و هذه هي أسبابه و مبرراته . الفعل المضارع ، الحاضر المستمر غير المنقطع … العناق فعل حاضر الآن ممتد في الآتي …معانقة الفرحة المستمرة ، هي فرحة السعادة . للفرحة أوجه متعددة ، لكن الفرحة هنا هي وجه السعادة . عناق السعادة ، و من أجل ماذا هذا العناق ؟؟؟ من أجل الاحتفاظ بالمسكوت عنه ، تحتفظ به الشاعرة . لكنها تترك للقارئ ، للمتلقي أن يشاركها فعل التخمين و اقتراح هذا المسكوت عنه …فتخيل أيها القارئ أي شيء تضعه في النقاط المتوالية … المهم أنه في الأخير يعانق دفء اللقاء ، يحتفظ بدفء اللقاء الذي لا تساوره البرودة و التحنط من تحجر المشاعر … التلاشي في دفء اللقاء ، وعناق اللقاء تستعيد المشاعر و الأحاسيس حياتها و رونقها ، فتتجدد . و تصور الشاعرة هذا اللقاء المتخيل عندها ، المرسوم في دواخلها ، في قصيدة ترنيمة المساء ( ص 6 ) تسائل الصمت و كل ما يصاحب هذا الصمت من تمظهرات عدة .لكن عند اللقاء ، عند حضور هذا الموعود باللقاء تتغير الأشياء . تُراه من يكون ؟؟؟ من يكون هذا الذي يتغير كل شيء بمعانقته ، فيصبح الليل بهاء ، و للظلمة إشراقات بالضياء ؟؟؟ إنه العناق . فعندما تحادث الشاعرة الصمت ، و حين ينحني الصمت للقادم ، و عندما يُنطق القادم الصمت … ينزاح السؤال ، بل تنزاح كل الأسئلة . ( فكيف لا أرسمك حرفي يا من أنطق صمتي … أزاح خوفي … و احتل جوفي ا ؟ ) ص 7 من نفس القصيدة . و من جماليات هذا العناق ، ما تسجله الشاعرة في قصيدة الراية البيضاء .عندما يطفو كبرياء شهرزاد ، و يتعالى في انتظار إذعان و استسلام شهريار . لكن بعناق الحب الجميل … (ما أجمل غرور آدم و ما أروع كبرياء حواء رغم رجوعي كل مرة إليك لا زلت أنتظر الراية البيضاء … فأنا الأنثى .. حفيدة حواء ) ص 15 استخدام التعجب مرتين بنفس الصيغة و القياس ، مع انتظار الذي يرفع راية الاستسلام للحب . هنا ، ليس مكان للحديث عن الهزيمة و الانكسار ، بل الإذعان لعناق الآخر فمن يرفع منهما الراية البيضاء ؟؟؟ و تأكيدا على هذا العناق ، تعطف على شهريار ، و تحنو عليه في تسامي شهرزاد … ( و ما أروع كبرياء حواء أن ترفع الراية البيضاء … أنا من سأرفعها … و لا انتصار أروع .. من الاستشهاد بكل سخاء في نهر عشق .. من توسط السماء ) ص 16 الاستشهاد عند الشاعرة ، حياة تنبض بالعشق و المحبة . و نفس المعنى نجده في صيغة أخرى في ثنايا قصيدة رهان ص 17 ( تحديت النسيان فخسرت الرهان .. أحاول ترتيب حروف قصيدتي فأجد حروفها اسمك .. فإلى أين الهروب منك .. يا من بصمت زماني ، و مكاني بصمتك… و أروع الأوقات …) ص 18 لتعلن الشاعرة في آخر نصوص هذه المجموعة : الإذعان الصريح ، و البوح الأخير . كبرياء شهرزاد يضم العناق ، ينحني أمام عناد شهريار . ليس هزيمة ، بل اختيارا عاشقا …فكانت قصيدة : مسك الختام ص 19 ( من أجلك تحديت و للسلاسل كسرت .. نظرت إلى الأمام فاخترت معبدك قبلتي و كان مسك الختام ) لا مجال هنا للصراع الغبي ، حول من يكون و من يلغي الآخر ….. بل البحث عن حياة أجمل و أروع في ظل الحب .. في لهفة العناق المقدس. ما أروع هذا الختام ااا بالمسك و بالعناق . لينتهي هذا المشهد الأول باستحالة النسيان .. و انتصار استمرارية العناق … ( كيف النسيان ؟ أجول هنا أجول هناك كأنك هنا و كأنني هناك مهما حاولتَ ، لن أنساك . ) ص 20