تونس: على نفقته الخاصّة، أصدر الشاعر التونسى الدكتور الحبيب العوّادى مجموعتَه الشعريّة الثالثة "على أسوار بغداد" "تونس 2008" بعد مجموعتيه "قال لى السندباد" "تونس 2005" و"بلقيس فى الوادى الكبير" "تونس 2006"، وتتضمّن هذه المجموعة وفقاً لجريدة "العرب أون لاين" ثلاثين قصيدة مسبوقة بإهداء فى إهاب قصيدة موسومة ب "قصيدة بلا كلمات" جاء فيها قول الشاعر: إلى كل الرّفاق، رفاق الفكر والسّاعد فى عراق المجد أو مجد العراق، رفاق الغائب والشاهد، والرائح قبل العائد والصّادر بعد الوارد والعالِمِ إثر الجاحد، الواقفين على جسر الفرات أو جسر الحياة، والناظرين أمامهم وخلفهم، والناظرين بأعين حائرة، غائرة يمنة ويسرة، فلا يرون يدا تمتدّ أو قلبا ينبض، أو شراعا يخفق، أو نفسا تتحسّر، أو راية ترفع أو عينا تدمع، أو ذاكرة تتذكّر أو فكرا يدبّر. والناطقين فى صمت بكلمات تناثرت أحرفها، وتكسّرت خطوطها، وتشوّهت ألوانها، وأخرست أصواتها وألجمت أفواهها، بكلمات ليست كالكلمات، بأحرف من دم وحبر من نار، مغرقة فى طلاسم الأمنيات بكلمات لم تكن يوما كالكلمات.." ص ص 3-5" كتب الشاعر مقدمة الديوان واضعًا فيها حسبما ذكرت "العرب أون لاين" مجموعته "على أسوار بغداد" ضمن سياقاتها الفنية سواء من حيثُ الشكل أو من حيث المضمونُ أو من حيث الإيقاعُ مَا وسمها بميسم الشعرِ العربى الحداثي، شعرٍ مال إلى قصيدة النثر "التى تبحث لنفسها فى الشعر العربيّ المعاصر عن هُويّة حداثيّة جديدة وعن منزلة لها فى حركيّة الإبداع والابتكار". إنّ نصوص "على أسوار بغداد" لا تقف عند أسيجة المُعْطى، بل تتجاوزها إلى المأمولِ المفقود، لا بل نراها تسعى أحيانًا إلى بناء المنشود من المعنى الذى أفسد جَمَالَه سوء الحال التى صار عليها العربُ، لكأنّما قصائد هذه المجموعة الشعريّة صيحاتٌ من الفزع ومنبِّهاتٌ إلى ضرورة استنهاض العزائم القوميّة للدِّفاع عن الهُويّة بكلّ ما تتحوّط من معانٍ على حدِّ ما جاء فى قصيدة الإهداء التى مرّت معنا. وفي مجال العواطف الإنسانية يقول الشاعر في قصيدة "شهرزاد": فى كل مرّة تولد شهرزاد ألف مرّة، تقتحم حدود المستحيل، وتنبت فى كل جذع، وفى كل حبّة من عراجين النخيل. تتخلّل كل حبّة عنب نواسيّة ترتوى من دجلة والفرات، وفى كل ليلة يفتح شهريار أذنيه مشرقا ومغربا، ويرسم على صفحات التاريخ البالية أنشودة، مقاطعها أضلاع الناس أجمعين، فى كل مرة تردّد شهرزاد قصّتها الجديدة ومحنتها القديمة، وتنقضى الليلة بعد الليلة، ولا يأتى الفجر، ويظل شهريار مسمول العينين يغطّ فى نوم عميق. تسحب شهرزاد أذيال فستانها الذهبي وتحلّق فى الفضاء الرحب، وتكتسى بلون الجلّنار، حيث لا ليل ولا نهار، وحيث تولد من جديد فى كل مرّة ألف مرّة..