( اكرام الميت دفنه) هكذا كنا نعمل في النوبة الغريقة ولا زلنا نعمل بهذه المقولة في النوبة المستنسخة ففور وفاة احد علي الفور كان يقوم بعضنا بالذهاب الي الجبانة او المقبرة لحفر المدفن الشرعي ويقوم البعض بتفصيل الكفن ويقوم البعض باعداد (العنقريب) او السرير الذي سيحمل عليه المتوفي حيث كان يغطي بجريد النخيل الاخضر بطريقة قوسية اعلي السرير ثم يغطي بالملاية حيث يوضع المتوفي تحته لكي لا ينكشف واهل المتوفي يقومون بغسله وكل ذلك كان يتم بسرعة ويتم الدفن حتي لو في منتصف الليل علي ضوء الكلوبات . وأذكر ان احدهم لم يكن مقبولا بالقدر الكافي من اهل القرية وخاصة الشباب وحينما توفي وكان الظلام يكتنف القرية ذهب الشباب الي المقابر ومع اول ضربة فأس لامس الفأس (زلطة ) فأحدثت شرارة فقال معلقا (ولعوله من دلوقتي ) أي اضرموا له النيران .. وضج الوقوف بالضحك في موقف لايحتمل الضحك .. والمدافن في النوبة الغريقة وفي المستنسخة ايضا متاح للجميع فأرض الله واسعة وهي شرعية حيث لكل متوفي مدفن واخذ العزاء بالنسبة للرجال كان يتم في المضايف ولايزال حيث كل نجع فيه مضيفة اما النساء في بيت المتوفي وكان النساء يعددن حيث يذكرن مناقب المتوفي واصوله الممتده عبر التاريخ بطريقة غنائية ملحنه كنت اتمتع بسماعها وانا صغير..! حيث كانت الدموع تنساب مني ..! ولتباعد قري النوبة عن بعضها البعض كان العزاء يمتد احيانا إلي خمسة عشرة يوما وكانت مجموعات النساء التي تأتي من القري الاخري يرددن وهن قادمات (اليوي بي يو ) وتلك كانت من العادات السيئة حيث يكتسي القرية حلة سوداء وتلك الصرخات التي تعم القرية من شمالها وجنوبها حسب الاتيان من القري الاخري . واذكر ايضا بعد انتهاء العزاء كان بيت اهل المتوفي يقدمون الطعام بعد المغرب يوميا لاطفال القرية كانت تسمي (سدقة) ولمدة خمسة عشرة يوما واهل المتوفي لم يكونوا يتكلفون شيئا حيث القرية كلها تشارك في تقديم الطعام للضيوف وكذلك كانت الجمعيات المنتشرة في القاهرة والاسكندرية ترسل مبالغ لاهل المتوفي والي الان وليس كما يحدث في المدن (موت وخراب بيوت ) …يحيي صابر