الفردوس المفقود هو الامان المفقود

البروفيسور هيرمان بل مؤلف كتاب النوبة الفردوس المفقود لا شك انه رأي ولمس عن قرب بلادنا .. واعتقد ان الذي احزنه كثيرا ليس طبيعة بلادنا التي تتكون من النهر والنخيل واشجار السنط والبيوت والجبال !! ففي بلاد الله خلق الله هناك اماكن كثيرة ذات طبيعة جميلة وخلابة ..
وكما ذكرت كنا نعيش قرب النهر ونأكل من ما نزرعه ونقوم بتربيته في بيوتنا من انعام ودواجن .. والمناخ كان قاريا حرارة عاليه في الصيف وشتاء قارس يترك اثره علينا علي صورة تشققات في الايادي والارجل.. الحياة من ناحية المعيشة كانت سهلة وميسرة !! ولكن الفردوس المفقود هو الامان المطلق ..
نعم الامان المطلق بكل ما تعني هذه العبارة من معني ..ففي النوبة الغريقة لم يعرف النوبي حمل السلاح كي يدافع عن نفسه !! كان النوبي يقطع المسافات الطويلة منتقلا من قرية الي اخري يركب دابته ومعه عصي يوجه به دابته !!..النوبي لم يحمل نبوتا كما يفعل اخواننا في الصعيد ولا خنجرا كما يفعل اخواننا البشارية والعبابدة ..
النوبي كان يحمل بندقيته للصيد ولا شئ غير الصيد فلم يكن يستخدمه للدفاع عن نفسه اطلاقا ..
في النوبة لا تسمع عيل تايه ياولاد الحلال .. النوبة لايوجد فيها بيوت لايواء أيتام ولايوجد ديار للمسنين اهملوا من قبل اولاده واسرته وتركوه يواجه الوحدة ويتمني الموت بعد ان صرف عليهم دم قلبه وعلمهم وأوصلهم اعلي المراتب !! ..
بيوتنا في النوبة الغريقة لم تكن ابوابها بطبلات ذات الست تكات ولم تكن لبيوتنا ترباس من الداخل .. جدي لامي كان تاجرا وكانت البضائع تأتينا من اسوان والباخرة تفرغ ما تحملها في كل قرية عند جرف النيل والبضائع كانت تفرغ بدون الحصول علي ما يثبت انهم قاموا بتسليمها للتجار !!
وقد تبقي تلك البضائع لأيام عي الشاطئ ولا يمتد يد اليها بل يتطوع الاهالي لتوصيلها الي اصحابها !!..الفردوس المفقود هو الامان المفقود .. الامان المطلق الذي كان متوفرا في النوبة الغريقة ..
وحيثما وجد الامان .. عاش الانسان مطمئنا علي ماله وأهله ونام قرير العين .. النوبة الغريقة حياة الامان المطلق ..والان في النوبة المستنسخة يوجد امان ايضا ولكن ليس بالمطلق كما كان ..يحيي صابر