بكى رمضان أقوام وقالوا *** مضى شهر السعادة والغنائم فقلت لهم: دعوا البكاء فمتى *** بقيتم على التقوى فإن الشهر دائم هكذا استهل الداعية الدكتور أنس عطية الفقي خطبة الجمعة أمس من فوق منبر مسجد طارق بن زياد بمدينة السادس من أكتوبر مؤكداً أن شهر رمضان الذي آذن بالرحيل حريّ بنا أن نبكي عليه وعلى فُرص الطاعة التي ربما فاتتنا فيه. وأنشد قائلاً: يا غافلاً وليالي الصوم قد ذهبت *** زادت خطاياك قف بالباب وابكيها واغنم بقية هذا الشهر تحرث ما *** غرسته من ثمار الخير تجنيها وأضاف: روح رمضان وخلق الصائم في رمضان ينبغي أن لا نهجرها بعد رمضان، فالصلاة والصيام والقيام والإعراض عن اللهو واللغو والرفث والإكثار من البذل والعطاء والصدقات وتلاوة القرآن يجب أن تستقر في حياتنا طوال العام. قال الحبيب المصطفى عليه صلاة الله: (لو علمت أمتي ما في رمضان لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان). ويجب أن نبتعد عن الطمع والفجور والفسوق والفواحش والذنوب.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (..اتق المحارم تكن أعبد الناس) وقال: (..ألا إن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله محارمه). نسأل الله أن يصدق فينا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقّدم من ذنبه). وحمد الداعية الأستاذ الدكتور أنس عطية الفقي مولانا الله عز وجل الذي بلغنا هذا الشهر وأكرمنا بنفحاته، وأحيانا لنشهد خواتيم هذا الشهر الذي فيه ليلة خير من ألف شهر. وساق حديث سيدنا عبد الله بن عباس: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل صلاة العيد فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد ذلك فهي صدقة من الصدقات). وفي شرح هذا الحديث قال: قد تبدر من الصائم أشياء ربما تُؤثر على قبول صومه وكما ورد في الخبر أن الصيام (يظل معلقاً بين السماء والأرض لا يُرفع إلا بزكاة الفطر). فالزكاة تجبر الكسر والخلل، وهي لها وضع خاص، أي أنها مفروضة على كل مسلم ومسلمة، حتى الطفل والمجنون والفقير. وهي تربي المسلم الفقير على البذل والعطاء ما دام يملك قوت يومه، وهو كما يأخذ يُعطي.. قال تعالى: "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى". ووقت خروجها من بعد غروب شمس آخر يوم في رمضان وحتى صلاة العيد، لكن الفقهاء جوزوا خروجها قبل العيد بيومين أو ثلاثة، وبعضهم جوّزّ إخراجها من أول يوم في الشهر، تحقيقاً للتكافل الاجتماعي في الإسلام. وأحقّ الناس بالزكاة المسلم الفقير المتعفف الذي لا يسأل الناس إلحافاً ويظنه الناس غنياً من شدة تعففه وعدم تطلعه إلى ما في جيوبهم. قال تعالى: (للفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ). فإذا عرفت أحداً من أقاربك أو جيرانك بهذه الصفة فهو الأولى.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان؛ صدقة وصلة). يقول ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاث آيات مقرونات بثلاث: لا تقبل واحدة بغير قرينتها: وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ … فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه. وَأَقِيمُواْ الصلاةَ وَاتُواْ الزكاةَ… فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه. أن اشكر لي ولوالديك .. فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه. فرضى الله في رضى الوالدين، وسخط الله من سخط الوالدين. وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر ، فقال : " آمين آمين آمين " . قيل : يا رسول الله ، إنك حين صعدت المنبر قلت : آمين آمين آمين . ، قال : " إن جبريل أتاني ، فقال : من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين . ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما ، فمات فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين . ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين". قال عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم ( رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) ، وقال عيسى ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)، فرفع يديه ثم قال : اللهم أمتي ، اللهم أمتي ، وبكى ، فقال الله تعالى : يا جبريل اذهب إلى محمد ، وربك أعلم ، فاسأله ما يبكيه؟ فأتاه جبريل فسأله ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال ، قال : فقال الله : يا جبريل اذهب إلى محمد وقل له :: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك". بشرى لنا معشر الإسلام إن *** لنا من العناية ركناً غير منهدم لما دعا الله داعينا لطاعته *** كنا أكرم الناس بأكرم الرسل