كلية الهندسة جامعة القاهرة.. خريطة الأقسام وبرامج الساعات المعتمدة    «محمد هانى».. نموذج مبشر    وزير التموين يكرم صاحب أفضل فكرة بتتبع السلع الغذائية    تراجع شبه جماعي للبورصات الأوروبية بضغط من رسوم ترامب الجمركية    تراجع مؤشرات بورصة الدار البيضاء في ختام تعاملات اليوم    خطة متكاملة لرفع كفاءة محطات الصرف بالفيوم وتدريب العاملين على الطوارئ    زيلينسكي يعرض على سفيريدينكو رئاسة الحكومة ويعلن عن خطة إصلاح شاملة    مصر والأصدقاء الأفارقة    الولايات المتحدة تعرض السيطرة على الممر الأكثر جدلا في العالم ل 100 عام    وزيرة النقل البريطانية تعرب عن مواساتها للمتضررين جراء حادث تحطم طائرة    رسميًا.. لوكا مودريتش ينتقل إلى ميلان الإيطالي    مودرن سبورت يعلن عن خامس صفقات الموسم الجديد    مادويكي يخضع للفحص الطبي في أرسنال    ضبط سيارة محملة ب 5.5 طن أسمدة زراعية مدعمة محظورة التداول أثناء تهريبها و بيعها في السوق السوداء بمركز أرمنت    متحدث الوزراء: حصر 7500 عقار آيل للسقوط بالإسكندرية    صحة الإسماعيلية: غلق 6 مراكز إدمان والطب النفسي دون ترخيص    تامر حسني لمحمد منير: غنائي مع "الكينج" جائزة لمشواري الفني    "جبالي" يهنئ الدكتورة جيهان زكى بعد منحها وسام "جوقة الشرف" من الرئيس الفرنسي    جنات تعود بألبوم ألوم على مين وتطرح أغانيه تدريجيا خلال يوليو الجاري    «ممنوع عنه الزيارات».. آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    في أول تعاون.. «المملكة» يجمع مصطفي شعبان وهيفاء وهبي    معرض كتاب الإسكندرية يناقش الفروق بين الصحافة والإبداع في ندوة مميزة    كيفية تطهر ووضوء مريض القسطرة؟.. عضو مركز الأزهرتجيب    ما حكم صلاة المرأة في الأماكن العامة أو مكان العمل؟ أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يوضح أركان وشروط صحة الصلاة وأنواع الطهارة (فيديو)    قنا: 150 فريقا طبيا يطلقون 100 يوم صحة لتحسين الخدمات والرعاية المجانية للمواطنين    احذرها.. عادة صيفية شائعة قد تضر قلبك دون أن تدري    كاميرات المراقبة... "عين لا تكذب ولا تنام" وسلاح الأمن في مواجهة الجريمة    ضبط صاحب محل دفع كلبًا نحو شخص بهدف الشهرة على "السوشيال"    الصحة الفلسطينية: اعتقال 360 من الكوادر الطبية منذ بداية حرب الإبادة على غزة    النيابة تحيل 20 متهمًا في قضية منصة «FBC» إلى الجنايات الاقتصادية    بأرواحهم وقلوبهم.. مواليد هذه الأبراج الستة يعشقون بلا حدود    تقبيل يد الوزير!    حماس: نتنياهو يتفنن في إفشال جولات التفاوض ولا يريد التوصل لاتفاق    خالد الجندي: محبة الله أساس الإيمان وسر السعادة في المساجد    تقارير: النصر لن ينسحب من السوبر السعودي    أوائل الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بأسوان بعد التظلمات (صور)    رئيس الوزراء يشيد بمبادرة لإدخال الإسكندرية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل.. ويؤكد: نجاحها سيمكننا من تكرارها بمحافظات أخرى    أكاديميون إسرائيليون: المدينة الإنسانية برفح جريمة حرب    وزارة النقل تنفي صلة الفريق كامل الوزير بتسجيل صوتي مزيف يروج لشائعات حول البنية التحتية    ندوات للسلامة المهنية وتدريب العاملين على الوقاية من الحوادث بالأسكندرية    «قناة السويس» تبحث التعاون مع كوت ديفوار لتطوير ميناء أبيدجان    رئيس الوزراء يبدأ جولة تفقدية لعدد من المشروعات بمحافظة الإسكندرية    «الوطنية للتدريب» تواصل تنفيذ برنامج «المرأة تقود في المحافظات المصرية»    «الأوقاف» تُطلق الأسبوع الثقافي ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية    تحولات الوعي الجمالي.. افتتاح أولى جلسات المحور الفكري ل المهرجان القومي للمسرح (صور)    ضبط قضايا اتجار في العملات ب«السوق السوداء» بقيمة 7 ملايين جنيه    طهران: قواتنا مستعدة لتوجيه الرد المزلزل إذا كرر الأعداء ارتكاب الخطأ    توزيع 977 جهاز توليد الأكسجين على مرضى التليفات الرئوية «منزلي»    ماذا قال رئيس مجلس الدولة لوزير الأوقاف خلال زيارته؟    موعد صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بعد تطبيق الزيادة الأخيرة (احسب معاشك)    «نيابة الغردقة» تُصرح بدفن جثة لاعب «الفلاي بورد» ونقله لدفنه ببلدته بالمنوفية    الخطيب يتفاوض مع بتروجت لضم حامد حمدان.. ومدرب الزمالك السابق يعلق: داخل عشان يبوظ    الأهلي يبدأ اتخاذ إجراءات قانونية ضد مصطفى يونس بحضور الخطيب (تفاصيل)    تفاصيل زيارة المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب في دمياط لمتابعة تنفيذ برنامج "المرأة تقود"    مستشار الرئيس للصحة: الالتهاب السحائي نادر الحدوث بمصر    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    12 صورة لضرب لويس إنريكي لاعب تشيلسي بعد المباراة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صوفيّة العشق في اختبار المغبوط أغسطينيس
نشر في شموس يوم 18 - 06 - 2017

"أيّها النّور الأسمى تعجّل بالإشراق في أعمى يريد أن يصير ملكًا لك." (المغبوط أعسطينس).
ليس كلّ شاعرٍ صوفيّاً، وإنّما كلّ صوفيّ يحلّق في عالم الحبّ والجمال. فينمو في داخله شاعرٌ يهيّئ له الانفتاح على نور الوحي، فتتشكّل العلاقة مع الله الحبّ والجمال. وإذا كان الوحي يعرَّف بالنّور الإلهيّ المنسكب في قلب الإنسان، فلا ريب في أنّ الصّوفيّين منفتحون على هذا النّور مع اختلاف الاختبار الشّخصيّ مع الله، وتحديد مفهوم الحلول الإلهيّ والاتّحاد الإلهيّ.
فهل نقول أنّ الصّوفيّين قدّيسون بالمعنى العلائقيّ مع الله الشّخص، وليس بالمعنى الدّينيّ العقائديّ؟ فإذا كان الصّوفيّ يسعى إلى لقاء مستمرّ مع الله، ويسير نحو اكتمال هذه العلاقة باحثاً فيها عن الحرّيّة المطلقة، بالتّالي فهو يدخل في دائرة النّور، أي القداسة. وإذا كان محور حياته حبّ الله وبالتّالي حبّ الإنسان، فنحن أمام علاقة عاموديّة مع السّماء، أفقيّة مع الإنسان، تلتقي عند نقطة الحبّ الّذي يعزّز حضور النّور في الشّاعر الصّوفيّ. وإذا تبيّن أنّ الصّوفيّ قدّيسٌ، فنحن أمام شعراء يعاينون الله ويتمتّعون بسرّ جماله. رسل حبّ وجمال، يلتقون الله ويناجونه ويعكسون صورته في العالم. فمن يلتقي الجمال دون سواه لا بدّ من أن يؤثّر في النّاس بقوّة.
بيد أنّ هذه المعاينة لا تعبّر عن رؤية الله بالعين المجرّدة، بل هي معاينة عقليّة قلبيّة. عقل وقلب مستنيران يعاينان النّور. ما يدلّ على لقاء داخليّ خاص وحميم، يعبّر عنه الفيلسوف المغبوط أغسطينس في حوار عشقيّ خالد مع الله قائلاً:
"قد تأخّرت كثيرًا في حبّك أيّها الجمال الفائق في القدم والدّائم جديدًا إلى الأبد
كنت فيَّ، فكيف ذهبت أبحث عنك خارجًا عنّي
أنت كنت معي، ولكنّي لشقاوتي لم أكن معك"
تبيّن هذه السّطور الحضور العشقيّ القائم بذاته، المنتظر تفاعلاً. ما دلّت عليه المعيّة الدّاخليّة. نهل أغسطينس من العشق الإلهيّ فعاش برفقة الله في عمق أعماقه الدّاخليّة. كما تكشف لنا هذه السّطور أنّ صوفيّة أغسطينس تؤكّد حضوره الدّائم في حضرة الله ولكن الله الّذي فيه.
هذا الاتّحاد العشقيّ الملموس يوضّح سرّ انتقال أغسطينس من الضّلال إلى النّور، من الموت إلى الحياة، من العبوديّة إلى الحبّ والحرّيّة. وهو القائل: "جلست على قمّة العالم، عندما لم أعد أخاف أو أشتهي شيئاً".
من يطالع مناجاة أغسطينس يدرك يقينيّاً أنّ أغسطينس عاين الله وحدّثه وناجاه، كما يشعر حقيقةً أنّ الله كان مصغياً له. ما يعني أنّ الصّوفيّة ليست ضرباً من الخيال، ولا كفراً كما يظنّ البعض. إنّها حالة فريدة متفرّدة، تعكس حالة عشقيّة واقعيّة يعيشها الصّوفيّ اختباريّاً ويعكسها بسلوكه الشّخصيّ. إنّها حالة النّور الّتي من العسير أن يعاينها كلّ إنسان ما لم يدخل في علاقة حميمة وخاصّة مع الله.
ينفصل الصّوفيّ عن العالم بلقائه مع الله، فيغترب، ويقصي نفسه عن كلّ ما يمكن أن يحول بينه وبين هذا اللّقاء الحميم. لكنّ هذا الإقصاء لا يعني بالضّرورة التّنسّك والعزلة. بل إنّه زهد داخليّ أكثر منه ظاهريّ، يحوّل الإنسان من حالته الإنسانيّة بالقوّة إلى الحالة الإنسانيّة بالفعل الّتي يمكن تعريفها بالصّوفيّة.
"أيّها النّور غير المنظور هب لي عينين تستطيعان معاينتك! يا رائحة الحياة الإلهيّة هب لي حاسة جديدة للشّمّ تجذبني نحو رائحة أطيابك الذّكية. ربّي، نقِّ فيّ حاسّة التّذوّق حتّى تقدر أن تتذوّقك وتتعرّف عليك وتكتشف غنى لذّتك المذخرة لكلّ من يرتشف رحيق محبتك.
هب لي قلبًا لا ينبض إلا بحبّك، ونفسًا تعشقك، وروحًا أمينًا لذكراك، وفكرًا يدرك غور أسرارك وعقلاً يستريح فيك ويتّحد بحكمتك المحيية دائمًا، ويعرف كيف يحبّك بتقوى، أيّها الحبّ المذخر فيك كلّ حكمة!"
أغسطينس المنجذب إلى الله، المتّقد بناره، الهائم بملكوته، كشف عن حالة صوفيّة تمتاز بتلمّس النّور الإلهيّ ومعاينته والانصهار به.
لعلّ الصّوفيّون في حياتهم مع الله يكشفون للإنسان بشكل أو بآخر حالة السّماء إن من خلال الشّعر، أو الفلسفة، أو السّلوك الحياتيّ اليوميّ. لكنّ الحبّ الإلهيّ يجمعهم، يدّثرون به وبنوره، ويستحيلون أنبياء لا يبشّرون بالله الحبّ وحسب، وإنّما يحملونه شخصيّاً إلى الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.