المجلد السادس -الجزء الثاني شعراء العربية في الاندلس بقلم د فالح الكيلاني (الشاعر ابن زَمرَك الغرناطي) هو ابو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي الاندلسي والمعروف (ابن زمرك). ولد ب (روض البيازين) القريبة من غرناطة سنة\733 هجرية – 1333ميلادية ثم اكمل تعليمه فيها. وكان من اساتذته الذين لازمه لسان الدين بن الخطيب . عمل ابن زمرك في غرناطة في دوائر الدولة وترقى فيها حتى جعله ( الغني بالله ) صاحب غرناطة كاتب سره ثم اسند اليه الحجابة وديوان رسائله فمدحه فقال: يت بما تقضي عليَّ وتحكمُ أُهانُ فأقصى أم أُعَزُّ فأُكرَمُ إذا كان قلبي في يديك قياده فمالي عليه في الهوى أتحكّمُ على أن روحي في يديك بقاؤها بوصلك تحيا أو بهجرك تعدمُ وأنت إلى المشتاق نارٌ وجنّةٌ ببعدك يشقى أو بقربك ينعمُ ولي كبدٌ تندى إذا ما ذكِرْتمُ وقلبٌ بنيران الهوى يتضرَّمُ ولو كان ما بي منك بالبرق ما سرى ولا استصحب الأنواء تبكي وتبسمُ كساني الهوى ثوب السقام وإنه متى صح حب المرء لا شيء يسقمُ إذا أنت لم ترحم خضوعي في الهوى فمن ذا الذي يحنو عليَّ ويرحمُ لقد مزج ابن زمرك عواطفه الشخصية مع القيم التي مدحها في سلطانه (الغني بالله محمد،) والملقب ب(محمد الخامس) ، فجاءت قصائده مفعمة بعاطفة صادقة ومحبّة خالصة يقول : أتعطش أولادي وأنت غمامة تعم جميع الخلق بالنفع والسقيا وتُظلِمُ أوقاتي ووجهك نيرٌ تفيض به الأنوار للدين والدنيا وجدك قد سمَّاك ربك باسمه وأورثك الرحمن رتبته العليا وقد كان أعطاني الذي أنا سائلٌ وسوغني من غيرِ شرطٍ ولا ثنيا وشعريَ في غر المصانع خالدٌ يحيِّيه عني في الممات وفي المحيا وما زلت أهدي المدح مسكاً مفتقاً فتحمله الأرواحُ عاطرة الريّا وقد أكثر العبد التشكي وإنه وحقك يا فخر الملوك قد استحيا وما الجود إلا ميِّتٌ غير أنَّهُ إذا نفحت يمناك في روحه يحيا لقد بلغ فن نقش الابيات الشعرية المتميز لنقش الشعر في القصور الأندلسية كقصر الحمراء حيث نقش ابن زمرك الشاعر النقاش على جدران هذا القصر والتي لاتزال قائمة لحد الان بشكل زخرفي رائع الجمال في الاندلس لعل من ا هم شعراء هذا الفن الديكوري المزخرف هو الشاعر الأندلسي ابن زمرك الذي يقول في وصف القبة الحمراء في قصرالحمراء : لمن قبة حمراء مد نضارها تطابق منها أرضها وسماؤها وما أرضها إلا خزائن رحمة وما قد سما من فوق ذاك غطاؤها وقد شبه الرحمن خلقتنا به وحسبك فخرا بان منه اعتلاؤها ومعروشة الأرجاء مفروشة بها صنوف من النعماء منها وطاؤها ترى الطير في أجوافها قد تصففت على نعم عند الإله كفاؤها ونسبتها صنهاجة غير أنها تقصر عما قد حوى خلفاؤها حبتني بها دون العبيد خلافة على الله في يوم الجزاء جزاؤها وله قصائد كثيرة منقوشة على جدران قصرالحمراء وقاعاته غاية في الجودة والفن الزخرفي الرائع. نكب مرتان : الاولى طردوه مما في يده من الوظائف العامة فترة من الزمن ثم اعيد اليها الا انه اساء الى بعض رجال الدولة والحكم وقد سعى بالوشابة على استاذه لسان الدين بن الخطيب معلمه واستاذه حتى قتل بسببه خنقا . فكان جزاؤه ان بعث اليه ولي امره بمن يقتله في داره فقتل في داره وكان رافعا المصحف الشريف وقد قتل كل من وجد معه في داره من اولاده وخدمه وهذه هي النكبة الثانية انتهت حياته وحياة من معه في داره بها . فلقي جزاء عمله في مقتل استاذه. وقتل ابن زمرك سنة \795 هجرية – 1392 ميلادية وقد جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم اسماه: (البقية والمدرك من كلام ابن زمرك) ابن زمرك كاتب وشاعر ووشاح من الاندلس نظم في جل الفنون الشعرية وقد مر بنا نماذج من المدح في مدحه لولي نعمته ( الغني بالله محمد الخامس ) والوصف في وصفه القبة الحمراء فقد اجاد في الغزل والوصف والرثاء والهجاء وغيرها فمن شعره في الغزل يقول: حقك ما استطعمت بعدك غمضة من النوم حتى آذن النجم بالغروب وعارضت مسرى الريح قلت لعلها تنم بريا منك عاطرة لهبوب إلى أن بدا وجه الصباح كأنه محياك إذ يجلو بغرته الخطوب فقلت لقلبي استشعر الأنس وابتهج فإن تبعد الأجسام لم تبعد القلوب وسر في ضمان الله حيث توجهت ركابك لا تخش الحوادث أن تنوب : ويقول ايضا ومشتمل بالحسن أحوى مهفهف قضى رجع طرفي من محاسنه الوطر فأبصرت اشباه الرياض محاسنا وفي خده جرح بدا منه لي أثر فقلت لجلاسي خذوا الحذر إنما به وصب من أسهم الغنج والحور ويا وجنة قد جاورت سيف لحظه ومن شأنها تدمى من اللمح بالبصر تخيل للعينين جرحا وإنما بدا كلف منه على صفحة القمر اما موشحاته فتعد مثالا واضحا للنماذج التي لم تلتزم بقواعد فت الموشحات الاندلسية او تعتبر موشحاته نقطة تحول في نظام المرشح الاندلسي وخاصة عند الشعراء المتاخرين وخروجهم على المألوف . يقول ابن زمرك في موشحة نبوية : لو ترجع الايام بعد الذهاب لم تقدح الايام ذكرى حبيب وكل من نام بليل الشباب يوقظه الدهر بصبح المشيب ياراكب العجز الا نهضة قد ضيق الدهر عليك المجال لاتحسبن ان الصبا روضة تنام فيها تحت فيئ الظلال فالعيش نوم والردى يقظة واللمر ما بينهما كالخيال والعمر قد مر كمر السحاب والملتقى بالله عما قريب وانت مخدوع بلمع السراب تحسبه ماءا ولا تستريب واختم بحثي بهذه القصيدة من شعره: ذروني فإني بالعلاء خبير اسير فإن النيرات تسير فكم بت أطوي الليل في طلب العلا كأني إلى نجم السماء سفير بعزم إذا ما الليل مد رواقه يكر على ظلمائه فينير أخو كلف بالمجد لا يستفزه مهاد إذا جن الظلام وثير إذا ما طوى يوما على السر كشحه فليس له حتى الممات نشور وإني وإن كنت الممنع جاره لتسبي فؤادي أعين وثغور وما تعتريني فترة في مدى العلا إلى أن أرى لحظا عليه فتور وفي السرب من نجد تعلقت ظبية تصول على ألبابنا وتغير وتمنع ميسور الكلام أخا الهدى وتبخل حتى بالخيال يزور أسكان نجد جادها واكف الحيا هواكم بقلبي منجد ومغير ويا ساكنا بالأجرع الفرد من منى وأيسر حظ من رضاك كثير ذكرتك فوق البحر والبعد بيننا فمدته من فيض الدموع بحور وأومض خفاق الذؤابة بارق فطارت بقلبي أنة وزفير ويهفو فؤادي كلما هبت الصبا أما لفؤادي في هواك نصير ووالله ما أدري أذكرك هزني أم الكأس ما بين الخيام تدور فمن مبلغ عني النوى ما يسوءها وللبين حكم يعتدى ويجور بأنا غدا أو بعده سوف نلتقي ونمسي ومنا زائر ومزور إلى كم أرى أكني ووجدي مصرح وأخفي اسم من أهواه وهو شهير وأومض خفاق الذؤابة بارق فطارت بقلبي أنة وزفير ويهفو فؤادي كلما هبت الصبا أما لفؤادي في هواك نصير ووالله ما أدري أذكرك هزني أم الكأس ما بين الخيام تدور فمن مبلغ عني النوى ما يسوءها وللبين حكم يعتدى ويجور بأنا غدا أو بعده سوف نلتقي ونمسي ومنا زائر ومزور إلى كم أرى أكني ووجدي مصرح واخفي اسم من أهواه وهو شهير أمنجد آمالي ومغلي كاسدي ومصدر جاهي والحديث كثير أأنسى ولا أنسى مجالسك التي بها تلتقيني نضرة وسرور نزورك في جنح الظلام وننثني وبين يدينا من حديثك نور على أنني إن غبت عنك فلم تغب لطائف لم يحجب لهن سفور نروح ونغدو كل يوم وعندها رواح علينا دائم وبكور فظلك فوقي حيثما كنت وارف ومورد آمالي لديك نمير وعذرا فإني إن أطلت فإنما قصاراي من بعد البيان قصور امير البيان العربي د فالح نصيف الحجية الكيلاني العراق – ديالى – بلد روز