هذه القصيدة عمرها أربعة وثلاثون عاما بالتمام والكمال كتبتها في مثل هذا اليوم عام 1982، ونشرتها في مجلة "الجديد" التي كانت تصدرها هيئة الكتاب ويرأس تحريرها الدكتور رشاد رشدي، وفي اجتماع نادي الأدب بقصر ثقافة سوهاج أبدى السيد مدير عام الثقافة بسوهاج إعجابه بالقصيدة، فعرضت عليه أن تصدر مديرية الثقافة ديوانا مشتركا يضم القصائد التي احتفت بعودة سيناء، وافق سيادته على الفكرة وكلفني بجمع القصائد، فجمعتها بالفعل وكتبت لها مقدمة وقدمتها له فأشر عليها بأن الميزانية لاتسمح بنشر الكتاب. ============== يَا وَجَعَ الأُمْنِيَاتِ الْبَعِيدَةْ – إلى سيناء العائدة – شعر : السمّاح عبد الله ============== تعودين أعددت با دمي المستباح دهورا زهورا وروَّيتها دمعي الميت المرّ يا وجع الأمنيات البعيدةِ يا مهرجان الحنينِ قضيت حياتي أجمعها من حقول البنفسج والورد والفل – بعدك ما اخضر في الأرض ورد وفلٌ وما نبتت في الحقول زهور البنفسج – زوقتها في النوافذ والشرفات الذوابل رشرشتها في الدروب وزينت كل البيوت بأطيارها كي تعودي تطل عليك فيبدو بهاؤك فلا . …………………………….. تعودين أعددت يا مقلتيّ اللتين تجولتا في الأراضين وانتحب الدمع بين جفونهما واستكن الموات المسافر كحلا له سر أني ركّبْته من حنيني الندي وبخورا أتيت به من بلادٍ يواعدها القمر المتستر بين الغمام كأنْ هو عطرٌ من الشفق النيزكي مزجتهما وشققت فؤادي ثم صببت دم القلب فوقهما كي يصيرا لعينيك كحلا . ………………………………… تعودين أعددت يا وجع الحب والشجن المر يا وجهي المتغرب ثوبا أنا كنت خيَّطته من خيوط الشروق ومن أغنيات العتيق وعطرته ألمي واغترابي ولوّنه العشق والتوق والفجر والبحر والأمنيات الحلوب عقدت لجيدك من ذهب البحر واللؤلؤ المتلأليء والماس عقدا يزوق صدركِ إذ طلعتْ في الصباح الشموس فرشت الطريق اشتياقي وأمطرته لهفي وحنيني وموتي البطيء الذي قد تعودني كي تعودي أمنية السنوات الجديبة أغنية الأمسيات الخوالي حلم الغريب الذي طارد الأرضَ ظلا فظلا . ………………………………….. تعودين ماذا بعينيك غير الذبول وغير ارتحال النهار أفيقي هو الحلم وهو الصباح الذي نتشهى وصدق المواعيد أقسم أني أمتلك الوعد أقسم أني أمتلك الغد سوف أحيل الليالي نهارا مقيما ونخلا أفيقي وعينيك سوف أشد اخضرارك سوف أعيد تفتحك المتباعد سوف أُسَوِّي لك الشاي في قعدات الليالي الهنية سوف أغني حكايا الذين يعودون من سفرٍ يتطاول يلقون أحبابهم في تمام المواعيد سوف أشد المواعيد سوف أقيم دهورا من الحبِّ والأمنياتِ – وليس يقيم الموات بها – والعصافيرِ والأغنياتِ وعينيك سوف تعود المواعيدُ سوف تعود الحدائقُ والشجر المتطاول سوف تصير الأراضين تحت أصابع نعليك حقلا فحقلا . ………………………………. تعودين إني أمتلك الغد إني أعددت يا دمي المستباح دهورا زهورا وكحلا وثوبا وعقدا وأعددت عمرا من الحلم حتى أهاجر فيه إلى حيث أفراحنا أنا أعددت قطعة فرحٍ على قد عينيك أعددت عشرين أغنية تتحوَّم حول خطاك وأعددت سرب عصافير يرقص يرتجل الزقزقات يدل خطانا إلى قصدنا ويدحرجنا لمواعيدنا وسنشهر أحلامنا في المواقيت نمضي معا كعروسين في خطوات الزفاف وخلفهما مهرجان من الناس يصطخبون فهيا أعيدي اخضرار العيون التي ذبلتْ في انتظارك يا وجع الأمنيات البعيدة يا قمرا سرقته الخفافيش في ظلمات الليالي وها هو فوق الروابي أطلا . أبريل 1982 من ديوان سقيفة الفقراء