هو ترنيمة عشق للوطن والحياة وللذات الإنسانية كي لا نكون مجرد نقطة عابرة في الحياة؛ سطورٌ سطّرها قلم عاشق للحب والجمال؛ يدرك التضحيات والآلام التي يمر بها إنساننا العربي، ويدعو لملامسة مواطن الجمال ومهامستها في حياتنا؛ دعوة لنحيا إنسانيتنا بشكل يستحقه ذلك الإنسان الذي نفخ الله فيه من روحه وأسجد له الملائكة تشريفا وتعظيما وتقديسا له، بما يجعله قادرا على أن يحيا بعيدا عن القبح الذي لا يليق به. يبغي الكتاب أن نفر من قبح معاملاتنا وحواراتنا وإعلامنا ، لننال نصيبنا من الفرح الإنساني النبيل؛ لأن إعمار الكون لا هدمه هو دورنا المُحتّم في الحياة، وأن تجميله وتحسينه لهو الشأو العظيم الذي يتوجب علينا بلوغه. الكتاب صدر حديثا للكاتبة الصحفية والأديبة المصرية حورية عبيدة عن دار يسطرون للطبع والنشربالقاهرة، يرصد مواطن قبح كثيرة يحياها المواطن المصري والعربي؛ ويحاول أن يميط اللثام عن همومه ومشاكله وتمزقه السياسي والطائفي والمذهبي والعرقي؛ ويقدم حلولا ممكنة وغير مستحيلة طالما تصدق النيات وتشتد العزائم؛ يقدم نقدا بناءً لا انتقادا هداما؛ يتجول مع هموم بلادنا العربية ليسبر أغوارها بغرض حلها وتجميل واقعنا المهترئ؛ فالعربي بأمجاده وتاريخه وإنسانيته وسمو رسالته يستحق أن يصبو دائما نحو الرقي والإبداع ومواطن الجمال، والكاتبة تراهن دوما على وعي الأجيال القادمة بالخطر المحدق بوطننا ونظريات التأمر التي تلفه؛ وتثق في قدرة الشباب على القبض على زمام الوعي وإنهاض الوطن من كبواته وعثراته ودرء مفاسده. يلقي الكتاب كذلك ضوءا خاصا على إعلام الوهن الذي صار ينزف قبحا ودما كل يوم؛ويلقي بظلال التشاؤم؛ خاصة وقد اعتلاه علماء اللسان جاهلوا العقول والقلوب وتلاسَن فيه الجُهال؛ فازدادت حياة المواطن البسيط قتامة وكآبة؛ ولم يعد يرى للحب والجمال والرومانسية والهدوء مكانا في الحياة؛ كما يتعرض الكتاب لمشاكل دول محورية في منطقتنا العربية كمصر وفلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا. ويهتم بمشاكل الشباب المحبط والمرأة وأطفال الشوارع وساكني القبور، وتداعي المنظومة التعليمية والقيمية التي على كاهلهما يجب أن تُبنى الأوطان.. المؤلفة توجه رسالة خاصة للشباب ليتسلقوا جبال الهموم التي حُمّلوها دون جريرة منهم ولا ذنب؛ تدعوهم ليعشق كل منهم ذاته ويتسلق وعورة روحه؛ ويميط اللثام عن إمكاناته وقدراته ويصر على ألا يكون إلا نفسه، وأن يكون مثلما يود لا مثلما يريده الآخرون؛ فلم يخلق الله في كل هذا الكون ورقة شجر تشبه الأخرى؛ فعلى الشاب أن يضع يده ويتمسك بلحظته السحرية؛ تلك اللحظة التي يعرف فيها قيمة ذاته ويغرس غرسته في الحياة ويعزف لحنه؛ ليترك أثرا طيبا للأجيال القادمة؛ ففي الحياة ما يستحق أن نعيشه؛ لأن كل يوم هو دعوة إلهية متجددة لنحياها لا لأن نموت قبل موعدنا. الكتاب يحوي 80 مقالة صحفية عناوينها : " حين يخون العاشقون " " وابغداداه " " سنة أولى حب " " حين يخون العاشقون " " الأولة آه يا وطن " " ترنيمة عشق " " بلقيس يا وجعي " " قلب العصفور " " كفانا قبحا " " البحر سيعود ثانية " " الغرفة 616 " " بلادنا أقرب لداعش من حبل الوريد " " يوم أخير لنا ". لحظتك السحرية: بقلم : حورية عبيدة وقت تتوالى الأيام ولا يأتي الصبح بجديد ؛ وتلفاك تهدر طاقتك جميعها فقط لتتأقلم مع الرتابة ؛ ولاتجد سوى سحب الإحباط وأمطار القلق وطيور الهم تعشعش في عقلك ؛ ساعتئذ تفقد الحياة معناها وتصبح النفس على شفيرجرف هار ؛ حينها لن تختلق أعذارا كي يكون الانسحاب من الدنيا هدفك ومبغاك . هكذا فعلت الشابة مفعمة الحيوية ذات الأربع والعشرين ربيعا إذ قررت ابتلاع كمية وافية من الأقراص المنومة لتنتحروتنسحب في هدوء تاركة أسرابا من الصمت . وحين تتخلى عن حلمك وموهبتك إرضاء للآخرين لتكون قالبا يشبههم ويوهمونك أن تستمتع بحياتك حسب مزاجهم هم وطبقا للنمط الذي أرادوه لك لا كما ترغب أنت وتود ؛ وهم لا يدركون خلايا الحزن النائمة في حنايا روحك وصمتك المبرح ومآقيك النازفة .. تصبح الحياة حينها ضربا من الخيال المحال ؛ فيغدو الطريق للإصابة بانفصام في الشخصية ممهدا معبدا ، هكذا حال الشاب الذي ود أن يكون رساما – ليكون نفسه – وأراده والده دبلوماسيا يشبهه مفتخرا . ولحظة تكتشف نفسك ينبوعا يندفق فيضا وإبداعا لا شحا وإقلالا ؛ وتجدك تملك القدرة على العطاء لكنك تعيش وسط عالم على قلوبه أقفالها ؛ منغلق الفكر والأفق يضيق عليك ميدانك لدرجة الاختناق ؛ ولا يفهم أنك ماجئت للحياة إلا لتجملها وتقدمها للآخرين بصورة أفضل بل وتقدم نفسك بما يليق ؛ يصيرالهرب من هكذا بشر هو الملاذ المرتجى ، ذاك ما فعلت المحامية المرموقة ؛ حين غادرت وطنها لتقدم خدماتها لأناس يختلفون عنها في الدين والمذهب ولكنهم مفعمون بالإنسانية . النماذج الثلاثة السابقة هي أبطال رائعة الروائي والقاص البرازيلي العالمي " باولو كويلو " وروايته المشهودة " فيرونيكا .. تقرر أن تموت " جمعتهم أحزانهم وأتراحهم ؛ يلتقون في مشفى للأمراض النفسية والعصبية ؛ فيكتشفون أن المجانين يمتلكون أحيانا حكمة لا يملكها من يعيشون خارج المشفى ويدعون أنهم أشخاص " طبيعيون " رغم أنهم كانوا سببا لدخول ثلاثتهم للمصحة العقلية ! لست معنية بسرد ملخص للرواية أو نقدها – رغم كونها تستحق – لكني شديدة الاهتمام بما تلقيه علينا من عظات وعبر تلفتنا إلى أن الحياة مغامرة ومجازفة يجدر ألا ننسحب منها ، بل علينا حين نسقط أن نعاود النهوض من كبوتنا ، وأن يسبر كل منا أغوار نفسه ويتأملها ليدرك قدراته وطموحاته ، ويصر على أن يكون ذاته بكل بساطة ، وأن يتسلق وعورة نفسه كما يتسلق الجبال ليجد لنفسه مكانة ومكانا لائقا به ، فكل يوم جديد هو فرصة متجددة لاكتشاف الحياة . كن أنت .. كيفما تود .. لا كما يريد الآخرون ، لا تكن نسخة من أحد ولودفعوك إلى ذلك بدافع الحب ، فقد لا يدركون أنهم يغرقونك في محيط حبهم هذا ، واعلم أن الله لم يخلق إنسانا ولا ورقة نبات مماثلة للأخرى ، ومن حقك أن تستمتع بحياتك حتى آخر لحظاتها ، بل وتجملها ولتغرس غرستك ولو كان يومك الأخير فيها ، لأجل أن تترك أثرا يجمل حياة الآتين بعدك … اعشق لحظتك الآنية وأمط اللثام عن جمال مختبيء داخلك واشحذ همتك وابحث عن هدف لوجودك في الحياة ، كن مختلفا عن غيرك ولا تجهد نفسك في التفكير في حكم الآخرين عليك ؛ فقط اعمل واتقن ونمِ مهاراتك ؛ حينها تتوالى نجاحاتك وسيصفق لتميزك من أرادك من قبل أن تشبهه هو ، بل وسيتمنى ألو كان مثلك ! إدراكنا للموت لا يعني الاستسلام قبل الزمان بزمان ؛ بل يتوجب علينا إدراك قيمة الحياة والتمسك بحقنا في العيش فيها ، وألا نكون مجرد نقطة عابرة في محيطها ، فلو كانت بلا قيمة ما سكناها بإرادة إلهية ولعبرنا مباشرة إلى الآخرة ، أما افتقار الحياة إلى معنى فالذنب ذنبك أنت ، إذا فشلت مرة عد وتخيل لحياتك قصة جديدة وهدفا آخر جميلا ؛ ولتجعل حياتك قصة تستحق أن تروى ، وقتها ستدرك لحظتك السحرية التي تعيد فيها اكتشاف ذاتك وتتأكد أن الهروب من الحياة عين الجنون ، وأن عليك أن تجازف مادمت حيا …. ولمن أهداني لحظتي السحرية أهديه مقالي هذا عله يليق . حورية عبيدة في سطور: ============== تخرجت من كلية الإعلام جامعة القاهرة قسم الصحافة. عضو لجنة التحكيم بمسابقة القصة القصيرة بإذاعة بي بي سي لندن عربية. مستشار لمجلة لغة العصر الصادرة عن مؤسسة الأهرام. تولت رئاسة تحرير مجلة " إسلامية المعرفة " بالقاهرة. تكتب مقالا صحفيا ثابتا في كل من صحيفة: الجمهورية وفيتو والمشهد ومجلة لغة العصر. تكتب مقالا ثابتا بمجلة عين الإمارات. نشرت لها صحيفة صوت الأحرار الجزائرية وصحيفة فاس المغربية. عملت بمجلة نصف الدنيا والأهرام العربي والموقف العربي وصوت العرب بالقاهرة. عملت بالصحافة الخليجية بمجلة زهرة الخليج وجريدة الخليج الإماراتية. أشرفت على دورات تدريبية للصحفيين الشباب بمعهد الأهرام لتدريب الصحفيين. _________________________________ صدر لها: كتاب " ترنيمة عشق " قيد الطبع: مجموعة قصصية. : كتاب يحوى أهم مقالاتها الصحفية " الجزء الثاني ".