للعيد بهجة لايمكن إنكارها , وله فى النفوس ذكريات جميلة لايمكن نسيانها , ورغم الفوارق الكبيرة بين مظاهر العيد فى الماضى والحاضر , ودرجة إحساسنا به فى مراحل عمرنا المختلفة , إلا أنه يبقى عنوانا للبهجة والحب والسرور , وفرصة للتسامح ونبذ الخلافات والقضاء على الكراهية , فما أجمل التلاحم الوجدانى فى العيد , وما أجمل التسامح والتراضى بين من باعدت بينهم مشاكل وأزمات الحياة . لقد قضينا أجمل اللحظات فى رمضان , لحظات جمعت بين افراد الأسرة الواحدة على مائدة إفطار واحدة , شهراً كاملاً بالتمام والكمال , أكلنا وشربنا فيها فى ساعات محددة , وعلى مائدة واحدة , جمعتنا فيها الكلمة الطيبة والحب والمودة والتراحم , وكما إستقبلنا هذا الشهر الكريم بالفرحة والأستعداد النفسى والروحى , فلابد أن نودع هذا الشهر الكريم بعدما مضت ايامه بسرعة البرق وداعاً يليق به , فلا ننسى ما إكتسبناه فيه من صفات وفضائل حميدة , ولانبتعد عن رب العالمين , ولاتلهينا مشاكل وأزمات الحياة عن العبادة والذِكر , ولانتخلى عن التلاحم الاسرى وصلة الأرحام , فعلينا أن نتأمل واقعنا وما أنعم الله به علينا . لا شك أن شهر رمضان جدد إرتباطنا بالله , وأن له تاثيراً إيجابياً فى حياتنا من حيث التواصل والترابط بين الأهل والاصدقاء , فلا قطيعة رحم , ولا هجر , ولا مشاحنات , وفيه مساحة شاسعة من العفو التسامح , وقدر أوسع من الإحساس بالفقير والمحتاج ومحاولة مساعدته , ولذلك يجب الا يكون مفهوم العيد مختزل فقط فى مجرد اللبس الجديد , وتجديد المنازل , وإعداد المأكولات والمخبوزات والحلويات , بل لابد أن نجمع بين اللائق من لباس الجسم والسليم من لباس القلوب , صحيح إن مراجعة الذات مطلوبة فى كل الأوقات والمناسبات , لكن تلك المراجعة تكون أجدى وأكثر إيجابية فى تلك الأجواء الروحانية التى نشعر بها بعد شهر رمضان المبارك حيث الراحة النفسية والطمأنينة والإحساس بنعمة وفضل الله , فالعيد فرصة طيبة لتحقيق هذه المعانى الإسلامية النبيلة , ومناسبة كريمة للتسامح , والحفاظ على القيم والفضائل التى تم إكتسابها فى هذا الشهر الكريم . ففى مثل هذه المناسبات يجب مراجعة النفس ومحاسبتها وتقييمها وتقويمها، وعلى كل فردٍ منا أن يتأمل في حاله، علاقته مع ربه، مع أسرته، مع مجتمعه، مع عمله ووظيفته، ومع وطنه الكبير الذي ينتظر منه الكثير , علينا في مثل هذه المناسبة العظيمة أن نجمع الحمد والشكر والثناء لله جل جلاله، بالعزم والجد على أن نكون سواعد بناء للدين والوطن، وأن نكون مؤثرين مغيرين لاسلبيين متقاعسين , نسأل المولى عز وجل بأن يعيده على بلادنا بالأمن والرخاء والاستقرار وأن يتقبل من الجميع صيامهم وقيامهم وصالح أعمالهم .