– من لا يحبّ لم يعرف الله، لأن الله محبّة. ( 1يو 8:4) كلّ يوم تخرج علينا جماعات من كلّ حدب وصوب، لتخبرنا بانها هي الحائزة على التّعليم الصّحيح وهي التي سوف تدلّنا على الحقّ. بينما هي تحمل الكتاب المقدّس وتجهد نفسها بشروحات معقّدة، لا تمتّ إلى جوهر المسيحيّة بشيء. تنظّم اجتماعات وتجذب أولئك المعوزين للاهتمام، مستغلّة فراغهم الرّوحيّ، وارتباكهم ووحدتهم القاتلة. تؤمّن لهم كلّ شيء ماديّ، وتكثّف اللّقاء بهم حتّى لا تسمح لعقولهم الرّاكدة أن تتحرّك وتفكّر. إلّا أنّها تنسى أو لا تجيد نقل الفرح إليهم، فحامل المحبّة فقط يستطيع أن يحمل الفرح للنّاس. إنّه ذاك الّذي يكلّمك عن الرّحمة لا عن الخطيئة، عن المحبّة لا عن العقاب، عن البدايات لا عن النّهايات، عن الرّبّ لا عن الشّرير. " أيّها الأحبّاء، لا تصدّقوا كلّ روح، بل امتحنوا الأرواح: هل هى من الله؟ لأنّ أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم." ( 1 يوحنا 1:4). – مجد الله. يظهر مجد الله من خلال أعمالنا المرتبطة جذريّاً بأعمال يسوع المسيح. وكلّ عمل خالٍ من حضوره لا قيمة له. وهل تنضج الثّمرة إذا كانت منفصلة عن الشّجرة؟. الثّمرة الطّيّبة تدلّ على أصالة الشّجرة، كذلك أعمالنا الصّالحة تدلّ على جمال وبهاء ربنا يسوع المسيح. فجمالنا من جماله وبهاؤنا من بهائه وقيمتنا من قيمته. " بهذا يتمجّد أبي: أن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي." ( يو 8:15). فالتّلاميذ الحقيقيّون، هم أولئك الّذين يسعون جاهداً لتحقيق صورة الرّبّ في العالم مجداً لله. – بين حبّ الله والإيمان به: الإيمان بالله يأخذ معناه العميق عندما يدخل الإنسان في علاقة حميمة مع الله. فتنكشف له ذاته وتتبدّل مفاهيمه السّابقة عن مفهوم الألوهة، ويختبر عميقاً في نفسه محبّة الله اللامتناهية. يتوقّف نمو الإيمان على كيفيّة حبّ الله. فإذا أحببناه بحسب مفهومنا البشريّ، فقد نتعامل معه بردّات فعل إيجابيّة أو سلبيّة. مفهومنا للمحبّة ضيق وغير مستقرّ ويجنح إلى العاطفة أكثر منه إلى الثّقة. وأمّا المحبّة الحقيقيّة لله، أي الإيمان، فينبغي أن تكون بحسب المفهوم الإلهي لها. " هذه هي وصيتي أن تحبّوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم."، يقول الرّبّ في ( يو 12:15). عبارة ( كما أحببتكم) تؤكّد المعنى الأصيل للمحبّة، وتبيّن مفهوماً آخر لها، فتتّخذ معنى المحبّة كفعلٍ إلهيّ. وبالتّالي، يبلغ الإيمان مقاصده بفعل الحب الإلهيّ لا الإنساني. بعضهم يحبّ الله فيقتل، وبعضهم يحبّه فيطلب منه مساعدته في سلوكه الشّرّير. وأمّا من يؤمن به فهو الّذي استمدّ حبّه لله من الله نفسه. " ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا. الله محبة، ومن يثبت في المحبة، يثبت في الله والله فيه." ( 1 يو 16:4).