آخر تحديث ل سعر الذهب بمحلات الصاغة.. اعرف عيار 21 بكام    توقيع خطاب النوايا بین «الكفایة الإنتاجیة» ومكتب «يونيدو» بالبحرين    رئيس جهاز مدينة دمياط الجديدة يستعرض أعمال تطوير محطة مياه الشرب    تعرف على مواصفات هيونداي كريتا 2024 فئة Smart أهم مزايا السيارة الداخلية والخارجية    حماس: تعديلات إسرائيل على المقترح الأخير وضعت المفاوضات في طريق مسدود    إسماعيل هنية: طوفان الأقصى مقدمة التحرير والاستقلال.. والاحتلال يصارع من أجل البقاء    إسماعيل هنية: طوفان الأقصى اجتاحت قلاع الاحتلال الحصينة.. وتذل جيشا قيل إنه لا يقهر    الأمم المتحدة: لم يعد لدينا طعام أو خيام لحوالي مليوني شخص في غزة    وصول الشحنة السابعة من المساعدات الباكستانية لغزة إلى بورسعيد    عاجل.. كاف يكافئ الزمالك بسبب الأهلي ويصدم نهضة بركان بقرار رسمي.. مستند    مؤتمر «الكيانات المصرية فى أوروبا» يناقش استعدادات تنظيم بطولة الكاراتيه الدولية في الغردقة    «الأرصاد» تكشف حالة الطقس لمدة أسبوع.. الحرارة تصل إلى 42 درجة    قرار قضائي بشأن متهمين في مشاجرة دامية بالمقطم    خالد أبو بكر مهنئا «القاهرة الإخبارية»: فكرة وصناعة مصرية خالصة 100%    نادين: مسلسل «دواعي سفر» يستعرض دور الطب النفسي في علاج المشاكل    أيمن حسن داود يكشف مشكلات سفر الشباب في عودة المجد    3 قوافل لجامعة كفر الشيخ ضمن حياة كريمة في مطوبس.. تفاصيل    تشكيل باريس سان جيرمان لمواجهة نيس في الدوري الفرنسي    وزارة النقل تنعى هشام عرفات: ساهم في تنفيذ العديد من المشروعات المهمة    وزارة النقل تنعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    مخاطر الإنترنت العميق، ندوة تثقيفية لكلية الدعوة الإسلامية بحضور قيادات الأزهر    «جوزي الجديد أهو».. أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على ظهورها بفستان زفاف (تفاصيل)    طاقم عمل A MAD MAX SAGA في العرض العالمي بمهرجان كان (فيديو)    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    المشدد 7 سنوات لمتهم بهتك عرض طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكفر الشيخ    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    كوارث النقل الذكى!!    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    6 مستشفيات جديدة تحصل على اعتماد «جهار» بالمحافظات    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    جامعة قناة السويس ضمن أفضل 400 جامعة دولياً في تصنيف تايمز    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رغم تصدر ال"السرب".. "شقو" يقترب من 70 مليون جنية إيرادات    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    نائب محافظ الجيزة تشهد فعاليات القافلة العلاجية الشاملة بقرية ميت شماس    الزراعة: زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ل130 ألف فدان    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    "رسميًا".. موعد عيد الاضحى 2024 تونس وعدد أيام إجازة العيد للموظفين    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الصحة: تقديم الخدمات الطبية ل898 ألف مريض بمستشفيات الحميات    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها الجمعة    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية (كيلاّ) لأسعد العزّوني ونبوءة الانهيار الدّاخلي للكيان الصّهيونيّ
نشر في شموس يوم 03 - 07 - 2015

صدرتْ في العام 2014 رواية بعنوان"كيلاّ" للأديب والإعلامي الأردني من أصول فلسطينيّة (أسعد العزوني).وهي رواية تعاين حقيقة المشهد الدّاخلي للكيان الصّهيوني المغتصب،وتعلن نبوءة انهيار الكيان الصّهيونيّ من الدّاخل قبل أن يقول التّاريخ والأبطال المجاهدون كلمتهم،ويؤول الكيان الصّهيوني إلى نهايته الطّبيعيّة شأنه شأن أيّ غاصب معتدٍ،وهي الزّوال والإبادة والطّرد،وردّ الأرض الفلسطينيّة إلى الشّعب الفلسطيني.
وهذه الرّواية ترصد ذلك التّداعي الانتكاسي نحو الهاوية الذي يعيشه المجتمع الصّهيوني من داخله،ويجسّد (أسعد العزّوني) هذا الواقع في مستدمرة(1) (كيلاّ)- وأرفض أن أقول مستعمرة-،وهي مستدمرة "تقرّر بناؤها في هضبة الجولان السّوريّة عشيّة مؤتمر مدريد"(2)
ويستحضر على هذا الانتكاس والخراب أمثلة داخليّة من مجتمع الكيان الصّهيوني بفئاته جميعها؛بدءاً بالمهاجرين الصّهاينة الذين يستوطنون حديثاً في فلسطين المحتلّة،مروراً بالمهاجرين الصّهاينة الأوائل،انتهاء برموز سلطة الكيان الصّهيوني.وهم جميعاً في هذه الرّواية يعيشون تجربة الخراب والخديعة والهزيمة النّفسيّة بتجلياتها جميعها.
وقد استطاع(أسعد العزّوني) في روايته هذه أن يرينا مجتمع الكيان الصّهيوني بعيوبه وشخوصه وملابساته التّداخليّة وفضاءاته الضّيقة ومزالقه المميتة،لنرى أخيراً أنّ قدرهذا الكيان الغاشم هو الاندثار مادام قد قام على الاعتداء والظّلم والخديعة.وهو بذلك-وفق رأيي الخاصّ- لا يدعونا عرباً ومسلمين وبشراً عادلين أن ننتظر أن يفنى الكيان الصّهيوني وحده بفعل تقادم الوقت بفعل تسمّمها الدّاخلي دون أن نقود بواجبنا المقدّس في الجهاد والدّفاع عن فلسطين،وإنّما أراه يبغي أن يفضح هذا المجتمع القائم على الخديعة والكره والبغضاء والعنصريّة،وأن يعرّيه أمام العالم كلّه،بل حتى أمام اليهود في العالم بأسره،حيث يُخدعون ويستجيبون لدعاوي الهجرة إلى فلسطين،تدعوهم إلى ذلك وسائل الإعلام والضّغط والمؤامرة الصّهيونيّة في كلّ مكان حتى في أوطانهم الأصليّة البعيدة عن أرض فلسطين،ثم يكتشفون بعد ذلك أنّهم ليسوا إلاّ مخدوعين وأكباش فداء لأطماع الكيان الصّهيوني الذي يريد أن يُثري ويقوى ويتسلّط ويستبدّ ولو كان ذلك على حسان الدّم اليهودي ذاته!
وفي النّهاية يكتشف ذلك اليهودي المهاجر إلى أرض فلسطين أنّه قد خُدع،وأنّه قد غُرّر به،وأنّه قد جاء ليعيش في مزبلة كبرى اسمها الكيان الصّهيوني،فيصرخ سرّاً وجهراً غاضباً ممّن خدعوه،كما يصرخ أحد المستوطنين اليهود في مستدمرة(كيلاّ) في وجه المسؤول عنها(جونين)،وهو من المهاجرين اليهود السّوفييت:" ماهذا ياسيد جونين؟! أين العسل واللّبن؟"(3)؛"ويقول آخر:" بدل العسل واللّبن الذي وعدنا فيه هانحن نتجرّع السمّ الزّعاف"(4).
وذلك في خضمّ غضب داخلي من قبل سكّان المستدمرين(المستعمرين) سكان المستدمرة الذين اكتشفوا أنّهم قد خُدعوا،وسلخوا عن أوطانهم الحقيقيّة لُيزّج بهم في مستدمرات قذرة ليعيشوا في أوضاع معيشيّة سيّئة بدعوى زائفة اسمها العودة إلى أرض صهيون،وحقّ اليهود في أرض فلسطين.
وعندما يكتشف أولئك اليهود المهاجرون المخدعون حقيقة الوجه الصّهيوني يكون الرّد الوحيد الذي يحصلون جميعهم عليه في إزاء غضبهم وتشاؤمهم واكتشافهم المتأخّر لحقيقة خديعتهم وسحبهم كالخراف الحمقاء إلى أرض لا حقّ لهم فيها ولا حياة ولا قضيّة عادلة يملكون فيها(أرض فلسطين) هو ماردّت عليهم به (نيشكا) الصّهيونية العنصريّة المجنّدة في الموساد الصّهيوني:" اسمعوا أيّها المهاجرون! عليكم أن لا تتوقّعوا أنّ الطّريق أمامكم مفروشة بالورد! عليكم التّسلّح بالأمل،فهناك بصيص في نهاية السّرداب المظلم،وربما تصعب رؤيته في الوقت الحاضر!"(5).وهكذا يُسقط في أيديهم،ويكتشفون أنّهم ضحيّة مؤامرة عالميّة صهيونيّة حطّمت أوطانهم الحقيقيّة التي كانوا يعيشون فيها،وضيّقت عليهم الحياة فيها،واضطرّتهم إلى الهجرة إلى الكيان الصّهيوني بعد ان أغلقت الأبواب في وجوههم في أيّ درب آخر!.
وتظلّ هذه المستدمرات في رواية (كيلاّ) تغلي بما فيها من غضب وعنصريّة وتناقض وصولاً إلى النّهاية النّبوءة،إذ تنتهي الرّواية،وقد التهمت النّيران مستدمرة(كيلاّ).في حين أنّ النّجاة تكون من نصيب اليهودي العادل الذي يدرك كذبة الصّهونيّة،ويؤمن بعدالة القضيّة الفلسطينيّة،ويعلم أنّه ضحيّة لعبة صهيونيّة عالميّة،فيقرّر النّجاه من هذه المحرقة التّاريخيّة التي اسمها الكيان الصّهيوني،فيفرّ منها بالخديعة نحو بلاد أخرى تاركاً وراءه هذا الكيان النّخر المتداعي يهوي في النّيران.
وهذا ما يفعله بطل رواية(كيلاّ)،واسمه(جونين)،إذ تنتهي الرّواية بمشهد يصوّره هارباً بالطّائرة نحو أمريكا،ليبتعد عن الكيان الصّهيوني،ليعيش في أمريكا مع أخويه بعد أن دبّر خطّة كي يحظى بهذه الفرصة.وفي الوقت الذي تلتهم النّيران فيه مستدمرة(كيلاّ) بمن فيها من مستدمرين،يركب هو الطّائرة فرحاً بنجاته من جهنم الأرض التي اسمها الكيان الصّهيوني،ليشعر بالرّاحة والرّضا.وفي أوّل مطار تهبط به طائرته على أراضي الولايات المتّحدة الأمريكيّة يكتب رسالة ساخرة ل(نيشكا) العميلة في الموساد الصّهيوني ولرئيسها الأعلى في العمل(بنيامين) الذي سهّل له أمر السّفر إلى أمريكا لأجل تحقيق مصالحه الاستعماريّة والاستغلاليّة،ويصفعهما بقراره بعدم العودة إلى الكيان الصّهيوني،ليقول لهما بها ساخراً من حمقهما وجهلهما:" لنيشكا! شكراً لبنيامين! شكراً لإسرائي! لن أعود إليكم:جونين!"(6)
وليس(جونين)وحده من يتنبّه إلى خديعته،فيسارع إلى النّجاة بنفسه منها،بل الكثيرون من اليهود المهاجرين إلى فلسطين يدركون هذه الحقيقة،ويكرهون الحياة في المستدمرات الصّهيونية،ويحنّون إلى أوطانهم الحقيقيّة،أمثال (هانيا)و(مولا) القادمة من رومانيا التي تتذمّر من سياسة الكيان الصّهويني قائلة:" إنّهم لا يعاملوننا على أنّنا بشر مثلهم"(7).ولذلك تعلن أنّها تنوي الرّحيل بعيداً عن أرض المحرقة الصّهيونية.
كذلك الكثير من المهاجرات اليهوديّات إلى أرض فلسطين يقرّرن أن يرحلن بعيداً عن أرض فلسطين،وقد قابل(جونين) الكثير منهنّ في جولته مع(نيشكا) في المستدمرات الصّهيونية،وفي النّهاية نجد بعضهنّ يملكن الجرأة والشّجاعة والحظّ ليأخذن قرار الهرب والابتعاد أمثال(سانتا) التي وجدها(جانين) على متن الطّائرة التي استقلّها هرباً إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة،ليبتعد كلاهما عن الكيان الصّهيوني الآيل للسّقوط والاندثار.
ف(جونين) الذي عمل لمدة عشرين عاماً في المخابرات الرّوسيّة(كي.جي.بي)،وأُجبر على الهجرة من الاتّحاد السّوفيتي باتّجاه الكيان الصّهيوني،قد رسم خطّة للهروب من المستدمرة التي زُجّ فيها ليذهب إلى أمريكا حتى يعيش مع أخويه:" فجلّ طموحه هو الالتحاق بأخويه الثّريين اللذين تمكّنا من الخرزج مبكّراً من الاتّحاد السّوفيتي بعد أن هرّبا أموالهما وثرواتهما الطّائلة بطريقة معيّنة عن طريق إحدى المجموعات اليهوديّة الأمريكيّة.ولكنّه فشل في ذلك هو شخصيّاً عندما فتحت الهجرة أبوابها على مصراعيها"(8)
فيجد طريقه للهروب عبر استغلال عملية الموساد(نيشكا) التي يزرعها الموساد في دربه كي تنقل لهم أخباره وأخبار سائر المهاجرين الجدد في المستدمرات،وتقنعه بفكرة دفع أخويه الثّريين إلى الهجرة إلى الكيان الصّهيوني ليستثمرا ثرواتهما فيه.فيوهمها بأنّه قد وقع في شرك حبّها،وأنّه بات أسير الأفكار الصّهيونيّة العنصريّة إلى حين حصوله على جواز سفر وتذكرة سفر إلى أمريكا.وما يكاد يحصل على عليهما حتى يطير إلى أمريكا دون عودة إلى مستدمرة(كيلاّ) إو إلى الكيان الصّهيوني الذي اكتشف خداعه وعنصريته وتوحّشه؛ففي الوقت الذي يذهب العرب فيه إلى مدريد للتّفاوض مع الصّهيونيين للتّفاوض للحصول على السّلام واسترداد أرضهم،يرفض الصّهاينة هذه السّلام وهذا التّفاوض،ويصممون على قتل الفلسطينيين،ويستمرّون في سرقة أراضيهم الأرض تلو الأخرى،ويخرجونهم من وطنهم بدعوى أنّها أرض الميعاد.
ف(جونين) يعاين عن قرب عنصريّة وهمجيّة ووحشيّة الكيان الصّهيوني الذي يطالب بقتل الفلسطينيين وقتلهم،فيصرخ قائلاً:" هاهم العرب جميعاً موافقون على وجودكم بينهم!"(9).ويندّد بالعنصريّة الصّهيونية قائلاً :"اليهود يسيطرون على كلّ المراكز الحسّاسة في العالم وجلّهم صانع قرار! واليهود في بعض الولايات المتّحدة يسيطرون عليها ويمنعون الطلاب المسيحيين من الصّلاة وتلاوة الانجيل أيام الآحاد!"(10).ويعرّي الخداع الصّهيوني الذي يرفع الشّعارات العنصريّة جيمعها،فيقول:" بوش! لن تستطيع فرض الاستسلام على إسرائيل"و"القدس عاصمة إسرائيل الأبديّة"و"المستوطنات حقّ من حقوقنا في أرضنا"،و"العرب مكانهم الطّبيعي في الصّحراء العربيّة"(11)
ولا يفوت(أسعد العزّوني) أن يفضح العقليّة العسكريّة الصّهيونيّة المجسّدة في(نيشكا) التي تطرب لسماع صوت الطّائرات الصّهيونيّة التي تقصف المدنيين العرب العزّل في لبنان،وتقول بوحشيّة مخزية:" هذه هي اللّغة التي يفهمها العرب! وهذه هي طريقة التّفاوض التي تليق بهم"(12)،ويفنّد أكاذيب الصّهونية على لسان(جونين):" لقد قال شامير بأنّ اليهود ملاحقون في كلّ أنحاء العالم!وهذا غير صحيح! وقال أيضاً وهو متجهّم الوجه إنّ كلّ الدّول التي حطّ فيها اليوهد كانت مجرّد محطّات مؤقّتة يتوقّفون فيها ثم ينتقلون منها إلى إسرائيل،وهذا أيضاً زيف واضح.وهذا أيضاً إنّ مقولة لن أنساك يا إسرائيل لم تفارق ذهن أيّ يهودي،وهذا أيضاً يحتاج إلى تصحيح.لا أخفي عليك ياحياتي أنّ شاميركم هذا يعتبر أنّ الزّمن قد توقّف عند حدود مملكتي داوود وسليمان اللتين قامتا قبل أكثر من ألفي عام كما تدعون،ولم تعمّرا أكثر من سبعين عاماً إثر الحرب الأهليّة بينهما حيث اندثرتا"(13)
ومن داخل مجتمع الكيان الصّهيوني نرى ذلك الانهيار الأخلاقي والإفلاس الإنساني الذي يعيشه الصّهويني المستدمر،ويعبّر عن انحطاطه الأخلاقي وخسارته لرهانات البقاء والحضارة،فليس مجتمع الكيان الصّهيوني الصّهيوني سوى مبغى كبير،يُباع الجميع اليهود فيه باسم أرض صهيون؛فالجميع يمارسون الرّذيلة والسّقوط باسم الوطن الصّهيوني؛ف(نيشكا) تمارس الدّعارة الجاسوسيّة باسم الصّهيونية،وما هي في حقيقة الأمر إلاّ عاهرة باغية مال،ورئيسها في الموساد(بنيامين) يمارس القوادة بشكل علني تحت الاسم ذاته لحساب غاياته النّفعيّة،ويدفع (نيشكا) في طريق (جونين)الذي يستغلّها للوصول إلى هدفه،وهو الحصول على جواز سفر للهروب إلى أمريكا،ويقول لها ولرئيسها(جونين) ليوقعهما في شباك خديعته:" قالت إنّ أخواي ثريّان وأني قادر على أقناعهما ليس بالمساهمة فقط بل بالحضور إلى هنا وجلب كلّ ثروتهما الهائلة.فهما النّسخة الثّانية من عائلتي روتشليد وروكفلر!…غاب عنها أنّني كنتُ مسؤولاً كبيراً في الكي.جي.بي،وعندي مخزن هائل من المعلومات عن أثرياء اليهود السّوفييت ويهود أوروبا الشّرقيّة ولدي القدرة على إقناع الكثير منهم بفعل الشّيء الكثير لأرضنا العزيزة إسرائيل"(14).
والمخزي في مجتمع الكيان الصّهيوني أنّ الحاخام الذي يدّعي التّدين والوقار يمارس الزّنى على مسامع الحاضرين دون خجل أو استحياءوالمهاجرات اليهوديّات يعانين من ضنك الحياة،ويمارسن الدّعارة لأجل توفير لقمة العيش لهنّ.
فالزّنى والشّذوذ الجنسي ومشاهد العهر ولوحات الفجور هي المشاهد الثّابتة والمتكرّرة في تفاصيل الحياة اليوميّة في المجتمع الصّهيوني،فيعانيها(جونين)،وينخرط فيها بكلّ رضا،إذ يمارس الزّنى مع عشيقته(نيشكا)،وفي الوقت ذاته يدسّ المنوّم لها كي يتفرّغ في ليله لممارسة الزّنى مع كلّ يهوديّة يلقاها في طريقه،وتبغي المتعة الجسديّة معه أمثال(مولا)و(هانيا)و(سانتا)و(صوني).
والمال الصّهيوني يُنفق خبط عشواء على العهر والدّعارة والليالي الحمراء بمجرّد أن يصرف مسؤول صهيونيّ بطاقة إنفاق مفتوحة السّقف لعاهرة صهيونيّة تمارس الدّعارة لأجل الوصول إلى أهدافها النّفعيّة قائلاً لها:" أرجوكِ أن تقبلي هذا هدية منّي! كلّ مصاريف رحلتكما على حساب الموساد! لا تبخلي على السّيد جونين! خذيه إلى كافّة الملاهي والمراقص في إسرائيل،ادخلي معه أفخم المطاعم والفنادق! فقط قدّمي هذا الكرت!"(15).في حين يعاني المستدمرون الصّهاينة في المستدمرات الصّهيونية من الحياة القاسية.
و(جونين) يصدم عندما يقابل العربي الفلسطيني وجهاً لوجه على أرض فلسطين،فيجده طيباً مسالماً محبّاً،لا يمانع في أن يقدّم الاستقبال والمحبّة والعون دون انتظار مقابل حتى لليهوديّ المحتلّ لوطنه،فيقول أحد كبار السّن الفلسطينيين له:" نريد السّلام معكم،وذهبنا وجلسنا معكم في مدريد،وما يزال وفدنا في واشنطن ينتظر وفدكم ومازلتم تخافون منّا"(16).في حين أنّ الصّهيوني العنصري المتجنّي يصفهم بالتّوحّش والغدر،فتحذّره (نيشكا) من العرب الفلسطينيين قائلة:" جونين إنّني أحذّرك مرّة أخرى من الاحتكاك بالسّكان العرب فهم خطرون وغدّارون"(17)
فيكفر (جونين) بالكيان الصّهيوني عندما يرى جنوده يقتلون الفلسطينيين الأبرياء،ويطردونهم من بيوتهم،ويقولون بكلّ كذب ووقاحة:" لقد استولى العرب على أرض إسرائيل،وهانحن نحرّرها منهم"(18)،ويرفضون أيّ فرصة للسّلام شبه العادل للفلسطينيين.
(جونين) يعجب من أيّ موقف عربيّ أو إسلامي متخاذل في إزاء القضيّة الفلسطينيّة،فيسخر من مؤتمر داكار الإسلامي الذي حذف بكلّ خزي وعار كلمة الجهاد ضدّ الكيان الصّهيوني،ويقول في نفسه بامتعاض:" عجيب أمرهم! مليار مسلم في العالم هكذا حالهم! واليهود لا يتعدّون العشرة ملايين ويفعلون بهم ما يشاؤون"(19)
(جونين) في نهاية المطاف يستسلم إلى حقيقة أنّ لا وجود لخرافة اسمها(أرض صهيون)،ويدرك أنّ فلسطين لأهلها العرب،فيقرّر بناء على هذه القناعات الرّاسخة في نفسه أن يهرب بعيداً تاركاً الصخاينة الواهمين يترنّمون بحمق وجهل وعنصريّة على أغنية:"أورشليم! أورشليم! شلت يميني ياعاصمة الزّهور ومدينة السّعادة ستبقين إلى الأبد إلى الأبد"(20)
ومجمل القول بعد تفصيله أنّ الرّوائي(أسعد العزوني) في روايته(كيلاّ) قد عرّى مجتمع الكيان الصّهيوني،وتنبّأ بانهياره من الدّاخل قبل أن يواجه مصيره المحتوم الذي لا بدّ أن يلاقيه كلّ معتدٍ آثم؛فهذه سيرة الحقّ منذ بدء الخليقة،وهي أن أن يعود الحق إلى أهله مهما طال الزّمن ماداموا يطالبون به.
الإحالات:
الهوامش:
1- المستعمرة تحمل معنى العمار،أمّا ما يبنيه الكيان الصّهيوني على أرض فلسطين ليأوي فيه المهاجرين الصّهاينة المرتزقة هو ليس أكثر من مستدمرة تدمّر الأرض والشّعب الفلسطيني بعد أن تسرق الأرض الفلسطينيّة من أهلها بقوة القهر والظّلم،ثم بعد ذلك تفسد كلّ شيء.إذن فهي مستدمرة لا مستعمرة.
2- كيلاّ:أسعد العزوني،ط1،دار ورد للنشر والتّوزيع،الأردن،عمان،2014،ص7.
3- نفسه:ص125.
4- نفسه:ص43.
5- نفسه:ص125.
6- نفسه:ص127.
7- نفسه:ص98.
8- نفسه:ص15.
9- نفسه:ص18.
10- نفسه: ص27.
11- نفسه:ص67.
12- نفسه:ص29.
13- نفسه:ص27.
14- نفسه:ص61.
15- نفسه:ص64.
16- نفسه:ص85.
17- نفسه:ص81.
18- نفسه:ص90.
19- نفسه:ص105.
20- نفسه:ص104.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.