في ندوة التجديد القانونى فى دراسة الشريعة الإسلامية: المشاركون يطالبون بوقف استيراد القوانين لفت الدكتور محمد كمال إمام، المستشار الأسبق لشيخ الأزهر، إلى أن فكرة التجديد القانونى لدراسة الشريعة الإسلامية، تتطلب منا الدراسة المتأنية لما قدمه رواد الفقه. وأضاف إمام في ندوة التجديد القانونى فى دراسة الشريعة الإسلامية التي أقيمت بالقاعة الرئيسية: تمنينا لو أن محاضرات الإمام "محمد عبده" كانت جزء من تراثه الموجود وليست المفقود، لأنها تعطينا حقيقة واقعيه عن الصدام فى هذا الوقت، وعن واقع التجديد الذى نحن بحاجه اليه فى واقعنا الحالى. وأوضح إمام أنه عندما نرجع الى رواد الكتاب فى الفقه فنرى أنهم يوضحون كيفية تسهيل المعوقات فى القوانين فى هذا الوقت، وشرح كيفية الصدام بين الحضارة الاسلامية والحضارة الغربية، وان بعض المعوقات كانت تأتى بشكل أساسى إلينا من الغرب. مضيفا أن كل هذه الأمور نجدها فى مجلة الاحكام العدلية. وأشار إمام إلى أنه فى حركة التجديد القانونى فى مصر، ايام اسماعيل باشا، اعتمد على بيرم الخامس الذى يحكى فى كتابه انه تم تحويل اليه بعض القوانين التى اتت من الغرب، ليرى مدى ملائمتها لاحكام القانون الاسلامى ، الأمر الذى اعترض عليه بعض القانونين المصريين. وقال إمام إن حركة التجديد لم تقتصر على الشريعة فقط ولكنها انتشرت لتشمل الفن والثقافة والعلوم المختلفة، ولذلك الذى ينظر الى حركة التجديد فى الادب فقط او قسم واحد فقط وليست حركة تجديد شاملة، لم تكن صحيحة. وأوضح أن الدولة الحديثة فى مصر نشأت على قوتين أولها قوة الجيش وكان هذا واضح جدا باهتمام محمد على تطوير الجيش، والقوة الثانية هو الموائمة بين حركات النهضة. أضاف: فى أواخر الأربعينيات بدأت حركة تراجع واضحة فى هاتين القوتين على جميع المجالات. وتحدث الدكتور محمد الشحات الجندى، أستاذ الشريعة بحقوق حلوان حول انحسار دور الشريعة الإسلامية بمصر فى قضايا الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والمواريث، وقال إن السبب في ذلك يرجع إلى القانون الفرنسى والإنجليزى الوافد إلى مصر. ولفت إلى أن عبد الرازق السنهورى، أخذ من الشريعة الإسلامية لصياغة القانون المدنى عام 1948، مضيفًا أنه لا يوجد به شىء يخالف الشريعة إلا أمرين، الأول ما يتعلق بتحديد نسبة الفائدة، والأمر الآخر هو تحرير عقود الغرر التى تعد شكلاً من أشكال المقامرة. ورفض محمد الشحات الجندى الفكرة التي تقول بأن الشريعة الإسلامية لا تناسب العصر الذى نعيشه، قائلا : إن الشريعة تتضمن أمرين وهما النص كالقرآن والسنة، ثم العقل الذى يفتح باب الاجتهاد كمصدر من مصادر الشريعة، التى تساعد على تطوير المجتمع، وهذا يدل على أن الشريعة ليست بجامدة وأنها تتيح الاجتهاد والتفكير. ودحض حجة المتشددين التي تقول أن فتح باب الرأي والاجتهاد يساهم في التلاعب بالنص القرآني، ليصدروا بذلك دينا بعيدًا عن النص لأجيال متعاقبة، بالرغم من تغير الظروف في الوقت الحالي عما كان في الماضي. وهو ما يحتاج إلى اجتهاد يلبي حاجة المجتمعات الحديثة، وما يعني انغلاقا على فكر قديم كانت له أسبابه ومبرراته في الزمن الماضي، مؤكدا على أنه لا أحد يملك حق احتكار فهم النص الديني، أما إذا تصادم النص مع العقل فستكون هناك إشكالية حلها الأول محاولة التوفيق بين العقل والنص لتفسير النص بصورة عقلانية دون الخروج عن النص بنسبة كبيرة، أما إذا كانت هناك مصلحة عامة للمجتمع إذا أعملنا العقل على حساب النص فسيكون من الواجب أن نلجأ للعقل. وأوضح أنه إذا تعارض النص مع العقل فإن هناك أمرين الأول هو التوفيق بقدر الإمكان بين النص والعقل من خلال تفسير النص بطريقة عقلانية بعد الخروج عن النص، والأمر الثاني إمكانية تقديم العقل على النص إذا كانت هناك مصلحة عامة. واستطرد: البعض يلقي اتهامات على الشريعة الإسلامية ويقولون إنها لا تناسب التجديد، وذلك لأننا اعتمدنا على استيراد القوانين من الخارج، وانحصرت الشريعة على قوانين الأحوال الشخصية والميراث والوقف فقط، بالرغم من أن الاجتهاد يكفل لنا تطوير الأنظمة والقوانين وفقًا للقواعد العامة للشريعة الإسلامية. وأكد الشحات الجندى، أن الاجتهاد يكفل لنا تطوير الأنظمة والقوانين وفقا للشريعة الإسلامية، وليس كما يقول البعض إن الشريعة الإسلامية شريعة جامدة، منوها أن مسيرة التجديد القانونى فى الشريعة الإسلامية مرت بعدة تطورات منها الإيجابى ومنها السلبى. وأشار إلى أن وجود المحاكم المختلطة من قضاة مصريين وأجانب خلال فترة حكم الخديوى اسماعيل فى مصر، كان على حساب الشريعة الإسلامية، لافتا إلى أن الشريعة الإسلامية التي انحصرت فى قوانين الأحوال الشخصية، واستيراد كثيرا من القوانين الغربية جعل تأثير القانون الفرنسى فى مصر يعد أكبر من تأثير القانون البريطانى، لافتا إلى أن أحد الأساتذة الفرنسيين قال إننا احتللنا مصر بالسلاح ولكننا كنا نريد أن نحتلها بالقانون أى نطبق عليها القانون الفرنسى. وطالب الجندى برفض استيراد القوانين من الدول الغربية، موضحا أن الشريعة الإسلامية تتضمن نصوصا ثابتة لا يمكن تغييرها مثل العبادات، كما أن العدالة الاقتصادية تحققها الشريعة عن طريق تطبيق نظام الإسلام المالى. وشدد على أن الشريعة الإسلامية أحد أهم الأنظمة القانونية فى العالم بجانب الفرنسى والشيوعى والإنجليزى، ولهذا وضعت محكمة العدل الدولية شرط انضمام قاضى مسلم من ضمن أعضائها، مثل الدكتور محمد العريان والدكتور فؤاد رياض خبراء القانون المصريين وغيرهم من الدول الإسلامية. وتابع: إن مجلس وزراء العدل العرب قام بتشريع قوانين تتفق مع الشريعة الإسلامية، ليتم تطبيقها فى الدول العربية كقانون موحد للأحوال الشخصية والعقوبات والمدنى، ولكنها لم تنفذ. وبين الدكتور الشحات الجندي أهمية التجديد القانوني، باعتبار أن القانون هو الذي يحمى المجتمع وينظم العلاقة بين الناس، وبين الحاكم والمحكوم، والدولة وغيرها من الدول. وأضاف: "مشكلتنا أننا نجنح للماضي كثيرًا، ونقول كان لنا ولنا، لكن يجب أن نستفيد من الماضي ونطور ما استفدناه للحاضر وعن أول مواد الدستور، قال الدكتور الشحات الجندي، إنه طبقًا للنصوص التي وردت في الدستور، يجب على البرلمان القادم أن يأخذ ويستقي قوانينه من الشريعة الإسلامية، وألا نعتمد على استيراد القوانين، لأن الشريعة الإسلامية هي منبع القوانين، حيث أنها نظام قانوني متميز له صفة استقلالية". وقال: يجب ألا يقتصر دور الشريعة في القانون المصري على الأحوال الشخصية فقط، بل ويمتد أيضًا لكل فروع المعاملات، وتجديد الخطاب الديني والفكري والثقافي، ولابد أن نبحث ونفتش ونجدد في القوانين لكي تكون لها صلة بالهوية المصرية، حتى لا يستشعر المصرين المظالم الاجتماعية التي تحيط بهم بسبب ثغرات القانون.