8 مايو 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    محافظ أسيوط: قرارات حاسمة لتقنين الأراضي وتحفيز الاستثمار وتحسين الخدمات    طيران الإمارات: تعليق الرحلات إلى باكستان حتى 10 مايو    شهداء ومصابون في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    لويس إنريكي: لم أتمنى مواجهة برشلونة في نهائي دوري الأبطال    محافظ أسيوط: سحب عينات من المواد البترولية لفحص جودتها    محافظ أسيوط: تنظيم فعاليات بمكتبة مصر العامة احتفاءً بذكرى نجيب محفوظ    رئيس الوزراء يتفقد مستشفى محلة مرحوم التخصصي ومشروع تغطية المصرف المواجه لها    الولايات المتحدة تعتزم تعيين حاكمًا أمريكيًا للإدارة المؤقتة لقطاع غزة    محافظ الدقهلية توريد 112 ألف طن قمح لشون وصوامع الدقهلية منذ بدء موسم الحصاد    الغندور: بيسير لا يرى سوى 14 لاعبا يصلحون للمشاركة في الزمالك    أزمة مباراة القمة.. هل تحرم لجنة التظلمات الأهلي من التتويج بفصل الختام؟    الجدل يتصاعد حول قانون الإيجار القديم: نواب يطالبون بالتأجيل والمواطنون يرفضون الزيادات    طقس اليوم الخميس.. درجات الحرارة تقفز ل 39 درجة    تخفيف الحكم على قاتل والدته بالإسكندرية من الإعدام للسجن المشدد    امتحانات الدبلومات الفنية.. رابط تسجيل استمارة التقدم قبل غلق ملء البيانات    وزير التعليم يشيد بقرار رئيس المركزي للتنظيم والإدارة بشأن آلية نتيجة مسابقات وظائف المعلمين المساعدين    أبناء محمود عبدالعزيز وبوسي شلبي في مواجهة نارية أمام القضاء    وزير الثقافة يترأس الاجتماع الثاني للجنة دراسة التأثيرات الاجتماعية للدراما المصرية والإعلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    وزير الاتصالات يلتقي محافظ طوكيو لبحث التعاون في مجالات بناء القدرات الرقمية ودعم ريادة الأعمال    قسم الأمراض العصبية والنفسية بجامعة أسيوط ينظم يوما علميا حول مرض الصرع    وزير الصحة يستقبل وفد مجموعة "برجيل" الطبية لبحث سبل التعاون المشترك بالقطاع الصحي    عاجل- هيئة الدواء المصرية تسحب دواء «Tussinor» من الأسواق    مصرع شخص سقط تحت عجلات القطار بالمراغة سوهاج    جامعة عين شمس تفوز بجائزتين في المهرجان العربي لعلوم الإعلام    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الخميس 8-5-2025 صباحًا للمستهلك    مدير مكتبة الإسكندرية يفتتح ندوة المثاقفة والترجمة والتقارب بين الشعوب - صور    الزمالك يستعيد مصطفى شلبى أمام سيراميكا في الدورى    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    البرلمان الألماني يحيي ذكرى مرور 80 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية    هجوم بطائرات درون على مستودعات نفطية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    لدعم فلسطين.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب    حريق يلتهم منزلين بدار السلام سوهاج دون إصابات بشرية    وزير الصحة ونقيب التمريض يبحثان تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    انتصار تصور فيلمًا جديدًا في أمريكا    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 8 مايو 2025    اقتصادي: 2.3 تريليون جنيه فوائد الدين العام الجديد    دور المرأة في تعزيز وحماية الأمن والسلم القوميين في ندوة بالعريش    الطب الشرعي يفحص طفلة تعدى عليها مزارع بالوراق    البابا تواضروس الثاني يصل التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    قاض أمريكى يحذر من ترحيل المهاجرين إلى ليبيا.. وترمب ينفى علمه بالخطة    جامعة حلوان الأهلية تفتح باب القبول للعام الجامعي 2025/2026.. المصروفات والتخصصات المتاحة    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    ميدو يكشف موقف الزمالك حال عدم تطبيق عقوبة الأهلي كاملة    إكرامي: عصام الحضري جامد على نفسه.. ومكنش يقدر يقعدني    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    كم نقطة يحتاجها الاتحاد للتتويج بلقب الدوري السعودي على حساب الهلال؟    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبد الغفار مكاوي .. مترجمًا
نشر في شموس يوم 18 - 01 - 2015


بقلم الروائى ربيع مفتاح
يقول درايدن : يبدو لي أن السبب الحقيقي في أننا لا نحصل إلا على مترجمات قليلة هو قلة الذين لهم جميع الكفايات المتطلبة للترجمة وضألة الثناء والتشجيع على مثل هذه الناحية المهمة من الثقافة، ومع ذلك فقد ظهر خلال العصور مترجمون بارعون رفعوا مقام هذا الفن ومنحوه شيئًا من الإجلال والحركة يأتي اسم المبدع والمترجم والكاتب والباحث الأستاذ الدكتور عبد الغفار مكاوي ليحتل مكانًا متميزًا وسط هذه الكوكبة في هذا الحقل الأدبي والثقافي الهام جدًا وحيث إن المترجم فنان فهو إلى جانب اطلاعه اللغوي ينبغي أن يكون متحليًا بروح الفن ومطلعًا على الموضوع الذي يقوم بترجمته، وتتضمن الترجمة إلى جنب ترجمة الألفاظ والمعاني ترجمة أسلوب الكاتب وروحه فقد توفرت كل هذه الخصائص لدى مترجمنا القدير وسوف نقف عند بعض المحطات في حياة د. عبد الغفار مكاوي لنتبين تلك البذور الفكرية والإبداعية والتي جعلت شجرة الترجمة عنده تثمر بالكثير من إبداعاته فالترجمة إبداع من إبداع أو إبداع على إبداع لأن الإلهام فيها ضروري وبدونه تغدو ميتة لا روح فيها والفرق بين الترجمة الملهمة والاعتيادية كالفرق مابين الشعر والنظم.
وفي عام 1937 دخل عبد الغفار مكاوي المدرسة وبدأ وعيه يتفتح على حب اللغات والاهتمام بالفنون وفي عام 1947 عندما قرأ (آلام فيرتر) لشاعر الألمان الأكبر (جوته) راوده إحساس غامض –كما يقول – بأن مصيره سوف يرتبط بهذا الشاعر الفيلسوف لم يعلم في ذلك الحين أنه سوف يرتبط كذلك بالأدب والفكر الألماني.
كما أقدم على تعلم اللغة الإيطالية في معهد (داني الليجيري) بالقاهرة والحصول على منحة لمدة ثلاثة أشهر عام 1953 للدراسة بجامعة (بيروجيا للأجانب) ثم التركيز من عام 1954 إلى عام 1957 على دراسة اللغة الألمانية مع الالتحاق (بمدرسة الألسن كما أنه حصل في عام 1957 على منحة لمدة عشرة شهور للدراسة في ألمانيا – وهكذا نرى أن حب اللغات ودراستها وعشق الفنون قد تجذر وتأصل في وجدان وفكر مترجمنا القدير الذي درس الإنجليزية والألمانية والإيطالية والفرنسية. لكن اللغة الألمانية تأتي في المرتبة الأولى من حيث الإتقان والإجادة والتجويد بل استأثرت بنصيب الاسد في مترجماته التي نقلها إلى العربية عشقه الأول والتي أمتزجت بروحه منذ الصغر وأيام النشأة الأولى، ومنذ البدايات عشق د. عبد الغفار مكاوي الشعر والمسرح وكتب الشعر ومازال يكتب المسرح وارتبط عنده المسرح بالشعر منذ البداية واعتقد أن فن المسرحية الشعرية هو المعدل لوجدانه وفكره إبداعيًا وقد نحى الإبداع جانبًا لأسباب سوف نوردها بعد ذلك أما المسرح فقد ألقى فيه بنصيب لا بأس به وهذا يفسر اتجاه د. عبد الغفار مكاوي إلى ترجمة الشعر والمسرح فقد استأثرا الاثنان بالنصيب الأكبر في مترجماته فهل كان التركيز عليهما ترجمة نوعًا من التعويض الإبداعي؟ أو بمعنى آخر أفرغ طاقته الإبداعية في ترجمة الشعر والمسرح وكان هذا العشق سببًا رئيسيًا في تميز مترجماته فهو لم يترجم أعمالاً قد فرضت عليه أو تم تكليفه بها دون رغبة منه وإنما العكس هو الذي حدث فقد أحب وأختار وترجم فتفرد وهذه أول خصيصة من خصائصه كمترجم وقد نطلق عليها (العاطفة) هذه العلاقة الخاصة جدًا بينه وبين العمل المترجم بل ومؤلفه والتي تجعله يتعايش معه ويتشرب روحه حتى أن د. عبد الغفار مكاوي يصف هذه العملية بأنها أشبه ما تكون بتناسخ الأرواح وهنا يكمن الإبداع وتصبح الترجمة – بالفعل – إبداعًا على إبداع لأن المترجم لا ينقل إلينا ألفاظًا وعبارات وإنما ينشىء لنا روح العمل في لغتنا العربية.
ورغم هذا الإبداع الذي يتحقق – أحيانًا في عملية الترجمة فإن عملية التطابق بين النص الأصلي والترجمة صعبة التحقيق فدائمًا يوجد مايسمى بفائض الترجمة وهذا الفائض يكون لصالح النص الأصلي وأحيانًا يكون لصالح الترجمة لأنه يجوز للمترجم أن يضيف إلى المعنى الأصلي شيئًا من عنده لتقويته وهو مايعرف بالمعنى المضاف إضافة تركيبية أو يحذف معنى ثانويًا لا رئيسيًا إذا وجد أن ذلك يضعف من قوة النص الأصلي وهذه الحكمة في الزيادة أو الحذف من خلال توخي الدقة هي مايميز منهد د. عبد الغفار مكاوي في الترجمة فإذا كانت بعض الألفاظ أو التراكيب تعود إلى أصول لاتينية أو يونانية فإنه يقوم بعملية التحقق والتحقيق وسوف نعرض لذلك بشىء من التفصيل في تناولنا لإسهاماته في ترجمة الشعر والمسرح ولن نتعرض لإسهامه في مجال ترجمة الفلسفة والفكر ولعل ذلك يكون موضوعًا آخر للبحث في مرة قادمة.
ترجمة الشعر :
أصعب مايمكن ترجمته هو الشعر لأنه يحتاج إلى ملكة خاصة ويؤكد هذا المعنى د.عبد الغفار مكاوي نفسه فيقول: (أجل! إن ترجمة الشعر أشبه بالمخاطرة في أرض حرام في منطقة غامضة تقع على الحدود الغامضة أيضًا بين الإنشاء أو الإبداع الخالص، وبين النقل الحرفي الدقيق والأمين والسبب بسيط فهي تحاول إعادة إبداع عمل سبق إبداعه ولكن إذا أخذنا في الاعتبار الإمكانات الخاصة جدًا بمترجمنا القدير ومنها عشقه لكل من العربية والألمانية وتمكنه فيهما فضلاً عن عشقه الخاص لترجمة الشعر والذي بدأت رحلته معه منذ البدايات وهذا ماعبر عنه د. عبد الغفار مكاوي فيقول (توقفت عن الشعر تمامًا بعد تعرفي إلى صديق العمر المرحوم صلاح عبد الصبور واقتناعي بعدم أصالة موهبتي فيه وإن لم يمنع هذا من مواصلة قراءتي له واهتمامي الدائم بعد ذلك بترجمته ودراسته ونثر بعض مقطوعاته خلال مسرحياتي المتواضعة).
ويمكن القول أن ترجمة الشعر بوجه خاص لا يجوز أن يقترب منها إلا شارع كبير في لغته أو على الأقل إنسان سكنته حساسية الشعر وأعتقد أن مترجمنا القدير يمثل الحالة الثانية فهو مسكون بالشعر منذ النشأة الأولى.
بدأت رحلة د. عبد الغفار مكاوي مع ترجمة الشعر بترجمة بعض قصائد الشاعر والكاتب المسرحي الشهير برتولد برشت وقد نشرت في مجالة المجلة عام 1958 ثم توالى اهتمام المترجم وانشغاله ببيرشت بعد رجوعه إلى الوطن في أواخر سنة 1962 فترجم عددًا كبيرًا من مسرحياته وأشعاره التي ظهرت في سنة 1967 تحن عنوان (قصائد من برشت) وقد صدرت الطبعة الثانية من هذا الكتاب عام 1999 بعنوان (هذا هو كل شىء) قصائد من برشت عن دار شرقيات بمقدمة ثانية للمترجم ومعها مقدمة الطبعة الأولى أيضًا وإذا اردنا أن نستكشف بعضًا من جماليات هذه الترجمة فقد تساعدنا قصيدة (عن الرجال العظام) في ذلك.
عن الرجال العظام (1926)
-1-
الرجال العظام يقولون أشياء كثيرة غبية
يتصورون أن جميع الناس أغبياء
والناس لا تقول شيئًا وتتركهم يعملون
بهذا يدور الزمن دورته
-2-
لكن الرجال العظام يأكلون ويشربون
ويملأون البطون
وبقية الناس تسمع عن أعمالهم
ويأكلون كذلك ويشربون
احتاج الإسكندر الأكبر لكي يعيش
إلى مدينة بابل العظيمة
ولقد وجد أناس آخرون
لم يشعروا بأنهم في حاجة إليها – أنت واحد منهم
-5-
الرجال العظام يتصروفن كأنهم حكماء
يتصرفون كأنهم حكماء
ويتكلمون بأصوات مرتفعة – مثل الحمام
والرجال العظام ينبغي تكريمهم
لكن لا ينبغي تصديق (مايصدر عنهم من كلام)
وتوالت الترجمات بعد برشت فقد قرأ المترجم بعض أغنيات سافو أول شاعرة غنائية في تاريخ الأدب الغربي والتي قال عنها (انجذبت إليها عن غير وعي متأثرًا بحبي القديم لعلي محمود طه وأشعاره وأغنياته إلى شاعرة الحب والجمال وظهرت ترجمة الشذرات الكاملة عن دار المعارف سنة 1966 (لكن المشروع الأكبر كان كتاب (ثورة الشعر الحديث) والذي استغرق حوالي ست سنوات من العمل الضمني ولم يقم د. عبد الغفار مكاوي بالترجمة الحرفية في هذا المشروع وقد صدرت الطبعة الثانية من هذا الكتاب بعنوان (ثورة الشعر الحديث) من (بودلير إلى العصر الحاضر) عام 1998 عن دار أبوللو ومن خلال مقدمة الطبعة الثانية نستطيع أن نتعرف على الدوافع والأهداف المرتبطة بهذا السفر الضخم الذي جاوزت عدد صفحاته الستمائة . رحمة الله على الكاتب والمبدع والناقد والمترجم د عبدالغفار مكاوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.