«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ عبد القادر الكيلاني - الشاعر
نشر في شموس يوم 25 - 11 - 2014


بقلم - فالح الحجية
هو ابو محمد محي الدين عبد القادر بن ابى صالح موسى بن عبد الله الجيلي بن يحيى الزاهد بن محمد بن داود الامير بن موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن ابي طالب .
اما امه فهي امة الخير فاطمة بنت عبدالله الصومعي الزاهد العابد المعروف بن محمد بن محمود بن عبد الله بن عيسى بن محمد الجواد بن علي الرضا بن الامام موسى الكاظم بن الامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر بن الامام علي زين العابدين بن الامام الحسين السبط بن امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضوان الله عليهم اجمعين.
ولد الشيخ عبد القادرالجيلاني سنة \ 470هجرية - 1077 ميلادية في منطقة جيلان العراق وهي قرية في ضواحي بغداد - العراق من جهة المدائن من اسر ة عربية علوية اصيلة . فهو عربي دمه ونسبه ينتهي نسبه بالد وحة المحمدية المطهرة المبا ركة الشريفة ابا واما.
وقيل ولد في منطقة جيلان وجيلان عدة مناطق منها جيلان غرب من اعمال بلاد ايران الحالية وجيلان ضاحية او عدة ضواح متجاورة تقع غرب بلاد ايران من جهة العراق
دخل الشيخ عبد القادر الكيلاني بغداد سنة \ 488هجرية- 1095 ميلادية وعمره ثماني عشرة سنة والتقى بمجموعة من مشاهير العلماء الذين نهل من مناهلهم العلمية واستقى من بحور معارفهم فكا نوا شيوخا واساتيذ له وكا ن قد درس القران الكريم قبل دخوله بغداد في جيلان حتى اتقنه .
درس الفقه والتفسير على يد شيخ الحنابلة ببغداد ابي سعيد المبارك المخرمي المتوفي سنة 513 هجرية\1119ميلادية وابي الوفاء علي بن عقيل بن عبد الله البغدادي وابي الخطاب محفوظ بن احمد بن الحسن بن احمد الكلواذي الكتوفي 510 هجرية 1116 ميلادبة. ودرس التصوف ا وتلقاه من الشيخ حماد بن مسلم الدباس المتوفي \ 525 هجرية 1130 ميلادية ودرس الحديث الشريف على يد المحدث الامام ابي محمد جعفر بن احمد السراج البغدادي المتوفي سنة \500 هجرية 1106 ميلادية وابي القاسم علي بن احمد بن محمد بن بيان البغدادي المتوفي سنة \ 510 هجرية 1116 ميلادية وابي عبد الله يحيى بن الامام الحسن بن احمد ابناء البغدادي المتوفي سنة 531 هجرية 1136 ميلادية
واضيف ان للمكانة العالية والمنزلة الرفيعة التي كانت للتصوف في زمانه اثر الجهود التي بذلها الامام الغزالي الذي اشتهر امره وذاع صيته في بداية نشأ ة الشيخ الجيلاني ولا استبعد ان يكون قد تتلمذ عليه فمن المعروف ان الامام الغزالي توفي \ 505هجرية بينما كان وصول الشيخ الجيلاني الى بغداد كما اسلفنا سنة\ 488 هجرية بمعنى انه عاش معه في بغداد سبعة عشر عاما فمن المستحيل الا يكون قد سمع به او جا لسه ثم راى تلك المنزلة العالية التي كان عليها الغزالي في بغداد ويزيد هذا الاحتمال ترجيحا ا لتشابه الكبير بين اسلوب الشيخ الغزالي والشيخ الجيلاني في كتابيهما ( احياء علوم الدين ) و(الغنية الى طريق الحق ).
لقد بدء الشيخ عبد القادر حياته العلمية بعد استكمال دراسته واعظا ومدرسا في مدرسته والتزم جانب الوعظ والارشاد الديني والروحي ولعل ابرز مظاهر مكانته العلمية مؤلفاته ومجالس وعظه التي جمعت بعده فكانت كتبا قيمة يتداولها الناس جيلا بعد جيل وطريقته الصوفية واهدافها الدينية والتي انتشرت في عموم العالم الاسلامي وكانت سببا لنشر الاسلام في مناطق عديدة من العا لم ومن خلال جلوس الشيخ الجيلاني قدس سره للتدريس والوعظ كثر طلاب العلم والمعرفة ممن يحضرون مجالسه فكانوا اصحابا له او تلاميذ وقد اورد المؤرخون ممن كتب عن سيرة سيدنا الشيخ عبد القادر الجيلاني.
لقد انتهج الشيخ قدس سره في ايضاح الحقيقة المحمدية والعقيدة الاسلامية طريق السلف الصالح مما ثبت في كتاب الله وسنة رسوله الكريم محمد صلى الله عله وسلم ورفض كل ماخالف الكتاب والسنة ظاهرا وباطنا بعيدا عن التعقيد والغموض وشرع من خلال ذلك لطلابه ومريديه طريقته الشهيرة ( الطريقة القادرية) . فثقافته ومكانته العلمية تنحصر فيما اكتسبه من اساتيذه وشيوخه اولا ومجا لس وعظه وتدريسه وكتبه مؤلفاته ثانيا وطريقته الصوفية ثالثا وما اخذه عنه تلاميذه ومريدوه واصحابه وهو الكثير رابعا وكان حصيلة كل ذلك هذه المكاتة العلمية العاليهالرفيعة التي وصل اليها .
توفي الشيخ عبد القادر الجيلاني في بغداد في عهد الخليفة العباسي المستنجد بالله وذلك يوم السبت التاسع من شهر ربيع الاخرة سنة \ 561 هجرية \ 1066 ميلادية ودفن في مدرسته بباب الازج ببغداد ولا يزال ضريحه ظاهر ا ومزارا لجميع المسلمين .
يعد الشعر الصوفي امتداد لشعر الزهد فقد انحدرا من مصب واحد وافترقا قريبا من بعضهما ثم يلتقيان في مصب واحد ايضا وكانت الاواصر بين الدين والشعر تتمركز في اعتماد كل منهما على الروح والالهام والحدس والتلقي.
وشعر الشيخ الجيلاني قدس سره نبع من هذه الروحية فهو مزيج من هواجس الشوق والحب والوله والعشق لذا ظهر فيه اختيار ه للالفاظ الغزلية وكلمات الحب الصادق تعبيرا عن مكنون قلبه وافكاره وما بدا خلهما من حب وشوق للذات اللالهية وشتان بين الرهبة والخوف وبين الحب والشوق.
والاسلوب الشعري للقصيدة الجيلانية امتاز باختيار اللفظة المناسبة والتعبير الخالص بحيث اعتمد في بعض الاحيان ا سلوب الر مزية في الشعر او التلويح كما في قصائده الخمرية – الذي يوميء او يشير الى ما يخالجه ويجول بخاطره من العبارات دون الاكتراث بما حوله وكذلك ظهرت العناية بجودة الصياغة وحسن الاختيار لهذه اللفظة اوتلك التي جاءت سهلة عذبة كالماء الجاري وتلونت بالوان وهج القصيدة او تنهمر العواطف غزارا فتتحول الى نبع متدفق جارف وبحر زاخر متلاطم يغلب عنفوانها على القلب والنفس والروح فتصعد مستلهمة الشوق الى حد الفناء في المحبوب وقد وردت القصيدة الجيلانية طويلة طويلة نافت في بعضها على\400 بيت وقصرت في بعضها الى البيت الواحد.
ان الفنون الشعرية لهذه القصائد وهي اللمحة او الحالة التي يسجلها الشاعر وما يتمثل به من احساس او ادراك وما تسمو اليه الشاعرية الفذة ويروم تسجيله من خلال الصورة الشعرية التي هي قوة خيال الشاعر فقد جاءت واضحة جلية في قصائده ومقطوعاته تشمخ من خلال دراسة هذه القصائد وتحليلها ولو تتبعنا الفنون الشعرية لشعر الجيلاني قدس سره لوجدنا فيها الفخر البعيد عن المباهاة والتفاخر والتعظيم البشري انما ينبع من عقيدته ومنزلته الدينية الصوفية معبرة عن الحب الالهي منبعثة من الوله الصوفي الصادق الذي التزمه الصوفيون ايمانا بقدسية الله تعالى وتعلق الروح الصوفية بالحضرة الالهية وعشقها للقرب و الوصال والانس والمشاهدة وقد تصل الى حد ا لفناء او السكر . فيكثر الشاعر من ذكر الخمرة والكا س والشراب وليست السكر الصوفي شرابا او خمرا يدير الراس او يثقل الحواس فيضرب غشاوة على القلب والعقل بل هو احساس نفسي يوقظ عواطف النفس وينعش الوجدان ويفتح عين البصيرة فتنفتح امام القلب افاقا للروح في هذه العوالم الجذابة الشائقة بحيث تستولي تجليات الحبيب على قلب الصوفي فلا يشاهد سوى الله تعالى ويحل الوجد الشهودي محل الوجد الوجودي نتيجة التفاعل الشعورى المنبعث من القلب لجلال وجمال من يحب منزها عن الجمال المادي فتظهر حالات النشوة وهي دالة السكر المشابه الى حد بعيد حالات السكرالخمري حيث ان الحب في نظرالصوفي شرفه ان تلحقه سكرات المحبة
لذا جاءت القصيدة الجيلانية ذات تعبير مبدع حاذق واية فنية خالصة خالدة تمثل حالة السكر الالهي و ربما تصل الى حد الشطح في بعض الاحيا ن – والشطح حالة فيض وجد فاض لقوته وهاج لشدة غليانه وغلبته- لذا فاضت اشعاره بالمحبة الخالصة والعاطفة الصادقة في سمو من الاخلاق منبعثة ومتمثلة في الحديث القدسي ( المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء)
لاحظ كتابي ( شرح ديوان الشيخ عبد القادرالجيلاني وشيء في تصوفه ج1 صفحة 83 وما بعدها )
واللغة الشعرية التي استعملها الشعراء الصوفيون قد اشتملت على الغزل العذرى وما فيه من الفاظ في الحب والشوق والوجد والفناء في داخل المحبوب وقد اضافوا اليهااحدى طرق التعبير الصوفي ماثلة في التلويح او الرمز الشعرى الذى يومىء او يستشير به لها ومن خلال هذا الطريق استطاع الشاعر الصوفي التعبير عما يخالجه ويجول بخاطره من عبارات دون الاكتراث بما حوله وقد اكد الشيخ الكيلاني هذه الحقيقة في شعره متخذا من الرمز او الاشارة مسلكا كقوله \
اسراري قراءة مبهمات
مسترة بارواح المعاني
فمن فهم الاشارة فليصنها
والا سوف يقتل بالسنان
كحلاج المحبة اذ تبوت له
شمس الحقيقة بالتدا ني
وقال انا هو الحق الذى
لا يغير ذاته مر الزمان
ومن العناية الشعرية جودة الصياغة وحسن اختيار الالفاظ حيث كان دقيقا في اختيار الفاظ شعره في ظل الرمز يقول من الوافر\
سقاني الحب كاسات الوصال فقلت لخمرتي نحوي تعالي
او في قصيدته التي مطلعها من الطويل :
مافي الصبابة منهل مستعذب
الا ولي فيه الالذ الاطيب
فقد استعمل الالفاظ السهلة وانتقاء الكلمات الحلوة التي تبين ما يتمتع به الشاعر من قوة والهام في الاختيار والتعبير والشاعرية الفذة بالفاظ سهلة مالوفة البسها ثوبا جديدا قشيبا يتلون بالوان وهج القصيدة واحاسيسها واوقعها بين الرقة والعذوبة والخطابية الكلمات الحلوة التي تبين ما يتمتع به فقد استعمل الالفاظ السهلة وانتقاء الخطابية لذا جاء شعره رقيق الحواشى جميلها رمزيا في بعض منها يقول:-
لاخمرة الا خمورى في الهوى
ولا غرام الا من تصاعد زفرتي
و من خلال دراسة هذه القصائد ونستطيع ان نلمس ذلك في الفنون الشعرية التي طرقها وانشد فيها فكانت فنونا شعرية واغراضا مقصودة كان منها ما يلي :
1- الفخر الصوفي
اتجه شعر الجيلاني قدس سره وجهة متميزة قد اختلفت عن مسالك الفخر المعروف فلم نجد فيه مديحا للملوك والامراء والاشخاص ولم يقصد فيه الى التباهي والتفاخر والتعظيم بما يملك او بما كان له من ماثر الاجداد والامجاد انما نجده ينبع من عقيدته ومنزلته الدينية وما يفرضه عليه الحدود الدينية التي وصل اليها في العبادة وفي حب
الله تعالى فيقول من الطويل :
مافي الصبابة منهل مستعذب
الا ولي فيه الالذ الاطيب
اوفي الوصال مكانة مخصوصة
الا اومنزلتي اعز واقرب
وهبت لي الايام ر ونق صفوها
فغلا مناهلها وطاب المشرب
اضحت جيوش الحب تحت مشيئتي
طوعا ومهما رمته لايغرب
ومن الصور الفنية الجميلة في شعره اعتماده اسلوب التشبيه بحيث يشبه المحسوسات ببعضها بحيث يشبه محسوسا باخر محسوس مثله او معنوي ينبثق من محسوس مثله قال:-
اضحى الزمان كحلة مرقومة
تزهو ونحن لها الطراز المذهب
وله في هذا الباب اشعارا يفتخر بنسبه الشريف كونه سليل الدوحة المحمدية يقول
محمد الرسول للخلق رحمة
وجاهد في كفارهم بالقوا ضب
اتاني مرارا قبل عهدي وقال لي
انا جدك افخر بي كفخرالمخاطب
امامي رسول الله جدي وقدوتي
وعهدي من بحقه وهي مطالبي
2- الخمرة الالهية
السكر والصحو من اظهر الاحوال الصوفية واخصها وقد اختلف المشايخ ايها افضل واليق بالصوفي لذا فاضت الاقوال المأ ثورة بالتعبير عن الفناء والغيبة والسكرو ما الى ذلك مما يشير الى ان الصوفي كان في اغلب احواله ماخوذا مشغولا عن نفسه وعن كل ماسوى الله بالله وحده السكر الصوفي هو تلك النشوة العارمة التي تفيض بها نفس الصوفي وقد امتلاءت بحب الله تعالى حتى غدت قريبة كل القرب فالسكر الصوفي ليس شرابا او خمرا يدير الراس او يثقل الحواس فيضرب غشا وة علي القلب بل هواحساس يوقظ النفس وينعش الوجدان ويجلوعين البصيرة في نظرالصوفية- فتفتح امام القلب افاقا للروح في هذه العوالم الجذابة الشائقة بحيث تستولي تجليات الحبيب على قلب الصوفي فلا يشهد ولا يشاهد سوى الحق سبحاه وتعالى لان حضور الحبيب في القلب هو محور لشعوره بذاته وبما حوله وقد يصل الى درجة صفو الوجد وبهذا يحل والوجود الشهودي وحل الوجود الوجودي ونتيجة لذلك وهذه الدرجة من الحب الالهي وما يشعر به ا لصوفي العارف تجاه خالقه ومايحس به من شعور ازاء جمال من يحب المنزه عن الجمال الدنيوى ظهرت حالات النشوة والتي هي حالات السكر المشابه في اثاره الى حد بعيد حالات السكر الخمري وهذه الحالة علامة الصدق في الحب في ذلك يقول الشيخ عمر السهروردي ( المحب شرفه ان تلحقه سكرات المحبة فاءن لم يكن ذلك لم يكن حبه حقيقة)-
ومن هنا نجد شعر الجيلاني قدس سره قد ملىء بالخمريات الالهية حيث انها مزجت بدم الشيخ فتنبعث من روحه وقلبه وعواطفه لاحظ اليه يقول :
حد يثها من قديم العهد في اذني
فخلني من حديث الحادث الفاني
قديمة مزجت روحي بها ودمي
وهي الاتي لم تزل روحي وريحاني
انا النديم الذي تم السرور به
من كان يعشق رب الجا ن يهواني
وتعشق الراح مني حين اشربها
ويسكر السكر مني حين يغشاني
وفيها يتشوق الشيخ قدس سره الى الذا ت العلية وحبيبه الذى
يراه في كؤوس الخمر الا لهية يقول:-
سقاني حبيبي من شراب ذوي المجد
فاسكرني حقا فغبت علىوجدي
وحالة السكر هذه لاتكون الا لاصحاب المواجيد فهي حالة متا تية من النظرالى الحق وفيه بعين القلب مستأنسا بالمشاهدة والحب والجمال الالهي في ظل النشوة العظيمة التي يشعر بها وقد تسمى هذه الحالة الشطح وهي حالة فيض وجد فاض بقوته وهاج لشدته وغليانه وغلبته والشطح عند الصوفيه من الحركة انها حركة اسرار الواجدين –انظر اليه يقول \–من البسيط-
لي همة بعضها يعلو على الهمم
ولي هوى قبل خلق اللوح والقلم
ولي حبيب بلا كيف ولا مثل
ولي مقام ولي ربع ولي حرم
القادرية فرسان معربدة
بين الانام وسري شاع في القدم
عصف البحار وقد اظهرت جوهرها
فلم ار قدما تعلو على قدمي
فهي جراء هيمانه ووجده يتصور ان همته تعلو على جميع الهمم الاخرى ووجده قبل خلق اللوح والقلم وان الله تعالى منزه عن الكيفية والمثلية – ((ليس كمثله شىء وهوالسميع البصير )- سورة الشورى الاية \11 ويشير الى ان مقامه محفوظ ومحارمه مصانة ويشبه من تبعه من السالكين طريقته وسلوكه كالفرسان الذين لهم من الباءس والقوة فاذاع شهرته وعلت منزلته بين العالمين ومع كل هذا وذاك وفي حالتي الصحو اوالسكر نجد نكران الذات لدى الصوفي تنبع من هجره ملذات الحياه والانشغال بذكرالله مما يشع من روحه الصفاء من الكدر والانانية ويجعلها تفيض بالمحبة الخالصة الصافية في سمو من الاخلاق امتثالا للحديث القدسي( المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء )
3-الحب الالهي
ويعتبر الحب الالهي حجر الزاوية في الروءية الصوفية وهو الذى اخرج الكون من العدم والارادة فمحبة الحق تعالى للعبد ارادته لانعام مخصوص عليه وهي حالة تلاحظ في قلبه بلطف من العبارة وقد تحمله هذه الحالة على التعظيم له وايثار رضاه تعالى وقلة الصبر عنه وللاهتياج اليه وعدم القرار من دونه مع وجود الا ستيناس بدوام ذكره له بقلبه لقد وردت كلمة الحب في القران الكريم في عدة مواضع مما يدل على انه عاطفة صافية من الله تعالى نحو عبده غرسها فيه واخرى صاعدة من العبد نحو ربه حالة متبادلة بين العبد وربه فالمحبة منه اليه اودع بذورها قلوب محبيه وان الروح فيض منه تعالى وهبة منه اليهم فالحب تعبير عن وفاء الروح لخالقها وليس جميع الارواح قادرة على الوفاء بالحب عن منة الله اليها لذا اصبح اهل المحبة مخصوصين بهذه النعمة اصطفاهم ربهم عن سائر خلقه وقد تصل درجة المحبة فيهم الى حد الوجد فتكون مكاشفات من الحق تعالى تثير الزفير والشهيق والبكاء والانين والصعقة والصيحة والصراخ وزظهر تاثر الشعراء الصوفيين بشعرا ء الحب العذري وتمثلوا بالفاظهم ومواجيدهم وتغنوا بالذات الالهية وقد تبين بجلاء تام في شعر الشيخ الجيلاني لاحظ قوله :
فواءد به شمس المحبه طالع
وليس لنجم العذل فيه مواقع
ومن علائم الحب الالهي الانس وهو اقرار المشاهدة لجمال الحضرة الالهية في القلب وهذا جما ل الجلال وفيه ينجلي الشيخ قدس سره وكانه في حضرة التقريب مستاءنسا بوجوده مع الحق تعالى وقد تحققت عبوديته له ووصل الى المقام الاعلى وهنا ليس للصبر مع العبد اختيار ولا ارادة بل يصل الى درجة الفناء فيه وقد اتخذ الفناء في شعر الجيلا ني قدس سره مايفصح عن كيفية هذا وتمكينه في هذا الحب منه من افناء ذاته واتحادهما في موضوعاتهما بتشويق ازلي في توكيد الذات واثباتها يقول من الطويل :
تمكن مني الحب فامتحق الحشا
واتلفني الوجد الشديد المنازع
وقد فتكت روحي تقارعه الهوى
وافنيت في نجو ى بما انا فازع
تلذ لي الايام اذ انت مسقمي
وان تمتحني فهي عندي صنايع
فذكر الله تعالى والدوام عليه في ثنايا هذا الحب العظيم وتوكيد الاتصال الالهي الذي يشعر به اتجاه من يحب ليشير الى المنزلة العظيمة التي تحاول التقرب منها دائما ومن هنا يتبين ان الحب الالهي سر ان افصح عنه عوقب صاحبه بالموت واتهم بالكفر والعصيان وعلى هذا فان الحب الالهي عند الجيلاني قد اخذ منحى من قبله من شعر اء الصوفية في التكتم والسر وعدم البوح وتحمل مايجده من صبابة ولوعة وشوق ووجد يقول:
فقري اليكم عن الاكوان اغناني
وذكركم عن جميع الناس انساني
وقد عرفت هواكم واعترفت به
وانكرت من كان في عرفي وعرفاني
ان جاء جدب فانتم غيث مخمصتي
او عز خطب فاءنتم عز سلطاني
وان يكن احد في الناس منصرفا
الى سواكم فمالي غيركم ثاني
4- شعر الشكوى والمحنة
ا ومن الاغراض التي وجدناها في شعر الشيخ الجيلاني قس سره الشكوى لله تعالى والاستغاثة به والتعلق بر حمته فهو يبث شكواه عند الضيق لخالقه تعالى فهو ميسر لكل صعب يقول في قصيدته الرائية :
اذا ضاق حالي اشتكيت لخالقي
قدير على تيسير كل عسير
فما بين اطباق الجفون وحلها
ا انجبار كسير وانفكاك اسير
لقد ابدع الشعر في تصوير القدرة الالهية بانطباق الجفون وحلها
(- انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون )– هذا من قبيل التصوير الفني الذى يدفع بموضوعات الشيخ نحو الجدة والابتكار فهو يعتمد الجرس القراآني وصوره الفنية يقول من البسيط :
يامن علا قرائ مافي القلوب وما
تحت الثرى وظلام الليل منسدل
انت الغياث لمن ضاقت مذاهبه
انت الدليل لمن حارت به الحيل
انا قصدناك والامال واثقة
والكل يدعوك ملهو ف و مبتهل
فان عفوت فذو فضل وذوكرم
وان سطوت فأنت الحكم العدل
وهكذا تجري قصائد الشيخ الجيلاني قدس سره واشعاره في الاستغاثة والشكوى لله تعالى والتعلق برحمته وجوده وكرمه من ذلك قوله \
وقفت بالباب دهرا عسى افوز بوصلي
من بان ترفضني عبد ببابك من لي
مالي بغيرك شغل وانت غاية شغلي
فالوزن الشعري - المجتث – يموج بالكلمات ويجعل منها نشيدا جميلا لايختلف في مكانته الفنية عن ترنيمات المحبين ومن شعره في هذا المجال قصيدته المخمسة في الرجاء والاستعطاف يقول فيها-
الهي قد انبت بباب عطفك سائلا
مع ذلة والدمع مني سائلا
وعلمت اني كم سألت مسائلا
حاشا لجودك ان تجنب سائلا
امازال في احسا ن عفوك يطمع
********
ادعوك يارحمن غير مشبه
مستشفعا بالمصطفى وبولده
فعفو لعبدك ماجنى من ذنبه
يارب ان فرج فعجل لي به
لم يبق في قوس التجلد مدفع
واختم بحثي بهذه الابيات الرائعة من قصيدته (غارة الله ) :
ان ابطأ ت غارة الارحام وابتعد ت
عنا فاسرع شيء غارة الله
ياغارة الله حثي السير مسرعة
في حل عقدتنا ياغارة الله
ضيق احاط بنا في كل ناحية
واظلم جللا والحمد لله
لم يرتجى كشف ضر ثم حادثة
في كل نائبة الا من الله
فثق به في ملمات الامور ولا
تجعل يقينك يوما غير ما الله
ان الشدائد مهما ضاقت انفرجت
لا تقنطن اذا من رحمة الله
كم من لطائف اولاها الاله وكم
اشياء لاتنحصي من نعمة الله
له علينا جزيل الفضل منتشرا
في كل جارحة فضل من الله
فافزع سريعا بقلب محرق وجل
مستعطفا خائفا من سطوة الله
وقل اذا ضاقت الاحوال مبتهلا
برفع صوت الا يا غارة الله
فكي خناق ا لذي قد ضاق في عجل
ونفّسي كربتي يا غارة الله
مالي ملاذ ولا ذخر الوذ به
ولا عماد ولا حرز سوى الله
ارجوه سبحانه ان لايخيب لي
ظنا فحسبي ما ارجوه في الله
يانفس قولي اذا ضاق الخناق الا
يا غارة الله حتى ياغارة الله
كم وحتى وكم هذا التواني وكم
كم ايها النفس اعراضا عن الله
اه على عمر مني مضى فرطا
سبهلا لم يكن في طاعة الله
ألوم نفسي وقلبي ربما رجعا
عن المعاصي بتوفيق من الله
فربما بكيا خوف الذنوب وما
قد اسلفا من خطيات الى الله
فلم تزل طول ماعمرت متّكلا
فما ينوبك من امر- على الله
الصبر درع حصين من تدرّعه
يكف المكاره والاسواء من الله
ما استعمل الصبر انسان تفضل به
رأيا ولا جاءه بؤس من الله
الصبر في جملة الاشياء مغتنم
وصاحب الصبر محمود من الله
لا تياسى نفحة تاتي فربما
تاتيك بعد اياس رحمة الله
الحمد لله حمدا دائما ابدا
والحمد لله ثم الحمد لله
الحمد لله رب العالمين على
ما كان يلهمني الحمد لله
ثم الصلاة بمحمود السلام على
محمد المصطفى من خير الله
والال والصحب ثم التابعين فهم
في سنة المجتبى ذي سنة الله
ما حثحث الموكب صوتا لكاظمة
تبغي جوارالنبي الهادي الى الله
راجع راجع شرح القصيدة في كتابي ( شرح ديوان الشيخ عبد القادرالكيلاني وشيء في تصوفه الجزء الرابع صفحة\ 441 وما بعدها .
امير البيان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.