1- الفخر الصوفي اتجه شعر الجيلاني قدس سره وجهة متميزة قد اختلفت عن مسالك الفخر المعروف فلم نجد فيه مديحا للملوك والامراء والاشخاص ولم يقصد فيه الى التباهي والتفاخر والتعظيم بما يملك او بما كان له من ماثر الاجداد والامجاد انما نجده ينبع من عقيدته ومنزلته الدينية وما يفرضه عليه الحدود الدينية التي وصل اليها في العبادة وفي حب الله تعالى فيقول من الطويل : مافي الصبابة منهل مستعذب الا ولي فيه الالذ الاطيب اوفي الوصال مكانة مخصوصة الا اومنزلتي اعز واقرب وهبت لي الايام ر ونق صفوها فغلا مناهلها وطاب المشرب اضحت جيوش الحب تحت مشيئتي طوعا ومهما رمته لايغرب ومن الصور الفنية الجميلة في شعره اعتماده اسلوب التشبيه بحيث يشبه المحسوسات ببعضها بحيث يشبه محسوسا باخر محسوس مثله او معنوي ينبثق من محسوس مثله قال:- اضحى الزمان كحلة مرقومة تزهو ونحن لها الطراز المذهب وله في هذا الباب اشعارا يفتخر بنسبه الشريف كونه سليل الدوحةالمحمدية يقول: محمد الرسول للخلق رحمة وجاهد في كفارهم بالقواضب اتاني مرارا قبل عهدي وقال لي انا جدك افخر بي كفخرالمخاطب امامي رسول الله جدي وقدوتي وعهدي من بحقه وهي مطالبي 2- السكر اوالخمرة الالهية - السكر والصحو من اظهر الاحوال الصوفية واخصها وقد اختلف المشايخ ايها افضل واليق بالصوفي لذا فاضت الاقوال المأ ثورة بالتعبير عن الفناء والغيبة والسكرو ما الى ذلك مما يشير الى ان الصوفي كان في اغلب احواله ماخوذا مشغولا عن نفسه وعن كل ماسوى الله بالله وحده السكر الصوفي هو تلك النشوة العارمة التي تفيض بها نفس الصوفي وقد امتلاءت بحب الله تعالى حتى غدت قريبة كل القرب فالسكر الصوفي ليس شرابا او خمرا يدير الراس او يثقل الحواس فيضرب غشا وة علي القلب بل هواحساس يوقظ النفس وينعش الوجدان ويجلوعين البصيرة في نظرالصوفية- فتفتح امام القلب افاقا للروح في هذه العوالم الجذابة الشائقة بحيث تستولي تجليات الحبيب على قلب الصوفي فلا يشهد ولا يشاهد سوى الحق سبحاه وتعالى لان حضور الحبيب في القلب هو محور لشعوره بذاته وبما حوله وقد يصل الى درجة صفو الوجد وبهذا يحل والوجود الشهودي وحل الوجود الوجودي ونتيجة لذلك وهذه الدرجة من الحب الالهي وما يشعر به ا لصوفي العارف تجاه خالقه ومايحس به من شعور ازاء جمال من يحب المنزه عن الجمال الدنيوى ظهرت حالات النشوة والتي هي حالات السكر المشابه في اثاره الى حد بعيد حالات السكر الخمري وهذه الحالة علامة الصدق في الحب في ذلك يقول الشيخ عمر السهروردي ( المحب شرفه ان تلحقه سكرات المحبة فاءن لم يكن ذلك لم يكن حبه حقيقة)- ومن هنا نجد شعر الجيلاني قدس سره قد ملىء بالخمريات الالهية حيث انها مزجت بدم الشيخ فتنبعث من روحه وقلبه وعواطفه لاحظ اليه يقول : حد يثها من قديم العهد في اذني فخلني من حديث الحادث الفاني قديمة مزجت روحي بها ودمي وهي الاتي لم تزل روحي وريحاني انا النديم الذي تم السرور به من كان يعشق رب الجا ن يهواني وتعشق الراح مني حين اشربها ويسكر السكر مني حين يغشاني أي تعبير مبدع حاذق هذا واية صورة فنية خالدة لحالة السكر الالهي فالراح هي التي تعشقه والسكر هو الذي به يسكر وخمرته ليس هذه الخمور الدنيوية وليست نشوته نشوتهم فهي نشوة ازلية ابدية يعني بها التحدث بذكر الله تعالى في السر الخفي الذي رادف السر والنور المحمدي وفيها يتشوق الشيخ قدس سره الى الذا ت العلية وحبيبه الذى يراه في كؤوس الخمر الا لهية يقول:- سقاني حبيبي من شراب ذوي المجد فاسكرني حقا فغبت على وجدي وحالة السكر هذه لاتكون الا لاصحاب المواجيد فهي حالة متاءتية من النظرالىالحق وفيه بعين القلب مستأنسا بالمشاهدة والحب والجمال الالهي في ظل النشوة العظيمة التي يشعر بها وقد تسمى هذه الحالة الشطح وهي حالة فيض وجد فاض بقوته وهاج لشدته وغليانه وغلبته والشطح عند الصوفيه من الحركة انها حركة اسرار الواجدين – فالصوفي عندما يقوى وجده ولم يطق حمل مايرد على قلبه من سطوة انوار الحقائق الالهية فيسطع ذلك على لسانه بعبارات مستغربة على مفهوم سامعها الا اذا كان من العارفين متبحرا في العلوم واستطيع تمثيل حالة الفيض بدلو ملىءبالما ء ووضع تحت سيل يصب فيه فكلما كان السيل قويا كان الفيض مثله وهذه حالة لايستطيع ادراك قوتها ا لا من دخل فيها واحسها بصدق انظر اليه يقول \–من البسيط- لي همة بعضها يعلو على الهمم ولي هوى قبل خلق اللوح والقلم ولي حبيب بلا كيف ولا مثل ولي مقام ولي ربع ولي حرم القادرية فرسان معربدة بين الانام وسري شاع في القدم عصف البحار وقد اظهرت جوهرها فلم ار قدما تعلو على قدمي فهي جراء هيمانه ووجده يتصور ان همته تعلو على جميع الهمم الاخرى ووجده قبل خلق اللوح والقلم وان الله تعالى منزه عن الكيفية والمثلية – ((ليس كمثله شىء وهوالسميع البصير )- سورة الشورى الاية \11 ويشير الى ان مقامه محفوظ ومحارمه مصانة ويشبه من تبعه من السالكين طريقته وسلوكه كالفرسان الذين لهم من الباءس والقوة فاذاع شهرته وعلت منزلته بين العالمين ومع كل هذا وذاك وفي حالتي الصحو اوالسكر نجد نكران الذات لدى الصوفي تنبع من هجره ملذات الحياه والانشغال بذكرالله مما يشع من روحه الصفاء من الكدر والانانية ويجعلها تفيض بالمحبة الخالصة الصافية في سمو من الاخلاق امتثالا للحديث القدسي( المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء –)