( في حب مصر) عنوان معرض الصديق الفنان د. محمد الناصر بقاعة صلاح طاهر بالأوبرا ( يناير 2014)، وقد احتوي العرض مجموعة لوحات شخصية لوجوه مصرية أصيلة، ومناظر شعبية من مناطق الاثار الاسلامية بالقاهرة، وكلها لوحات واقعية الاسلوب، بألوان دافئة مشرقة مفعمة بالتفاؤل، وهذا عهدي دائما بما ينفذه الفنان د. محمد الناصر من أعمال فنية. سألني مرافقي ، كيف تعجب بأعمال واقعية الأسلوب، وانت المعروف عنك ميلك وحماسك للأعمال الحداثية شديدة المعاصرة؟ فأجبته.........صحيح أني اشجع الحداثة، لكني أقدر الاعمال الجيدة التي تنفذ بالاساليب التقليدية، وهذا هو موقفي تجاه كافة الاعمال الفنية بكافة اتجاهاتها. اضفت لمحدثي بان الفضل في هذا الموقف يعود لواقعة حدثت وقت اقامتي في واشنطن ( عام 1978)، اذ تقابلت مصادفة مع فنانة ايطالية وفدت للولايات المتحدةالأمريكية، وسألتها هل أتيت من أوروبا للتعرف علي آخر المستحدثات في الاتجاهات المعاصرة ؟...........فأدهشتني باجابتها اذ قالت .....أنها لا علاقة لها بالحداثة مطلقا فهي متخصصة في تصوير اللوحات الشخصية للأطفال، وأردفت موضحة بان المجال يتسع لكل الاتجاهات، القديمة والحديثة معا وهناك احتياج لجميعها، فكل اتجاه له جمهوره، وكافة الفنانين مرحب بهم، فالجديد في الفن لا يطرد القديم، وهناك اتصال قد لا نشعر به لكنه موجود. وعيت، منذ ذلك الوقت، كل كلمة قالتها هذه الفنانة الايطالية، وتنبهت لمدي حكمة رؤيتها، وصرت من يومها غير رافض لأية اتجاه، حتي ولو لم يكن متوافقا مع ميولي الشخصية، و زاد اقتناعي بتلك الرؤية عندما راجعت نفسي لأكتشف أني في غمرة حماسي للحداثة تناسيت بداياتي الفنية التي انطلقت من الاسلوب الواقعي، وتيقنت أن هناك في الحقيقة اتصال لا يمكن انكاره بين القديم والحديث والمعاصر. في اطار المناخ الذي يحتفي بكل الاساليب تقليدية كانت أم غير تقليدية، استمتعت استمتاعا كبيرا بلوحات الفنان د. محمد الناصر، مدركا مدي الاحتياج المجتمعي للدور الذي يلعبه المصورون الواقعيون في الحركة الفنية الحديثة بمصر، ومن بينهم ايضا أذكر، علي سبيل المثال وليس الحصر، كل من الدكتور الفنان فريد فاضل، والفنان عبد العال حسن، والفنان وليد ياسين، وآخرين، فالاعمال الواقعية التي يمتعون الجمهور بها، تبث تفاؤلا نفتقده، وتكشف جوانب جمالية ممتعة قد تكون غائبة عن المشاهدين، هذا فضلا عن الدور التسجيلي للواقع المعاصر. واذا عدت الي لوحات الفنان د. محمد الناصر، لا تفوتني الاشارة الي محاولته الجريئة والناجحة التي قام بها عند تصويره لبعض اللوحات الشخصية، واستغلاله مساحات من التوال تركها بيضاء متعمدا، دون تلوين، فبدت اللوحة للبعض أنها غير مكتملة، لكنها في واقع الأمر جاءت خادمة للتكوين الفني للوحة، جاذبة للاهتمام، كما ساعدت في بعضها للاحساس بالشخصية المصورة: وجدير بالملاحظة أن الفنان د. محمد الناصر لا يصور اللوحات الشخصية بهدف تجاري، بل نراه يهتم بتصوير وجوه فلاحات مصريات من قلب الريف وقاع الاحياء الشعبية، لأنه حريص علي الاقتراب من نبض الشارع، ينتقي الجوانب المشرقة، يركز عليها ويبرزها في شكل جميل مشوق، ليحمسنا ويدفعنا للاعتزاز بمصريتنا متطلعين للمستقبل.